ارسل البرفسور زهير الحسني مشكوراً بحثاً قيماً حول تطوير التعليم العالي عشية محاضرة الدكتور محمد الربيعي، ننشره لتعميم الفائدة.
تطوير التعليم العالي والبحث العلمي في العراق وفق معايير الجودة
Quality Standards
أ. د. زهير الحسني. استاذ القانون الدولي. مستشار.
وأما العراق فمنار الشرق وسرة الارض وقلبها ،اليه تحادرت المياه وبه اتصلت النضارة وعنده وقف الاعتدال فصفت امزجة اهله ولطفت اذهانهم واحتدت خواطرهم واتصلت مسراتهم فظهر منهم الدهاء وقويت عقولهم وثبتت بصائرهم. وقلب الارض العراق وهو المجتبى من قديم الزمان وهو مفتاح الشرق ومسلك النور وصرح العينين ومدينة المدائن وما والاها. ولأهله اعدل الالوان وانقى الروائح وافضل الامزجة واطوع القرائح وفيهم جوامع الفضائل وفوائد المبرات ، وفضائله كثيرة لصفاء جوهره وطيب نسيمه واعتدال تربته واغداق الماء عليه ورفاهية العيش به .
المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر
دار الاندلس. بيروت ج2/ص/46
تنشد المنظمة الدولية للمواصفات والمقاييسISO ومقرها جنيف اصدار قوائم المواصفات العالية في مجال الصناعة والخدمات بغية تسهيل التبادل التجاري في السلع والخدمات وفق تلك المواصفات. ويعتبر الرقم 9000 تعبيرا عن سلسلة المواصفات التي تتعلق بإدارة الجودة في المؤسسات الانتاجية والخدمية حيث تطبق هذه المواصفات على المنتوج والخدمة. ويعني الالتزام بتلك المواصفات بمثابة شهادة على حسن النظام والادارة التي تشكل ادارة الجودة الشاملة مما يسهل دخولها الاسواق العالمية.
وينبغي تطبيق الجودة الشاملة من خلال توفير الثقافة التنظيمية الملائمة عبر القيم والادوار والسلوك والعادات التي يملكها افراد التنظيم والتي تؤثر على طريقة ادائهم لوظائفهم والايمان ببذل الجهد المطلوب لتحقيق استراتيجية المنظمة بتطوير البنى الاساسية والاداء الوظيفي بتطبيق رسالتها وبلوغ اهدافها الرئيسة . ولا يتحقق اي تطوير الا من خلال التغيير في الوسائل والاداء. ويعتبر كل من التمكين empowerment والتفويض delegation الدافع الغريزي للأبداع والتطوير عبر التغييرات الملائمة التي يحتاجها التطوير. وتعمل فرق العمل المفوضة باتخاذ القرار على وضع العصا وراء العجلة لا امامها حيث تتراجع الثقافة السلبية امام روح المبادرة التي يخلقها هذا التمكين و هذا التفويض، حيث يتبوأ الشخص المناسب المكان المناسب من خلال المبادرة والتصميم على اتخاذ القرار.
واذا كان من الضروري التمييز بين نظام ادارة الجودة الشاملة ومن المقاييس والمواصفات الفنية للسلع والخدمات لغرض ضمان الانتاج وفق مقاييس محددة ،فانه لا يمكن الفصل بينهما حيث ان ادارة الجودة هو للالتزام السبيل الافضل بالمقاييس والمواصفات الفنية.
وبالنظر لما يعانيه التعليم العالي والبحث العلمي في العراق من مشاكل في ادارة العملية التعليمية والبحثية من جهة وفي انتاج الاستاذ الجيد والطالب الجيد والبحث العلمي الجيد من جهة اخرى, فان الضرورة تقتضي تأسيس نظام لإدارة الجودة وتطبيقه وتطويره من خلال تامين الموارد المالية اللازمة وتدريب الاطقم الادارية والتعليمية وجمع البيانات اللازمة ومراجعة ومراقبة تشغيلها من قبل اجهزة تؤمن بأهميتها وضرورتها. ويعتبر تصميم ادارة الجودة من اول مستلزمات احتواء المقاييس والمواصفات العلمية والتعليمية من اجل النهوض بالمستوى العلمي للتعليم العالي والبحث العلمي وفق معايير الدولية (سوسن شاكر مجيد ومحمد عواد الزيادات. ادارة الجودة الشاملة تطبيقات في الصناعة والتعليم. دار صفاء للنشر والتوزيع .عمان 2007 ص139 – 143).
ويخضع تطوير التعليم العالي في العراق لمجموعة من الموجبات الضاغطة باتجاه استراتيجية جديدة للتعليم العالي والبحث العلمي تقوم على اساس من التحول الجذري من سياسة تقليدية تجعل للتعليم العالي كمصدر لأعداد خريجين يحملون شهادات جامعية لا يستجيب لها سوق العمل في العراق المشبع بجهاز اداري متضخم ومترهل. بل غدا هذا الجهاز غير قادر على استيعاب الاعداد المتزايدة من حملة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه خاصة الذين لا يحملون مؤهلات عملية تتطلبها حاجات التنمية الدائمة في ظل سياسة جديدة تتوجه نحو اقتصاد السوق. ويعود عدم التناغم بين مخرجات الجامعات العراقية ومتطلبات سوق العمل الى طبيعة النظام التعليمي في العراق القائم على اسلوب التعليم التلقيني المحشو بالمعلومات النظرية والمفتقر الى المعارف والمهارات التطبيقية بحيث تقوم ثقافة الخريجين على التوجه نحو الوظيفة العامة التي توفر استقرارا وظيفيا وتقاعدا مضمونا بعيدا عن روح المغامرة والابداع والابتكار ,وهذا يعني تعطيل المعرفة وتجميد القدرات في ظل ثقافة الاقتصاد المركزي والقطاع العام العاجز عن تلبية حاجات التنمية المتسارعة.
وللانتقال من توجيه تعليمي توظيفي الى نظام تربوي معرفي يستجيب لمتطلبات العلوم التطبيقية والمهنية التي تتجاوب وحاجات السوق, فانه ينبغي عصرنة المؤسسات الجامعية من جهة واعطاء الاولوية للمعاهد العليا المتخصصة والاهتمام بتدريب الكوادر الوسطى من خلال المعاهد الفنية متعددة الاختصاصات على نمط معاهد المهن الشاملة في الاقطار العربية وهيئة التعليم التقني جهة أخرى .
وتتطلب الرؤية الجديدة لاستراتيجية التعليم العالي في العراق وحسب متطلبات الجودة الآتي:
اولا. الرؤيةvision وهي الربط بين المعرفة الذاتية والمعرفة لغرض انتاج المعرفة للأغراض التنموية وذلك بالانتقال من التعليم الثقافي الى التعليم التخصصي تبعا لهذه الاغراض.
ثانيا. الرسالة. وهي الانتقال من التعليم التلقيني الى التعليم التلقائي(Tutorial system) وذلك بجعل المحاضرة العلمية في اطار فريق بحث علمي يديره الاستاذ المحاضر.
ثالثا. الاهداف objectives . جعل الجامعات حواضن للتكنولوجيا وذلك بنقل المعرفة وانتاجها وتطويعها لأغراض التنمية بدلا من بقائها مؤسسات تعليمية تقليدية واعتماد التعليم اللامركزي وفصل ميزانية البحث العلمي عن الميزانية التشغيلية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
ويمكن توفير متطلبات ادارة الجودة في التعليم العالي حسب المقاييس البنيوية (مطلب اول) والمقاييس الوظيفية (مطلب ثان).
المطلب الاول / المقاييس البنيوية للجودة
structural quality standards
وتشمل الجامعات وحاضنات المعرفة والبيئة التشريعية للتعليم العالي في العراق.
اولا- الجامعات
تعتبر النوعية اهم مقاييس الجودة في هيكلية التعليم العالي والبحث العلمي مما ينبغي الاهتمام المتزايد في كيفية انشاء الجامعات المتخصصة ومراكز البحوث النوعية. فإنشاء جامعة متخصصة جيدة خير من ايجاد جامعات دون مقاييس الجودة لان مخرجاتها ستكون غير جيدة و إذا كانت المعايير العالمية تقتضي انشاء جامعة لكل مليوني نسمة فيكفي العراق 15 جامعة تفي بمستلزمات تلك المقاييس على ان تتوجه كل جامعة لمزيد من التخصص تبعا لحاجة السوق في كل محافظة وحسب مقوماتها السكانية والمواد الاولية والمياه وموقعها من السوق ومن الميزة النسبية لمخرجاتها الاقتصادية والسوقية. ولذا لا ينبغي ان تكون الجامعات العراقية متشابهة من حيث الاختصاصات لان تنوع اختصاصات الجامعات وفق متطلبات التنمية الدائمة من اهم معايير الجودة. وينبغي العمل في الاستراتيجية الجديدة للتعليم العالي والبحث العلمي على الاتي:
1. الاكتفاء بجامعة واحدة لكل محافظة عراقية والتوسع في الكليات التخصصية حسب متطلبات التكنولوجيا الحديثة وحاجة المحافظة لها و السير نحو التكامل من الجامعات لا التشابه فيما بينهما وتخفيض عدد المقبولين في الدراسات الانسانية وتوجيه وزارة التربية لتشجيع الطلبة نحو الفروع العلمية في التعليم الثانوي.
2. انشاء مجلس بحث علمي في كل جامعة وحسب حاجات التنمية في المحافظة.
3. انشاء مركز او مراكز بحوث في كل كلية وحسب ما تواجهه المحافظة من مشاكل علمية وفنية وسوقية تقتضي وجود هذه المراكز.
4. انشاء مراكز بحوث في الوزارات المختلفة ودوائر المحافظات التي تتعامل مع المشكلات اليومية للدائرة والمواطن بغية ايجاد التنسيق الاداري والفني فيما بينهما كسبا للجهد والوقت وحسب متطلبات اعادة الاعمار.
5. انشاء اكاديميات متخصصة للدراسات العليا تبعا لحاجات التنمية ونوع التكنولوجيا والادارة التي تقتضيها عمليات اعادة الاعمار وحسب مقتضيات السوق ومتطلباته.
6. اعادة هيكلة المجمع العلمي العراقي وبيت الحكمة لاستقطاب العلماء العراقيين والاجانب من اجل نقل التكنولوجيا ومعرفة اساليب البحث العلمي وربطها بنظائرها في دول العالم المتقدم وتوفير التخصيصات اللازمة .
7. التوسع في المعاهد المهنية التخصصية بغية توفير الكادر المتوسط الذي تحتاجه عملية أعادة الأعمار وامتصاص الأعداد المتزايدة من حملة الثانوية الذين لا تؤهلهم معدلاتهم للدخول الى الجامعات والقضاء على البطالة في المتوسطات العمرية لهؤلاء الخريجين وتعميم هيئة التعليم التقني في المحافظات .
8. انشاء المكاتب الاستشارية التخصصية في الجامعات ومراكز البحوث الرسمية والخاصة.
9. انشاء مجلس البحث العلمي الوطني لإنتاج العلوم والتنسيق بين مجالس البحث العلمي في الجامعات ومراكز البحوث في الكليات والوزارات لتنفيذ سياسة وطنية للمعرفة والابتكار ويضم ممثلين عن المؤسسات العلمية الحكومية والخاصة والاساتذة المميزين.
10. ربط وزارة العلوم والتكنولوجيا بمجالس البحث العلمي ومراكز البحوث في بغداد والمحافظات .
11. انشاء هيئة معايير الجودة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات .
ثانيا: حاضنات المعرفة technology incubators
وهي مستودعات المتراكم من العلوم والابتكارات والاختراعات والافكار التي تحتضنها الدوريات العلمية وشبكة المعلومات والأطاريح والبحوث والتقارير والمؤلفات العلمية والتجارب العلمية لحل مشكلات التكنولوجيا والإدارة والسيطرة والتحكم في وسائل الانتاج والمقاييس والعمليات واللوجستيك .
وينبغي لتوفير هذه الحاضنات الاشتراك السنوي المستمر في دوريات هذه المعارف والارتباط الشبكي معها والتعاون العلمي والجامعي مع هذه الحاضنات على مستوى العالم والعالم المتقدم على وجه الخصوص. ومن المهم جدا العمل على تجهيز وتطوير الحاضنات الاتية:
1. المختبرات العلمية وتجهيزها بالمعدات والمواد الاولية الحديثة لمواكبة التطور العلمي وتزويد كافة الجامعات والكليات ومراكز البحوث المختلفة بها لتمكين العلماء والاساتذة وطلبة الدارسات العليا والدراسات الاولية لأجراء تجاربهم العلمية من خلالها. ويمكن التعاقد مع شركات القطاع العام والخاص لأجراء التجارب العلمية حسب حاجات القطاعات الانتاجية والخدمية المختلفة .
2. طباعة الأطاريح والمؤلفات العلمية ونشرها واتاحتها لطلبة الدراسات الجامعية من خلال الاشتراك فيها وتبادلها مع الجامعات الأجنبية.
3. تحديث المكتبات الجامعية ومكتبات مراكز البحوث المختلفة وعصرنتها والاشتراك في الدوريات العلمية ودور النشر وتزويدها بأحدث المطبوعات واجودها واتاحتها للباحثين من الاساتذة والعلماء والطلبة من خلال ميزانية البحث العلمي المخصصة لتوفير المصادر العلمية الحديثة . ولا يمكن للبحث العلمي ان يتقدم الى المستويات العالمية impact factors الا بتوفير احدث الكتب والدوريات التي تضع تحت ايدي الباحثين اخر الابتكارات والاختراعات والنظريات الحديثة في مختلف العلوم. وقد ادى انقطاع العراق عن العالم طيلة الاربعين سنة الماضية الى حجب البحث العلمي في العراق عن مواكبة نظيره في الدول المتقدمة الامر الذي يقتضي الاسراع بالقيام بالتخصيصات الضرورية للاشتراك في الدوريات العلمية وشراء الكتب الحديثة في اسرع وقت.
4. انشاء دائرة للابتكار في مجلس البحث العلمي الوطني ومجالس البحث العلمي ومراكز البحوث التي ينضم اليها كبار العلماء والباحثين العراقيين والاجانب للاستجابة لمتطلبات نقل التكنولوجيا والمعرفة وتطويعها مع النسيج الصناعي والزراعي والخدمي والاتصال بنظائرها من دوائر الابداع والابتكار في العالم المتقدم. وتوفير الحوافز المالية والمعنوية للمبدعين والمبتكرين لأداء رسالتهم العلمية واستقطاب المتميزين في هذا المجال بتوفير ظروف البحث والابداع المناسبة .وضمن هذه المهمة يمكن الحفاظ على العلماء العراقيين من الهجرة وعودة المغتربين منهم اضافة الى ترغيب الاجانب الى العمل داخل العراق.
ثالثا. البيئة التشريعية
لا يمكن اجراء اية عملية اصلاحية او تحديثية في البنى التحتية التعليمية من دون اصلاح النظام القانوني في التعليم العالي. وان اهم متطلبات هذا الاصلاح هو التمويل. والعراق بلد غني في موارده الطبيعية والمالية وفي موارده البشرية بل هو بلد الابداع حسب تصنيف المسعودي في مروج الذهب. ويمكن توظيف هذه الموارد بسهولة في تطوير البحث العلمي وفق مقاييس الجودة العالمية بالوسائل القانونية الاتية:
1. يكون تمويل البحث العلمي في الموازنة العامة بشكل منفصل عن الميزانية التشغيلية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي واستثمار الاموال المخصصة بشكل كامل لتشجيع البحث العلمي وتطويره وعصرنته . ويبلغ معدل التمويل الحكومي 100% في قطر و92% في اليونان و90% في فرنسا و72% في الولايات المتحدة و43% في ايطاليا .
2. الغاء شرط العمر التقاعدي الوجوبي للأساتذة والعلماء في الجامعات العراقية والوزرات والمؤسسات العراقية وتمكينهم من العطاء المستمر خدمة لمتطلبات التنمية الدائمة.
3. انشاء مؤسسات البحث العلمي التي تقتضيها عملية تطوير وعصرنة البحث العلمي حسب الصلاحية القانونية للوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بموجب قانون او نظام او تعليمات حسب الحاجة دون. ارهاق السلطة التشريعية بالتفاصيل.
4. العمل على تطبيق التشريعات بشكل دقيق استجابة لمتطلبات التعليم العالي والغاء الاستثناءات التي تتنافى ومعايير الجودة وخاصة في القبول في الجامعات والدراسات العليا.
5. تخصيص نسبة من ارباح شركات القطاع العام والخاص لأغراض البحث العلمي.
6. انشاء وزارة اقتصاد المعرفة لتوجيه التحصيل العلمي ومخرجاته نحو الاقتصاد الوطني ومتطلبات سوق العمل وتنمية الموارد البشرية في هذا المجال .
7. الحرص على زيادة معدلات نقل التكنولوجيا في عقود النفط والتجهيزات والاستثمار وتدريب الملاكات العراقية عليها.
المطلب الثاني / المقاييس الوظيفية للجودة
Functional quality standards
وتتضمن الموارد البشرية والموارد العلمية وضبط معايير الجودة.
اولا. الموارد البشرية . يشهد القرن الحالي طفرة نوعية في عالم المعلومات واصبحت الدول المتقدمة تولي هذا العنصر اهمية كبيرة في اقتصاد الانتاج واطلق عليه اسم اقتصاد المعرفة . وتم تعيين وزير اقتصاد المعرفة في عديد من الدول بما فيها النامية كتركيا مثلا. ويمكن تعريف المعرفة بانها (راس مال فكري يشكل قيمة مضافة الى الاقتصاد ) فهي وسيلة لخلق الثروة من خلال توظيفها كعنصر مهم من عناصر الانتاج بحيث اصبح الانتاج المعرفي وسيلة لتحديث العلوم وتطوير الصناعات التقليدية وزيادة فعاليتها وفق معايير الجودة واتقان المهارات . واصبح عنصر المعلومات عنصرا رابعا من وسائل الانتاج في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات. وتعتمد جودة المعرفة اساسا على جودة راس المال البشري مما جعل الموازنة العامة في الدول المتقدمة تولي اهتماما كبيرا بالتخصيصات الموجهة للبحث العلمي ابتداء من التعليم الاولي وحتى الدراسات العليا .
(اسامة عبد المجيد العاني. متطلبات الاستاذ الجامعي في عصر المعرفة. دراسات اقتصادية. بيت الحكمة/2800/20 ص40).
ويزيد انفاق الولايات المتحدة في هذا المجال على انفاق الدول المتقدمة مجتمعة. وقد بلغ انفاق الدول الغربية 360 مليار دولار سنة 2000 نصفه كان حصة الولايات المتحدة . واذا كان التعليم بمختلف مستوياته يقوم على ثلاثية الاستاذ والطالب والكتاب, فان انتاج المعرفة يقوم على البحث العلمي وان الاستاذ هو المحور الاساس في الرباعية الجديدة لإنتاج المعرفة. ولعل من اهم اسباب تدني المعرفة في العراق وعدم فعالية منظومة التعليم العالي نذكر الاتي :
أ. عدم جودة اساليب القبول في الجامعات العراقية.
ب. تراجع مستوى الاساتذة والمدرسين والطلبة والمادة العلمية.
ج. مركزية التعليم العالي وهيمنة الدولة على العملية التعليمية.
د. ضعف التمويل.
ه. الفجوة بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل فهناك كم بلا كيف وتلقين دون ابداع او تحصيل. فالترقيات العلمية دون انتاج علمي وبحوث اكاديمية دون منتجات استثمارية .
ولمعالجة هذا القصور في عناصر العملية التعليمية . ينبغي معالجة تطوير الموارد البشرية وفق معايير الجودة في الاتي:
1. الاستاذ . يعتبر الاستاذ الجامعي احد المدخلات الاساسية لصناعة المعرفة. ولكي يستطيع الاستاذ من اداء مهمته المعرفية ينبغي توفير اللوجستيك الفعال للوصول الى ينابيع المعرفة وتسويقها في الزمان والمكان الاسرع والاقرب. ويعاني اداء الاستاذ في العراق من نقص مؤسساتي حيث لا يوجد نظام للمساعدين الذين يوفرون اللوجستيك ويسوقون المعرفة. ومن جهة اخرى يحتاج الاستاذ الى تنمية قدراته بالأبداع المعرفي من خلال الاتي:
أ. التدريس . ينبغي تصحيح عملية التدريس التلقينية لتكون قادرة على انتاج المعرفة كالاتي :
التأكيد على اهمية طرق التدريس وتعميمها كمفردات لدروس الماجستير والدكتوراه توطئة لتأهيل الخريجين الجدد للتدريس في المعاهد والجامعات وفق افضل الطرق العلمية لإنتاج المعرفة .
تصميم المادة العلمية للمحاضرة وفق منهجية علمية اساسها العلاقة الجدلية بين عناصرها الرئيسة بحيث تكون المحاضرة حلبة نقاش بين الطلبة فيما بينهم وبين الطلبة والاستاذ المحاضر وليست قراءة للمادة .
توظيف المعرفة باستخدام وسائل الايضاح المعرفية وهي المطبوعة والمسموعة والفيديو والحاسوب وشبكة المعلومات والاقراص الليزرية التي يحملها الاستاذ والطالب في حقيبته.
تشغيل الطلبة في فرق عمل تناقش اشكالات علمية معينة وتقدم مقترحات وحلول للأستاذ المحاضر من شانها ان تساعد الطلبة على التفكير الذاتي بإشاعة روح العمل كفريق متعاون لإنتاج المعرفة .
الانتقال بالمحاضرة من التلقين الى المشاركة في بيان الراي والاستفسار والنقد وعدم قبول المسلمات بدون برهان مما يدفع الطالب الى التفكير والتأمل واستخلاص نتائج المناقشات التي تدور حول محاور المحاضرة ويجعله عنصرا ايجابيا في العملية التعليمية لا سلبيا.
ان اتباع منهجية نشر المعرفة يؤدي الى استنطاق معارف الطلبة وتنميتها نحو مخرجات عملية جديدة تدفع الاستاذ للبحث وتحصين معارفه من المفاجآت التي يتعرض ايها ساعة المحاضرة مما يحثه الى المزيد من البحث وتمحيص المعلومات قبل عرضها على الطلبة ،بل ان اسئلة الطلبة ونقاشهم تفتح على الاستاذ ابوابا جديدة من المعرفة .
ب. البحث العلمي
يتوقف مدى تقدم الامم غلى مقدار ما تنفقه على البحث العلمي . ويكفي القاء نظرة سريعة على نسبة هذا الانفاق في الدول المتقدمة لمعرفة سرّ تقدمها. حيث بلغت هذه النسبة من الناتج الاجمالي 3،7%في السويد و3،013% في اليابان و2،63% في الولايات المتحدة و1،97% في الصين و0،69% في جنوب افريقيا.(جلال محمد النعيمي .نحو استراتيجية لإصلاح التعليم العالي في العراق. الاكاديمية العربية في الدانمارك / 2006ًص10) .اما في العراق فلا يوجد ميزانية خاصة للبحث العلمي.
ويختلف البحث العلمي عن بحوث الترقية فهذه البحوث هي جهود لتجميع المعلومات واعادة تبويبها في ثوب جديد يعالج مفهوما او قضية او مشكلة معينة دون التوصل الى مخرجات جديدة فيها. وغالبا ما تقبل البحوث للنشر وفق المعايير المحلية لا العالمية. اما البحث العلمي فهو محاولة لحل قضية او مشكلة فكرية او عملية او مفهومية تؤدي الى حل للاستعصاء الذي يكتنفها بتقديم بدائل وفرضيات للخروج منه بحيث تنشا عن البحث قيمة مضافة تخدم عملية الانتاج الزراعي او الصناعي او الخدمي او المعرفي وذلك من خلال السياقات العلمية التي تفتح افاق جديدة للمعرفة تعالج مشاكل علمية. وتنمو عملية البحث من خلال فريق عمل يراسه الاستاذ يختار من طلابه المتميزين الذين يشاركونه بل يساعدونه للتوصل الى حلول مجدية للمشاكل التي يتصدى لها الأستاذ الباحث . وبغية خلق مناخات معرفية في البحث العلمي ينبغي العمل على الآتي :
– تحديث مفردات المقرر الدراسي كل اربع سنوات كشرط من شروط الترقية العلمية مما يدفع الاستاذ الى البحث العلمي الجاد طمعا في الترقية وعدم الركون الى التراكم السنوي للخدمة الجامعية .
– نشر البحوث التطبيقية بما فيها بحوث الترقية في الدوريات العلمية المرموقة في الجامعات الاجنبية حتى تكون مقبولة وفق المعايير العالمية لا المحلية ويتم تقييم الاستاذ بناءا على انتاجه المعرفي .
– المشاركة في المكاتب الاستشارية التي تنشؤها الجامعات ومكاتب القطاع الخاص وتكوين فرق بحث علمية للاستجابة الى طلبات اجهزة الدولة والقطاع الخاص لحل مشاكل علمية وعملية ترافق عملية الاعمار والتعرف على سوق العمل وحاجته لأغراض تكوين كوادر علمية ومهنية تستجيب لمتطلبات الانتاج .
– ربط التفرغ العلمي بالتعاقد مع الاستاذ لتقديم انجاز علمي معين طبقا لمعايير الجودة في الجامعة الاجنبية المضيفة.
– تحديد الحد الاعلى من طلاب الماجستير والدكتوراه للأستاذ المشرف، وزيادة مكافاة الاشراف تبعا لجودة البحث تشجيعا لإنتاج المعرفة.
– تخصيص ساعات معينة لإنتاج البحوث العلمية كجزء من النصاب التدريسي للأستاذ .
– تشجيع انشاء جمعيات علمية وطنية وفق المقاييس العالمية لترويج البحث العلمي والتعاون مع الجمعيات العلمية الاجنبية .
– حث الاستاذ على الانتماء لعضوية الجمعيات العلمية ومراكز البحوث الاجنبية من خلال التوأمة بين الجامعات والكليات ونشر البحوث العلمية لدى دورياتها العلمية وتغطية نفقات العضوية من ميزانية البحث العلمي وتحفيز الاساتذة على المنافسة في البحث العلمي ونشر البحوث المتميزة.
– خضوع الاستاذ للتدريب المستمر عن طريق دورات تدريب القيادات والتعاون بين الجامعات وتحتسب شهادة الكفاءة لأغراض الترقية العلمية وتطوير اساليب البحث العلمي. ويساعد التدريب المستمر على الرقابة العلمية على الاستاذ وخاصة ادخاله المعرفة في ابحاثه .
2 – الطالب. ينبغي تطوير دور الطالب في التحصيل الجامعي من التلقي الى المشاركة ليساهم في انتاج المعرفة وعدم الاقتصار على احتوائها . وهذا يقتضي توفير مؤهلات خاصة للطالب ليستطيع اداء هذا الدور وذلك من خلال الاتي:
أ. رفع معدلات القبول في الجامعة لتوفير العناصر الكفؤة القادرة على انتاج المعرفة واعتماد النوع لا الكم في القبول والا فان الجامعة لن تكون الا تكرار للدراسة الثانوية حيث يقرا الطالب المادة للامتحان لا التحصيل العلمي وهو ما نشهده في جامعاتنا في الوقت الحاضر. وينبغي لتحقيق هذا الهدف التعاون مع وزارة التربية لرفع مستوى التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي لغرض اعداد حملة الثانوية العامة بشكل يؤهلهم للدخول الى الجامعة وتوجيه الفائض نحو المعاهد المهنية وعلى اساس تنافسي.
ب. اخضاع الطالب لمقابلة فحص اللياقة الشخصية والفكرية والثقافية كشرط للقبول.
ج. تمكين الطالب من الدخول الى شبكة المعلومات لتوسيع معارفه واكتساب التخصص في المجالات التي تنسجم وطموحه الشخصي والمعرفي بما يقتضي توفير حواسيب للطلبة بأجور رمزية وبشرط اعداد بحث تخرج من خلال المصادر المعرفية للشبكة اضافة الى ما يتوفر من الكتب والدوريات العلمية.
د. اخضاع الطالب للرقابة المستمرة في الحضور والمناقشة وتسجيل علامات في السعي السنوي او الفصلي للطالب تضاف الى درجة الامتحان النهائي.
ه. تعميم الامتحان الشفهي على الجامعات والمعاهد العالية لاختبار درجة اللياقة العلمية وانتاج المعرفة لدى الطالب والتعرف على القدرات العلمية لزجها لأغراض البحث العلمي والتدريسي .
و. ربط بحوث التخرج والتقارير العلمية المطلوبة من الطالب بحاجة الوزارات والشركات العامة والخاصة ومكافاة البحوث ذات الجودة العالية.
ز. رسم سياسة وطنية وفق معايير الجودة لأعداد البعثات العلمية وخاصة في العلوم التطبيقية واختيار الطلبة حسب درجاتهم العلمية وقدراتهم البحثية والتنسيق مع الوزارات المعنية بشان المنح والزمالات.
ح. تقييد عدد الطلاب في قاعات المحاضرات حسب معايير الجودة وتوفير المناخ الاكاديمي وقاعات الدراسة والمختبرات والاقسام الداخلية وفق المعايير العالمية.
ط. تنمية روح البحث كفريق في صفوف الطلبة والعمل المشترك في التأليف مع الاساتذة وتنمية قدراتهم في التفكير الابداعي بعيدا عن الكتاب والملازم التقليدية من خلال نظام الاستاذ الخاصTutorial system.
ي. ربط المعيدين وطلبة الماجستير والدكتوراه بأساتذتهم كمساعدين علميين وزجهم في محاضراتهم بغية تدريبهم على التدريس والبحث العلمي خلال فترة اعداد اطروحاتهم.
( محمد الربيعي. راهن ومستقبل البحث العلمي والدراسات العليا في العراق).
www.aliraqi.org/forums/archive/index.nhn/f-51995html
ثانيا. الموارد العلمية.
تقتضي معايير الجودة الاتجاه نحو التخصص في مختلف العلوم بسبب سرعة التقدم العلمي والابتكارات العلمية وسرعة انتقال الافكار والمعلومات وحاجة التكنولوجيا الى التخصص المركز. الامر الذي يتطلب ادخال مناهج تخصصية في الجامعات والناي عن العموميات والمعلومات العامة التي ينبغي الانتهاء منها في الدراسة الثانوية وذلك من خلال الاتي:
أ. ان التعليم العالي في العراق بحاجة الى ملاكات ذات تخصص عالٍ يستدعي معه التعاقد مع العلماء الاجانب لسد النقص في هذا المجال توطئة لاستحداث جامعات متخصصة ذات ثقافة عالية.
ب. ابرام اتفاقات تعاون مع الجامعات الاجنبية المتقدمة على تدريب الملاكات العراقية على التخصصات الحديثة واستحداث مراكز تطوير هذه الملاكات في العراق على ايد اساتذة اكفاء.
ج. تحديث المناهج الدراسية بشكل مستمر وبمعدل 4 سنوات لمواكبة التطورات في عالم المعرفة وربط هذا التحديث مع متطلبات الترقية العلمية للأستاذ.
د. ادخال الثقافة ومدخلات المعرفة في المناهج الجامعية وتطويرها المستمر لمواكبة التطورات العلمية الحديثة تبعا لحاجات التنمية الاقتصادية الدائمة وسوق العمل بالربط بين التخصصات الدقيقة التي تطرح بشكل تحليلي نظري من جهة وبين المفاهيم النظرية ومقتضيات الواقع الذي يبتعد كثيراً من مكتسبات المعرفة التي تطرح اثناء التدريس ما يقتضي الربط بين الاثنين من خلال أدوات المعرفة المستخدمة فعلا في سوق العمل من جهة اخرى.
ه. ادخال اللغة الانكليزية واللغات الاخرى عند الاقتضاء ضمن مناهج الدراسة الجامعية بحيث يجب اعطاء عدد من المواد الدراسية باللغة الانكليزية تمكينا للأستاذ والطالب من اقتباس المعرفة مباشرة من مصادرها دون انتظار الترجمة التي قد تتأخر سنوات تجعل الفجوة واسعة بين مناهجنا ومناهج الجامعات الراقية ,ولهذا الغرض ينبغي القيام بدورات تطوير اللغة الانكليزية بالوسائل السمعية والبصرية والتدريس بها في كل العلوم بما فيها العلوم الانسانية لرفع مستوى الجودة فيها, ويلزم لذلك وجود مختبرات للغة الاجنبية تواصل عملية التطوير والحوار بها كما يلزم التعاون مع وزارة التربية للبدء بتعليم الانكليزية من السنة الثالثة الابتدائي في جميع مدارس العراق توصلا للهدف المنشود ,علما بان المعلومات على شبكة المعلومات باللغة العربية لا تتجاوز 0.5% وان العالم العربي هو الاقل تعاملا مع الانترنيت وبنسبة لا تتجاوز 5.1% من حيث عدد المستخدمين .
(محمود شاكر الملا. تنمية الموارد البشرية في التعليم العالي. (www.aladalanews.net/index_lite.php24/2/2008
و. تعميم وتطوير التعليم التقني ضمن مدخلات التعليم الجامعي باعتباره المسؤول الاول عن رفد العراق بكوادر ماهرة من القوى الفنية العاملة بما فيهم التقنيين والاختصاصين .ويعمل التعليم التقني على سرعة اكتساب التكنولوجيا والمهارة الفنية بما يستجيب مع حاجة سوق العمل المتزايدة لها.
ز. انشاء المكتبة الالكترونية التي توفر المعلومات والبيانات والبحوث من الجامعات الاجنبية للأستاذ والباحث والطالب.
ثالثا . ضبط معايير الجودة
تعتبر ادارة الجودة الشاملة Total Quality Management
من مفاهيم الادارة الحديثة للمؤسسات التعليمية وغيرها من مؤسسات الادارة والانتاج التي ظهرت نتيجة المنافسة بين هذه المؤسسات في العلاقات الدولية والوطنية . ففي الولايات المتحدة ازدادت مؤسسات التعليم العالي الخاصة لإدارة الجودة الشاملة من 78 مؤسسة سنة 1980 الى 196 مؤسسة سنة 1991 .ويمكن تعريف الجودة في المؤسسات التعليمية على انها الخصائص الجيدة التي تتصف بها الخدمة التعليمية لرفع مستوى المنهج التعليمي والبحث العلمي من اجل زيادة انتاج المعرفة وتوظيفها لمتطلبات سوق العمل وذلك من خلال :
1 – تحقيق التنمية الدائمة .وينبغي الإداره الجودة الشاملة العمل على الاتي:
أ. تطوير ادارة المؤسسة التعليمية وتحديد مسؤولياتها بدقة بشكل يساعدها على اداء مهمتها بجودة عالية.
ب. رفع المستوى العلمي والمعرفي للطالب الى جانب تحسين ظروفه التي لها علاقة بالعلمية التعليمية بما في ذلك وجوده في الحرم الجامعي.
ج. رفع مستوى الاساتذة العلمي والمعرفي والخدمي واللوجستي في ارتباطه بمصادر المعرفة وكيفية ادائها الى الطالب والمؤسسات الانتاجية.
د. تطوير المناهج وفق المعايير العالمية توصلا للجودة العالية.
ه. توظيف انتاج المعرفة في عمليات الانتاج والخدمات والتسويق بما يخدم الاقتصاد الوطني وصولا للتنمية الدائمة.
و. التدريب المستمر لجميع العاملين في المؤسسات التعليمية وتوفير الوسائل التي تؤدي الى زيادة مخرجات انتاج المعرفة.
ز. الرقابة والمراجعة المستمرة لأداء العاملين والمؤسسات التعليمية ومكافأة المتميزين والمبدعين تتم من قبل هيئة معايير الجودة.
2 – اسباب وموجبات تطبيق معايير الجودة في التعليم العالي فيما يأتي :
أ. الزيادة الهائلة في طالبي الانخراط في التعليم العالي وانخفاض مستوى التعليم العام الثانوي الذي ادى الى هبوط الاداء في الجامعات العراقية.
ب. التخلف الكبير في اساليب التعليم التقليدية القائمة على الاهتمام بالكم دون الكيف ما جعل التعليم العالي غير قادر على الاستجابة لمتطلبات التنمية الدائمة ورفد سوق العمل بالكوادر الكفؤة.
ج. ادت العولمة وانفتاح العراق على اقتصاد السوق الى ضرورة الاستجابة لمقتضيات النوعية العالية في الصناعات والابحاث والمواد التعليمية وحسب ما تتطلبه المعايير العالمية للسوق ومنظمة التجارة العالمية وبرنامج الامم المتحدة للتنمية اضافة الى مقتضيات التوأمة بين الجامعات والتعاون مع الجامعات الأجنبية .
د. التطور السريع في مستويات التكنولوجيا والمعرفة الذي يستدي ضرورة الاهتمام بالنوعية في نطاق الاساتذة والطلبة والمناهج والبحث العلمي ولا يتم ذلك الا بالأخذ بمعايير الجودة في الاداء.
3 – اساليب الجودة. يتم تقييم وتقويم المؤسسات الجامعية وفق عدد من الاساليب منها:
أ. يتم التقييم باستقصاء نتائج التطور الحاصل في اداء المؤسسات الجامعية وهياكلها وادواتها من قبل المؤسسات ذاتها من جهة ومن قبل مؤسسات اجنبية مناظرة لها من جهة اخرى.
ب. المقارنات المرجعية لمعدلات الجودة ومراحل تنفيذها بالمقارنة مع المؤسسات التعليمية التي يمكن اتخاذها كنموذج للقياس في افضل الدول المتقدمة العاملة بمعايير الجودة .
ج. مراجعة الاداء لتحديد حجم الانجاز بالمقارنة بين الكفاءة المتحققة والكلفة المدفوعة وتحديد مواطن الاخفاق وجوانب التقدم وفق معيار مرجعي معين.
د. تضييق الفجوة القائمة بين البرامج المخطط لها ومقدار المنجز منها في ضوء الرؤية الاستراتيجية والصعوبات التي تفترض تنفيذ هذه البرامج في ضوء البيانات التي يتم توفيرها من خلال المراجعة.
ه. هيئات وشهادات الاعتماد الاكاديمي, وهي المؤسسات العلمية التي تفحص البيانات المعلنة عن البرامج المنجزة وفق معايير الجودة من قبل المؤسسة طالبة شهادة الاعتماد ومقدار استيفاء تلك المعايير لكي تكون اهلا للحصول على الشهادة المطلوبة.
الخاتمة
يأتي اعلان مشروع الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العالي في العراق للسنوات 2009-2013 ضمن الاعلان العالمي بشان التعليم العالي لليونسكو لسنة 1998 للتأكيد على اهمية هذه المنظمة ودورها في الربط بين المعرفة والمجتمع ببناء القدرات وتشجيع الابتكارات العلمية للاستجابة لاحتياجات التنمية الدائمة, وهو ما جاء في الرؤية الاستراتيجية للوزارة وهو المطلب الرئيس لأهداف هذه الاستراتيجية من خلال الرسالة والوسائل التي ينبغي توفيرها لتحقيق هذه الاهداف , وهو ما تم التركيز عليه من خلال هذا البحث, ولن يتم تحقيق شيء من هذه الاهداف في ظل تدهور مستوى التعليم العالي والتعليم بوجه عام في العراق خلال العقود الثلاثة المنصرمة, الا بضمان تطبيق معايير الجودة في المؤسسات التعليمية والجامعية العراقية.
اما ضمان العمل بمعايير الجودة فيتطلب توفير الاسباب الذاتية والموضوعية اللازمة لذلك بما فيها :
1 – الاسباب الذاتية وتتضمن:
أ. احياء القيم الاخلاقية وتقاليد العمل الجامعي العريقة التي اهدرت في العقود الاخيرة واشاعة ثقافة الصدق والامانة والمواطنة والايثار وحب المعرفة .
ب. مراقبة توفير عناصر النزاهة والشفافية في العمل الجامعي.
ج. تمكين العناصر الجامعية المؤمنة بالعمل بمعايير الجودة وتطوير البحث العلمي ومساعدتها على تحمل مسؤولياتها لتنفيذ هذه المعايير دون غيرها من العناصر غير المؤمنة بها فضلا عن التي ترفض عملية التطوير والاصلاح .
د. مكافاة العاملين في انجاح تطبيق معايير الجودة.
ه. وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعدم التفريط بالطاقات والقدرات المبدعة.
2 – الاسباب الموضوعية وتتضمن :
أ. تطبيق اللامركزية الادارية والمالية في ادارة المؤسسات الجامعية.
ب. اعادة هيكلية المؤسسات الجامعية وفق معايير الجودة.
ج. فصل ميزانية البحث العلمي عن الميزانية التشغيلية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتخصيص نسبة من الدخل الوطني لهذا الغرض سعيا وراء البحث عن المعرفة وفق معايير الجودة.
د. انتقاء الاستاذ والطالب والاداري والقيادي وفق معايير الجودة بعيدا عن العوامل الذاتية الشخصية.
ه. توفير اسباب المعرفة بتوفير افضل واحدث المصادر العلمية والمناهج وفق المعايير العالمية .
و. تنشيط وتحفيز البحث العلمي وتعميم وتشجيع ثقافة فريق العمل.
ز. اذكاء روح النقد العلمي والمناظرة والنقاش و الأبداع لدى العاملين في مؤسسات البحث العلمي ومكافأة المبدعين .
ح. الرقابة والمراجعة والمقارنة والاعتماد الجامعي.
المقترحات
لا يوجد للعراق اليوم مكانا متقدما في منحنيات سلم التطور للتعليم العالي في العالم.
ولهذا الغرض تقتضي ادارة الجودة للتعليم العالي ان تكون ادارة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من قبل الملاكات العلمية ذات الخبرة والممارسة وذلك للعمل على الاتي:
1. ربط الترقية بتحديث المادة العلمية المسؤول عنها الاستاذ المدرس.
2. شرط العنصر الاجنبي لتقييم بحوث التخرج.
3. شرط قبول عضو التدريس بالمنافسة وتقرير لجنة القبول.
4. تحديد عدد الجامعات بحاجة التنمية وسوق العمل ولكل محافظة جامعة والتوسع بالكليات المتخصصة بدلا من العدد الكمي للجامعات. والحد من الانتشار العشوائي للجامعات الاهلية ذات الطابع التجاري.
5. اخضاع استحداث الدراسات العليا للمتطلبات الاكاديمية التخصصية من حيث الكادر والمكتبة والطالب المبدع تبعا لحاجة سوق العمل.
6. الغاء الاستثناءات الواردة على شروط قبول الطلبة والاساتذة.
7. ربط تأهيل طلبة الدراسات العليا للتدريس بالمشاركة مع الاستاذ المشرف في المحاضرة.
8. فرض قاعة البحث وطرق ومناهج البحث العلمي والدروس التطبيقية.
9. تخصيص ميزانية للبحث العلمي منفصلة عن الميزانية التشغيلية .
10. استحداث مادة طرق التدريس لكل العلوم.
11. مكافاة المبدعين بما في ذلك القبول للبعثات العلمية.
12. انشاء مراكز بحوث في الجامعات والكليات والوزارات.
13. تخصيص جزء من ارباح شركات القطاع العام والخاص للبحث العلمي .
14. احياء المجلس الوطني للبحث العلمي وربط مجالس البحث العلمي في الجامعات والكليات والوزارات به.
15. تدريس مادة من مواد المناهج الدراسية باللغة الاجنبية.
16. ربط موضوع اطاريح الماجستير والدكتوراه بحاجة سوق العمل وحسب خطط التنمية الدائمة.
17. رفع معدلات القبول في الجامعات وفق معايير الجودة وخضوع المرشحين لفحص اللياقة.
18. إلغاء نظام التقاعد الوجوبي للعلماء والأساتذة (درجة استاذ) .
19. الاشتراك بالدوريات العلمية المرسومة للجامعات الاجنبية.
20. تحديد عدد المفردات العلمية للسنة الجامعية لمتطلبات النوعية لا الكمية حرصا على توجيه التعليم الجامعي نحو انتاج المعرفة عوضا عن تلقين المعرفة وحذف الزائد منها.
21. اشتراط التعاقد على حل مشكلة علمية لأغراض التفرغ العلمي وقبول البحث من قبل لجنة علمية.
22. تعميم المكتبة الالكترونية وربط الكليات بشبكة المعلومات.
23. انشاء بنك المعلومات لكل كلية وتوظيفها لأغراض الدراسة والبحث العلمي.
24. تعميم التعليم التقني في كافة المحافظات.
25. تعميم المعاهد الفنية لامتصاص حملة الدراسة الثانوية والاهتمام بإنشاء الكوادر الفنية المتوسطة استجابة لمتطلبات سوق العمل.
26. تفريع المواد العلمية الأساسية الى مادتين أو أكثر حسب متطلبات التخصص والعناية بالنوعية فيها .
27. التعاقد مع العلماء والخبراء ذوي السمعة الدولية الجيدة لتنظيم حلقات بحث للكادر التدريسي العراقي ومحاضرات تخصصية على المتميزين من طلبة الدراسات العليا واجراء التجارب العلمية والعمليات الجراحية للمرضى والمصابين بغية نقل المعرفة وتطويع التكنولوجيا في العراق بما يتيح لأكبر عدد من المختصين العراقيين للاستفادة من الخبرات العالمية كل حسب اختصاصه
28. تعديل قانون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الحالي بإضافة الدرجات العلمية التي يحصل عليها المغتربون العراقيون في الجامعات الاجنبية المرموقة والتي ليس لها مماثل في قانون الملاك العراقي او في القوانين الخاصة بوزارات او هيئات عراقية اخرى ومنها درجة استشاري Consultant .
كما ينبغي اضافة سنوات الخبرة التي يحصلون عليها في المؤسسات العلمية او الفنية عند التعيين او اعادة التعيين لتمكين هؤلاء المغتربين العائدين من الالتحاق بالمؤسسات العراقية المماثلة لها. حيث ترفض الوزارة اضافة الخبرة للغرض المذكور.
مصادر للمراجعة
1. سوسن شاكر مجيد ومحمد عواد الزيادات .ادارة الجودة الشاملة .دار صفاء للنشر التوزيع 2007,عمان
2. نعمان الموسوي .تطوير اداة لقياس ادارة الجودة في مؤسسات التعليم العالي. المجلة التربوية 67 لسنة 2003.
3. هشام العمادي .درجة تطبيق معايير الجودة الشاملة في مؤسسات التعليم العالي الاردنية من وجهة نظر رؤساء الاقسام في وزارة التعليم العالي . المجلة العراقية للعلوم الاقتصادية العدد 19/2009
4. اسامة عبد المجيد العاني .متطلبات الاستاذ الجامعي في عصر المعرفة. دراسات اقتصادية . بيت الحكمة العدد20/2008
5. الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العالي للسنوات 2009-2013 .وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق.
6. جلال محمد النعيمي. نحو استراتيجية لإصلاح التعليم العالي في العراق .الاكاديمية العربية في الدنمارك2006 .
7. محمد الربيعي .راهن ومستقبل البحث العلمي والدراسات العليا في العراق.
www.aliraqi.org/forums /archive/index phn/t-51995html
8. كاظم عبد نور. اصلاح التعليم العالي العراقي .اداء ومقترحات .جريدة الصباح البغدادية 8/13/ 2009
9. تنمية الموارد البشرية التدريسية في التعليم التقني العالي . محمود شاكر الملا خلف . العدالة العراقية 24/ 2/2008
محتويات
المطلب الاول. المقاييس البنيوية للجودة.
اولا. الجامعات.
ثانيا. حاضنات المعرفة.
ثالثا. البيئة التشريعية.
المطلب الثاني. المقاييس الوظيفية للجودة.
اولا. الموارد البشرية.
ثانيا. الموارد العلمية.
ثالثا. ضبط معايير الجودة.
الخاتمة
المقترحات
المصادر