ضمن فعالياتها المشتركة أحيت مؤسسة الحوار الانساني في لندن بالتعاون مع جمعية إنخدوانا لتي تعنى بالتراث السومري مساء الاربعاء 29/2/2012 ملحمة كَلكَامش التي تحدث فيها الشاعر العراقي فوزي كريم
هل يمكن للشاعر أن يكتب قصيدة تحت ظل قصيدة شهيرة كملحمة جلجامش؟
الشاعر فوزي كريم يجيب على سؤال كهذا، عبر تجربته الشخصية في كتابة نص كهذا، وعبر محاولة فهم لهذا “الخزين الخالد من الرؤى الشعرية”، كما يُسمي الملحمة.
الحديث عن الملحمة الشعرية، شأن الاهتمام العالمي بها، لا حدود له. الكتب الأجنبية التي رعتها بالترجمة والدراسة تجاوزت الألف والخمسمئة في دليل google.
على أن هذا الموقع يفتح لك أكثر من عشرة ملايين مدخل، تتوزع على اهتمامات شتى تبدأ بالترجمة ولا تنتهي بالمسرح والموسيقى.
ووسط هذا البحر المحيط كان الشاعر فوزي كريم يكتفي بخليج بالغ الهدوء، يقتصر على طبيعة اهتمامه الشخصي كشاعر، لا كباحث. حديثه حرص على أن يبقى في هذا المدار: سحر القِدم، سحر الحكاية،
سحر المحاور الكبرى التي تطرحها، والعناية الشعرية بالأسئلة الكبرى التي تشغل الانسان، سحر الدلالة العميقة التي تشف عبر كل شخصية فيها وكل حدث. سحر صلاحيتها الشعرية لكل عصر.
الشاعر فوزي كريم يؤمن بضرورة أن يظل الشاعر الحقيقي تحت ظل الشعر الذي سبقه.
ظل الشعر المحلي، والآخر العالمي الواسع. الشاعر الذي يسعى تحت وهم “البكورية” والانطلاق من نقطة الصفر في مخيلته شاعر مرحلي،
سريع الزوال. حتى “جلجامش” المبكرة جداً كانت تراتيل تنشدها الجماعة في المعبد،
وتعكس بالضرورة أصوات التراتيل التي سبقتها.
ويواصل إضاءة دور الملحمة لا في الكشف عن حقائق الماضي التاريخية وحدها، بل سيتسع لوعي الانسان بذاته، وللمخيلة المبدعة فيه. فإذا كانت قصة الطوفان رابضة هناك بتفاصيلها،
فإن خلق أنكيدو من طين يشفّ بقوة عن صورة أبينا آدم وأمنا المُغوية حواء. وأن غلبة جلجامش لعشتار يوحي بلحظة انتقال التاريخ من سيادة الأمومة لسيادة الأب.
والعلاقة العاطفية المثيرة بين جلجامش وأنكيدو يعطي بضعة مفاتيح نافعة لعلم النفس. وانتقال أنكيدو من الحياة الخام مع الحيوان في البراري، تحت تأثير شامات،
إلى الحياة المدينية يكشف عن أولى لحظات يقظة العقل والإدراك الانساني. دعك عن الأسرار الإنسانية الكامنة في طبيعة أنكيدو الأرضية،
وقد خُلق من طين، وطبيعة جلجامش نصف الأرضية، وفي معنى المسعى الباطل للخلود، وحكمة ان يلتزم الإنسان القناعة بفعله وإنجازه.