حدثني صديقي في العمل ذات يوم وقال لي عندي سؤال يحيرني طالما لم اجد الاجابة عليه وهو من القادر على ترويض الانسان وتوجيه رغباته وغرائزه ويجعله منضبطا اجتماعيا وسلوكيا؟ هل هو الدين ؟هل هو الضمير ؟هل هي البيئة والظروف المحيطة ؟هل العرف ام ماذا ؟
حقيقة السؤال استفزني كثيرا خصوصا انه في مساحة اللاوعي الجواب يقول مسرعا الدين هو من يستطيع حل هذا الاشكال.
ولكن تريث قليلا وترويت من السؤال عبر حوار دار بيني وبينه وقلنا الدين لوحده لا يستطيع صناعة الانسان فهو اي الانسان سريعا ما يهتز بناء الدين له عبر اطلالة المغريات عليه برأسها وشاهدنا في هذا الكلام حي موجود ماثل بيننا فما ان امتلك دعاة التدين السلطة الا وتفجرت عندهم الغرائز الى درجة اوصلوا الناس الى ان تحقد على الدين من خلال تدينهم والتاريخ ايضا لم يحدثنا ان استطاع الدين لوحده ان يصنع مجتمعا مثاليا يأمن فيه الانسان اخيه الانسان فعندها وصلنا الى نتيجة ان الدين يمكن ان يكون مشاركا مع عوامل اخرى لترويض الانسان وتوجيه رغباته انتقلنا الى الضمير والعيب والعرف وقلنا هل هي كافية لصناعة الانسان الحضاري غير المتغول على اخيه الانسان وعندها قلنا هو من يصنع الضمير من يربيه على الفضيلة وعدنا الى اسئلة كثيرة لم نتوصل من خلالها الى كفاءة الضمير والعرف على صناعة الانسان الذي يأمنه اخيه الانسان ولكن ممكن ان يساعد مع الدين في لجم غرائز الانسان جزئيا.
هل الظروف تصنع الانسان يعني ما يمارس من ظلم او تجويع او حرمان او وجود جماعات متدينة في مجتمع ما هل يمكن ان تصنع انسانا حضاريا الجواب قد تصنع انسانا مبدعا ولكن تعجز عن ان تصنع انسانا سويا بل العكس قد تشكل عامل دفع لشرانية الانسان وابعاده عن خيريته لانها ظروف ضاغطة وخانقة تساعد على الانفجار.
اخيرا اهتدينا الى ان ماتقدم كله بما في ذلك الدين والعرف والظرف يشكل دورا في صناعة الانسان وليس كل الدور الدور الاساسي يقع على عاتق الدولة فالدولة تعطي الانسان وتضربه في ذات اليد التي تعطيه فهي تعطي وتمنع وتردع فهي اي الدولة من تستطيع كبح جماح وتهور الانسان وهي من تجعله يمشي سويا على صراط مستقيم وفي نفس الوقت الدولة التي تريد ضمان حضارية افرادها ومجتمعها لابد ان تجسد تطلعاته في الحياة الحرة الكريمة السعيدة من خلال نظام سياسي يختاره ابناء الشعب يجمعهم ويسوسهم بالحق وبهذا نصل الى اهمية الدولة واهمية تعزيز قوتها وشرعية احتكارها للقوة ولهذا غالى وتطرف بعضهم مثل هوبز وميكافيلي في دعم قوة الدولة الى حد عدم المحاسبة للحاكم او من قال لا يجوز الخروج على الحاكم وان كان ظالما فاسقا فاجرا.
ومن هنا ايضا نفهم قول الامام علي عليه السلام لابد للناس من امام بر او فاجر فالدولة لابد من قيامها اولا لمنع الفوضى والانهيار الاجتماعي والتظالم لان الدولة تمتلك من الادوات ما تقدر فيه على الضبط الاجتماعي وحماية الانسان وردع سلوكه العدواني والغرائزي.