أقامت مؤسسة الحوار الانساني في بيت السلام مساء الاربعاء الموافق 18/7/2012 ندوة فكرية قدمها الكاتب والفنان حسين الإسكافي وكانت بعنوان ” الصورة والخطاب البصري” فذكر أن الصورة وجدت بوجود الانسان لذلك ستبقى. فالتفكير مستحيل من دون صورة، هذا ما قاله الفيلسوف (أرسطو).
نحن نعيش عصر الصورة. من مقولة للمفكر (آبل جانس). وأكد المفكر الكبير (رولان بارت) أهمية الصورة حين قال : نحن نعيش حضارة الصورة.
ويبقى الانسان الذي أبصر قبل ان يتكلم ورسم قبل ان يكتب، يبقى هذا الانسان هو موضوع الصورة المتميز، الانسان باوضاعه الاجتماعية وحالاته النفسية وعلاقاته الممتدة مع الطبيعة. فمنذ ان عرف الانسان الكهف كمأوى، جعل من جدرانه مستودعا يحفظ له ما يحكيه خياله منذ فجر التاريخ. فأقدم صورة عرفتها جدران كهوف (لاسكو) و (التاميرا) و (تاسيلي) رسمها الانسان تعود الى ثلاثين الف سنة.
والصورة من مميزاتها أنها (رمزية)، لذا فهي افضل من الف كلمة، كما تقول الحكمة الصينية. والصورة يحكمها قانون: (ان ترى يعني ان تختصر). وكل شئ يريد ان يتحول الى صورة، حتى اللغة جعلت من الأصوات والحروف صوراً. ومسيرة الصورة عبر تأريخها الطويل مرتبطة بتطور العين في قراءة الصورة وتأولها. لقد كانت العين اداة الإحساس بالمسافة فاصبحت الأداة الجوهرية للإحساس بالحداثة.
ثم عرج في الجزء الثاني من محاضرته على ” الشفاهية والتدوين واشكالية الوعي” مستعيناً بعدد من وسائل الايضاح من الافلام واللقطات التلفزيونية، حضرها جمع غفير من المهتمين بهذا الموضوع:
الكلام لا يخلو من صعوبة، بل صعوبات جمة، لأن اللغة تعني الانسان بكل ابعاده الثقافية والانسانية، فهي كما عبر عنها الفيلسوف “هايدر” بانها بيت الوجود وفي بيتها يقيم الانسان. وقد تناول عدة محاور في اللغة منها: وظائف اللغة، والاتصال اللغوي وآلياته، علاقة الشعر والادب بشكل عام بالصورة، والشفاهية كوسيلة للتواصل وآلياتها وكيف تؤسس لثقافة لها خصائصها، والكتابية ايضاً كوسيلة للتواصل وآلياتها وكيف تؤسس لثقافة لها خصائصها واخيراً تناول في موضوعه كيف ندون؟ فالتدوين يشكل اهم ركائز الحضارات والحامي لوجودها المعرفي.
حيث قال أن الكتابة تعتبر اهم واخطر انجاز بشري، وبها استطاع الانسان ان يخلد نفسه بعد ان فشل في صراعه مع الآلهة للحصول على سر الخلود، عندها ابدع الكتابة ليخلد نسفه بها. هذا ما تذكره الاسطورة السومرية. والكتابة هي التي جعلت دورة الحضارة تبدأ، وقد ارتبطت الكتابة بالمقدس وبالاسرار والسحر والغيب. اما الكلمة المنطوقة (الشفاهية ) فهي اقل حظاً في حفظ التراث والعلوم، لانها تعتمد الذاكرة في حفظها للاحداث وكل ما يتعلق بنشاط الانسان وابداعاته.
من هنا ندرك الفرق بين ثقافة التدوين والكتابة وبين ثقافة المشافهة، هذا وقد اكدت من خلال حديثي ، ان الفارق بين الثقافتين ليس فرقا (كميا) من خلال تراكم معرفي فقط، وإنما الفارق (نوعي) وقد تعمق هذا الفارق باختراع (الطباعة) ودخول عنصر النقد والتحليل، والذي يصعب ظهوره في الثقافة الشفاهية. وهكذا انبريت بعرض اهم الفوارق بين الثاقافتين (الكتابية) و( الشفاهية) وكيف ان كل منهما تؤسس لطريقة في التفكير وادراك كل ما يدور حول الانسان.