صادق الطائي –
ضيفت مؤسسة الحوار الانساني في لندن الكاتبة والروائية العراقية الدكتورة أميرة فيصل جعفر يوم الاربعاء 4/3/2015 في امسية ثقافية تحدثت فيها عن منجزها الابداعي كما انصب الحديث على اخر اعمالها رواية (نزيف ) الصادرة عن دار عدنان في بغداد 2014، وقد ادار الامسية الكاتب والناقد العراقي الاستاذ عدنان حسين احمد .
والدكتورة اميرة فيصل كاتبة متعددة الاهتمامات حيث درست اللغة العربية في جامعة بغداد وحصلت على درجة البكالوريوس عام1970 ، كما درست العلوم المسرحية (معهد الدراسات المسرحية) واللغة العربية (معهد الاستشراق) جامعة فيينا وحصلت على درجة الماجستير عام 1989وكان موضوع أطروحة الماجستير: “التلفزيون كجهاز ثقافي”. كما حصلت على درجة الدكتوراه في جامعة فيينا عام 2009 وكان موضوع أطروحة الدكتوراه: ( استخدام التراث كقاعدة لتأصيل المسرح العربي ) .
وقد اشارت الدكتورة اميرة فيصل في بداية المحاضرة الى انها ولدت في عائلة مهتمة بالقراءة وتشجع عليها ، عائلة من الصبقة الوسطى في منتصف القرن العشرين ، وهذا ما شجعها وحببها في القراءة ومن ثم الكتابة ، وفي سياق الحديث عن روايتها الاخيرة ، قالت عندما اسأل عن روايتي ، لا اعرف ماذا يمكن ان اقول واقف حائرة امام سؤال ( ماهو موضوع روايتك ؟ او عن اي شيء تتحدث روايتك ؟ ) ، الحقيقة هي ان الرواية عالم متكامل من السرد ، قصة حياة تخلق بالتوازي مع الحياة التي نعيشيها فكيف يمكنني ان اجيب عن مثل تلك الاسئلة ، وعادة ما افضل ان اقول ؛اذا اردت ان تعرف عن ماذا تتحدث روايتي فالافضل ان تقرأها لتعرف الجواب .
واضافت ، لكن في ندوة لمناقشة العمل وبما ان العديد من الحضور لم يتسنى لهم الحصول على الرواية فيمكنني القول انها قصة امرأة عراقية – بطلة القصة هي (احلام ) ، من الطبقة الوسطى من المجتمع ، ابدأ حكايتي معها منذ ان كانت في التاسعة من عمرها تعيش في محافظة اخرى وليس في بغداد ثم انتقلت للعيش في بغداد ، امرأة مميزة دؤوبة وشجاعة وذكية تتعرض للكثير من الصدمات والمحن الا انها تواجهها بشجاعة دون ان تنكسر . وعبر عوالم هذه الرواية يمكن للقاريء ان يتعرف على اجواء العراق في ستينات القرن العشرين وصولا الى نهايته تقريبا عبر حيوات ابطال الرواية ، فالاب شخصية لا علاقة لها بالعالم الخارجي تركيزه منصب على متعه الشخصية والسعي الى اشباعها باي طريقة ، والام شخصية امرأة ضعيفة وسلبية وتنتابها نوبات من الامراض والضعف الجسدي مما دفع بالبطلة الى اتخاذ مسار حياتي مناقض لمسار الام الضعيفة ، في الخامسة عشر من عمرها تتمرد (احلام) على حياتها فتواجه بقيود وشروط المجتمع القاسية ولانها شخصية متفردة وعنيدة وقوية تقرر مواجهة هذه الصعاب وعدم الانحناء امامها ، وتتابع الرواية حياة (احلام) حتى تصبح في السابعة والعشرين من العمر لتختفي من عالم الرواية ولا نعود نسمع عنها شيئا .
تقول د.اميرة فيصل جعفر ، كان من الممكن ان تكون هذه هي نهاية الرواية اي في ثمانينات القرن الماضي الا اني شعرت بالحاجة او الضرورة للتواصل مع ابطال العمل وصولا بهم الى الوقت الحاضر وهذا ما ضخم حجم الرواية وجعلها تفوق الـ 500 صفحة ،اردت ان اكتب عما وصل اليه حال العراق اليوم لذلك بذلت جهدا كبيرا لكي اجسر ما بين (احلام) التسعينات او نهاية الثمانينات والوقت الحاضر.
وفي معرض حديثة وتناوله النقدي ذكر الاستاذ عدنان حسين احمد ان كتابة الدكتورة اميرة فيصل يمكن ان تصنف ضمن نمط الرواية الكلاسيكية الواقعية ، وهذا الامر لا ينتقص من القيمة الفنية للعمل ، كما ان السرد في (رواية نزيف) يسير ويتدفق بطريقة واقعية جميلة تمسك بالمتلقي وتشده ليعرف ماذا سيحصل بعد ذلك في الرواية ، كما ان الساردة ترسم بعناية فائقة شخوص عملها وهذا يتأتى من الاشتغال في البحث عن عوالم الشخصيات والاحداث التي احاطت بهم ، كما لايخفى الجزء المتكأ على التجربة الشخصية للكاتبة والاستفادة منه في رسم ملامح شخصية البطلة المتمردة التي تعيش في اجواء الطبقة الوسطى العراقية في ستينات القرن العشرين ، ويضيف الاستاذ عدنان حسين احمد ؛لكن ملاحظتي على العمل هو حذاقة المؤلفة في اختيار لحظة النهاية التي تختتم بها عملها ، وفي رواية (نزيف) يمكننا ان نحس ان هناك اكثر من لحظة كان يمكن ان تمثل نهاية ناجحة للعمل الا ان الكاتبة اجبرت العمل على الاستمرار لسبب هي تعرفه او تريد تسليط الضوء عليه ليمتد العمل زمنيا وليكون حجم العمل كبيرا في وقت اعتاد الناشر والقاريء على ان الرواية لا تتجاوز الـ250- 300 صفحة ، لانهم يؤكدون ان زمننا هو زمن السرعة ووسائل الترفيه الكثيرة منعت القاريء من اللجوء الى قراءة رواية قد تتعدى هذا الحجم وبالتالي فان حجم الرواية الكبير قد يؤثر على مبيعات العمل.لكن للدكتورة اميرة فيصل جعفر وجهة نظرها في هذا الامر حيث اشارت الى ان متعة القراءة امر مغاير لكل متعة اخرى وان حجم الكتاب المقروء لم ولن يقف حائلا امام القاريء فقد قرأنا مئات وربما الاف الكتب الكبيرة الحجم دون ان يقف ذلك الامر مانعا لنا ، كما اجابت على عدد من اسئلة الحضور حول علاقة كتابة الرواية بعملها في السينما والمسرح وهل تأثر الامران ببعضهما ، وقالت بالتأكيد ان كل مدخلات الكاتب تؤثر في ابداعه لكن ليس بشكل مباشر في عملية الكتابة ، كما عرجت في اجابتها عن بعض الاسئلة الى انها ابتعدت قدر الامكان عن الاجواء السياسية في روايتها ، لان البعض يحب الكتابة عن الامور السياسية وعلاقتها بابطال العمل اما هي فقد فضلت ان تكون بطلتها بعيدة عن هذه الاجواء او ببساطة هي امرأة بسيطة لا علاقة لها بالسياسة والنضال ، ولكن هنالك بعض الاشارات الحياتية التي قد يفهم منها ان اشارات سياسية وهي باعتقاد الكاتبة امورا حياتية ، واختتمت الدكتورة اميرة فيصل جعفر الامسية بان ذكرت انها تحب ان تتواصل بشكل مباشر مع قرائها عبر الندوات والمؤتمرات لتتعرف على وجهة نظرهم فيما تكتب لان الكاتب يعمل كل مايعمله في النهاية ليقدم شيئا اوليقول شيئا للمتلقي ويتمنى ان يصله كما يحب.