الاستاذ صفاء صبحي
ضيفت مؤسسة الحوار الانساني يوم الاربعاء 22 تشرين ثاني / نوفمبر 2017 الاستاذ صفاء صبحي في أمسية ثقافية تحدث فيها عن صورة الارهابي في عصر التدفق الهائل للمعلومات وسلط الضوء على اساليب معرفة الدوافع والحوافز التي تقف وراء تشكيل عقلية الارهابي.
صفاء صبحي صحفي عراقي ولد 1971، انهى دراسته الجامعية في بغداد حيث حصل على البكالوريوس في الاعلام – جامعة بغداد 1993 والماجستير في الاعلام عام 2001 . عمل محررا في تلفزيون الشباب 1996- 2001.غادر العراق بعدها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عمل في العديد من المؤسسات الصحفية والاعلامية منها:مدير اعلامي في مؤسسة سافانا للدعاية والنشر والاعلام. وصحفي في صحيفة أخبار العرب التي تصدر في العاصمة أبوظبي.مراسل ومعد تقارير ومنتج برامج في قناة سي ان بي سي عربية –CNBC عربية في مدينة دبي للإعلام وفي مكاتب القناة في لندن.كما عمل في صحيفة الإمارات اليوم في امارة دبي، كسكرتير تحرير، قبل أن ينتقل إلى صحيفة (الرؤية الاقتصادية) الصادرة في العاصمة أبوظبي، للعمل كرئيس قسم اسواق المال.في نوفمبر من العام 2010 هاجر إلى المملكة المتحدة حيث يعمل حاليا صحفيا ومراسلا مستقلا.له العديد من المقالات المنشورة في السياسة والاقتصاد وحقوق الإنسان. كما ان له العديد من المشاركات في البرامج الحوارية التلفزيونية.
المقدمة
لا توجد صورة مثالية للإرهابي. هذه هي النتيجة الرئيسية من مجموعة كبيرة من النتائج افرزتها أدبيات البحث في الإرهاب ،الإرهابيون وأولئك الذين يذهبون نحو الأيديولوجيات المتطرفة يأتون في جميع الأشكال والاجناس والانواع والخلفيات، ومع ذلك، فإن إحدى السمات الرئيسية التي يبدو أنها تميز الإرهابيين عن الذين يمارسون القتل الجماعي هي حقيقة أن دوافعهم كانت أكثر من كونها مجرد دوافع شخصية.
وعلى نحو متزايد، أصبح من الصعب رسم خط ثابت يمكن الاستدلال به على الميول الإرهابية، الاعمال الإرهابية التي حدثت حول العالم في العقدين الماضيين تسلط الضوء على هذه الصعوبة.
مع ذلك يمكن تلمس العديد من المؤشرات التي لم ترقَ بعد لان تكون معيارية منها على سبيل:
- شحنات الغضب من النزاعات العائلية والاجتماعية والمهنية والصعوبات المعيشية.
- ضياع وتشظي الهويات العرقية والدينية وحتى الجنسية.
- الأيديولوجيا والعقائد المناسبة التي تدفع للالتزام أولا ولاحقا تتحول الى أداة للتنفيس عن كل هذا الغضب والتيه.
خلال عقدي الثمانينات والتسعينيات من القرن المنصرم، نمت ظاهرة الجماعات الإرهابية التي تعمل وفق نظام قطيع الذئاب، لكن مع مطلع الالفية الجديد أي منذ نحو عقدين من الان نمت وبشكل متزايد ظاهرة “الذئب المنفرد”، في هذه الورقة عندما نتحدث عن الإرهابي الحديث فنحن نقصد “الذئب المنفرد”.
من الصعب أن نعرف بالضبط ما الذي يحدث هنا، لكن من المؤكد أن أسلوب الإرهابيين في “الذئب المنفرد” آخذ في الازدياد، وقد دعت جماعات مثل “داعش” و “القاعدة” إلى أن يلتزم أتباعها بهذا الأسلوب لبعض الوقت. ولكن في كثير من هذه الحالات ليس من الواضح أن “الذئاب المنفردة” المعنية بهذه الدعوة قد آمنت بالعقيدة تماما واشترت الأيديولوجية العنيفة.
على سبيل المثال: هارون مؤنس، الاسترالي الإيراني الذي احتجز الرهائن في مقهى وسط مدينة سيدني في عام 2014، كان شيعي النشأة وتحول مؤخرا فقط إلى الإسلام السني لينفذ هجوما كلاسيكيا مستوحى من هجمات “داعش”.
عمر متين، مطلق النار الذي قتل 50 شخصا في ولاية أورلاندو الامريكية، كان على ما يبدو قد تنقل في الولاء بين القاعدة وحزب الله وداعش وكلها منظمات إسلامية متنافسة.
حاليا يصنف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي هذا النوع من العنف الملهم المسمى بالذئب المنفرد بأنه “أكبر تهديد للسلامة الجسدية للأميركيين”.
ولكن من الممكن أن كمية الضجيج المحيطة بمجموعات مثل داعش قد أذكت النزعات العنفية لدى بعض النفوس، الان يكاد يكون من المستحيل تشغيل التليفزيون أو فتح صحيفة او موقع تواصل اجتماعي من دون سماع شيء عن داعش أو القاعدة او الإرهاب أو الصراع الطائفي الدائر في الشرق الأوسط او مجمل العنف السياسي حول العالم.
فإذا كان هناك فرد محرج اجتماعيا مع ميول عنيفة ويسعى لاكتساب نوع من المعنى في الحياة، ثم تتوفر له منهجية الـ “الذئب المنفرد” التي تتيح له العمل في الخفاء تحت راية مجموعة عقائدية فان الامر قد يكون جذابا الى حد بعيد، انها وصفة جيدة للعنف والإرهاب، وطريقة مثالية لمعاقبة العالم المحبط له.
وعلى الرغم من الطريقة التي تقوم بها “داعش” وجماعات أخرى بإخراج رسائل العنف شاملة الاتجاهات الا انها تقدم حيزا ضيقا للانخراط في صفوفها، بسبب الهاجس الأمني المتمثل في تقليل مستويات الاختراق الى حدودها الدنيا، مع ذلك فمن السهل جدا استخدام الأيديولوجية كما قد يتم فهمها على نحو فضفاض للتعبير عن الغضب.
وهناك أيضا ظاهرة “النسخ واللصق”، لقد أصبحت الهجمات تبدو متشابهة على نحو متزايد، كان لدينا أولا مسلسل الطائرات المختطفة ثم مسلسل إطلاق النار العشوائي فمسلسل الاحزمة الناسفة والان لدينا مسلسل السيارات، نجاح هذه الأساليب يولد حافزا للتكرار.
إن تعريف ما نعتبره هجوما إرهابيا أصبح من الصعب تحديده، تماما مثلما من الصعب تحديد كيف يبدو الإرهابي الذي يعيش بيننا الان، في الأساس، الإرهابي الحديث هو شخص تحفزه الدوافع السياسية والدينية بدلا من النوازع الشخصية، ولكن هذا الخط اخذ في التلاشي، حيث تتماهى العقائد الدينية مع النوازع الشخصية بشكل مروع لتزداد باطراد صورة القاتل الجماعي المؤمن الذي يريد ان يعاقب العالم على الاختلاف والتنوع الذي فيه.
صورة وشكل الارهابي
ونحن نتحدث عن صورة وشكل الارهابي فلا بد ان نتطرق الى التنميط الذي تمارسه بعض المؤسسات الكبيرة وحتى الاكاديمية منها، في محاولاتها لوصف ادوات ظاهرة الارهاب، حيث يتم وسم مجموعة عرقية او أثنية او عقائدية بوسم الارهاب، ونحن نتحدث بالطبع عن الاسلام والمسلمين بالمعنى الاشمل. وعلى صعيد البنى الاجتماعية خاصة وسائل الاعلام، يعد التنميط أحد أبرز ادوات الخطاب الاعلامي الذي يحاول التصدي لظاهرة الارهاب. لكن هل لهذا التنميط العنصري والإثني ما يبرره؟
ووفقا لاستطلاع أجرته شبكة سي بي اس نيوز، فإن 51٪ من الأمريكيين يقولون نعم، مقابل 38٪ يقولون لا و 11% قالوا لا نعلم.هذا الامر يقودنا الى امر بالغ الاهمية:
في عام 2005 كتب جيريمي جينغس هو استاذ علم النفس الاجتماعي في مبادرة جذور الارهاب في جامعة ميتشيغان الامريكية تعليقا يرفض بموجبه التنميط ويرفض استخدام بعض وسائل الاعلام عبارة الرجال المسلمين الشباب ككناية عن الارهابيين، وقال ان هذا الامر لن يحمي الولايات المتحدة من الهجمات الانتحارية ويعرض الأميركيين للخطر، ويجعل عمليات البحث العشوائي عديمة الجدوى.
وسجل جينغس، أعتراضه في كل مكان سنحت له الفرصة للتعبير، وقال: في حين أن معظم المهاجمين الانتحاريين كانوا من الشباب العرب أو من جنوب آسيا، الا إن صورة المهاجمين الانتحاريين ليست ساكنة، وربما تكون نتيجة لعملية اختيار منظمات التجنيد أكثر من صورة المجندين المحتملين، وإن استخدام ملفات تعريفية صارمة على أساس العرق والجنس والعمر قد يعطي الجماعات الإرهابية فرصة لتجاوز الأمن عن طريق اختيار المهاجمين، (على سبيل المثال، باستخدام المسلمين ذوو الشعر الأشقر والعيون الزرقاء) الذين لا يتناسبون مع الشخصية النمطية للإرهابي وبالتالي يتم تجاهلهم من قبل قوات الأمن.
إن التنميط، إلى جانب انه يظهر أحد اسوأ نوازعنا الا وهو التعصب، فأنه يجعلنا أقل أمانا.
مع ذلك
لا يمكن اغفال ان الهجمات الارهابية تصنف على انها سلاح من أسلحة الحرب النفسية
تهدف الى غرس الخوف لدى السكان المستهدفين
وتستخدم كاستراتيجية للقضاء على المناطق التي يشعر فيها الجمهور بالأمان أو على الأقل تقليصها
واخيرا تحطيم نسيج الثقة في المجتمعات
ويختلف دوافع المهاجمين الانتحاريين.
كاميكاز تصرفت بموجب أوامر عسكرية ودافعها الطاعة والقومية.
قبل عام 2003، استهدفت معظم الهجمات القوات التي تحتل وطن المهاجمين، وفقا للمحلل روبرت بيب.
يقول الأنثروبولوجي سكوت أتران أنه منذ عام 2004 كانت الغالبية الساحقة من المفجرين مدفوعة بأيديولوجية الاستشهاد الإسلامي.
ما هو الإرهاب وما تعريفه؟
وفقا لقانون ولاية نيفادا الأمريكية، يرد وصف “العمل الإرهابي” على النحو التالي: “أي فعل ينطوي على استخدام العنف بهدف إلحاق أضرار جسدية جسيمة أو وفاة بعموم السكان“.
وعلى المستوى الفيدرالي، تُعرف الولايات المتحدة “الإرهاب المحلي” بأنه أنشطة تفي بثلاثة معايير – “تشكيل خطر على حياة الإنسان ينتهك القانون الفيدرالي أو قانون الولاية”، و”تلك التي تهدف إلى ترويع أو إرغام المدنيين أو الحكومات”، و”التي تحدث في المقام الأول داخل الولايات المتحدة“.
ويشير مكتب التحقيقات الفيدرالي أيضا إلى أنه يجب أن تكون هناك نية “لتخويف أو إرغام حكومة أو سكان مدنيين أو أي جزء منهم، بهدف تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية او أقتصادية“.
ويبدو أن هذا الجزء أساسيا في هذا الصدد – فمرتكب العنف لا يحاول فقط التسبب في ضرر جماعي ولكن يحاول التأثير على الحكومة أو تعزيز أيديولوجية معينة.
وما زالت وزارة الدفاع مختلفة: “الاستخدام غير القانوني للعنف أو التهديد بالعنف لغرس الخوف والإكراه على الحكومات أو المجتمعات. وكثيرا ما يكون الإرهاب مدفوعا بمعتقدات دينية أو سياسية أو غيرها من المعتقدات الإيديولوجية ويرتكب في السعي إلى تحقيق أهداف سياسية في العادة “.
والنقطة هنا هي أنه لا يوجد تعريف مقبول عالميا لأعمال الإرهاب.
وإذا كانت هناك تعاريف قانونية مقبولة للإرهاب ودرجة تفاهم نسبية بين المهنيين المكلفين بإنفاذ القوانين فيما يتعلق بما يشكل عملا إرهابيا، الا ان التفسيرات الرسمية والتغطية الإعلامية بسبب حادثة عنف ما ذو صلة بالارهاب تبقى مشوشة، وأحد الأسباب هو أن تكتيكات مرتكبي العمليات الارهابية ومحرضيهم لا تزال تتغير وتتطور.
وعموما، فإن مؤسسات الكليات والجامعات ليس لديها تعريفها الخاص للإرهاب، وهي تعتمد على المبادئ التوجيهية للدول عند تحديد متى تكون أعمال العنف أعمالا إرهابية ومتى يصبح مرتبكوها ارهابيين.
فعلى سبيل المثال، نظم الإرهابيون في 11 أيلول / سبتمبر 2001، خلية أو جماعة، للتخطيط والتنفيذ وعملوا تحت إشراف منظمة وقيادة يمكن تحديدهما.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الحوادث التي وقعت مؤخرا في الولايات المتحدة واوروبا، مثل تفجير ماراثون بوسطن، وأورلاندو، ولندن وبرلين ونيس وباريس ومدريد وبرشلونة جاءت من مهاجمين يتصرفون بمفردهم أو مع شخص آخر وبجميع الحالات كانوا يعملون بمحض إرادتهم.
النموذج الأول
عبد الوهاب تيمور العمر 29 عاما/ متزوج وله ثلاثة بنات
ربما كان من أوائل حالات الذئب المنفرد. نفذ ليلة 11 سبتمبر 2011، حادث تفجير سيارة كلاسيكي في أحد شوارع ستوكهولم، لكن التفجير كان جزئيا وليس كاملا، وجرح اثنين فقط بينما قضى هو في التفجير.
وصل الى السويد عام 1991 طفلا مهاجرا مع اهله بعمر 10 أعوام، نشا وترعرع في السويد/ كان شابا لطيف المعشر يصفه اصدقاءه ومعارفه بانه محب للحياة مندمج تماما في مجتمعه الجديد، كان بأختصار يشبه جميع من حوله، الا ان انتقاله الى بريطانيا لمواصلة تعليمه قلب تصرفاته رأسا على عقب وحوله الى اسلامي متشدد. يقول زميل له في الدراسة عرفه من أيام المراهقة: “كان مثله مثل اي مراهق آخر، يحب الحياة، له كثير من الاصدقاء، يخرج ويحتفل مثل الجميع، يشرب الكحول وله صديقات“. وقالت احدى مدرساته انه كان يتكلم السويدية بطلاقة “وكان خلوقا ووديا“.
في العام 2001 غادر تيمور السويد لمتابعة تعليمه كمعالج فيزيائي رياضي في جامعة بدفوردشاير في لوتن في بريطانيا. انهى دروسه العام 2004 ولدى عودته الى السويد العام 2005 كان شخصا مختلفا بحسب ما يكشف المقربون منه. واضافة الى اللحية التي عاد بها الى السويد من بريطانيا “كان شخصا آخر منغلقا”، حيث تحول تيمور الى مسلم متشدد اثر اتصاله بامام مصري في مسجد لوتن. والمعروف عن هذه المدينة البريطانية الواقعة على بعد 50 كلم شمال لندن انها شهدت كثيرا من المواجهات بين متطرفين اسلاميين وناشطين من اليمين المتطرف خلال السنوات القليلة الماضية. لم يستقر في السويد سوى بضعة اشهر قبل ان يعود الى بريطانيا.
وعمل تيمور عبد الوهاب على اخفاء شخصيته الجديدة على اهله واقاربه حتى اللحظة الاخيرة ما دفعه الى طلب المغفرة منهم. وكتب تيمور في رسالة الكترونية قبل دقائق معدودة من الانفجارين في ستوكهولم، وهي موجهة الى اهله “كان من المستحيل ان اقول لكم من انا فعليا. لم يكن من السهل علي ان اعيش خلال السنوات الاربع الاخيرة وانا احمل هذا السر اي ان اكون كما تقولون ارهابيا“. الطريف انه كان يبحث عن زوجة على موقع اسلامي رغم انه متزوج.
لم يكن يجيد العربية لا نطقا ولا كتابة ولا قراءة.. !
سبب العنف: انتقاما لرسوم كاريكاتورية تناولت نبي الإسلام نفذها الفنان السويدي لارس فيكلس.
النموذج الثاني
ريتشارد كولفين ريد (ولد في 12 أغسطس 1973)، على شرفه نحن نخلع احذيتنا الان في المطارات، يعرف بانه Shoe Bomber انتحاري الحذاء.
رجل بريطاني حاول تفجير عبوات ناسفة مخبأة في حذاءه على متن طائرة الخطوط الجوية الأمريكية رقم 63 من باريس إلى ميامي في 22 ديسمبر 2001.
ولد لأب جامايكي كان مجرما وحينما كان شابا ادين بالسجن لثلاث سنوات على جرائم سرقة ةفي السجن اعتنق الاسلام. في وقت لاحق أصبح متطرفا وذهب إلى باكستان وأفغانستان، حيث أصبح عضوا في القاعدة وتلقى تدريبات على صنع العبوات الناسفة محلية الصنع.
بعيد اقلاع الطائرة حاول تفجير العبوة دون جدوى فانتبه عليه الركاب واحبطوا محاولته هبطت الطائرة فورا في مطار لوغان الدولي في بوسطن، وألقي القبض عليه لاحقا وأدين. وفي عام 2002 اعترف ريد بالذنب فى المحكمة الفيدرالية الامريكية لثمانية تهم اجرامية تتعلق بالارهاب استنادا الى محاولته تدمير طائرة تجارية فى حالة طيران. وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بالإضافة إلى 110 سنوات في السجن دون الإفراج المشروط، ويحتجز حاليا في أدكس فلورنسا، وهو سجن أمني عظمى في الولايات المتحدة.
النموذج الثالث
عمر متين / العمر 30 عاما متزوج
أميركي من أصل أفغاني، رجل أمن سابق، منفذ الاعتداء على ملهى ليلي للمثليين في اورلاندو بولاية فلوريدا عام 2016. عدد القتلى 50 شخصا،
ويعكس عمر متين الذي قتل 50 شخصا وأصاب عشرات آخرون وقتلته الشرطة بعدها، خطورة “الذئاب المنفردة” المتأثرين بالفكر المتشدد للتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها “داعش”، وصعوبة السيطرة عليهم أو التكهن بنواياهم أو مواعيد وطرق تنفيذهم لهجمات.
ولد عام 1986 في نيويورك، لوالدين هاجرا من أفغانستان إلى الولايات المتحدة، ثم انتقل للعيش في فلوريدا، ومن غير الواضح متى تأثر بالجماعات المتشددة، وإن كان هذا التأثر مؤكدا.
ادلى عمر في مناسبات متعددة بآراء مؤيدة للمتشددين تسببت في خضوعه للاستجواب مرتين من قبل “إف بي آي” منذ عام 2013، لكن المحققين لم يجدوا أي دليل على ارتباطه بجماعات إرهابية، وكان اعتقاله وقتها أمرا غير مبرر.
قبيل الحادث اتصل برقم الطوارئ 911 قائلا إنه “يبايع تنظيم داعش”.
ومن خلال عمله كرجل أمن في شركة “جي 4 إس”، أكبر شركة أمن في العالم، منذ عام 2007، تسنى لعمر الحصول على الأسلحة التي يحتاجها لتنفيذ هجمات.
هكذا توفرت الظروف المواتية لنشأة “إرهابي مفترض”.. فكر متشدد وسلاح متوفر، وسط أكثر المجتمعات الغربية تحررا.. الولايات المتحدة.
على الصعيد الشخصي، مر متين بتجربة عاطفية نجحت في الاكتمال إلى زواج، لكنه لم يستمر سوى لأربعة أشهر فقط، إذ قالت زوجته السابقة إن عمر “كان يعاني اضطرابا عاطفيا وعقليا وطباعا حادة”. هناك شكوك انه كان مثليا، وهي الممارسة التي يحرمها الإسلام، فمسالة التكفير من خلال قتل المثليين تبقى امرا واردا.
النموذج الرابع
الزوجان سيد رضوان وتاشفين مالك
إقدام سيد رضوان فاروق وزوجته تاشفين مالك في ديسمبر 2015، على ارتكاب حادث إطلاق نار جماعي في حفل لصالح مركز معاقين في سان برناردينو الأمريكية بولاية كاليفورنيا، والذي أدى إلى مصرع 14 شخصا وإصابة 17.
صباح يوم الحادث ترك الزوجان ابنتهما الصغيرة ذات الستة شهور مع والدة فاروق واخبراها ان لديهم موعد مع طبيب الاسنان. ذهبا الى المركز وبحوزتهما حقائب تحتوي على رشاشات ومخازن رصاص كثيرة. جلسا في الاحتفالية وامضيا ساعة وربع فيها يبتسمون الى الحضور ويتناولون الطعام، فجأة نزعا ملابسهم لتكشف عن ملابس عسكرية أخرى ووضعا الحقائب على الطاولة واخرجا الرشاشات وبدأوا حفلة أخرى مختلفة، انهوا المهمة ووضعوا قنابل موقوتة في المركز وغادروا لتواجههم الشرطة في الخارج وتقتلهم.
فاروق مواليد 1987 في ميتشيغان لاسرة باكستانية ويعمل مفتش الصحة البيئية. ويجني 70 الف دولار في العام.
ما زال هناك تناقض بشأن الزوجين اللذين لقيا مصرعهما في إطلاق النار مع الشرطة بعد أن لاذا بالفراق من مسرح الحادث.التناقض يتمثل في أن الزوجين بدءا يومهما بترك رضيعتهما التي لا تتجاوز الشهور الستة عند والدة فاروق.
عائلتا فاروق وتاشفين أصيبتا بالذهول التام والصدمة، لم تكن هناك أي إشارات على سلوكهما العنيف.
الزوجان لم يكونا معروفين للشرطة، ولا يوجد سبب لما قاموا به،لا توجد مشكلة في العمل ولا يوجد مرض عقلي ، ولا يوجد أي تفسير لمثل هذا السلوك المروع.
كل أصدقاء فاروق نعتوه بـالهادئ والمؤدب الذي لم يكن لديه ضغائن واضحة. تقول زميلته في العمل: لم يظهر لي أبدا أنه متعصب، أو شخص يبعث على الارتياب.
النموذج الخامس
مطلع هذا الشهر أكتوبر 2017
قام ستيفن بادوك الزبون الدائم لمقهى ستاربكس الذي اعتاد على شرب قهوة فينتو موكا– بقتل 58 شخصا كانوا يحضرون حفلا موسيقا في مدينة لاس فيغاس
تنطبق على بادوك البالغ من العمر 64 عاما صفة واحدة فقط انه “القاتل الجماعي”
لم يكن بادوك موظفاً ساخطاً ولم يتعرض لمضايقات خلال فتره مراهقته، كما لم يتم تجنيده من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، ولم تكن له سوابق إجرامية كما أنه لم يعان من اكتئاب جراء خسارته الأموال في لعبة البوكر التي كان يحبها والذي تشتهر به المدينة الأمريكية الصاخبة، لقد كان مقامرا جيدا علي أي حال، كما أنه لم يكن مصاباً بمرض خطير أو قاتل“.
لقد كان لبادوك الوعي التام والرغبة والتصميم للقيام بهذا الهجوم، حيث اشترى كافة الأسلحة وخزنها في غرفته وركب كاميرات مراقبة خارج غرفته ليكون مطلع على أي محاولة لاقتحام أو للاقتراب من غرفته“.
“بادوك هو ليس بن لادن أو البغدادي، بل هو أسوأ كابوس نستيقظ منه“.