تستضيف مؤسسة الحوار الانساني بلندن الدكتور اكرم الحكيم يوم الاربعاء 31/8/2016 في امسية ثقافية يتحدث فيها عن مدى نجاح مشروع المصالحة الوطنية في تحقيق الأهداف المتوخّـاة منه في الواقع العراقي.
الدكتور أكرم الحكيم اكاديمي ووزير عراقي سابق ،ولد عام 1949 في مدينة كربلاء ،أكمل دراسته الجامعية 1968 والعليا 1973 في جامعة بغداد ، عمل استاذا في كلية الزراعة – جامعة بغداد من 1968 ولغاية 1979.أنضم الى صفوف الحركة الوطنية الإسلامية السرية 1965 ،وساهم في 1982 في تأسيس المجلس الأسلامي الأعلى، وفي
عام 1992 في تأسيس المؤتمر الوطني العراقي، بعد سقوط النظام البعثي تم أنتخابه عضوا في الجمعية الوطنية الأنتقالية وفي لجنة كتابة الدستور 2005 وكذلك رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الجمعية الوطنية ثم وزيرا للحوار الوطني ورئيس اللجنة العليا للمصالحة الوطنية من عام 2006 وحتى نهاية 2010 ووزيرا للثقافة للفترة (من 16/11/2007 ولغاية 19/7/2008) ووزيرا للزراعة . صدرت له ثمانية كتب وعشرات المقالات والدراسات المنشورة.
مشروع المصالحة الوطنية العراقية
استضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن الدكتور اكرم الحكيم يوم الاربعاء 31/8/2016 في امسية ثقافية تحدث فيها عن مدى نجاح مشروع المصالحة الوطنية في تحقيق الأهداف المتوخّـاة منه في الواقع العراقي.
د. أكرم الحكيم مدرس جامعي سابق ، ووزير عراقي سابق ، من مواليد 1949 في عائلة هاشمية معروفة في مدينة كربلاء المقدّسة ،أكمل دراسته الجامعية 1968 والعليا 1973 في جامعة بغداد في العلوم الزراعية وعمل معيدا ثم مدرسا في كلية الزراعة / جامعة بغداد من 1968 ولغاية 1979.أنضم عام 1965 الى صفوف الحركة الوطنية الإسلامية السرية وساهم في 1982 في تأسيس المجلس الأسلامي الأعلى، وفي عام 1992 في تأسيس المؤتمر الوطني العراقي، ومثـّل المجلس الأعلى في مباحثات تأسيس لجنة العمل المشترك للمعارضة العراقية في دمشق 1990 وأنتخب عضوا في هيئة التنسيق والمتابعة المنبثقة من مؤتمر المعارضة العراقية (كردستان العراق ـ أربيل / شباط 2002).شارك في تأسيس لجنة الأعتصام المستمرفي لندن للمطالبة بمحاكمة صدام دوليا، والتي نفّذت أعتصاما مستمرا كل يوم سبت في ساحة الطرف الأغرفي لندن.بعد سقوط نظام صدام تم أنتخابه عضوا في الجمعية الوطنية الأنتقالية وفي لجنة كتابة الدستور 2005 وكذلك رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الجمعية الوطنية ثم وزيرا للحوار الوطني ورئيسا للجنة العليا للمصالحة الوطنية من عام 2006 وحتى نهاية 2010 ووزيرا للثقافة للفترة (من 16/11/2007 ولغاية 19/7/2008) ووزيرا للزراعة (أضافة لوظيفته) وعضوا في اللجنة العليا للمبادرة الزراعية (التي يرأسها رئيس الوزراء) من نيسان 2009 وحتى نهاية 2010.وقد صدرت له ثمانية كتب وعشرات المقالات والدراسات المنشورة ،وهو من الشخصيات الوطنية الأسلامية المستقلة المعروفة في الساحة العراقية، ويشتغل حاليا بعد تقاعده من الخدمة الرسمية بالبحث وتدوين التجربة الشخصية والتأليف ونشرالوعي.
سعى الدكتور اكرم الحكيم في محاضرته للإجابة على الأسئلة التالية :
1ـ هل كانت هناك ضرورة لمشروع المصالحة الوطنية بعد سقوط النظام البائد في بغداد في نيسان 2003 ؟
2ـ وهل توفّرت في المشروع الذي طرحته الحكومة العراقية (الدستورية الأولى 2006 ـ 2010) المعايير والشروط المتعارف عليها لدى المنظمات والهيئات الدولية ذات الصلة بملفّات حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية ؟وهل تمت الإستفادة من دروس التجارب الأخرى في العالم في هذا المجال ؟
3 ـ مامدى نجاح مشروع المصالحة الوطنية في العراق في تحقيق الأهداف المتوخّـاة منه في الواقع العراقي ؟
تعريف المصالحة الوطنية
تعني المصالحة الوطنية، في أبسط معانيها، “عملية للتوافق الوطني على أساسها تنشأ علاقة بين الأطراف السياسية و المجتمعية قائمة على قيم التسامح وإزالة آثار صراعات الماضي، من خلال آليات محددة، ووفق مجموعة من الإجراءات” . ويجب إن نشير الى ان المصالحة الوطنية لا يمكن أن تؤتي ثمارها، بدون تلازمها مع العدالة الانتقالية؛( المصالحة تعني إن أطراف النزاع في البلد تستشعر أهمية الإتجاه في تسيير التناقضات بينها نحو إعمال منهجية مسالمة بدل منهجية المواجهة العنيفة . المصالحة في هذا السياق هي توافق وطني يستهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتخاصمة أو المتحاربة . المصالحة هي السعي المشترك نحو إلغاء عوائق الماضي واستمراريتها السياسية والتشريعية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تصحيح ما ترتب عنها من غبن و مآسي و أخطاء و انتهاكات و جرائم جسيمة ، و القطع نهائيا من قبل الجميع مع الحلول العنيفة في معالجة الملفات و القضايا المختلف حولها . و تعني إنجاز توافق وطني بين مختلف مكونات الإطار الحضاري للمجتمع حول خطة شمولية و متكاملة ،محددة و دقيقة ، تسترشد بالمبادئ الأساسية المستخلصة من تجارب فض النزاعات بالطرق الهادئة وتخضع لمضمون القانون الدولي وإجراءاته الملزمة والآمرة للدولة و حكوماتها المتعاقبة )
وقد ﻋﺭّﻓﺕ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺒﺄﻨﻬﺎ: ” ﻜﺎﻤل ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﻭﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺎﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺒﺫﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﻔﻬّﻡ ﺘﺭﻜﺔ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻟﻭﺍﺴﻌﺔ ﺍﻟﻨﻁﺎﻕ ﺒﻐﻴﺔ ﻜﻔﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﻭﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ.” ﺃﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺨﺫﻫﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ إﺴﺘﺠﺎﺒﺔ لإﻨﺘﻬﺎﻜﺎﺕ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺍﺴﻌﺔ ﺍﻟﻨﻁﺎﻕ، ﺒﻬﺩﻑ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍلإﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺒﻤﺎ ﺘﻜﺒّﺩﺘﻪ ﺍﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ﻤﻥ إﻨﺘﻬﺎﻜﺎﺕ ﻭﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﻤﺭﺘﻜﺒﻴﻬﺎ , حيث إن تطبيق ثقافة المساءلة بدلا من سياسة الإفلات من العقاب يعطي الأحساس بالأمان لقطاعات عريضة من المجتمع ، ويوجه تحذيرًا لمن يفكرون في إرتكاب مثل هذه التجاوزات في المستقبل .
الباحثة الفرنسية الدكتورة كورا أندريو الخبيرة في شؤون العدالة الانتقالية ترى (أن العدالة الانتقالية لا يمكن ان تتحقق دون أن يكون للضحايا دور فاعل في إرساء الديمقراطية…, وترى أنه يمكن تقديم مفهوم العدالة الانتقالية على أنها جملة الآليات التي يعتمدها المجتمع للنظر الى ماضيه ومواجهته وتحقيق العدالة ازاء الانتهاكات الحاصلة في مجال حقوق الانسان،وهي ايضا طريقة لتعزيز الديمقراطية الناشئة عبر مواجهة الماضي. إذا نجحنا في معرفة الماضي وتحديد الأخطاء التي تخللته). ومن هنا نقول قبل طي الصفحة، لا بد ان نعرف ما كتب على تلك الصفحة. لا يمكن أن تبرد روح الثأروالانتقام ومحاصرة الفوضى المحتملة، ما لم يشعر المتضررون بان حقوقهم لن تضيع وأن المرتكب لن يفلت من العقاب, ولا يمكن للإنسان أن يغذي انتمائه إلى المجتمع ويساهم ببنائه إذا لم يطمئن أنه سيحصل على العدالة .
أن هدف العدالة الانتقالية لا ينحصر في محاسبة مرتكبي الجرائم وبعث الطمأنينة في النفوس بأن حقوقهم لن تهدر بل ينسحب هدفها إلى إعطاء الطمأنينة لغير المرتكبين أنه لن يتم محاسبتهم أو الاقتصاص منهم عن جرائم لم يرتكبونها، مثلما تعطي ضمانة مهمة للمرتكبين أنفسهم بانهم لن يكونوا تحت وطأة رد الفعل الثأري وأن مؤسسات العدالة والقضاء هي التي ستحاسبهم بالدلائل والقرائن المثبتة على ما أرتكبوه.
المصالحة مشروع مجتمعي طويل الأمد وليست رد فعل لضغوط
- إن المصالحة ، هي تعبير عن مرحلة ، و ذلك بمعنى أن أطراف النزاع في البلد بدأت تستشعر ، بسبب من إكراهات داخلية و أخرى جهوية و دولية و بعد وصول باقي الأساليب السابقة إلى الباب المسدود ، أهمية الاتجاه في تسيير التناقضات بينها نحو إعمال منهجية مسالمة بدل منهجية المواجهة العنيفة .
- الأمر يتعلق بمشروع مجتمعي طويل الأمد ، من بين أهم أولوياته الاعتراف بتعددية المصالح المجتمعية و بتعددية تمثيلياتها الفكرية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية
- بالإضافة إلى ذلك إن المصالحة هي السعي المشترك نحو إلغاء عوائق الماضي و استمراريتها السياسية و التشريعية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تصحيح ما ترتب عنها من غبن و مآسي و أخطاء و انتهاكات و جرائم جسيمة ، و القطع نهائيا من قبل الجميع مع الحلول العنيفة في معالجة الملفات و القضايا المختلف حولها .
- إن المصالحة كمشروع مجتمعي طويل الأمد تعني إنجاز توافق وطني بين مختلف مكونات الإطار الحضاري للمجتمع حول خطة شمولية و متكاملة ، محددة ، و دقيقة ، تسترشد بالمبادئ الأساسية المستخلصة من تجارب فض النزاعات بالطرق الهادئة و تخضع لمضمون القانون الدولي و إجراءاته الملزمة و الآمرة للدولة و حكوماتها المتعاقبة .
أهمية مشروع المصالحة الوطنية ومبرّرات تفعيله
- عدم بلوغ بعض القوى الوطنية العراقية (سواء تلك التي في السلطة أوهي خارجها) درجة النضج السياسي المطلوبة لإدارة السلطة إوأدارة المعارضة , والمطلوبة للألتزام بالآليات الديمقراطية للتداول السلمي للسلطة
- مئات الآلاف من الافراد الذين كانوايكوّنون بنية المؤسسه العسكريه والاجهزه الامنيه و الميليشيات شبه الرسميه ,للنظام البعثي السابق , والذين تم حـلّ مؤسساتهم وتشكيلاتهم و يعيشون الخوف من المستقبل,وبالطبع ضمن هؤلاء عدد من الذين أرتكبوا جرائم مروّعـه بحق العراقيين ..ولابد من انزال القصاص العادل بهم .
- شريحه مليونيه من ضحايا النظام البعثي الذين يتطلّعون إلى إنصافهم وإستعادة حقوقهم و التعويض عما فاتهم والقصاص من الذين أجرموا بحقهم ,بأسـرع وقت..وهذه الشريحه بمثابة القنبله الموقوته التي يمكن تفجيرها في حالة عدم انصافها وعدم تعويضها,او في حالة شعورها بأنه يتم ضمان امتيازات جلاديها بأسرع وأفضل من أستعادة حقوقها..
- مجتمع موبوء بعوامل الانقسام والصراع ,بسبب عقود طويله من سياسات الكبت والقمع والأضطهاد و التمييز العنصري والطائفي وحتى المناطقي , والذي كانت تمارسه السلطه البعثيه بشكل منهجي منظّـم ..أضافة الى خريطه معقـّده متشابكه من التنوّعات الاتنيه (الدينيه و القوميه والمذهبيه) وأغلبها ذات جذور تاريخيه في العراق تمتد لقرون عديده .
- احزاب سياسيه قديمه وجديده ..كلّها تبحث عن مكان في الساحه التي اصبحت مفتوحه دون قمع حكومي أوقيود أو رقيب, بعضها تمتد جذورها لعقود من العمل والنضال ومواجهة الدكتاتورية وبعضها لايمتد تاريخه سوى سنوات .
- قوى محليه متطرّفه ( أغلبها ذو جذور بعثيه او من ضباط مخابرات وأمن النظام البعثي السابق) الذين قاموا بنزع جلودهم الايدولوجيه السابقه وبدأوا برفع العناوين والشعارات الاسلاميه.
- دوائر اقليميه ودوليه ( ولأسباب وأهداف مختلفه) يهمها جدا عدم نجاح التغييرفي العراق , او يهمّهاعدم نشوء وأستقرار نظام سياسي دستوري مستقل ذو مؤسســات معبـّره بصدق عن رغبات وارادة الشعب ,في العراق…أو تسعى لمدّ نفوذها السياسي والامني والاقتصادي وحتى الثقافي
- فضائيات ووسائل أعلامية ’أخرى تبث ليل نهار موادا أعلامية تؤدي الى أثارة وتأجيج الخلافات والصراعات المذهبية والعنصرية والحزبية والأجتماعية بين أبناء الشعب العراقي , وتشويه التجربة السياسية الجديدة في العراق
الأهـداف المتوخّـاة من مشروع المصالحة
لتحقيق مايلي :
- دعم العملية السياسية والنظام السياسي الجديد
- رص الصف الوطني الداخلي وجعله كالبنيان المرصوص .
- تأمين حقوق الشريحه المليونيه من ضحايا النظام البعثي البائد وضمان القصاص العادل
- منع تحول الاوساط الخائفه من التغيير اوالقلقه من المستقبل اوالمتحسـّسه من هوية بعض القيادات الحاكمه الجديده ,وكذلك الاوساط المتمثّله بأفراد المؤسسه العسكريه والامنيه والحزبيه السابقه (بأستثناء القتله وسارقي أموال الشعب).
- تأمين الشرط الاساس لإعادة الإعمار والبناء وتنفيذ برامج الدوله التنمويه والخدميه وتشجيع الاستثمارات ,وهوشرط توفر الامن والامان وانخفاض مستوى المخاطر .
نقاط مهمة :
- إتاحة الفرصة للشعب للوصول إلى محفوظات الأجهزة الأمنية للنظام السابق للتمكّن من إتخاذ قرارات أكثر استنارة حول المرشحين للمناصب العام.
- العفـو مقابل كشف المعلومات عن منظومة الفساد والتعاون
- ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻷﻤﺭ ﺍﻟﺴﻬل ﻻﺴﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻅل ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﻡ ﺇﻗﺼﺎﺀ- ﺃﻭ ﺇﻀﻌﺎﻑ- ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻪ على ﻤﺩﻱ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻬﺭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ. ﻭﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺃﻤﻥ ﻤﻨﻘﻭﺹ ﻭﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﻨﻘﺴﻤﺔ، ﻭﻤﻭﺍﺭﺩ ﻤﺴﺘﻨﺯﻓﺔ . ﻭﺍﻷﻫﻡ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﺩﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ . ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ ﺍﻨﻌﺩﺍﻡ ﺜﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ، ﻭﺍﻓﺘﻘﺎﺭﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻲ ﻟﻘﻴﻡ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ . ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻲ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻘﻭﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻲ ﻤﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺒﺎﻟﺨﺒﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ .
ﻟﺫﺍ ﻴﺴﺘﻠﺯﻡ ﺍﻷﻤﺭ ﻋﺩﺓ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﻫﻲ:
- ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ .
- ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ .
- ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ
- ﺇﻨﺸﺎﺀ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻟﻤﻌﺎﻗﺒﺔ مجرمي ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ .
ﻤﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﺎﻟﻌﺯل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ؟
ﺍﻟﻌﺯل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﺭﺘﺒﻁ ﺠﺫﺭﻴﺎ ﺒﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ، ﻓﺄﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻌﺯل ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻘﻁ ﺘﻁﻬﻴﺭ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻤﻥ ﺒﻘﺎﻴﺎ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺘﺠﺭﻴﺩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭﻀﻤﺎﻥ ﺍﺴﺘﺒﻌﺎﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ. ﻭﻟﻜﻥ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻌﺯل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺃﻭﺴﻊ ﻭﺃﺸﻤل، ﻜﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻌﻘﺎﺏ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺨﻠل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺴﺒﺒﻭﺍ ﻓﻴﻪ، ﻓﻬﻭ ﺃﺩﺍﺓ ﻴﻌﺒﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﻭﺠﻴﻪ ﺘﺤﺫﻴﺭ ﻗﺎﺴﻲ ﻟﻤﻥ ﻴﺘﻘﻠﺩ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻨﺎﺼﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل، ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﺁﺕ ﻻ ﻤﺤﺎﻟﺔ. ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺯل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻴﻜﻔل ﺘﻭﻓﻴﺭ ﻗﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻟﻠﻀﺤﺎﻴﺎ ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﻡ. ﻜﻤﺎ ﻴﺴﺎﻫﻡ ﺃﻴﻀﺎ ﻓﻲ ﺘﻌﺯﻴﺯ ﺜﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻗﺩﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺇﻨﻔﺎﺫ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ.
مفهوم التعويـض
ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺓ ﻣﻌﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳضات المباشرة (ﻋﻦ ﺍﻟﻀﺮﺭﺃﻭ ﺿﻴﺎﻉ ﺍﻟﻔﺮﺹ)، ﺭﺩ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ( لمساندة ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎ وفي حياتهم ) ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺟﺎﻉ (ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﻣﺎ ﻓﻘﺪ قدر المستطاع ،ويمكن التمييزبين ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻀﺎت بحسب ﺍﻟﻨﻮﻉ (ﻣﺎﺩﻳﺔ ﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺔ) ﻭﺍﻟﻔﺌﺔ المستهدفة (فردية / جماعية). ويمكن ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ المادي ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻨﺢ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺃﻭ ﺣﻮﺍﻓﺰ ﻣﺎﺩﻳﺔ، كما يمكن ﺃﻥ ﻳﺸﻤﻞ ﺗﻘديم ﺧﺪﻣﺎت مجانية ﺃﻭﺗﻔﻀﻴﻠﻴﺔ ﻛﺎﻟﺼﺤﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢﻭﺍﻹﺳﻜﺎﻥ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ المعنوي ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﺜﻼ عبر ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺍﻋﺘﺬﺍﺭرسمي،ﺃﻭ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﺎﻡ (ﻣﺜﻞ ﻣﺘﺤﻒ ﺃﻭ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺃﻭﻧﺼﺐ ﺗﺬﻛﺎﺭﻱ) ﺃﻭﺇﻋﻼﻥ ﻳﻮم وطني للذكرى ﺃﻣﺎ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ المتوخاة ﻣﻦ ﺗﺪﺍبير ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ (ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎﺩﻳﺔ ﺃﻭﻣﻌﻨﻮﻳﺔ) ﻓﻬﻲ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ جماعات وﺃﻓﺮﺍﺩﺍ ،ﻭﺗﺮﺳﻴﺦ ﺫﻛﺮﻯ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ في ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ الجماﻋﻴﺔ،ﺗﺸﺠﻴﻊﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻣﻊﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ،ﺇﻋﻄﺎﺀﺭﺩﻣﻠﻤﻮﺱ ﻋﻠﻰ ﻣﻄﺎﻟﺐ رفع الحيف وتهيئة المناخ الملائم ﻟﻠﻤصالحة عبر ﺍﺳﺘﺮﺟﺎﻉ ﺛﻘﺔ الضحايا فيﺍﻟﺪﻭﻟﺔ. ﺇﺿﺎﻓﺔ إلى ﺃﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻀﺎﺕ ﺃﺻﺒﺢ ﺇﻟﺰﺍﻣﻴﺎ بموﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ الدولي .
الإصلاح المؤسساتي :
كثيرا ماتحتاج ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ الخارجة ﺣﺪﻳﺜﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ الى تبني ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﺗﺸﻤﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎتها ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﻭﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ، ﻓﺈﻥ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ المؤﺳﺴﺎﺗﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎﻡ ﻳﻜﻮﻥ الهدف ﻣﻨﻬﺎﻫﻮﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ التي ﺃﺩﺕ إلى ﻧﺸﻮﺀ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﺃﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ,ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺛﻼﺙ ﻭﺳﺎﺋل تمكن ﻣﻦ ﺑﻠﻮﻍ ﻫﺬﺍ الهدف
- ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ التي ﺗﻮﺍﻃﺄت في ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻙ.
- ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﺍﻟﻌﺮﻗﻲ ﺃوالديني والمذهبي القديم ﺍﻟﻌﻬﺪ.
- منع ’مرتكبي إنتهاكات حقوق ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍر في ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺎﺻب في المؤﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ .
الحقيقة ﺃﻧﻪ ﺑﺪﻭﻥ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ في مجالات ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ الوطني ﻭالبرلمان ﻭﺃﺟﻬﺰﺓ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻓﺈﻥ ﺃﻳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ محاﺳﺒﺔ ﺳﺘﻈﻞ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺷﺒﻪ ﻣﺆﻛﺪ، ﻭﺑﺎﻟﺘالي ﺳﺘﻔﺸﻞ في ﺧﻠﻖ ﺻﺪﻯ أيجابي ﻟﺪﻯ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ..
إحياء الذكرى
يتم احياء الذكرى عن طريق أي حدث أو واقعة أوبناء, ’يستخدم بمثابة آلية للتذكر, ويمكن أن يتم أحياء الذكرى بشكل رسمي أوغير رسمي (مثا أقامة نصب تذكاري مثل بناء جدارية في مجتمع محلي ) ويسعى الناس الى أحياء ذكرى الماضي ,لأسباب عديدة منها الرغبة في أستحضارذكرى الضحايا أوالتعرف عليهم, ﺃﻭ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺍﻟﻨﺎﺱ بماضيهم ، ﺃﻭ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻭﻋﻲ المجتمع ويمثل ﻓﻬﻢ ﺍﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻭﻋﺎئلاتهم ﻭﺍﻟﻨﺎجين ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻈﺎﻋﺎﺕ الجماعية وإنتهاكات ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺭﺧﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ في ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﺤﻜﻢ في ﺍﻟﺬﺍﻛﺮﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺃﻭ” الجماعية” ﻳﻘﻊ في ﺻﻤﻴﻢ ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ المحاسبة التي ﺗﻌﻘﺐ ﺣﺎﻻﺕ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ , وكثيرا ﻣﺎ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻭﻧﺸﻄﺎﺀ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ بغبن ﻋﻤﻴﻖ ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﺟﻬﻮﺩ الحكومة الجديدة ﺃﻭ القديمة .
ﻭﻳﺘﻀﻤﻦ ﻣﻄﻠﺐ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﺣﻮﻝ ﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﺍﻧﺘﻬﺎﻛﺎﺕ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ في الماضي ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻉ ﺣﻮﻝ ما يتعين ﺗﻠﻘﻴﻨﻪ في المدارس ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺬﻛﺮ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ، ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟ و حتى ﻟﻮ ﺗﻜﻔﻠﺖ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺑﺮﻭﺍﻳﺔ ﻗﺼﺺ ﺍﻟﻀﺤﺎﻳﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺬﻛﺮ يجب ﺃن يجعل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻨﺨﺮﻃﻮﻥ في ﺣﻮﺍﺭ ﺣﻲ ﻭﺩﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻲ ﻭﺩﺍﺋﻢ، ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﺣﻮﻝ الماضي – ﻭﺃﺣﺪﺍﺛﻪ ﻭﺩﻻﻻتها – ﺑﻞ ﺃﻳﻀﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ التي ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ بها الحاضر ﻣﻦ ﻫﺬﺍ الماضي ويمكّن المجتمعات ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﺃﻓضل للمستقبل , ﻣﺜﻼ في الحالات التي تم ﻓﻴﻬﺎ إﻛﺘﺸﺎﻑ ﺟﺜﺚ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺍﻟﻨﺎشطين ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﺘﻬﻢ ﻗﻮﺍﺕﺍﻷﻣﻦ ﻭﻗﺎﻣﺖ ﺑﺪﻓﻨﻬﻢ ﺳﺮﺍ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺗﻘﻮم بمساعدة ﺍﻟﻌﺎﺋﻼﺕ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﻣﺪﺍﻓﻦ رسمية ﻭﻣﻜﺮّﻣﺔ .ﻭﺗﺆﻛﺪ ﺣﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﺾ ﻫﺬﻩ ﻋﻠﻰ أهمية وضع الحالات ﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ في ﺳﻴﺎﻕ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺳﻴﺎﺳﻲ ﺃﻭﺳﻊ)
المبادرات الحكوميـة
- طرح رئاسة الوزراء لمشروع المصالحة الوطنية المتكوّن من 24 نقطة.
- تشكيل اللجنة العليا للمصالحة الوطنية.
- تشكيل لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية المرتبطة بمكتب رئيس الوزراء.
- تعديل قانون إجتثاث البعث إصدارقانون المساءلة والعدالة.
- عقد مؤتمرات سياسية على الصعيد الوطني ,ودعوة كل القوى الوطنية للمشاركة بما فيها القوى المعارضة غير المساهمة في السلطة وأيضا شخصيات ذات صلة ببعض الجماعات المسلّحة المعارضة بإستثناء تلك المتورّطة بسفك دماء المواطنين العراقيين.
- دعم جهود منظمات دولية غيرحكومية متخصّصة , لعقد مؤتمرات مصالحة تجمع ممثلي الحكومة والقوى الوطنية العراقية المشاركة في النظام السياسي الجديد وممثلي جماعات معارضة بما فيها بعض الجماعات المسلّحة (مؤتمرات هلسنكي برعاية فنلندية ـ مؤتمرات ساندو برعاية سويدية ـ مؤتمرات الحوارالمستديم برعاية منظمات غيرحكومية أمريكية وأيطالية ـ أجتماعات طوكيو برعاية الخارجية اليابانية أضافة لأجتماع القاهرة ,رعته الجامعة العربية والرئاسة المصرية في حينها ).
- أجراء إتصالات وحوارات وعقد أتفاقات مع بعض المجموعات المسلّحة .
- إصدار الحكومة العراقية لمجموعة من القرارات لصالح مراتب وفئات من أعضاء حزب البعث المنحل ومن منتسبي المؤسّسة العسكرية والأمنية للنظام البعثي البائد , وكذلك قرارات العفو وقرارات إستثناء بعض المشمولين بقانون أجتثاث البعث أوقانون المساءلة والعدالة .
- إستلام ملف الصحوات (أبناء العراق كما سمّتهم الأدارة الأمريكية )من القوات الأمريكية ,في تشرين الثاني 2008 , وهي قوات شبه رسمية تم تشكيلها في بعض مناطق العاصمة بغداد وعدد من المحافظات الغربية ,ووصل تعدادها الى مايقرب المائة ألف عنصر ,وتم تخصيص ميزانية وطنية لها ودمج الآلاف (أكثرمن عشرين ألف ) من عناصرها بالأجهزة الأمنية .
الملفات العالقة
أدّت السياسات الخاطئة للنظام البعثي البائد في التعامل مع تلك الملفات الى تعريض الوفاق الوطني في العراق الى مخاطر كبيرة,وزرع الواقع الأجتماعي والسياسي للشعب العراقي بألغام خطيرة لانزال نعيش في المرحلة الراهنة بعض نتائجها, ومن تلك الملفات:
الملف الأول : الكرد الفيلية
عانت شريحة الكرد الفيليين كثيرا في عهد النظام البعثي و وربما أكثرمن كل الشرائح العراقية الأخرى .
برزت الإشكالية الكبرى إزاء الأكراد الفيلية في فترة حكم البعث. إذ عاد النظام إلى التعامل معهم على أساس الجنسية (أ) و(ب) والتمييز بين من اعتبروا تبعية عثمانية (أ) أو تبعية أجنبية (ب) وبالتالي وضع النظام قاعدة وسابقة خطيرة للتمييز بين العراقيين .
بعد مجيء البعث ثانية إلى السلطة صدرت مجموعة قرارات عن مجلس قيادة الثورة ابتداءاً من عام 1968. وفي عام 1980 صدرت مجموعة من القرارات منها القرار رقم 180 و200, ثم القرار الخاص بإسقاط الجنسية العراقية رقم 666, إضافة إلى قرارات أخرى بصدد الجنسية في نفس العام.
الملف الثاني : قوانين الإعدام في ظل حكم البعث
أصدر النظام البعثي البائد خلال فترة ’حكمه الثانية ( 1968 ـ 2003 ) عددا غير قليل من القوانين التي يتم بموجبها إعدام المواطنين العراقيين لأسباب متعددة , الكثير منها لايستحق مثل تلك العقوبة القصوى ، ويمكن القول وبدون مبالغة إن عدد الذين تم إعدامهم من العراقيين بموجب تلك القوانين وخلال الثلاث عقود ونصف التي حكم فيها البعث في العراق تجاوز مئات الآلاف من المواطنين
الملف الثالث : ملف التسفيرات (التبعية وغيرهم)
قام النظام البعثي البائد ولعدة مرات بإبعاد وتسفير عشرات الآلاف من المواطنين العراقيين وفق قوانين جائرة تتناقض وحقوق المواطنة وتتعارض مع الأعراف الدولية ولائحة حقوق الإنسان
الملف الرابــع : ملف الأنفال وكردستان العراق
ماسمّاه النظام البعثي البائد بعمليات الأنفال ،هي جريمة أخرى من جرائم النظام البعثي البائد التي أستهدفت كرد العراق ومناطق كردستان العراق في الفترة الواقعة أواخرالحرب العراقية الإيرانية (بين أواخر 1987 وأواخر 1988 ) مستفيدا من الدعم الإقليمي والدولي الذي حظيت به الحكومة العراقية آنذاك لحربها ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية
الملف الخامس : المقابر الجماعية
واحدة من أبشع ملفات قتل العراقيين خلال فترة سلطة النظام البعثي البائد هوملف ” المقابر الجماعية ” التي لم يتعرّف عليها الرأي العام العالمي الاّ بعد سقوط البعث عام 2003 ، وإذا كان البعض يقول سابقا في مجال التعريف بالعراق:أينما تحفرفي العراق فأنك سوف تجد آثارا أونفطا، فنحن نعدّل العبارة لتصبح : أينما تحفرفي العراق فأنك سوف تجد آثارا أونفطا أومقابرجماعية ..!
الملف السادس : تصفية النخب العلمية
للإجابة على سؤال من الذي يقف وراء عمليات إغتيال وتهجير النخب العراقية ؟
الملف السابع :تدمير المؤسسات والوزارات والدوائر الحكومية
بعد هزيمة النظام في نيسان 2003 ,اشار احد التقاريرالى 🙁 إن تدمير وإحراق وتفجير المؤسسات والوزارت والدوائر الحكومية كان ايضا حلقة من حلقات تدمير العراق وتشير الكثير من الدلائل على احترافية عالية لمن قام بهذا العمل لأن إختيار الاماكن التي دمرت لم يكن عشوائيا بالاضافة الى إستخدام معجلات الاحتراق لتحدث اكبر اثر من التدمير)
وأضافة للملفات السابقة الذكر، توجد ملفات أخرى لجرائم أرتكبها النظام البعثي أضرّت بعشرات بل بمئات الآلاف من العراقيين قتلا أوتشريدا مثل جريمة تجفيف أقدم وأكبر مسطّح مائي في المنطقة (أهوار جنوب العراق ) وقتل وتشريد سكانها .
أبرز الملاحظات على مبادرة الحكومة العراقية :
ان أبرز الملاحظات على مبادرة الحكومة العراقية وفعالياتها في مجال المصالحة الوطنية وفق المعايير الدولية وبالمقارنة بالتجارب الرصينة في العالم:
أولا ـ النقاط الأربع والعشرون التي تضمّنتها ورقة رئيس الوزراء السابق لم تعبّر عن رؤية إستراتيجية بعيدة المدى , ولاعن رؤية شمولية متكاملة لهذا الملف المعقّد , بل تم إعتماد الطرح التجزيئي لقضايا متعددة من قبيل : تشكيل هيئة وطنية عليا للمصالحة – عقد مؤتمرات لمختلف شرائح المجتمع ـ خطاب سياسي وعقلاني لإعادة وتعميق روح الثقة وطمأنة الأطراف – إعتماد الشرعية الدستورية والقانونية ومعالجة ظاهرة التصفيات الجسدية – إصدار عفو عن المعتقلين الذين لم يتورطوا في جرائم وأعمال إرهابية – منع إنتهاكات حقوق الإنسان، والعمل على إصلاح السجون – حل مشاكل موظفي الدوائر الملغاة – إعادة النظر في هيئة إجتثاث البعث – تفعيل القرارات لمساندة ضحايا النظام السابق وتعويضهم وتوفير الامكانات لتحسين الاوضاع المعيشية والخدمية – تفعيل دور القضاء لمعاقبة المجرمين، وجعله المرجعية الوحيدة – توحيد الرؤى والمواقف تجاه العناصر والمجموعات الإرهابية والتكفيرية – العمل على إعادة المهجرين الى مناطقهم وغيرها من النقاط.
لايشعرالمطبّق لتلك النقاط بوجود إرتباط و توازن بين البنود ذات العلاقة بالحقوق الأساسية التي يجب أن يحصل عليها ضحايا النظام البعثي البائد (وهم شريحة واسعة من العراقيين متنوّعة الأتنيات ) ,وبين البنود الأخرى المتعلّقة بالقواعد الحزبية والحكومية والإجتماعية والمناطقية للنظام البعثي البائد , والتي يسعى النظام السياسي الجديد لمنع تحوّلها لحاضنة خصبة للقوى المسلّحة المعادية،وتطويق البؤر الإرهابية الكامنة فيها.
إنعدام أوضعف ذلك الإرتباط والتوازن الدقيق المطلوب في بنود أي مشروع للمصالحة الوطنية ,هو الذي أدى إلى المبالغة (الصادمة لشريحة ضحايا النظام البعثي البائد) في الإمتيازات أو التنازلات (بسبب الضغوط الخارجية أوالإبتزاز السياسي في مرحلة تشكيلة كل حكومة جديدة) المقدّمة للقواعد الحزبية والإجتماعية والحكومية للنظام البائد. بكلمة’أخرى لاتوضح ورقة رئاسة الوزراء طبيعة الإرتباط وضوابطه بين مشروع الحكومة للمصالحة و بين متطلّبات العدالة الإنتقالية , وهو ماسوف نفصّله في النقطة اللاحقة .
ثانيا ـ لم تتضمّن نقاط ورقة رئاسة الوزراء والإجراءات الأ’خرى المحاور الأساسية لملف العدالة الإنتقالية ,التي لاتنجح مصالحة وطنية بدونها (أي بدون عدالة إنتقالية ) , وأهمّها : صندوق تعويض ضحايا النظام البائد(وهم شريحة كبيرة جدا عابرة للإنتماءات القومية والدينية والمذهبية والحزبية والمناطقية), وإدامة دورالمحاكم الخاصة لمجرمي النظام البعثي , وتشكيل لجان السلم الأهلي والمصالحة التي ’يفترض تشكيلها من شخصيات ثقافية وقانونية وفنية ودينية وإجتماعية , فضلا عن المؤسّسات الإعلامية التي يجب إيجادها للتوعية الواسعة بمفهوم العدالة الإنتقالية وبوسائلها وهيئاتها ودورها , وإجراءات تخليد ذكرى ضحايا النظام السابق حتى يكون ما مرّ على البلاد درسا يستفاد الجميع منه ويشكّـل عبرة ومأثرة للأجيال القادمة، ولا تضيع التضحيات الكبرى التي ’قدّمت بل تكون صورتها ماثلة دائماً في ذاكرة المجتمع وخالدة في ذاكرة الوطن .
ثالثا ـ كان يمكن الإستفادة من دروس تجارب غنيّة في مجال ” لجان الحقيقة والمصالحة ” , سواء في جوانب نجاحها أو إخفاقها , بالطبع مع ملاحظة الفوارق الموضوعية بين الساحة العراقية وباقي الساحات . للأسف لايشعر القاريء للمبادرة الحكومية بوجود فقرات تعطي ضمانات كافية لكشف حقيقة ماجرى في الحقبة البعثية (1968ـ2003) من جرائم وإنتهاكات فظّة.
من المحزن أن يتم التعامل مع الوثائق السرية للنظام البعثي البائد (التي كان يمكن أن تلعب بعد سقوط النظام دورا كبيرا في معرفة الكثيرمن الحقائق عن الجرائم التي تم إرتكابها في فترة حكمه) ،بطريقة غير مسؤولة ولاتدل على وعي بقيمة تلك الوثائق ، بل وقامت شخصيات عراقية كانت محسوبة ولسنوات على الجبهة المعارضة للنظام البعثي ، بالتعاون مع القوات العسكرية الإمريكية بتنفيذ أضخم عملية نقل لوثائق سرية ذات قيمة وطنية عالية وذات طبيعة أمنية وسياسية خطيرة إلى خارج الوطن دون تفويض قانوني ، وحفظها في دول أخرى خارج نطاق السيادة الوطنية وخارج سلطة المؤسّسات الدستورية العراقية وخارج صلاحيات السلطات الوطنية المنتخبة ديمقراطيا , حيث تم نقل أكثر من ثمانية ملايين وثيقة سرية تخص النظام البعثي إلى الولايات المتحدة الإمريكية ولاتزال هناك ,فضلا عن نقل أعداد غير معروفة من وثائق مشابهة إلى بعض الدول العربية مثل قطر والأردن .
على الحكومة العراقية أن تدرك أن نجاح المصالحة الوطنية يتوقّف على معالجة الماضي ، و ليس كما يدعو إليه البعض من عدم تقليب صفحات الماضي وتفجير جراحاته بمبرر نسيانه وبدء صفحة جديدة من العلاقات بين المواطنين أنفسهم وبينهم وبين النظام السياسي ,وكما قال البعض
(قبل أن نقلب صفحة الماضي علينا معرفة ماتم تدوينه فيها) المعايير الدولية وتجارب العديد من الدول في ملف المصالحة الوطنية ’تشير و بوضوح إلى أن تجاوز الماضي يؤدي إلى تعقيد المصالحة وليس العكس ,ويؤدي إلى عدم الإستقرارفي المستقبل ,وأثبتت إن العفو بمفهومه المتعسّف (أي التحصين والإفلات من العقوبة ) لن يحقق الإستقرار المنشود، بل على الأكثر لن يحقق إلا إستقرارا هشّا مؤقّـتا .
رابعا ـ كما كان من الضروري تناول تحديد دائرة الجناة المسؤولين عن إنتهاكات النظام السابق , إبتداءا من الذين قاموا بإﺭﺘﻜﺎﺏ تلك ﺍﻟﺠﺭائم ﺒﺼﻔتهم ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ، ﺃﻭ ﺒﺎﻻﺸﺘﺭﺍﻙ ﻤﻊ ( أوعن طريق) ﺁﺨﺭين ,أوﺍﻷﻤﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﻜﺎبها أو ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻌﻭﻥ ﺃﻭ ﺒﺄﻱ ﺸﻜل ﻟﻐﺭﺽ ﺘﻴﺴﻴﺭ ﺍﺭﺘﻜﺎﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ , أو ﺍﻟﺘﻘﺼﻴﺭ ﻓﻲ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﻭﺍﻟﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ، ﺃﻭ ﺘﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍلآﻤﻥ لإﺭﺘﻜﺎﺏ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ , ويجب تحميل المتبوع ﻤﺴﺌﻭﻟﻴﺔ ﺃﻋﻤﺎل ﺘﺎﺒﻌﻴﻪ وﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﺃﻭ ﻓﻌل ﻤﺨﺎﻟﻑ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ، ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻤﺘﺜﺎﻟﻪ ﻷﻤﺭ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﺃﻭ ﺭﺌﻴﺱ ﻋﺴﻜﺭﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﻤﺩﻨﻴﺎ, وﻤﻥ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻌﺎﻡ . عدم الإشارة الكافية لتحديد دائرة الجناة في النظام السابق , قد ’يساعد البعض على الإفلات من العقاب والذي يتناقض ومتطلّبات العدالة الإنتقالية , بل وقد ’يساعد على تسرّب بعض ’مجرمي النظام السابق إلى أجهزة النظام السياسي الجديد ومفاصله , وهو ماحصل للأسف الشديد .
خامسا ـ كما لم تتضمّن النقاط الأربع والعشرين إشارة وافية لموضوع العزل السياسي للنخب الحزبية والأمنية والحكومية للنظام السياسي السابق , ولهذا لم يتم ﺘﻁﻬﻴﺭ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ (بالدرجة المناسبة ) ﻤﻥ ﺒﻘﺎﻴﺎ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ . العزل السياسي ﺃﺩﺍﺓ ’ﻴﻌﺒّـر ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ للنظام السابق ﻭ ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺘﺤﺫﻴﺭ ﻗﺎﺴﻲ ﻟﻤﻥ ﻴﺘﻘـلّـد ﻤﻨﺎﺼﺏ الدولة ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ، بأن الحساب سيكون قاسيا معهم , ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ ﺃنه ﻴﻜﻔل ﺘﻭﻓﻴﺭﻗﺩﺭﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻟﻠﻀﺤﺎﻴﺎ ﻭﻴﻤﻜـّن ﺍﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﻡ , ﻜﻤﺎ ﻴﺴﺎﻫﻡ ﺃﻴﻀﺎ ﻓﻲ ﺘﻌﺯﻴﺯ ﺜﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻗﺩﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺇﻨﻔﺎﺫ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ. بالرغم من أن قانون إجتثاث البعث ومن بعده قانون المساءلة والعدالة وضع ’أسسا جيدة لفرض عزل سياسي على النخب الحزبية والأمنية والحكومية للنظام السابق , إلاّ أن التعديلات التي أقترحتها رئاسة الوزراء السابقة وبعض الكتل في مجلس النواب , بسبب الضغوط المتواصلة على الحكومة العراقية من قبل قوى سياسية عراقية تعمل لكسب القواعد الحزبية والإجتماعية للنظام السابق , وأيضا من قبل دوائر سياسية أجنبية , تلك التعديلات توجد ثغرات واسعة في قانون المساءلة والعدالة و ’يمكن أن ’تسبب أضرارا كبيرة بملف العزل السياسي .
سادسا ـ لم تتطرّق النقاط التي تضمّنتها ورقة الحكومة ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﺗﺸﻤﻞ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﻭﻗﻮﺍﻧﻴن ﻭﺳﻴﺎﺳات النظام السابق ,لإزﺍﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ التي أدّت إلى ﻧﺸﻮﺀ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﻘﻤﻊ , والتي تتمثـّل بـﺇﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ التي ﺗﻮﺍﻃﺄت في ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﺘﻬﺎﻙ , وﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ العرقي و الطائفي أو المذهبي أوالمناطقي ذوالجذور العميقة في الواقع ومنع مرتكبي إنتهاكات حقوق ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍلإﺳﺘﻤﺮﺍر في ﺍلإﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺎﺻب في الدولة.ﺑﺪﻭﻥ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ في مجالات ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ الوطني ﻭالبرلمان ﻭﺃﺟﻬﺰﺓ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻓﺈﻥ ﺃﻳﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ محاﺳﺒﺔ ﺳﺘﻈﻞ ﻧﺎﻗﺼﺔ ، ﻭﺑﺎﻟﺘالي ﺳﺘﻔﺸﻞ في ﺧﻠﻖ ﺻﺪﻯ أيجابي ﻟﺪﻯ ﻋﺎﻣﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ.
سابعا ـ كان من الأفضل أن تصدر الحكومة العراقية قانونا خاصا وشاملا للمصالحة الوطنية , تتوازن فيه حقوق ضحايا النظام السابق من خلال البنود الأساسية للعدالة الإنتقالية وبين القوانين والسياسات الحكومية التي تهدف إلى تحييد القاعدة المناطقية والإجتماعية للنظام السابق منعا من إستقطابها من قبل القوى التكفيرية الإرهابية.
حيث إن الملاحظ على مجموعة النقاط والقوانين العراقية ذات العلاقة بالمصالحة الوطنية , رجحان كفـّة القوانين والسياسات المتعلّقة بمكاسب نخب وقواعد النظام السابق على كفـّة حقوق ضحايا النظام البعثي ، والسبب حسب تشخيصنا هو الضغوط السياسية والأمنية ومقتضيات المعادلات الطائفية السائدة.
أهم أسباب عدم تقيّد المبادرة الحكومية العراقية للمصالحة الوطنية بتلك المعايير الدولية :
أولا ـ طبيعة التركة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والمفاهيمية السيئة جدا التي ورثها النظام السياسي الجديد الذي أنبثق بعد 9 نيسان 2003 , من النظام الدكتاتوري القمعي (البعثي ) السابق , والذي نتج عنه ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﻡ ﺇﻗﺼﺎﺀ – ﺃﻭﺇﻀﻌﺎﻑ- ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻪ على ﻤﺩﻱ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻬﺭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ، ﻭﺍﻷﻫﻡ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﺩﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ إﻨﻌﺩﺍﻡ ﺜﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭإﻓﺘﻘﺎﺭالإﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻲ ﻟﻘﻴﻡ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭن .
ثانيا ـ عيش التيارات الوطنية العراقية (السياسية والإجتماعية) لحالة الإنقسام والتنافس السلبي والصراعات الجانبية ، ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻲ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻘﻭى ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﻴّﻤﻨﺔ ﻋﻠﻲ ﻤﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺒﺎﻟﺨﺒﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ العدالة الإنتقالية . لقد تمكّن البعض من إشاعة مفهوم خاطيء عن بعض الإجراءات الضرورية التي تتطلّبها تحقيق العدالة الإنتقالية , من قبيل تصوير عملية العزل السياسي لبعض رموز و’نخب النظام السابق بوصفها تهميشا لمكوّن مذهبي معيّن , خاصة وإن الكثير من منتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية والحزبية ومفاصل الدولة للنظام السابق , كانت تنتمي إلى عوائل وعشائر ومناطق ذات أغلبية سكانية من ذلك المكوّن المذهبي.
ثالثا ـ إنعدام الأمن بمستواه المطلوب للإلتزام ببعض متطلبات تلك المعايير .
رابعا ـ عدم إكتمال مقومات السيادة الوطنية للنظام القائم ,بسبب الإحتلال الأجنبي وما يعنيه من تدخّلات مباشرة أوغيرمباشرة بالقرار الوطني في المجال السياسي والأمني . من المعروف إن بعض المقررات التي تضمّنتها مبادرة الحكومة العراقية للمصالحة الوطنية جاءت من ورقة مقترحات قدمتها دوائر سياسية غربية .
خامسا ـ عدم وجود جهاز قضائي وطني مستقل ومؤهّل للتعامل مع متطلّبات المرحلة الإنتقالية .
نموذج نتائج لجنة في إحدى مؤتمرات المصالحة خارج الوطن :
أبرز أسباب تعثّر ملف المصالحة :
- اللجوء الى العنف بدل الحوار
- غياب الاتفاق على حدود المصالحة
- التدخل الاقليمي والاجنبي
- غياب العدالة الانتقالية
- الخطاب الاعلامي السلبي
- ضعف تطبيق القانون
- المحاصصة
- عدم الإستجابة لتوصيات مؤتمرات المصالحة
- إستمرار التواجد الاجنبي
- الدستور (تطبيق وتعديل )
- ضعف الشعور بالمواطنة
- ضعف دور البرلمان
- إنعدام الثقة المتبادلة
- المصالح الحزبية الضيقة
ولذا تكون أبرز الحلول :
- إعتماد لغة الحوار ونبذ الطائفية وتقبل الاخر
- تفعيل دور البرلمان
- تفعيل عمل مؤسسات العدالة الانتقالية
- تفعيل مجلس الخدمة المدنية (تكافؤ الفرص)
- إنهاء التدخّلات الاقليمية والدولية
- الإهتمام بالأنظمة التربوية
- تفعيل عمل مؤسسات المجتمع المدني
- مواجهة الاعلام المضاد للمصالحة
- الاهتمام بشريحة الشباب
- تقويم عمل هيئة المصالحة وإجراء التغييرات
- إستقلالية القضاء
- إنصاف ضحايا النظام البعثي
- إحترام مبادئ حقوق الانسان
- تطبيق قانون المساءلة والعدالة
- معالجة مشكلة البطالة
- توفير الخدمات (الكهرباء والماء..الخ)
الاستجابة لتوصيات مؤتمرات المصالحة .
وبخصوص مشروع الصحوات :ـ
- ضرورة التفريق بين الصحوات والعصابات المسلحة الارهابية
- ان يكون ولاء الصحوات للعراق والدولة العراقية فقط
- إنعدام الأمن هو المشكلة والاستقرار الأمني هو الحل
- يجب أن لاتكون للصحوات أجندة خاصة .
سادسا ـ بقيت رئاسة الوزراء (صاحبة المبادرة في طرح مشروع المصالحة الوطنية ذو النقاط الأربع والعشرين )، متحسّسة من الدور الخارجي في ملف المصالحة الوطنية ، إضافة لتعدّد الدوائر الرسمية ذات الصلة بهذا الملف ،حيث قامت رئاسة الوزراء بعد أشهر من بدء عمل الحكومة في حزيران 2006 وبدأ وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني والهيئة العليا للمصالحة الوطنية التي يرأسها الوزير أيضا ، بالتحرك ، قامت بإيجاد ( لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية ) التي ترتبط مباشرة برئيس الوزراء .
ذلك التحسّس الرسمي الذي قد تكون بعض أسبابه مفهومة ( من قبيل إنعدام الفاصلة أحيانا بين موضوع إبداء النصح وطرح الخبرات والمقترحات من قبل الخبراء والدوائر الخارجية وبين إرادة التدخّل وتوجيه ضغوط غير مباشرة لفرض رؤى ومواقف لاتتناسب والثوابت الوطنية العراقية أولاتتناسب وسمات النظام الديمقراطي الذي ’يراد بناؤه في العراق), وتعدّد المرجعيات الرسمية للتعامل مع هذا الملف الحساس والخطير , أدّى إلى عدم الإستفادة القصوى من الفرص التي ’تتيحها مؤتمرات الخارج لدعم مشروع المصالحة والحوار الوطني في العراق .
المشكلة الكبرى في الموقف الإمريكي :
المشكلة الكبرى في الموقف الإمريكي تجاه ملف المصالحة الوطنية إن رؤاها التي لخصناها قبل قليل في السطور السابقة والمواقف العملية التي تقترحها لإنجاح المصالحة كما ترى هي ( من قبيل العفو عن الذين قاتلوا النظام السياسي الجديد بالسلاح وإعادة البعثيين ورموز النظام البعثي السابق والكثير من النخب الأمنية والعسكرية لذلك النظام البائد إلى الحياة السياسية وإلى أجهزة الدولة ، وإدخال قوات التمرد( السني) المسلّح إلى بنية الأجهزة الأمنية في النظام السياسي الجديد ودفع دول عربية مثل السعودية وتركيا – حليفة لأمريكا ولكنها معادية للنظام السياسي الجديد في العراق- دفعها للتعامل مع العراق من منظور طائفي , بل وتدعوهم للإنحياز إلى مكوّن طائفي عراقي معين وتقويته بزعم الوقوف أمام التمدّد الإيراني ) , إن تلك الرؤى والمواقف المقترحة تؤدي إلى :
- إنبثاق مخاطر كبرى تهدد الهوية الديمقراطية للنظام السياسي الجديد
- زعزعة الإستقرار في الدولة وتعريض كل المكاسب التي حصل عليها الشعب العراقي نتيجة إسقاط نظام صدام للخطر
- زيادة إحتمال وقوع مغامرات وإنقلابات عسكرية في المدى القريب
- فضلا عن تحويل العراق إلى ساحة صراعات إقليمية وربما دولية مدمّرة كما هي الحالة في سوريا في هذه الأيام .
إن تلك الرؤى والمواقف الإمريكية في ملف المصالحة الوطنية في العراق ، تعطي أدلّة كافية و مؤيدة لمن يزعم بأن الولايات المتحدة الإمريكية لم تكن تخطط وتسعى من خلال غزوها للعراق في 2003 إلى إقامة نظام سياسي ديمقراطي دستوري ذو سيادة في العراق , كما زعمت .
أهم أخطاء الموقف الإمريكي في ملف المصالحة الوطنية :
- ترويجها للمعيار الطائفي في تفسير الأزمة العراقية وفي وضع الحلول لها.
- إعتمادها سياسة إيجاد توازن هـش بين المكوّنات الرئيسية للمجتمع العراقي بدلا من المساعدة في بناء القاعدة السياسية الإجتماعية الحقيقية للنظام الجديد .
- محاولة الإستعانة بأنظمة إقليمية موالية للولايات المتحدة ولكنها معادية للنظام السياسي الجديد في العراق وتعيش أحقاد طائفية معادية لمكوّن رئيسي فيه .
- فضلا عن محاولتها فرض أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الإمريكية وأولويات الدفاع عن مصالحها الإستراتيجية في المنطقة ، فرضها على الواقع الداخلي العراقي .
لو أحسنّا الظن بالسياسة الخارجية الإمريكية تجاه العراق بعد سقوط النظام البعثي ،بالرغم من إن تجارب شعوب المنطقة والعالم السابقة لاتدعم ،حسن الظن هذا ،فأن تلك السياسة تجاه ،مفردة ” المصالحة الوطنية ” لاتكشف عن إستراتيجية صحيحة وثابتة لبناء نظام ديمقراطي ’مستقرقادر على البقاء وتحقيق الإزدهار للعراق.
يشير مصطلح المصالحة الوطنية كما بيّنا في المقدّمة: إلى إستراتيجية طويلة الأمد ( وعملية بطيئة و’معقّدة ذات مجالات عمل واسعة ) الغرض منها:
إنهاء العنف والمفاوضات حول التسوية السياسية ، وإعادة بناء العلاقات السياسية والإجتماعية من خلال الإصلاح الدستوري والقانوني والسياسي و مداواة الجروح الاجتماعية والعنف الذي حدث في الماضي (تقصي الحقائق، اخذ العدالة لمجراها، المواساة والاصلاح) ، وإنشاء برنامج مشترك للاعمار والتطوير المستقبلي . ومع مرور الزمن فأن العراق سوف يحتاج مثل هذا البرنامج الشامل جاهزا للتطبيق في الوقت المناسب , ولكن الأولوية العاجلة للخطوة الاولى وهي وقف العنف السياسي .
كان ’هناك طرفين ينهضان بالحوار من قبل الحكومة العراقية , مكتب رئيس الوزراء ووزارة الحوار الوطني والمصالحة. الحوارالرسمي لتقليل العنف، ويقوم به مكتب رئيس الوزراء, من خلال المفاوضات على سبيل المثال وقف اطلاق النار مع جماعة مسلحة واحدة. يمكن ان يشمل هذا وقتا معينا (وقف اطلاق النار لمدة شهر) او مكان معين (ساري المفعول في منطقة معينة) وفي مجال معين (تتفق عليه مع جماعة واحدة ضمن عدة جماعات) ومع هذا فانه بداية مميزة مع مرور الوقت يمكن ان يطول وقف اطلاق النار (وقف نار لمدة اطول ، تغطية مجالات اوسع، إنضمام جماعات اخرى) وبعد الخطوة الاولية مع جماعة واحدة فان الخطوات التالية سوف تكون واضحة بشكل اكبر.
ويتم إرسال اشارات الى الجماعات المسلحة الاخرى على انها عملية يمكن الوثوق بها وان الحكومة سوف تلتزم بمسؤولياتها وكذلك فإنها توسع الافاق وتنقلها من العنف العسكري الى افاق السياسة. ان عملية الحوار سوف تكون عالية السرية لكن النتيجة وهي زيادة الامن في الشوارع سوف تنتشر على المستوى الشعبي. وهذا بدوره يزيد ثقة الشعب في العملية وفي القادة السياسيين وفي الحكومة.
وبشكل متوازي لعملية الحوار يجب أن يكون هناك تطور في السياسات (الامنية, التطور الاقتصادي, التشريع, الاصلاح الدستوري, الخ.) لكي تتعمق مسألة الحوار فان السياسات جاهزة للاستعمال لتطبيق سياسة العصا والجزرة, دفع الامال والمكافات حين تحقيق تقدم وانزال العقوبات والردع حين التراجع.
الحوار غير الرسمي وهوما سعت إليه وزارة الحوار الوطني :
دأبت الوزارة على عقد المؤتمرات الشعبية والتشاور في القضايا بين الناخبين حول امور المصالحة وجدول اعمالها. يمكن للمؤتمرات ان تناقش قضية العنف والتقليل منه وكيف تنشأ عملية الحوار في الدوائر الانتخابية وهذا يتيح المجال للتحدث بحرية في حوار مباشر وليس على غرار ما يقوم به مكتب رئيس الوزراء. ولا تتم هنا عملية التفاوض او المساومة لكن هناك نوع من القوى في المؤتمر في اتاحة المزيد من النقاش في جدول الاعمال وليس كما هو الحال في المفاوضات وفي تسمية ممثلين (رسميين وغير رسميين) لأولئك الذين هم خارج العملية حاليا في حين يركز الحوار الذي يقوم به مكتب رئيس الوزراء على الممثلين المباشرين للقيادات المتنوعة في حين ان حوار الوزارة يشمل مناطق انتخابية اوسع في مناطق هذه القيادات وهذا شيء مهم.
ان المناقشات الأوسع من خلال سير المؤتمر يمكن أن تتيح مجالا للاجابة على التساؤلات الحساسة بطريقة آمنة وعامة ولبيان الإحتمالات التي لا يمكن التصريح بها رسميا ولحصول التحاور غير الرسمي بين المشاركين الذين لا يمكنهم الدخول في حوار مباشر وعادة ما تنبثق لجان عن هذه المؤتمرات بعد المناقشات المفتوحة في المؤتمر يقوم من خلالها المشاركين بمناقشة مواضيع فرعية والموافقة على التوصيات ان مثل هذا النوع من الاجتماعات له امكانية نجاح كبيرة خصوصا اذا طال عمر هذه اللجان لأكثر من اجتماع واحد وفي الحقيقة فان واحدا من جملة الأمور التي عوقت عمل المؤتمر انه كا غير معلنا و غير مرتبطا بحدث والذي يمكن أن يحصل هو عمل سلسلة من المؤتمرات المخطط لها إستراتيجيا وبالتشاور والذي يكون محضر ختام لأحدها هو بداية جدول اعمال المؤتمر الذي يليه وبذلك تكون احدى قنوات الاتصال هي تشكيل مؤتمر و لجنة دائمة في موضوع معين وبذلك يستمر عمل اللجنة أو المؤتمر (كل شهرين او ثلاثة) وهذا يعزز التعاون والتركيز في القضايا الأهم و يضيف المزيد من الحاضرين ويوحد العمل ويدفع به الى الأمام وتصبح العملية عندها متزامنة وتتبع نمطا معينا ومباشرا وتعزز الانجازات في كل خطوة . وتضع جدول أعمال يوضح الأدوار ، المناصب وإستراتيجيات التطبيق.
المؤتمر يوفر مناخا غير رسمي للتشاور وانشاء اللجان ويمكن مناقشة المواضيع الحساسة بحرية اكبر ويمكن أن يشترك فيها عناصر تؤمن بنكران الذات وأهمية المصالحة بشكل غير رسمي . ويمكن استثمار هذا الجو غير الرسمي في مناقشة مضمون الصراع ومن خلال هذه القنوات غير الرسمية يمكن تبادل الرسائل ووجهات النظر والمناقشات وهي قناة تغني العملية الرسمية غير المعلنة. بالاضافة الى ذلك يمكن اشتراك أولئك الذين تم استبعادهم من العملية الرسمية بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال ممثلين أو وسطاء لذا فان المؤتمر يمكن أن يغني عمل مكتب رئيس الوزراء الرسمي , وفي حين يجب أن تكون المؤتمرات فعاليات شعبية يمكن للجان أن تعمل بعيدا عن الأضواء لاتاحة المجال للنقاشات الجدية وبحث الأمور بصورة مباشرة.
إن انعقاد المؤتمرات بشكل متواصل والذي تكون نتائج المؤتمر الاخير بداية لجدول اعمال المؤتمر الذي يليه يدل على ان عملية المصالحة تمضي على قدم وساق ويرسل اشارة قوية الى المجتمع المدني والشعب. وبمرور الوقت فانه تتولد قناعة ليس فقط بان عملية المصالحة مفيدة ولكن تزيد من ثقة الجماهير في هذه العملية وفي رغبة الحكومة وقدرتها في تحقيق عملية المصالحة.
بحسب رأي أحد الخبراء الدوليين في ملف المصالحة ,الذي قضى أكثرمن أسبوعين مع كادر وزارة الحوار الوطني في مكتب الوزارة في بغداد :
كانت للوزارة القابلية على
1 ـ تقوية عملية المؤتمر بجعله مترابط واطالة جدول اعماله على المدى الطويل
2 ـ والاستفادة من المؤتمر بإشراك ممثلين غير رسميين للدوائر الانتخابية (من ضمنها المستبعد من عملية المصالحة .
3 ـ تطوير هيكلية اللجان وخصوصا مبدأ اللجان الدائمة لاشراك على المدى الطويل ممثلين من الدوائر الانتخابية المهمة في قضايا مهمة.
4 ـ رفد الأفكار والاختيارات والمواقف والمعلومات الجديدة للعملية الجارية بشكل رسمي ومشاركة الافكار والمقترحات والمشاكل التي ظهرت من خلال العملية الرسمية . (تم إلغاء وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني لصالح بقاء مستشارية المصالحة الوطنية المرتبطة برئاسة الوزراء )
وبالنسبة لمكتب رئيس الوزراء فان العملية نفسها يمكن ان تبدأ بالرغبة والهدف لجذب المزيد للعملية حين تصبح موثوقة ومعروفة. وهي توفر فرصا لتنمية التواصل والتعاون طالما ان عملية الحوار نفسها هي عملية بناء الثقة. ويمكن ان نتوسع في المضمون ايضا وبالتدريج نتعمق في مسألة جدول الاعمال مع تنامي الثقة وفي الحقيقة فان المؤتمرات حين تتوسع لتشمل المزيد من ممثلي الدوائر الانتخابية والخبرات من المجتمع المدني يمكن ان تساهم في تطوير السياسات التي تصاحب الحوار الذي يجريه مكتب رئيس الوزراء بالاضافة الى دراسة جدول الاعمال المستقبلي بعد انتهاء الصراع.
كان المسارين (مسار وزارة الحوار الوطني ومسار لجنة تنفيذ ومتابعة المصالحة الوطنية ) يسيران بشكل منفرد لكن عند جمعهما يمكن ان يكون الناتج مختلفا عن الاجزاء وعلى وجه الخصوص فان عمل الوزارة في دعم وتكميل عمل مكتب رئيس الوزراء لا يمكن الجدل فيه ويسير ذلك على النحو التالي:
يسير الحوار في مسارات متعددة. إن عمل مكتب رئيس الوزراء هو المسار الاول للحوار. المشاركون في المسار الاول هم الممثلين الرسميين للحكومة والجماعات المسلحة. ويشتركون في الحوار مع كامل الصلاحيات ويمكنهم التفاوض على الاتفاقات.
يمثل عمل الوزارة المسار الثاني يشترك المشاركون في المسار الثاني بشكل جاد ولكن غير رسمي. فهم ليسوا قادة وليس من الضروري ان يحضروا كممثلين رسميين ولا يشتركون في مفاوضات الاتفاقات لكنهم مرتبطين بقادتهم الرسميين: يمكن ان يكونوا اعضاء أحزاب, في المجال الاعلامي، قادة محليين،أصحاب رأي ،رجال دين، قادة النقابات المهنية، أساتذة جامعات،الخ. وهم أحرار في الدخول في مناقشة بدون التزامات رسمية، لكن خارج قاعة المؤتمر لهم القابلية على الاتصال بالقادة والقدرة على التأثير في رأي الحزب او الجماعة او الدائرة الانتخابية.
وفي الحقيقة فأن الفصل بين هذين المسارين مصطنع بعض الشيء:هناك العديد من الروابط القريبة وفي بعض الاحيان العوارض بين المشاركين في هذين المسارين. لان العلاقة بين المسارين في الواقع يمكن تشبيهها بالعلاقة بين القادة والمؤيدين بين أصحاب الرأي والناس الذين شكلوا هذا الرأي ,ان تفاعل المسارات ’يتيح للمسار (الرسمي ولنعتبره المسار الأول ) قنوات المسار( غير الرسمي ونعتبره المسار الثاني ) غير الرسمية لتبادل الرسائل والمشاورات وتبادل الأفكار والاختبار والتكهنات والطرق المرفوضة الخ. وبهذه الطريقة فان تفعيل المسار( الثاني ) وهو عمل الوزارة يصبح مسألة في غاية الاهمية لمساعدة المسار(الأول ) لمكتب رئيس الوزراء خصوصا في مواضع إنهيار المحادثات.