ترجمة: ذاكر آل حبيل
أمريكا هي بوتقة كبيرة، ومزيجاً غنياً من التقاليد الثقافية من جميع أنحاء العالم. ويمكن للكثير من العائلات الأميركية تتبع تاريخها إلى أسلافها المهاجرين الذين قطعوا مسافات كبيرة، وبخطر دائم ومشقة، لصنع وطن تكون فيه حرياتهم الأساسية مضمونة، فبالنسبة للعديد من العائلات الأميركية جاءت هذه الحريات بالنضال، ونحن يجب أن نقدر بأن آبائهم وأجدادهم حرموا من حقوقهم الأساسية. تأسس المجتمع الأميركي على التحرر من الاضطهاد الديني وعلى التسامح في الاختلاف الاعتقادي والتراث الثقافي. الاختلافات (أو التنوع) التي يأتي بها الناس من جميع أنحاء العالم إثراءُ لثقافتنا، ويجلب لنا الكثير من الطاقات والأفكار الجديدة.
واليوم، أكثر من أي وقت مضى، فأن الأطفال يتفاعلون مع أناس من مختلف الأعراق والأديان والثقافات، فهناك فصول متنوعة على نحو متزايد، تنعكس من خلالها حقيقة تلك المجتمعات التي تعيش وتعمل فيها العائلات.
عالم من الاختلاف:
بعض الآباء يرحبون بحقيقة أننا نعيش في مجتمع متنوع على نحو متزايد، والبعض الآخر قد يشعر بمزيد من التردد، لا سيما إذا لم يكن لديهم الكثير من التداخل وعرض لأنفسهم على مختلف الناس، والعديد من الأطفال هم وسيلة من قبل والديهم بشأن التعرض للاختلافات الثقافية، مجموعتهم من الأصدقاء، وزملائهم في الدراسة، وفرقهم الرياضية هي أكثر تنوعاً من تلك التي كانت عليه حياة الأجيال السابقة.
ومع ذلك، يجب على الآباء مساعدة أطفالهم للاستعداد للعيش والتعلم والعمل في المجتمعات التي ستصبح أكثر تنوعاً، وتعليم التسامح مهم ليس فقط لأنه جزء من تراثنا الأميركي، ولكن لأن الشخص الذي يتعلم أن يكون منفتحاً على الاختلاف سيكون لديه المزيد من الفرص في التعليم ، والأعمال التجارية ، وجوانب أخرى كثيرة من الحياة.
وباختصار، فإن نجاح الأطفال يعتمد في عالم اليوم — وغدا — على مدى قدرتهم على فهم وتقدير الآخرين ، والعمل معهم.
عن التسامح:
التسامح يشير إلى موقف الانفتاح واحترام الاختلافات القائمة بين الناس، على الرغم من أن الأصل في استخدام مفهوم التسامح يأتي للإشارة إلى الاختلافات العرقية والدينية، ويمكن أيضا لمفاهيم التنوع والتسامح أن يتم تطبيقهما على نوع الجنس، والأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية والفكرية، وغيرها من الاختلافات أيضاً.
التسامح يعني الاحترام والتعلم من الآخرين، وتقدير الاختلاف، ورأب الصدع الثقافي، ورفض القوالب النمطية غير المنصفة، واكتشاف الأرضية المشتركة، وخلق روابط جديدة؛ وأن التسامح في نواح كثيرة ما هو إلا عكس التحامل.
ولكن هل التسامح يعني أن جميع التصرفات يجب أن تكون مقبولة..؟ بالطبع لا، فالسلوكيات التي تؤذي الآخرين أو تزدريهم أو تتسلط عليهم، أو السلوكيات التي تكسر القواعد الاجتماعية، مثل الكذب أو السرقة ، لا ينبغي التغاضي عنها؛ التسامح هو قبول الناس كما هم، وليس قبول السلوك السيئ كما هو، كما أن التسامح يعني أيضا معاملة الآخرين بالطريقة التي نود أن نُعامل بها.
كيف يمكن تدريس التسامح:
مثل جميع المواقف، التسامح يمكن تدريسه في كثير من الأحيان بوسائل بارعة، فالأطفال وحتى قبل أن يتمكنوا من الكلام، يحاكون عن كثب والديهم، وفي جميع الأعمار تتطور قيمهم الخاصة في جانب كبير منها انعكاساً لقيم ومواقف أولئك الذين يهتمون بهم.
أن كثيراً من الآباء يعيشون ويعملون في مجتمعات متنوعة، ولديهم الأصدقاء الذين قد يختلفون عنهم في بعض الأساليب (أو في كثير منها)، فمواقف الآباء في احترامهم للآخرين غالباً ما تكون جزء لا يتجزأ منهم لأنهم نادرًا ما يفكرون في ذلك، لأنهم يقومون بهذه المواقف من تلقاء أنفسهم، ولأنهم يجب أن يعيشون قيمهم، فالآباء والأمهات الذين يثبتون نموذجياً تسامحهم في حياتهم اليومية يرسلون رسالة قوية، نتيجتها بأن أطفالهم يتعلمون كيفية تقدير الاختلافات أيضاً.
كما أن مشاركة الآخرين احتفالاتهم المختلفة لا يعني تخلينا عن تراثنا الخاص، وقد أهلنا لها سياستنا الخاصة بذلك منذ فترة طويلة ضمن التقاليد الثقافية والدينية التي يمكن أن نفخر بها، لذلك يمكننا كعائلات العثور على طرق مختلفة للاحتفال مع الآخرين ضمن الاستمرار في تمرير تكريمهم ضمن أطار ثقافتنا الخاصة .
كيف يمكن للوالدين تعليم التسامح؟
يمكن للوالدين تعليم التسامح على سبيل المثال بطرق أخرى أيضا، فحينما نتحدث مع بعضنا كوالدين حول التسامح والاحترام فأن ذلك يساعد الأطفال على تعلم المزيد من القيم التي نريدها لهم، كما أن منحهم فرص اللعب والعمل مع الآخرين هو مهم أيضاً، وهذا يسمح للأطفال في التعرف مباشرة على أن لكل شخص شيء من المساهمة، ولديه تجربة في الاختلاف والتشابه.
أشياء يمكن للوالدين القيام بها لمساعدة الأطفال تعلم التسامح وتشمل :
ــ لاحظوا مواقفكم الذاتية، فالآباء والأمهات الذين يرغبون في مساعدة أطفالهم على تذوق قيمة التنوع، يجب أن تكون لديهم حساسية ضد قوالب النمطية الثقافية والتي يجب عليهم أن يتعلموا كيف يبذلون جهداً في سبيل تصحيحها، ويشرحون الموقف من احترام الآخرين.
ــ تذكروا أن الأطفال يستمعون دائماً، لذلك يجب أن تكونوا على علم بالطريقة التي تتحدثون فيها عن الناس الذين يختلفون عنكم، فلا تتحدثوا أمام أطفالكم بنكات تديم القوالب النمطية عن الآخرين، فعلى الرغم من أن بعض هذه النكات قد تبدوا على إنها للممتعة وغير ضارة، إلا أنها يمكن أن تحدث تراجعاً عن مواقف التسامح والاحترام.
ــ حددوا بدقة الكتب والألعاب والموسيقى والفن وأشرطة الفيديو، لأنكم يجب أن تضعوا في الاعتبار التأثير القوي لوسائط الإعلام والثقافة الشعبية على تشكيل المواقف.
ــ ويجب الإشارة هنا عن الصور النمطية غير المنصفة التي يمكن أن تصور في وسائل الإعلام.
ــ أجيبوا على أسئلة أطفالكم حول الاختلافات بصراحة واحترام، فهذا يعلمهم ملاحظة أنه من المقبول مناقشة الاختلافات طالما أن ذلك يتم بكل احترام.
ــ اعترفوا واحترموا الاختلافات داخل أسرتكم، وتفهموا قدرات أطفالكم المختلفة، وكذالك مصالحهم وأساليبهم ، وقيمة تفرد كل فرد من أفراد الأسرة.
ــ تذكروا أن التسامح لا يعني التغاضي عن سلوك غير مقبول، أنما هو يعني أن لكل شخص حقٌ في أن يعامل باحترام.
ــ ساعدوا أطفالكم على الشعور بالرضا عن أنفسهم، فالأطفال الذين لديهم شعور سيء عن أنفسهم، في كثير من الأحيان يعاملون الآخرين بشكل سيء أيضا، وعلى العكس من ذلك، فأن الأطفال الذين يحظون بقيمة الاحترام لذاتهم ، فسيكون مبدأ الاحترام قوياً لديهم، وتكون معاملتهم للآخرين باحترام أيضا، لذلك يجب أن تشعروا أطفالكم بالقبول والاحترام والتقدير.
ــ أعطوا أطفالكم فرصاً للعمل واللعب مع الآخرين الذين يختلفون عنهم، اختاروا المدرسة، و المخيم اليومي، ومرفق رعاية أطفالكم، الذي يحتوي على مجموعة متنوعة من السكان.
ــ تعلموا معاَ حول العطلات والاحتفالات الدينية المختلفة عن تقاليدكم.
ــ عندما يشجع الوالدين مواقف التسامح عند أطفالهم، ويتحدثون معهم عن قيمة تلك المواقف، ويجسد الوالدين نموذج السلوك الحسن الذي يؤدي إلى معاملة الآخرين بشكل جيد، فسوف يتبع الأطفال خطى والديهم.
الموضوع الأصلي على الرابط :
http://kidshealth.org/parent/emotions/feelings/tolerance.html