عدنان حسين أحمد –
أفردت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن ندوة نقاشية خاصة تحدّث فيها كل من غانم جواد وعدنان حسين أحمد عن الأنشطة الثقافية التي قُدمت في الموسم العاشر من عمر المؤسسة. وبغية إحاطة الحاضرين علماً بطبيعة هذه الأنشطة وطُرق إيصالها إلى المتلقين استهل الأستاذ جواد حديثه بالقول: “لقد قدّمنا “57” نشاطاً ثقافياً خلال هذه السنة، “50” منها قُدمت عبر بيت السلام و “7” أنشطة عن طريق مؤسسات وجمعيات ثقافية ومعارض فنية أخرى”. المَحاوِر المطلوبة
وذكرَ الأستاذ جواد بانه تمّ تغطية معظم المحاور الأساسية التي شملتها الأطر والسياقات المطلوبة التى نعمل على وفقها كمؤسسة ثقافية خيرية غير ربحية. كما توقف عند أبرز المحاور الأساسية التي تحاول المؤسسة تغطيتها وهي “حوار الثقافات والأديان” حيث نظّمت المؤسسة سبعة أنشطة في هذا المجال وتطمح لتقديم المزيد من المحاضرات والندوات والحلقات النقاشية في هذا المضمار. كما قدّمت المؤسسة مُحاضرتين في “الفكر السياسي والديمقراطي”، وثلاث أمسيات في “شؤون المرأة وقضاياها الملِّحة”، وثلاث ندوات في الاقتصاد والإصلاح المالي والإداري، وثلاث محاضرات ثقافية تتعلق بالشعر والقصة والنقد الأدبي، وثلاث أمسيات إعلامية، وست ندوات في قضايا التربية والتعليم في داخل العراق وبعض الدول المتقدمة في محاولة للمقارنة بين الأساليب التربوية والتعليمية في العراق وبعض الدول المتقدمة مثل اليابان والمملكة المتحدة وعديد من الانشطة الاخرى التي تناولت شتّى المواضيع المعرفية.
أشار جواد إلى عدم تمكّن المؤسسة من تنظيم ندوة تتناول المكوّنات العراقية المتنوعة وسبل التعايش فيما بينها ضمن عراق واحد موحّد، ولكنه شدّد على ضرورة تحقيق هذه الندوة في الموسم القادم بمساعدة النُخب العراقية المثقفة التي تقدّم مصلحة الوطن على بقية المصالح القومية والحزبية والطائفية.
نوّه جواد إلى أن بيت السلام ينفرد في إيصال أفكار المحاضرين وفحوى ندواتهم الثقافية والفكرية والاجتماعية والعلمية إلى الجمهور العراقي أولاً وإلى العرب والناطقين باللغة العربية ثانياً عبر ست وسائل مهمة وهي على التوالي “الإعلان” الذي يصدر عن المؤسسة ويوزّع عبر شبكة البريد الإليكتروني التي تضمّ أكثر من ثلاثة آلاف عنوان بريدي يشمل العراقيين في المملكة المتحدة والعراق وبعض الشخصيات العراقية والعربية في مختلف أرجاء العالم. ويتضمّن هذا الإعلان نبذة تعريفية عن المحاضرة المزمع تقديمها، ونبذة مختصرة عن المحاضر نُوضّح فيها أبرز المحطات في حياته الشخصية والإبداعية. أما الوسيلة الثانية فهي “النقل المباشر” عبر شبكة الإنترنيت. وفي كل إعلان إليكتروني هناك رابط مثبّت في الأسفل يمكن أن يصل المتلقي بشبكة النت التي تقوم بعملية النقل المباشر. فيما تقوم المؤسسة بعد أسبوع واحد بوضع نص المحاضرة على اليوتيوب كي تمّكن الناس من مشاهدة المحاضرة كلها على من فاتتهم فرصة الحضور. يقوم الكاتب والإعلامي عدنان حسين أحمد، مدير الندوات، بنشر تغطية مفصّلة تتضمن أبرز المحاور والأفكار التي وردت في متن المحاضرة بغية نشرها في بعض الصحف والمواقع العراقية والعربية كي يوفر إطلالة مُضافة إلى القرّاء والمتابعين لمثل هذه الأنشطة والفعاليات الثقافية. كما ينشر موقع المؤسسة هذه التغطيات، ويتيح أيضاً المجال لمشاهدة المحاضرة من خلال موقعنا الرسمي. أما الوسيلة السادسة والأخيرة فهي محطة السلام التلفازية التي تبث من بغداد حيث تعرض محاضرات بيت السلام عبر أشرطة الفيديو التي تصلهم أسبوعيا.
أما كاتب هذه السطور فقد توقف عند بعض المحاور التي يراها مهمة وتصب في مصلحة مؤسسة الحوار الإنساني. وأولى هذه النقاط التي توقف عندها هي إصدار محاضرات الحوار الإنساني في كتاب يضمّ كل الأنشطة التي عُقدت منذ إنطلاق المؤسسة حتى نهاية موسمها العاشر. وسوف تُصنّف المحاضرات وتندرج تحت أبواب ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية وعلمية وفكرية ودينية وإدارية ومالية وإعلامية وما يتعلق بحقوق المرأة والطفل. وجدير ذكره أن خلاصة المحاضرات هي التي ستجد طريقها إلى هذا الكتاب، وليس المحاضرات كلها. ومن يريد الإطلاع على نصوص المحاضرات فعليه العودة إلى الروابط التي ذكرناها آنفاً وهي متوفرة على اليوتيوب وموقع المؤسسة أيضاً.
الانفتاح على الثقافة البريطانية
ثم توقف كاتب هذه السطور عند طبيعة المحاضرات التي يجب أن تُقدّم إلى رواد المؤسسة وهل يُفترض أن تكون ثقافية دائماً أم أنها يجب تأخذ طريقها إلى التنوّع والشمول لتغطي الجوانب العلمية والثقافية في آنٍ معاً مع الأخذ بنظر الاعتبار العلوم الإنسانية برمتها شرط أن نرجّح كفة النوع على الكم. وفي إطار حاجة المجتمع العراقي في الداخل أكد كاتب هذه السطور على أهمية تقديم الموضوعات الحساسة كالديمقراطية وكيفية التعاطي معها وترويجها في مجتمع لا خبرة له في هذا المضمار. أما المحور الآخر الذي توقف عنده فهو محور الدراسات الممنهجة التي يجب أن تتوفر على منهج علمي رصين يغني المتلقين ويعزز من رصيدهم العلمي والمعرفي آن معا. أما النقطة الأخيرة التي أثارها فتتمثل في ضرورة الانفتاح على الثقافة البريطانية التي نعيش بين ظهرانيها. وما على المثقفين العراقيين، وخصوصاً العاملين في الحقل الإعلامي إلا الانفتاح على هذه الثقافية وفهمها، ثم تقديمها إلى القارئ العراقي والعربي عن طريق الترجمة أو الدراسات النقدية أو مراجعة الكتب الصادرة حديثا.
الرأي الآخر
وعقب الانتهاء من التوطئة التي قدمها الأستاذ غانم جواد وعدنان حسين أحمد تمّ فتح باب الحوار مع الجمهور وكان أول المتحدثين هو الدكتور عبد الرحمن جميل الذي طلب تعزيز فكرة الحوار مع الآخر وتمنى على القائمين على المؤسسة أن يُنظِّموا ندوات ثنائية يتجسّد فيها الرأي الآخر الذي قد يكون معارضاً أو مفنداً أو محتجاً وما إلى ذلك. الأستاذ فلاح شَكَرَ القائمين على المؤسسة لابتعادهم عن الموضوعات السياسية التي تفرّق ولا تجمع. وطالب بمزيد من الندوات العلمية والفلكية والفنية. وتساءل إن كانت المؤسسة تتوفر على إمكانية مادية تتيح لها أن تستقدم بعض الضيوف من بلدان أوروبية أخرى. فكان الرد أن المؤسسة لا تريد الخوض في الموضوعات السياسية التي تفرق، ولا تحبذ الخوض في الموضوعات الدينية التي تسبب بعض الاحتكاكات التي تثير نَفَساً طائفياً مقيتاً.
أما بصدد الموضوعات العلمية والفلكية فقد سبق للمؤسسة أن قدمت العديد من المحاضرات العلمية التي شارك فيها د. سعد الشريفي والبروفيسور عبد العظيم السبتي والبروفيسور عادل شريف وغيرهم من الأساتذة المتخصصين وهي ماضية في هذا الاتجاه. وفيما يتعلق بدعوة بعض الضيوف المُحاضرين من خارج المملكة المتحدة فإن المؤسسة غير قادرة على القيام بهذه الدعوات التي تحتاج إلى تغطيات مادية لا تتوفر عليها في الوقت الحاضر.
اقترح الأستاذ عبد الرزاق الصافي أن يُخصص القائمون على المؤسسة محاضراتٍ تلقي الضوء على الجوانب الصناعية والزراعية والبيئية والصحية والتعليمية وما إلى ذلك وتدْرس أسباب إخفاقها وتدهورها في الوقت الراهن بغية الوصول إلى حلول منطقية معقولة. وكان الرد أن المؤسسة أفردت العديد من المحاضرات في الجوانب المذكورة في متن السؤال وقد استوفت تلك الندوات شروطها وتضمنت العديد من المقترحات لحل المشاكل العويصة التي يعاني منها المواطن العراق.
طرق الحوار وتقنياته
أكدّ الدكتور سعد الشريفي على ضرورة الاهتمام بعلم الاجتماع، والتركيز على طرق الحوار وأساليبه المتعددة، وتكريس المحاضرات العلمية ضمن برنامج المؤسسة. وكان الرد بالأدلة الدامغة، إذ قدّمت المؤسسة العديد من المحاضرات الاجتماعية للدكتور إبراهيم الحيدري وحميد الهاشمي وسعد عبد الرزاق. كما قدمت المؤسسة أكثر من محاضرة في هذا الاتجاه حيث أسهمت السيدة سلامات يوسف بمحاضرة عنوانها “فن الحوار وتقنياته والأساليب الشائعة فيه”. أما بصدد الموضوعات العلمية فقد قدّم السائل نفسه محاضرة علمية عن النشاط الإشعاعي فيما قدم الدكتور عمر صكبان عن “الطاقة في جسم الإنسان”.
طالَبَ الأستاذ قصي الموسوي بإعادة منطقة الأشياء وذلك لوجود خلل منطقي يفضي إلى الوقوع في بعض الأخطاء. وتساءل إن كانت هناك إمكانية لتنظيم بعض الكورسات التي تعالج مثل هذه الإشكالات المنطقية.
ارتأت الاستاذة بدور الدده أن تنفتح المؤسسة على الآخر أناساً وديانات لمعرفة الدين المسيحي وشخصياته الثقافية، وإجراء حوارات معهم. وكان رد الأستاذ غانم بأن المؤسسة قد قامت بمثل هذا النشاط مع شخصيات دينية مسيحية ويهودية.
الخبير الاقتصادي الدكتور عباس الفيّاض طالبنا بالانفتاح على تجارب بعض البلدان النامية التي تخلصت من العديد مشكلاتها العويصة عن طريق التنمية مثل سنغافورة وغيرها وأكد على أهمية هذه المقاربات التي يعقدها مختصون عراقيون للوصول إلى حلول معقولة.
اقترح الأستاذ الباحث نديم العبدالله اعتماد الطرق الحديثة في تقديم المحاضرات مثل البريزنتيشن والبوَر بوينتس والوورك شوبس وغيرها من الوسائل التي تعرض صوراً ومواد فلمية. وكان الرد بالثناء على هذا المقترح وأهميته لأنه يتلاءم مع روح العصر ويفيد من الخبرات الأجنبية في تقديم المحاضرات.