كتب : أحمد فودة –
حالة من الغضب العارم سيطرت على الرأي العام العالمي خلال الأيام القليلة الماضية عقب الحادث الإرهابي الذي استهدف صحفيي ورسامي مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية والذي أسفر عن مقتل 12 شخصا، ما ترتب عليه قيام الرئيس الفرنسي “هولاند”، بدعوة زعماء دول العالم للمشاركة في مسيرة بعنوان “محاربة الإرهاب”، ومن جهة أخرى، يعيش العالم الإسلامي حالة سخط شديدة بسبب استمرار الرسوم المسيئة للرسول في الإعلام الغربي.
صراع شديد
ما بين حرية التعبير وازدراء الأديان تعيش “صاحبة الجلالة” صراع شديد بين الإبداع والإدانة الدينية، ويقول “هشام يونس ” عضو مجلس نقابة الصحفيين “كلنا ضد الإساءة إلى الأنبياء والمرسلين ولكن لا بد من مواجهة الفكر بالفكر والحجة بالحجة الأقوى منها وليس بالعنف أو الإرهاب أو القتل، وما حدث لصحفيي “شارلى إيبدو” جريمة شنعاء ونوع من أنواع التطرف الفكري الذي وصلنا إليه وكنقابة صحفيين نقف كلنا يد واحدة ضد الإرهاب واستهداف الصحفيين في أي مكان في العالم”.
“كارم محمود” سكرتير عام نقابة الصحفيين، قال: “نتكاتف جميعا ضد الإرهاب بكل أشكاله ونشجب الحادث الإرهابي الذي وقع بباريس ضد صحفيي “شارلي إيبدو”، ونرسل تعازينا لأهالي الضحايا والمصابين على هذا الحادث الأليم وأطالب جميع دول العالم بمواجهة الإرهاب والتطرف وفي المقابل لا بد من مواجهة الإساءة للإسلام بالفكر وليس بالرصاص والإسلام بريء من هؤلاء جميعا”.
أما “حنان فكري” عضو مجلس نقابة الصحفيين، فقالت “الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية والقضاء الفرنسي برّأ هذه المجلة منذ عام فيما يخص تهمة ازدراء الأديان وهي صحيفة اعتادت على الإساءة للأديان بشكل عام”، مشددة على رفضها كل صور الإرهاب في الشرق والغرب.
مواجهة بالفكر
أكد جمال فهمي، وكيل أول نقابة الصحفيين، أن “حادث مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية يرسل عددا من الرسائل المهمة، أولها أن هذا الإجرام ليس باسم شعوبنا العربية ولا الإسلام وإنما هؤلاء يرتكبون مثيلاتها في مصر وسوريا وليبيا والعراق واليمن ونحن نذوق من هذه الكأس المرة.
وقال “الإنسانية بأسرها يجب أن تتوحد لمواجهة هذه العصابات ونحن كشعوب عربية في مقدمة من يناضلون ويدفعون الثمن في مواجهة تلك العصابات”.
وشدد على ضرورة وضع خطة دولية واضحة لخوض الحرب على الإرهاب وأن يساند العالم شعوبنا العربية التي تخوض وحدها تلك الحرب.
وطالب “فهمي” الدول التي دعمت تلك الجماعات الاعتراف بالخطأ بحق شعوبنا وجميع شعوب الأرض وأضاف “أميز بين الشعوب والحكومات فشعوب العالم الحرة تظاهرت ودعمت قضايانا في فلسطين والعراق”.
وقالت آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر “ما حدث مع الصحفيين الفرنسيين رد فعل أرعن من بعض المسلمين غير الملمين بصحيح الدين وعلينا أن نتفق جميعا أن الرسوم المسيئة للرسول هي وقاحة إعلامية وكان يجب على مليار ونصف مسلم بجميع دول العالم تكوين جبهة لمنع تكرار هذه الأفعال المسيئة لديننا الحنيف ورسوله الكريم مثلما يفعل اليهود عندما صنعوا شعار معاداة السامية فلا بد من مواجهة هذه الأفعال بالفكر وليس بالرصاص ومع الأسف هناك العديد من المسلمين المهاجريين يعيشون في أحياء فقيرة بأوروبا ويكون لديهم ردود فعل سيئة تجاه أي إساءة لرسولنا الكريم”.
الشيخ سالم عبدالجليل، أحد علماء الأزهر ووكيل وزارة الأوقاف الأسبق، قال ” إن دور كل المؤسسات الدينية بما في ذلك الأزهر والإفتاء ووزارة الأوقاف هو مواجهة العنف والتطرف سواء كان في مصر أو أي دولة أخرى”، وشدد على أن المؤسسات الدينية لا تعرف للعنف بطلًا ولا مكانًا وتحاول الوقوف أمامه بكل ما أوتيت من قوة.
وأضاف ندين أي تطاول من الصحف الغربية على الرسول صلى الله عليه وسلم و أن حرية التعبير عن رأيهم يجب أن تقف عند حد الأشياء المتعلقة بهم ولا تتعدى حدودها لتطال المسلمين ودينهم إلا أنه لا يجوز مواجهة الفكر بالسلاح والقتل وأنه يجب مواجهة الفكر بالفكر والوقوف أمامه بكل الطرق القانونية الممكنة.