تستضيف مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 30/11/2016 الاستاذ غيث التميمي والاب نضير زكو في أمسية ثقافية يتحدثان فيها عن جدلية المكونات والمواطنة العادلة في الدولة الحديثة ويقدمان رؤيتيهما لماهية التنوع في العراق بعد داعش.
الاستاذ غيث التميمي كاتب وصحفي له عدد من الدراسات والمقالات في صحف ودوريات عراقية وعربية ،اتم دراسته في الحوزة الدينية في النجف الاشرف، ناشط مدني ورئيس المركز العراقي لإدارة التنوع ICDM . قدم عدد من المحاضرات في مراكز أبحاث وأكاديميات عراقية واجنبية، شارك في عدد من المؤتمرات المحلية والدولية.
الاب نضير زكو حاصل على شهادة البكلوريوس في الفلسفة وعلوم اللأهوت.عمل في بغداد منذ عام 1997 وحتى 2013 وخدم في اقدم كنيسة في بغداد كاتدرائية ام الأحزان – عقد النصارى ، شغل منصب الأمين العام المساعد لمجلس رؤساء الطوائف المسيحية في بغداد والعراق 2006 -2012، ارسل الى روما لأكمال دراسته في جامعة القديس توما الأكويني ( الأنجيلكوم) 2013 ، تم تعيينه راعيا للأرسالية الكلدانية في المملكة المتحدة 2014.
حماية التنوع وامكانية التعايش في العراق بعد داعش
ضيفت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 30/11/2016 وضمن نشاطاتها لموسمها الثقافي الخامس عشر الاستاذ غيث التميمي والاب نضير دكو في أمسية ثقافية تحدثا فيها عن جدلية المكونات والمواطنة العادلة في الدولة الحديثة وقدما رؤيتيهما لماهية التنوع في العراق بعد داعش.
الاستاذ غيث التميمي كاتب وصحفي له عدد من الدراسات والمقالات في صحف ودوريات عراقية وعربية ،اتم دراسته في الحوزة الدينية في النجف الاشرف، ناشط مدني ورئيس المركز العراقي لإدارة التنوع( ICDM ) قدم عدد من المحاضرات في مراكز أبحاث وأكاديميات عراقية واجنبية، كما شارك في عدد من المؤتمرات المحلية والدولية.
والاب نضير دكو حاصل على شهادة البكلوريوس في الفلسفة وعلوم اللأهوت.عمل في بغداد منذ عام 1997 وحتى 2013 وخدم في اقدم كنيسة في بغداد وهي كاتدرائية ام الأحزان في عقد النصارى ، كما شغل منصب الأمين العام المساعد لمجلس رؤساء الطوائف المسيحية في بغداد والعراق 2006 -2012، ارسل الى روما لأكمال دراسته في جامعة القديس توما الأكويني ( الأنجيلكوم) 2013 ، تم تعيينه راعيا للأرسالية الكلدانية في المملكة المتحدة 2014.
الحرية الدينية
وقد ابتدأ الحديث الاب نضير دكو قائلا ؛ يجب ان يكون جميع المواطنين احرار في اتباع ما يمليه عليه ضميرهم فيما يتعلق بالعقيدة الدينية ،وتتضمن الحرية الدينية حق الفرد في العبادة بصورة فردية او بضمن جماعة ،بصورة علنية او غير علنية ،والمشاركة في الطقوس وممارسة الشعائر الدينية والتعليم الديني دون خوف من اضطهاد الحكومة او الفئات الاخرى في المجتمعله.
واضاف الاب دكو ؛ في هذه النقطة ضمنت الحكومة العراقية حرية العبادة للمسيحيين ولكنها اهملت الدور التعليمي ،حيث اصبح فقط ضمن حدود الكنائس ،وقد حجمت حق الطلبة المسيحيين في المدارس الحكومية ،حيث كان هنالك قانون يوجب تدريس الدين المسيحي في المدارس التي يتواجد فيها 25% من الطلبة من الديانة المسيحية ،كذلك عدم شمول مادة الدين المسيحي بامتحانات البكالوريا اسوة بمادة التربية الاسلامية التي ادخلت الى امتحانات البكالوريا ،اضافة الى مشاكل في تعيين معلمي التربية الدينية المسيحية في المدارس وكذلك طباعة المناهج الخاصة بالتربية المسيحية ،علما ان الحكومة العراقية اممت العشرات من المدارس والجامعات الاهلية المسيحية ووضعت يدها على ملاكاتها وغيرت السياسات التربوية والتدريسية لتلك المدارس ومنهجيتها في التعليم ،فتدنى المستوى العلمي والسلوك الاخلاقي بشكل واضح وكبير في تلك المدارس والجامعات .
وأضاف الاب دكو ،ان القوانين الدولية والمحلية والدساتير تنص على (ان لجميع الاشخاص حق العبادة او الاجتماع المرتبط بدين او عقيدة دينية ،وحق اقامة اماكن لهذه الاغراض والاحتفاظ بها ) بينما نلاحظ في الوقت الحاضر تعرض مكونات عراقية دينية ومذهبية الى هجمات شرسة من قبل قوى الارهاب المتمثلة بتنظيم داعش الارهابي وبعض فصائل الاسلام السياسي المتطرف غير المؤمنة بحقوق المكونات الصغيرة في العراق ، وقد قام مجلس النواب العراقي قبل ايام بتمرير قانون (البطاقة الوطنية) المجحف والمخل بحقوق ابناء المكونات الصغيرة من القاصرين، دون ان يعطي لهم الحق في اختيار دينهم بعد بلوغهم سن الثامنة عشر من العمر،فارضا عليهم عتناق الدين الاسلامي في حالة اعتناقه من قبل احد الوالدين ،حسب ما جاء في المادة 26 ،ثانيا من الدستور العراقي التي تنص على :”يتبع الاولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الاسلامي من الابوين”.
ان نص هذه المادة يخالف ما جاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي ينص على “ان لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين ،ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته او عقيدته ” . وكذلك اتفاقية الطفل التي نصت في احكام المادة الاولى منها على ان “يعني الطفل كل انسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ،ولم يبلغ سن الرشد” ويناقض كذلك ما جاء في الكتب السماوية التي تؤكد على ان “لا اكراه في الدين”، ان المصادقة على هذا القانون ضربت بعرض الحائط حقوق المكونات الصغيرة في العراق حيث نقض هذا القانون الدستور العراقي نفسه الذي نص على ضمان حماية الحقوق والحريات للاقليات الدينية حسب المادة 30 التي تنص على ان : “العراقيون احرار في الالتزام باحوالهم الشخصية ،حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم ،وينظم ذلك بقانون”.
ثم اضاف الاب دكو ؛ان الحرية الدينية ،مثلها في ذلك مثل الحقوق الانسانية الاساسية الاخرى ،ليست من صنع الدولة او منُة منها ،الا انه ينبغي على جميع الدول ان تصونها ،وتتضمن الانظمة الديمقراطة نصوصا في دساتيرها تتعلق بصيانة الحرية الدينية.
ورغم ان بعض الديمقراطيات قد تختار الاعتراف بفصل رسمي بين الدين والدولة ،الا ان قيم الحكومة والاديان ليست في حالة تناقض اساسي من حيث الجوهر.كما ان الديمقراطيات لا تنشئ عادة وكالات حكومية او كيانات رسمية اخرى لتنظيم الشؤون الدينية ،رغم انها قد تفرض على اماكن العبادة والمجموعات الدينية التسجيل لديها لاغراض ادارية او ضربية .وان هناك احتمال اكبر بان تقوم الحكومات التي تصون حرية جميع مواطنيها الدينية بصيانة حقوق اخرى ضرورية للحرية الدينية ،كحرية الكلام والاجتماع. وتدرك الديمقراطيات الحقة وجوب احترام التباين الديني بين الافراد كما تدرك ان من وظائف الحكومة الاساسية صيانة حرية الاختيار الديني،حتى في الحالات التي تقر فيها الدولة دينا محددا (كدين للدولة).
واختتم الاب دكو حديثه بالتعريف بدور الديمقراطية في المجتمعات الحديثة قائلا ؛ ان الديمقراطيات يجب ان :
– لاتقوم بتحديد فحوى المطبوعات الدينية او التعليم الديني او المواعظ الدينية.
– تحترم حق الوالدين في توجيه تعليم ابنائهم الديني.
– تحظر التحريض على العنف ضد الاخرين على ساس ديني.
– تحمي الافراد الذين ينتمون الى اقليات اثنية او دينية او لغوية.
– تسمح للناس بالراحة وعدم العمل في الايام المرتبطة بدينهم وبالاحتفال بالاعياد الدينية حسب عقيدتهم الدينية.
– تتيح الازدهار للحركات التي تشارك فيها اديان مختلفة ،اثناء سعي المنتمين الى اديان متباينة الى العثور على ارضية مشتركة ازاء القضايا المختلفة والى التعاون لايجاد حلول للتحديات التي تواجه السكان ككل.
– تؤمن للمسؤولين الحكوميين والدينيين وللمنظمات غير الحكومية وللصحفيين ،حرية التحقيق في الانباء المتعلقة بحدوث اضطهاد ديني .
– تحترم حق المنظمات الدينية في المشاركة بحرية في المجتمع المدني ،والمساهمة فيه بأدارة مدارس تستند الى اساس ديني، وادارة مستشفيات والاعتناء بالمسنين ،ووضع برامج ونشاطات اخرى تفيد المجتمع.
مستقبل التنوع المجتمعي في العراق
ثم ابتدأ الاستاذ غيث التميمي الحديث بالتعريف بجدلية المواطنة وحقوق المكونات ،حيث ذكر ان المواطنة حق شخصي يكفله الدستور، وتحميه السلطات لكل فرد (مواطن) والمكونات (جماعات افتراضية ) ينتمي لها الافراد، يجب ان لا تكون ممثلة عنه، كما لا يجوز ان يعاقب بسبب انتمائه لها.. ثم بين ان هنالك تفسيرات مشوهة للديمقراطية تستند الى غلبة الطائفة بديلا عن الاغلبية السياسية. ثم اضاف ان الديمقراطية مصطلح اجتماعي سياسي، حدث في العراق أن تم تلقيحه صناعيا، ليتولد عنه كائنا مشوها، يتصف بجميع عيوب الديمقراطية، من عبث وفوضى، الى جانب الابعاد الشمولية، والايدولوجية، والتمييزية العنصرية، والعنيفة في الدين. وان الغالبية التي تفترض الديمقراطية تحميلها مسؤولية قيادة العقد الاجتماعي لتحقيق اهدافه، هي الاغلبية السياسية، بينما تم انتاج تفسيرا يقوم على (الحزبية والعرقية والطائفية) لها، حيث يمنح (المكون) حق تشكيل الاغلبية، كما يفسر (تحملها المسؤولية)في تقاسمها للسلطة مع (مكونات)اخرى.
إقصاء المكونات
وبين الاستاذ التميمي ان مؤشر عوق التجربة الديمقراطية في العراق يمكن تلمسها من خلال انعكاسها على مكونات اساسية في المجتمع ،وبحسب المعايير الدولية المعتمدة لتقييم التجارب الديمقراطيات التي تركز على مايلي :
– وضع المرأة في المجتمع .
– وضع الطفل وحقوقه في المجتمع.
– وضع الاقليات الدينية والعرقية واللغوية واحترام حقوقها في المجتمع.
وبين ان هذه المعايير الثلاثة، تمثل اكبر تحديات التجربة الديموقراطية في العراق بعد 2003 ،ثم بين انه سوف يتناول بعض المكونات بشكل مختصر جدا،حيث اتناول بالحديث يهود العراق ووصفهم بانهم شموع مضيئة في التنوع الديني العراقي ،وذكر شخصيات يهودية عراقية معرفا بدورها مثل القاضي داود سمرة / نائب رئيس محكمة الاستئناف والكاتب والصحفي سليم البصون والاديب مير بصري، ثم انتقل للحديث عن دور مؤسس الدولة الحديثة في العراق الملك فيصل الاول ومدى رعايته للنوع الديني والاثني في العراق في محاولته لخلق امة عراقية ذات هوية جامعة تحتفي بكل مكوناتها.
ازمة يهود العراق
وذكر الاستاذ غيث التميمي قائلا؛ عند الحديث عن يهود العراق يتبادر امام انظارنا عقودا من التمييز والعنصرية تجاههم ،وقد تبين ذلك بوضوح في القرارات التمييزية، التعسفية والعنصرية العديدة، التي صدرت بحق يهود العراق، منذ عام 1948 الى عام 2003 اللحظة التي توقع جميع المغتربين العراقيين لاسباب تعسفية، بما فيهم يهود العراق، ان زمن العودة قد حان، وان عراق الوئام المجتمعي، والمواطنة الصالحة، ستشرق شمسه، لكن ما حدث عكس ذلك تماما، فان الذين وصلوا للسلطة، بعد ان ذاقوا مرارة الاضطهاد، والتمييز العنصري، وقسوة الغربة عن الوطن، لم يكتفوا بالتمسك بالسياسات التمييزية الطائفية السابقة فحسب، بل زادوا عليها، وعززوها. وذكر ان ابرز التحديات التي تواجه يهود العراق هي :
– اسقاط جنسيتهم على اسس طائفية وعنصرية وسياسية.
– مصادرة املاكهم وعقاراتهم.
– اغلاق معابدهم، والاستحواذ عليها من الاوقاف الاسلامية.
– ربط مواطنتهم و وجودهم بسياسات خارج حدود العراق الترابية.
– تجاهل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية التام لجميع مطالبنا بضرورة تنفيذ مقاربات العدالة الانتقالية بحق اليهود العراقيين، اسوة باخوتهم من ضحايا عقود الاستبداد.
ثم انتقل بالحديث الى مكون اخر من مكونات الفسيفساء العراقي وهم الكاكائيون (الكاكه يي) اليارسانيون
واشار الى مشكلتهم بالقول ( تاريخ ضائع ومواطنة مهدورة) وفي هذا السياق فان المواطن العراقي الكاكائي يعاني من مشكلة عويصة تتمثل برفض هويته ومحاولة تذويب هويته في هويات اكبر،حيث تعترف الدولة العراقية بعدد كبير من مواطنيها، ولكنها ترفض هويتهم، وتفرض عليهم تعريفا محددا، بشكل تعسفي طائفي، ولم تمنح هذه المكونات اي فرصة للتعبير عن حضورهم في الحياة العامة، لاسباب تمييزية .
اما المكون الاخر الذي تناوله الاستاذ التميمي بالحديث فقد كان (البهائيون) ووصفهم بأنهم اخر الاديان ظهورا في بلد الانبياء ،وقد عانوا من احكام تعسفية وقمع مستمر من الانظمة العراقية الحاكمة،ففي جريدة الوقائع العراقيةعام 1970 صدر قانون تعسفي ضد اتباع هذه الطائفة حظر الديانة البهائية في العراق واعتبرها حركة هدامة لها ارتباطات مريبة بالحركة الصهيونية ،وترتب على ذلك بحسب توجيهات الامانة العامة لمجلس الوزراء و وزارة الداخلية بمنع اصدار وثائق للبهائيين ،واحكام بالسجن المؤبد لمن يحتفظ بديانته ،وعدم الافراج عنه الا بتحوله الى ديانة اخرى.
واشار الاستاذ غيث التميمي الى ابرز الانتهاكات بحق البهائيين :
– حظر الديانة من الناحية القانونية .
– عدم الاعتراف بوجودهم كـ(ديانة)
– عدم شمولهم كـ(ديانة)بمقاربات العدالة الانتقالية.
– مصادرة ممتلكات الديانة ومعابدها.
– عدم تمكينهم من حقهم في حرية الدين والمعتقد، وممارسة الطقوس الدينية المكفولة دستوريا.
واخيرا تناول بالحديث طائفة دينية عراقية اخرى هي الزرادشتية (المجوسية) التي تعرضت الى مواجهة عنصرية دينية وقومية ،وهذه الديانة لها معبد ( پەرستگا) فی دربندخان ويمتد تاريخها في العراق لاکثر من 2000 عام من الصمود والبقاء،وقد حضيت هذه الطائفة ببعض الحقوق في ظل حكومة اقليم كردستان العراق ،الا ان الكثير من التمييز والحيف مازال واقعا على اتباع هذه الديانة في العراق .