صادق الطائي / لندن
استضافت مؤسسة الحوار لانساني في لندن بالتعاون مع رابطة الأكاديميين العراقيين يوم الاربعاء 5/11/2014 الاستاذ الباحث اللغوي المهندس محمد توفيق علي في امسية ثقافية تحدث فيها عن (اللغة الكردية، والهوية القومية) ، وقد كان مدخل الباحث للموضوع مجموعة من التعاريف الاجرائية تناول فيها اللغة والثقافة والعلاقة بينهما ، فذكر ان الثقافة هي مجموع الأجوبة للأسئلة والمشاكل التي تظهر في مجتمع ما والتي تتغلّف بغلاف لغة ذلك المجتمع (آرمسترونغ،1963). وبعبارة أخرى، اللّغة بمثابة المرآة التي تعكس ثقافة المجتمع المعني. ومن هذا التعريف استلهم الباحث صياغة معادلة منطقية على غرار المعادلات الكيمياوية هي ؛
ﺙ ↓ ═ ﺝ (ﺱ + ﻢ ) ∑
ل
حيث :
ث = الثقافة
ج = الأجوبة
س = الأسئلة
م = المشاكل
ل = اللّغة
∑ = المجموع الكلّي
كما ذكر الاستاذ محمد توفيق علي تعريفا اخر للثقافة استنادا على إعلان مكسيكو بشأن الثقافة_الفقرة 4 _ ص 218 من النص العربي ، وهو وثيقة تضمنت نتائج أعمال المؤتمر الدولي للسياسات الثقافية الذي عقد في المكسيك في 6 آب 1982 ، حيث ذكر ان الثقافة بمعناها الأوسع هي ” مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية الخاصة، التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والإنتاج الاقتصادي، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات “.
ثم انتقل الباحث الى موضوع اللغة الكردية واصلها التاريخي وتنوع لهجاتها ومحاولة توحيدها ، فقد رسم الاستاذ محمد توفيق علي مخططا يبين الموقع الجغرافي للناطقين باللغة الكردية وهو كما يلي :
كما تناول الباحث المسيرة التاريخية والحضارية للناطقين باللغة الكردية ، حيث مثل هذه المسيرة ايضا على رسم بياني يبين الحقب التاريخية وتأثير ذلك على تطور اللغة الكردية كما يلي :
وعند هذه النقطة اراد الاستاذ محمد توفيق علي ان يبين للضيوف اصل اللغة الكردية وكيف تحدرت من عائلتها – الهندواوربية ، ورسم شجرة عائلة اللغات الهندواوربية كما في المخطط ادناه :
وقد بين المسار التاريخي لتطور وانفصال اللغات الايرانية عن بعضها البعض وفق حقب تاريخية وايضا حولها الى مخطط بياني كما يلي :
وهنا وصلنا في مسيرة تطور اللغة الكردية الى تفرعها الى لهجات او لغات فرعية ، وبنفس الطريقة قام الباحث برسم شجرة عائلة اللغات الكردية وكمايلي :
ثم تناول الباحث موضوعا مهما وهو تبيان التأثيرات الاجتماعية والثقافية على تغير اللغات ، حيث بين تأثير الاختلاف المكاني والتغيير الزمني والوظيفة الاجتماعية للّغة الكردية وايضا وضعت في مخطط ليبين بسهولة المعلومات الواردة في هذا الشأن :
وقد ستنتج الباحث من الجدول اعلاه بأن التأثير الرئيسي لظاهرة التغيير هو ايجابي لوظيفة التوحيد وسلبي لبقية الوظائف، ولكن التوحيد و(الانفصال) وظيفتان ثانويتان بالمقارنة مع الوظائف الأساسية للّغة، وهي التعبير والاتصال والمشاركة. هذا ويقتصر التأثير الايجابي على صعيدي المنتمين لحركة التغيير والذين يجيدون لغة أوربية ، اي ان الوظيفة الرئيسية للغة هي التعبير والتواصل والمشاركة مع الاخر ، اما كونها تلعب دورا في توحيد شعب ما او انفصال مجاميع بشرية اعتمادا على اللغة ، فأن الباحث قد توصل الى ان هذا الامر غير مهم او يأتي بمرتبة ثانية بعد الوظائف الاساسية للغة التي اشار لها .
ثم انتقل الاستاذ محمد توفيق علي الى نقطة اخرى هي واقع اللغة الكردية اليوم والمؤسسات العاملة على توحيد هذه اللغة بين شقيها الرئيسين ( السوراني والكرمانجي ) ، وفي تحليل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية المؤثرة على اللغة الكردية ، اشار الباحث الى تأثير مجموعة من العوامل منها :
العوامل السياسية
حيث ان هناك التبنيات الحزبية لمشروع توحيد اللغة الكردية ، كما ان الانتماءات الحزبية تلعب دورا مهما في تسهيل او اعاقة المشروع ، كما اكد على اهمية الممارسات الديمقراطية في هذا الشأن ، مشيرا الى ان من حق كل طفل ان يتعلم لغتة الام اولا في مراحل الدراسة الابتدائية الاولية ثم يتعلم بعد ذلك اللغة الكردية الاخرى وبعدها اللغات الاجنبية المطلوبة كالعربية والانجليزية او التركية والفارسية .
العوامل التقنية
ثم اشار الى ان هنالك العديد من المؤثرات او العوامل التقنية التي تؤثر في تطوير اللغة عموما والكردية على وجه الخصوص منها عوامل موضوعية (علم اللغة) في عملية الحوار ، ومستوى القراءة والكتابة العام بالكردية ومستوى القراءة والكتابة باللغات الأخرى ومدى او مستوى التكنولوجيا المعلوماتية والقدرة على الاتصال بوسائل الإعلام.
العوامل الاجتماعية
وفي اشارته للعوامل الاجتماعية ذكر الاستاذ الباحث مجموعة من المؤثرات الاجتماعية منها الدور النسبي للنساء والذي يكون عادة اكثر تأثيرا من الرجال ، كما ان تأثيرات دورالطبقة العاملة اكثر منه لدى الطبقة الوسطى .
وان هذه التأثيرات بالطبع تعتمد على الناطقين بالكردية فقط مع تأثر المتكلمين او الناطقين بلغات اخرى بالاضافة الى الكردية .
كما اشار الاستاذ محمد توفيق في مجال تخطيط مستقبل اللغة الكردية الى عدد من المعوقات والمشاكل والمؤثرات يمكن اجمالها في :
المنافسات الداخلية
وهنا اشار الباحث الى المنافسات القائمة على اسس مناطقية (صراع سوران- بادينان) ، او على اسس سياسية ممثلة في التجاذبات السياسية بين الحزبين الكرديين الرئيسين؛ الحزب الديمقراطي الكردستاني / الاستاذ مسعود البارزاني و الاتحاد الوطني الكردستاني / الاستاذ جلال الطالباني ، بالاضافة الى تأثيرات اخرى مثل اللهجات ،اللغات الاخرى والأقليات التي تعيش في كردستان .
مخاطر التدخل الخارجي
وهنالك مخاطر تدخل من الدول المجاورة للعراق مثل تركيا، إيران، سوريا ، بالاضافة الى تأثيرات الناطقين بلغات اخرى مثل التركمانية ، السريانية والعربية.
وفي ختام المحاضرة حاول الاستاذ محمد توفيق علي ان يجمل الموضوع في الاشارة الى نقاط القوة والضعف والآفاق والمخاطر في مسألة إستراتيجية تخطيط اللّغة الكردية ، فقد اشار الى مجموعة من النقاط اجملها فيما يلي :
الافاق :
- تكريس الوحدة السياسية.
- تطوير الآفاق التربوية
- تطوير الآفاق الثقافية
- تطوير القراءة والكتاب
نقاط القوة :
- الإرادة القومية
- المشاركة الشعبية
نقاط الضعف:
- التناحر المناطقي،اللهجوي
- عدم الاتفاق على لهجة أو لغة الحوار
- تهميش دور بعض اللهجات
المخاطر :
- التفتت
- الانشقاق حسب اللهجات
- تبني الممارسة بلهجات مختلفة
- وفي نهاية المحاضرة شارك العديد من الضيوف في طرح الاسئلة التي انصبت على تنوع اللهجات – اللغات الكردية وامكانية التفاهم بين متكلميها وعلى تاريخ وتطور اللغات الكردية ، كما طرحت اسئلة حول الوضع القانوني او اللغة المستعملة رسميا سواء في الاقليم او في الدولة الاتحادية ، لان الدستور العراقي الحالي يوجب ان تكون كل القوانين والتعليمات الرسمية باللغتين العربية والكردية ، وقداغنت هذه الاسئلة الموضوع عبر اجابات الاستاذ محمد توفيق علي التي اتسمت بالعلمية والموضوعية والتي ابتعدت عن الرؤية المتعصبة الضيقة لبعض النقاط الحساسة في الموضوع .