27/03/2013 –
لندن / عدنان حسين أحمد
نظّمت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن محاضرة علمية بعنوان “النشاط الإشعاعي” للدكتور سعد محمد رزين الشريفي، فيما ساهم في تقديمه وإدارة الندوة الأستاذ غانم جواد. أوجز الشريفي في مستهل حديثه أهداف المحاضرة بخمس نقاط أساسية وهي “ظاهرة النشاط الإشعاعي، وأسباب حدوثها، ومصادرها، وأجهزة الكشف عنها وبعض التطبيقات الإشعاعية لها”. ثم توقف عند تعريف الذرة ومعناها العلمي الذي اختصره بأربع نقاط حيث قال: “إنها أصغر
جزء في المادة وتحمل خواص تلك المادة، وأن جميع العناصر تتكون من ذرات دائمة الحركة، حيث تختلف ذرات العناصر عن بعضها بعضاً في الخواص والحجم، كما تتكون جميع الذرات من إليكترونات سالبة الشحنة تدور حول نواة تحتوي على بروتونات موجبة الشحنة ونيوترونات متعادلة الشحنة”. قدّم الشريفي نبذة تاريخية عن الإشعاع حصرها بأربع نقاط مفادها “أن أول مرة تمّ فيها اكتشاف عنصر اليورانيوم المشع من قِبل العالِم أنتوني هنري بكيوريل كانت عام 1896، فيما اكتشفت ماري كوري عنصر البولونيوم المشع عام 1898، أما عنصر الراديوم المشع فقد أُكتشف من قِبل ماري كوري أيضاً عام 1899، فيما تمّ اكتشاف النشاط الاشعاعي الاصطناعي أول مرة من قبل آرين وفريديك عام 1935”. توقف الشريفي عند ماهية النشاط الإشعاعي حيث قال:”إنّ النشاط الاشعاعي هو انبعاث الاشعة من نواة الذرة وذلك لعدم استقرارها، وغالبا ما تكون هذة الأشعة عبارة عن جسيمات “ألفا” موجبة الشحنة، وجسيمات “بيتا” سالبة الشحنة، وأشعة “كاما” الكهرومغناطيسية، ويحدث هذا إما بصورة آنية أو بصورة اصطناعية.”
عرّج الشريفي على توضيح انحلال جسيمات ألفا وبيتا وكاما معاً حيث قال بأن “انحلال جسيمات ألفا هو انبعاث جسيمة ألفا موجبة الشحنة من أنوية الذرات الثقيلة حيث تتكون جسيمة ألفا من بروتونين ونيوترونين أو “نواة ذرة الهيليوم”، وبهذا تعتبر جسيمة ألفا من أكبر وأثقل أنواع الاشعاع حيث تكون قابلية جسيمة ألفا على التأين عالية، بينما تكون قابليتها على النفوذ واطئة، وبهذا فهي لا تصلح للمعالجة الطبية.” أما ما يُقصد بانحلال جسيمات بيتا فهو “انبعاث هذه الجسيمة من أنوية الذرات الثقيلة الحاوية على نيوترونات كثيرة.” وأضاف بأن هناك نوعين من انحلال جسيمات بيتا، الأول هو “انحلال جسيمات بيتا السالبة أو الإليكترونات حيث يتحول النيوترون إلى بروتون، إليكترون، نيوترينو مضاد وطاقة”، أما الثاني فهو انحلال جسيمات بيتا الموجبة أو البوزترون حيث يتحول البروتون إلى نيوترون، بوزترون، نيوتيرنو وطاقة”. أما الانحلال الثالث والأخير فهو انحلال أشعة كاما، وهذه الأشعة “هي عبارة عن أشعة كهرومغناطيسية أو “فوتونات عالية الطاقة” ذات طبيعة مزدوجة. تمتاز أشعة كاما بقابليتها العالية في النفوذ وقابليتها القليلة في التأيّن، إذ لا تمتص أشعة كاما بسهولة، وامتصاصها يؤدي الى إتلاف الخلايا الحية”. ذكر الشريفي بأن أشعة كاما تُنتج للأسباب الثلاثة الآتية: الأول هو “لإعادة توزيع الشحنة الكهربائية “فناء الإلكترون – البوزترون، أو الاضمحلال الإشعاعي” داخل النواة، والثاني “لتغيير الشكل والحجم”، أما الثالث فهو ” للعودة من حالة التهيج إلى حالة الاستقرار”. ركزّ الشريفي على قابلية النفوذ والتأين الإشعاعيين حيث قال: “إنّ قابلية نفوذ الإشعاع تعتمد على حجم الجسيم المُشع، وضرب أمثلة عديدة في هذا السياق، “فجسيمة ألفا بها قابلية نفوذ واطئة، بينما جسيمة بيتا لها قابلية نفوذ متوسطة، أما أشعة كاما فلها قابلية نفوذ عالية”، وفيما يتعلق بقابلية التأين فهي كالآتي: “جسيمة ألفا لها قابلية تأين عالية، بينما جسمية بيتا لها قابلية تأين متوسطة، أما أشعة كاما فلها قابلية تأين واطئة مهملة”. أوضح الشريفي الأسباب الكامنة وراء عدم استقرار النواة فطبقاً للنظريات والنتائج العلمية تبين أن سبب عدم استقرار النواة يعود للأسباب الخمسة الآتية وهي: لا تكون القوى النووية الرابطة في بعض الذرات قوية بحيث تكفي لمسك مكونات النواة، فيما تكون بعض الأنوية كبيرة، أو أن القوى ما بين مكونات النواة نفسها غير مستمرة، أو ربما يكون السبب هو في تواجد عدد كبير من البروتونات في حجم صغير جداً، أما السبب الخامس والأخير فهو تواجد عدد كبير أو صغير من النيوترونات مقارنة بعدد البروتونات، أو تواجد عدد كبير أو صغير من البروتونات مقارنة بعدد النيوترونات”. تساءل الشريفي عن كيفية استقرار النواة غير المستقرة فأجاب: “تتحول النواة غير المستقرة إلى نواة مستقرة بإحدى الطرق الأربع الآتية: تحول البروتون إلى نيوترون وبالعكس مع انطلاق إليكترون “أشعة بيتا” أو بوزترون مع تحرر مقدار من الطاقة، إشعاع الطاقة الفائضة على شكل فوتون “أشعة كاما”، انقسام النواة الكبيرة إلى نواة أصغر” و الانحلال النووي”. قسّم الباحث الشريفي مصادر الإشعاع إلى قسمين، طبيعية وبشرية حيث يتكون المصدر الطبيعي من قسمين آخرين وهما “الأشعة الكونية والإشعاع الأرضي”، أما المصدر البشري فيتضمن خمسة مفاصل وهي “الطبية، الاصطناعية، التفجيرات النووية، محطات الطاقة النووية والحوادث النووية”. نبّه الشريفي إلى أن هناك خمس طرق للوقاية من الإشعاع وهي “أجهزة كشف الإشعاع، الملابس الواقية، الأطعمة الواقية، المسافة والفترة الزمنية”. أوضح الشريفي بأن تطبيقات الإشعاع خطرة ذلك لأن النظائر المشعة ذات نصف العمر الزمني القصير تمتاز بإعطاء طاقة إشعاعية كبيرة في زمن قليل وحصر الباحث تطبيقاتها بست نقاط تتمحور في المجالات الآتية: “الطبية، الصناعية، الزراعية، العلمية الأكاديمية، الفضائية “الأقمار الصناعية” ومحطات توليد الطاقة”. ذكر الشريفي ثلاثة أنواع لكشف أجهزة الإشعاع وهي على التوالي: “عدّاد كايكر-ميلر المزوّد بوسائل رقمية عددية، بطاقة رقمية- فلمية وعدّاد وميضي” وأوضح بأن الإشعاع عديم اللون والرائحة والصوت، ولهذا لا يمكن كشفه بواسطة الحواس، وإنما بواسطة التأين الذي يحدثه الإشعاع نفسه. ثم قدّم المُحاضر شرحاً مفصلاً عن العدّاد الشراري والكشاف الكهربائي ذي الورقة الذهبية حيث وصف العداد الشراري بأنه “من أقدم الكواشف الذي يعمل عند مرور الجسيمات الإشعاعية المؤينة ما بين السلك والشبكة السلكية التي تكون تحت جهدٍ كهربائي قريب من جهد تأين الهواء الذي سيحدث شرارة كهربائية دالة على مرور الجسيمات الاشعاعية المؤينة”.أما الكشّاف الكهربائي ذو الورقة الذهبية “فيعمل عند اقتراب مصدر اشعاعي من الكشاف الكهربائي المشحون الذي سيؤين الهواء الموجود ما بين الكشاف وهذا المصدر الإشعاعي. وبهذا يصبح الهواء موصلاً للكهرباء، مما يؤدي إلى تفريغ شحنة الكشاف ونقصان انفراج ما بين ورقتي الكشاف”. أوضح الشريفي “أهمية أشعة كاما في تعقيم الأغذية والأجهزة الطبية الذي يفضي إلى موت البكتربا والجراثيم، و يقلل من تفسخ المواد ولكنه يؤدي في الوقت نفسه إلى تغيير قليل في طعم المواد الغذائية”. وقف الباحث عند عدد من النقاط الأخرى ذات العلاقة بالموضوع الرئيس وهي “الكشف عن التسرب النفطي” بواسطة نظير مشع لأشعة كاما، و”كاشف الدخان” و “معالجة مرض السرطان” وبعض الأمراض الأخرى بالطرق الإشعاعية وذكر بأن هناك طريقتين لمعالجة السرطان، الأولى خارجية، والثانية داخلية. ففي الأولى يستعمل سيل من الاشعة السينية أو الكوبلت المشع الموجّة من الخارج نحو المناطق المُصابة بواسطة ماكينة من دون اللمس باليد، أما المعالجة الداخلية فتتمثل بأن يُعطى المريض كبسولات من اليود المشع – 131 أو 123، أو يُحقن بسائل يحتوي على مادة مشعة، وبعد مدة تتراوح ما بين 6 – 24 ساعة يتم وضع كاشف لأشعة كاما على الغدة الدرقية لقياس كمية الإشعاع الذي وصل لها. ختم الشريفي محاضرته بالحديث عن “محطات القدرة النووية” التي تعمل بغية الحصول على الحرارة نتيجة انشطار اليورانيوم-135 الذي يتم داخل المفاعل النووي ثم تستعمل هذه الحرارة لتوليد بخار الماء الذي يقوم بتدوير الترباين بغية توليد الكهرباء. وفي نهاية الندوة دار حوار بين الجمهور والمُحاضر الذي أجاب على مجمل الأسئلة بشكل علمي مستفيض.