ضيفت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 2/3/2016 الاستاذ علاء الخطيب في امسية ثقافية تحدث فيها عن الحلم وعلاقته بالمقدس وتأثير ذلك على التفاعل والحراك الاجتماعي في مجتمعاتنا، و الاستاذ علاء الخطيب كاتب وإعلامي حاصل على البكالوريوس والماجستير من جامعة روتردام في هولندا في ( التاريخ والاقتصاد الاسلامي )عمل في جامعة روتردام وفي الجامعة الحرة هولندا / قسم التاريخ، كتب في صحف المعارضة العراقية منذ العام 1988،عمل مديراً لتحرير مجلة ألوان كونية – لندن وهي تختص بالفن التشكيلي ،كما عمل في الكثير من القنوات الفضائية العراقية والعربية ، اصدر اربعة كتب والعديد من المقالات والبحوث في الصحافة العراقية والعربية.
ابتدأء الاستاذ علاء الخطيب محاضرته بالقول في البدء لابد لي من ان اعرف الثقافة المنامية المقدسة؛ فهي ثقافة الاستغفال والخديعة والوهم ،وهي ايديولوجيا مجانية يمارسها مهووسي السلطة ومدنسي الدين والدجالين والمشعوذين. وما الحلم الا وسيلة غش عالية الفعالية يستخدمه هؤلاء للوصول الى غاياتهم وللسيطرة على الفقراء والجهلة من اجل استغلالهم ونهبهم باسم المقدس .نتحدث هنا عن ظاهرة اجتماعية حاضرة بقوة في العقل الاسلامي لها اثر وانعكاس هائل في الحياة الفكرية والاجتماعية والسياسية ،مدعومة بكم ضخم من القصص ومعتمدة على احاديث مؤولة حسب الرغبة.لقد اودت هذه الظاهرة المنامية وهي رؤية الله او النبي او احد الائمة او الصحابة في المنام الى ضلال وانحراف المجتمع ،فكم من فئة ضلت الطريق نتيجة تصديق مثل هذه الدعاوى وكم من الكراهية زرعت مثل هذه المنامات وكم من الدماء سالت اثر منام يدعيه سياسي او رجل دين ضال وكم من القبور الوهمية انشأت نتيجة حلم في ليل تقلب صاحبه على فراشه وهو يمني نفسه بفكرة شغلت عقله وتفتقت عبقريته عن مسجد او قبر او حرب او شيء من هذا القبيل ،وبفضل هذه الثقافة اسست الدول واشعلت الحروب واقصى الخصوم السياسيين .
ماهو الحلم المقدس
يحتل الحلم المقدس مساحة واسعة من اللاوعي لدي الشعوب الاسلامية والعربية ،كما له بريق خاص لا يقاوم ،ولذلك اسباب عديدة ليس محل شرحها هنا ،
الخديعة عبر المقدس هي اسهل الطرق
هنالك كلمة للامام الحسين (ع) يقول من خدعنا في الله انخدعنا ،الحلم المقدس هو المنام الذي يكون احد مفرداته او اركانه شخصية مقدسة كالانبياء او الاولياء ،وخطورة هذه الظاهرة تكمن في ان الحلم هو عبارة عن رغبات السماء او المقدس ولابد من العمل على تحقيق هذه الرغبات ،الصوفيون يقولون ، ان النوم يقظة واليقظة نوم ،ويقولون ان النفس البشرية مشغولة اثناء اليقظة بصور المحسوسات وهموم البدن ،اما في النوم فينجلي عن بصرها الغشاء وتحلق في سماء المعرفة طليقة لا يشغلها شاغل ،وهذا القول يدل على ان مايراه الانسان هو عين الصدق والحقيقة . فما يراه الانسان في نومه هو عبارة عن كشف للنظر .ومعنى ذلك من رأى النبي في المنام وهو يأمره بقتل فلان او يحرضه على فلان فعليه ان ينفذ ما يؤمر به، بناءا على الحديث القائل من رأني فقد رأني فان الشيطان لا يتمثل بي ، والشيعة يضيفون الى المقولة السابقة صيغة الجمع لتصبح ،من رأنا فقد رأنا ،ليشمل النبي والائمة ، وهذا الامر لو طبقناه على تعريف الصحابة لاصبح لدينا ملايين الصحابة ،لأن تعريف الصحابي (هو من شاهد النبي وتحدث معه او جالسه …الى اخره) ،ويقول ابن سيرين في كتابه تفسير الاحلام ص33 ،قال من رأني لايدخل النار.
ظاهرة الاحلام المقدسة في الحركات المتطرفة
لقد شكلت الثقافة المنامية اساسا خطيرا من اسس التفريق بين المذاهب في المعتقدات الدينية والاحكام الشرعية،ولا يجد المرء عناءا في اكتشاف ذلك ،فيكفيه ان يلقي نظرة على كتب السير الذاتية والتي تعرف بالتراجم ليصاب بالغثيان والقرف ، فيلاحظ ان للاحلام مساحة كبيرة وأهمية في اثبات او نفي المذهب او الفكرة التي يؤمن بها الكاتب ،فتنقلب هذه الكتب الى ساحة للصراع المذهبي والفكري وبؤرة للجدل الديني الذي نلمح فيها ثقافة الخصومة والتنابز والتفاضل الدنيوي والاخروي على حد سواء ،وهو مانهى عنه الدين بشكل جلي.
ولهذه الثقافة (الظاهرة) مبدعوها واساتذتها ،حيث يبدؤون بنسج الاحلام وتحويلها الى روايات ومن اجل الاستيثاق بالرواية يعمدون الى تنسيب الرواية الى النبي او احدالشخصيات المقدسة ،وينقل لنا عنعنة لا تقبل الشك لاعتمادها من قبل المسلمين مسبقا.حتى اصبحنا نأخذ بعض الاحكام من هذه الروايات ،ومن المعلوم ان فترات الصراع الطائفي بين المذاهب قد انتجت لنا ثقافة منامية كبيرة ،وتطور الخيال المنامي الى درجة الابداع ،وكل ذلك من اجل ان يحظى احد الاطراف بلقب الفرقة الناجية .فقد نقلت لنا كتب السير روايات عن الرؤى التي رآها النبي (ص) ومنها ما رواه ابن عمر قال :قال رسول الله :بينما انا نائم اتيت بقدد لبن فشربت منه ،حتى اني لآرى الري يخرج من اطرافي ،فاعطيت فضلي عمر بن الخطاب ،فقال من حوله :فما اولت ذلك يا رسول الله ؟قال(العلم) ،وفي رواية اخرى لابي سعيد الخدري (رض) قال ؛قال رسول الله (ص) :بينما انا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجر ،قالوا فما اولته، قال :الدين. ولا اضن ان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (رض) يحتاج الى ذلك ولو كان قد سمع هذه الاحاديث في زمانه لكان قد نهى عنها ولضرب رواتها بدرته حتما ،لانه كان يقول 🙁 أصابت المرأة وأخطأ عمر) وهو القائل :(ما ابقاني الله لمعضلة ليس لها ابو الحسن) ،وهو الخليفة الذي لا يريد ان يتميز عن اقرانه ،ولكن هذه الاحاديث هي نتاج الثقافة الطائفية التي تجتاح المسلمين سابقا وحاضرا.
وهناك مثل دارج بين العراقيين يقول (حب واحكي واكره واحكي) ويضرب هذا المثل حين يقوم المحب بأظهار محاسن الحبيب ،ويغفل عن مساوئه،اما المبغض فأنه يفعل العكس ،وهذا المثل ينطبق على ما ينقله ابن عساكر في تاريخ دمشق في ترجمة عين الزمان ابو الحسين احمد بن منير الطرابلسي مستخدما الحلم للنيل من خصومه ،حيث قال :حدث الخطيب السديد ابو محمد عبد القاهر بن عبد العزيز خطيب حماه قال: رأيت ابا الحسين بن منير الشاعر في النوم بعد موته ،وانا على قرنة بستان مرتفعة ،فسألته عن حاله وقلت له : اصعد الي فقال : ما اقدر من رائحتي ،فقلت :تشرب الخمر؟ فقال : شرا من الخمر ياخطيب ،فقلت له: ماهو ؟ فقال :أتدري ما جرت علي هذه القصائد التي قلتها في مثالب الناس ؟فقلت له ماجرى عليك منها؟ فقال : لساني قد طال وثخن حتى صار مد البصر ،وكلما قرأت قصيدة منها صارت كلابا تتعلق في لساني ،ثم اني ابصرته حافيا عليه ثياب رثة للغاية ،وسمعت قارئا يقرأ من فوقه (لهم من فوقهم ظلل من النار) ثم انتبهت مرعوبا.لقد كان الرائي على خصومة مذهبية مع الشاعر لذا رآه بما تصوره في خياله وليس الحقيقة.
الاحلام المقدسة وسيلة التجهيل
راجت شائعة بين بعض البسطاء والسذج من الناس مفادها ان الاحلام المقدسة هي كرامات يمنحها الله لخاصة اولياءه،وهي بشارات للمستضعفين على ايدي شيوخ الطرق الصوفية او الابرار المقربين من الله ، وزعم البعض ان هذه الاحلام ليست في عالم اللامحسوس كما يعتقد البعض ،بل هي محوسات مادية لا يتمكن من معرفة كنهها الا من امتحن الله قلبه للايمان فان امرها صعب مستصعب،لذا انتشرت الخزعبلات و ثقافة اللامعقول ،فقد نقل في كتاب الفتح الرباني ان عبد القادر الجيلاني قد امر الملائكة بالسجود لاحد اولياء الله ،لذا عمد البعض من هولاء الى استغلال المغفلين بهذه القصة وراح يشطح بخياله في توزيع الكفر والايمان ،او توزيع بيوت في الجنة لمن يرغبون من اتباعهم بغية زيادتهم وتكثيرهم ،متناسين ان كرامات الاولياء لا يستعان بها على بث الكراهية ورفض الاخر وتجهيل البشر ،وانما البر والتقوى ونشر ثقافة التسامح والحب ،وهي تختلف عن اعمال المشعوذين والدجالين التي يستعان بها على امور محرمة كقتل النفوس والنصب والاحتيال والتخلف والتجهل،وان قوانين الله تجري على البشر كافة وان المعجزة لها ظروفها واسبابها وضروراتها.
لقد نسب الصوفيون الى مشايخهم معجزات خارقة تخرجهم عن كونهم بشر،بل تصل بهم الى مراتب الالهة ،فهذا صوفي يصف شيخه (الولي) بانه نام سبعة عشر سنة وبعدها قام ليصلي بدون وضوء، يالها من خرافة وسخرية ،ولعل صاحبنا متأثر بقصة اصحاب الكهف، ومنهم من يعتبر عدم دخول الحمام فضيلة ما بعدها فضيلة وهي بقصد انه لم يجنب قط ولكنه نسي ان النظافة من الايمان ،وان النبي قال(لا رهبانية في الاسلام) واخر يقول ان بول شيخه كالحليب، ونقل الزبيدي في طبقات الخواص ان الصوفي ابي العباس احمد بن ابي الخير المعروف بالصياد :انه نام ساجدا سنة كاملة في البراري وانه كان اذا يطرأ عليه حال الفناء حتى كان يقيم اياما مطروحا تسفي عليه الرياح وينبت عليه العشب .فهل هناك تعطيل للعقل اكثر من هذه الخزعبلات .هؤلاء يتكلمون عن الواقع وهم ينقلون صورا محسوسة والبعض يصدق بهم فكيف اذا جاء احدهم وقال اني رأيت فلانا او فلانا المقدس وقال لي كذا وكذا . لاننسى ان هؤلاء قد اسسوا دولا وجيوشا مهمة حاربت وانتصرت وسفكت دماء كثيرة على اساس هذه الاقوال والاحلام وهي الجيوش الانكشارية العثمانية ذوي العقيدة الصوفية البكداشية ،والقزلباشية جيوش الدولة الصفوية الصوفية سابقا والشيعية لاحقا.
الاحلام المقدسة ساحة الصراع والمفاضلة
هناك ظاهرة ملفتة لدى مشاهدي الاحلام المقدسة وهي اتفاقهم في الحلم واختلافهم في الواقع،فالجميع يؤكدون انهم رأوا النبي مثلا وهو يأمرهم ويدعمهم في مسيرتهم ،ويشهد لهم بالحق ،ويثني على اعمالهم ،ولكنهم يناقضون انفسهم بنفس الوقت حيث يزعمون انهم على حق والاخر على باطل ،ومع الاخر هو كذلك شاهد رؤية منامية للنبي ،فكيف يمكن ان يصدقهم الناس والكل يدعون الرؤيا وغير مطالبين بالدليل .فكيف يكذبون الاخرين ويريدون من الاخرين تصديقهم .
هذا ما حصل للكثيرين ممن ادعوا الرؤيا المقدسة،فكيف يمكن للرسول او احد الائمة الصالحين ان يؤيد طرفين مختلفين بل متضادين متخاصمين ويقول لكل واحد منهم انه على الحق وكيف يمكن لهم ان يوافقوا على اعمال الجميع ويتقلب في رأيه،وهذا يدل على ان صاحب الحلم اما كان كاذبا او مهلوسا او ان الحلم من النوع الذي تحدث عنه النبي وهوحديث المرء لنفسه.
لقد كان الحلم المقدس وما زال وسيلة الصراع والمفاضلة بين المذاهب والاديان ،فكل من يريد ان يؤكد على صحة مذهبه ودينه او ان يروج له يلجأ الى الحلم المقدس .
ان احمد بن حنبل الذي الفت في سيرته المناقب يقع في مركز الدائرة من احلام اتباعه وهذا عائد الى صورته بوصفه حامي السنة ،والفقيه الذي وقف في وجه المعتزلة اثناء فترات صعودهم،وتعرضه نتيجة ذلك الى القضية المشهورة حول خلق القرآن ،ومن ثم كان مذهبه هو العاصم للامة من الانحرافات والبدع كما يصوره مريدوه ،كما كان الشافعي ناصر السنة وامام اهل الحديث في الادبيات السنية الذي لولاه لضاع الدين ،وبالتالي نسجت عشرات الاحلام المقدسة التي مجدتهم على ضوء ذلك ،وقد وقعت المعارك الطائفية التي تعتبر احلام الاتباع مسلمات سماوية لا يمكن ردها ،ويختصم الفريقان بعد ذلك لاثبات افضلية ناصر السنة على حامي السنة ولربما تطور الموقف الى بحث لغوي هل كلمة ناصر اهم من كلمة حامي ام العكس هو الصحيح،وهذا ينطبق على بقية الفرق.
ان الثقافة المنامية عنصرا من عناصر التجهيل والاستغفال التي يستغلها مرضى مصابون بعقد نفسية،يحاولون من خلالها تفريغ نزعاتهم المرضية على الناس من خلال الحلم المقدس ،ولو تأملنا قليلا في ما يقوله الحلم او الغاية المراد الوصول لها،لتبين لنا ان الاديان والعقائد جاءت لسعادة البشر وليس لتدميرهم،فلايمكن ان يكون هناك حلم عقائدي من اجل الكراهية والبغضاء ،وان كل ما تقدم من احلام هي عبارة عن غايات شخصية او جماعية تضمر الشر للاخر.
ان استغلال الناس عبر الاحلام المقدسة يعتبر جريمة بحق الانسانية ،ويجب ان يحاسب عليها القانون ،فكل حلم يشم منه رائحة الكراهية يجب ان يجرم صاحبه،بالاضافة الى ذلك يجب ان يصار الى توعية جماعية ترشد الناس الى العقلانية والتعقل في التعامل مع الدجالين والمشعوذين،وان ما نراه على شاشات الفضائيات هو عبارة عن وسائل وادوات الحاكم الذي يريد ان يبقى متمسكا بكرسي الحكم من خلال فتاوى الدجالين والمشعوذين الذين يسخرون عقول الناس الى حيث يريد الحاكم.
رجل يخدع الخليفة ويحصل على منصب
يحكى ان رجلا في ايام الخليفة العباسي المهدي بن المنصور كان يرى ان الاحلام هي انعكاس لتفكير الانسان قبيل نومه ولا علاقة لها بعالم الغيب او الوحي او ماشابه ذلك،وقد استطاع ان يصل الى الخليفة ويوهمه ويحصل على منصب من وراء هذه الخديعة وكان له ما اراد.
وخلاصة الحكاية ان هذا الرجل دخل على الخليفة المهدي وقال له ان خلافتك ستدوم ثلاثين عاما،وقد تعجب الخليفة من راي هذا الرجل وسيطرت الفكرة على عقله ولم تبارحه طيلة يومه ،فقد ملء فرحا وسرورا وطرب ايما طرب لهذا التنبوء ،وهي طبيعة انسانية في حب البقاء والخلود ،لكن المهدي طلب من الرجل الدليل على صحة ما يقول ،فقال له الرجل :انك سترى في منامك الليلة ثلاثين ياقوتة وانت تقلبها بين يديك وعدد الياقوت يشير الى عدد السنين التي ستتولى فيها الخلافة.
فبات المهدي يفكر بهذه الفكرة وبالياقوت ويمني نفسه بها ،وامتزجت لا شعوريا في عقله،فرآى في منامه ما قاله الرجل ،فاستدعاه في الصباح واجزل له العطاء وولاه منصب القضاء. هذه القصة العجيبة والحيلة البارعة لهذا الرجل جعلته يكون قاضيا في اعظم دولة أنذاك ولنا ان نتصور حجم الزيف والظلم والاذى الذي لحق بالناس من وراء تنصيب هذا الرجل الذي كان كل همه ان يصل الى المنصب،فهل نتوقع عدلا من محتال ومخادع ؟وهل يمكن ان نثق بعدالة الدولة والقضاة من امثال هكذا محتالين، وكم من المحتالين يتواجدون الان بيننا على شاكلة هذا الرجل وباساليب مختلفة يسطيرون بها على اصحاب القرار.ولولا الحلم الذي رآه الخليفة لما وصل هذا الى القضاء وراح يتحكم بمصائر الناس.
ولعل هذه القصة شبيهة بما عرضه الكاتب المسرحي شكسبير في مسرحيته مكبث حينما رأى ماكبث في طريق عودته من حربه الضروس مع النرويجيين وكان برفقة صديقه وقريبه بنكو ساحرات ثلاث تعرفن عليه وتنبئن له انه سيصبح سيدا لولاية كودور بالاضافة الى ولايته القديمة جليمس ،ومن ثم قلن له انه سيصبح ملكا لاسكتلندا،فيما تنبئن لبنكو انه لن يبلغ العرش بذاته بل سيصبح احد ولده ملكا ،لقد اثرت هذه الكلمات بمكبث اشد التأثير وراح خياله يسرح ويمرح ويحلم بالعرش والحكم.
لقد كان مكبث قائدا شجاعا ومقداما مطيعا للملك دنكان ،ولم يكن يتصور يوما انه سيخونه ويعتلي عرشه، لم يبارح كلام الساحرات عقل مكبث،الا انه كان يعتقد ان هذا الكلام بعيد المنال حتى التقى بالملك وصادف ذلك اليوم وصول خبر خيانة سيد ولاية كودور،وعلى الفور وقع اختيار الملك على مكبث،فقد تحققت نبؤة الساحرات الاولى،واتبعها الحالم مكبث بخطوات كانت اولها قتل الملك واتهام ولديه بقتله،فهربا وخلا الجو له،الا من بنكو التي تحدثت النبؤة من ان اولاده سيستلمون العرش ويصبحون ملوكا مما جعل مكبث لا يهدأ له قرار الا بأقصاء بنكو واولاده عن طريقه،واستمر مسلسل القتل والاغتيالات فقام بقتل بنكو على يد جلاوزته الذين كمنوا له في الطريق بعد ان دعاه الى وليمة في قصره ،لكن ولده هرب ولم يتمكنوا من قتله،فتأصل في قلب مكبث الاجرام وحب القتل جراء تلك النبؤة وراحت مناماته لا تتحدث الا عن الملك وكيفية التخلص من الخصوم.