الاهوار العراقية في المطبوعات الغربية .. رؤية غربية، مراجعة عراقية
صادق الطائي
استضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 12 يوليو 2017 الباحث العراقي نديم العبدالله في امسية ثقافية تحدث فيها عن الاهوار العراقية في المطبوعات الغربية بمناسبة مرور عام على ادراج الاهوار على قائمة اليونسيكو للتراث العالمي .
الاستاذ نديم العبدالله من مواليد بغداد ,حاصل على بكالوريوس لغه انكليزية من جامعه الموصل عام 1987،وحاصل على شهادتي الدبلوم العالي والماجستير في التربية والتعليم من جامعة بلايموث في بريطانيا. له العديد من الدراسات والبحوث والكتب الصادرة باللغة الانكليزية، مثل كتاب “دراسات في السياسة التعليمية ” وكتاب ” ببلوغرافيا الكتب الانكليزية الصادره حول العراق وبلاد الرافدين 1800-2000 “. ويشتغل حاليا على مشروع كبير هو اصدار ( موسوعه المؤلفين والكتب الصادرة باللغة الانكليزية حول العراق )،وهو مدير مركز الدراسات الانجلو- عراقية بلندن. ،عمل لسنوات طويلة في مجال التعليم واللغات اضافة لنشاطه في مجالات المجتمع المدني والاعلام والسياسة حيث ترشح للبرلمان العراقي في دورته الاخيره لعام 2014.
الاهوار العراقية
تناولت الاستاذ نديم العبدالله الاهوار العراقية موضحا ماذا تعني واين تقع وتفاصيلها البيئية قائلا؛هي مجموعة المسطحات المائية التي تغطي الاراضي المنخفضة الواقعة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي، وتكون على شكل مثلث تقع مدن العمارة والناصرية والبصرة على رؤوسه. وتتسع مساحة الاراضي المغطاة بالمياه وقت الفيضان في اواخر الشتاء وخلال الربيع وتتقلص ايام الصيهود. وتتراوح مساحتها 35-40 الف كيلو متر مربع. وتقع منطقة الاهوار بين دائرتي عرض 50 30ْ و50 32ْ شمالاً، وبين الحدود الإيرانية من الشرق، وحافة الهضبة من الغرب.
التقسيم الجغرافي
تقسم جغرافيا إلى مجموعتين:
-
مجموعة الاهوار الواقعة شرقي نهر دجلة واهمها الحويزة وتبلغ مساحتها داخل العراق نحو 2863 كيلومتراً مربعاً.
-
الاهوار الواقعة غربي دجلة واهمها هور الحمار الذي تبلغ مساحته نحو 2441 كيلومتراً مربعاً.
-
اهوار الفرات التي تمتد من الخضر إلى الكفل بين فرعي الفرات (الحلة والهندية). وتتألف من عدد من الاهوار الصغيرة.
وتبلغ مساحة اجمالي الاهوار، فقد تراوحت تقديراتها بين 9000 و20000 كيلومتراً مربعاً، وتبلغ مساحتها بحسب تقديرات أخرى على اساس وحداتها الادارية الصغرى والبالغة 20 ناحية ضمن المحافظات الثلاث التي تقع فيها منطقة الاهوار وهي محافظات (ميسان – ذي قار- البصرة) التي تعتبر مراكز التوازن المكاني والسكاني فيها.
ويعيش سكان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مصنعة في الأهوار، ويستخدمون نوعا من الزوارق يسمى بالمشحوف في تنقلهم وترحالهم.للأهوار تأثير إيجابي على البيئة فهي تعتبر مصدر جيد لتوفير الكثير من المواد الغذائية من الأسماك والطيور والمواد الزراعية التي تعتمد على وفرة وديمومة المياه مثل الرز وقصب السكر.ويعتقد البعض أن المنطقة هي الموقع الذي يُطلق عليه العهد القديم “جنات عدن”. وتشير الدراسات والبحوث التاريخية والأثرية إلى أن هذه المنطقة هي المكان الذي ظهرت فيه ملامح السومريين وحضاراتهم وتوضح ذلك الآثار والنقوش السومرية المكتشفة.
أهوار العراق وإدراجها في لائحة التراث العالمي
يعني إدراج أي موقع في اللائحة أنه أصبح ضمن المواقع الفريدة التي يجب الحفاظ عليها وإبعاد خطر اندثارها. ويتوقع من الجهات المسؤولة عن المناطق المدرجة توفير الظروف الملائمة للسياحة العالمية، فالإضافة الى التراث العالمي تشكل حافزا مهما في تشجيع السياح على التوجه إلى تلك المواقع من مختلف أنحاء العالم.وتتولى منظمة اليونسكو مراقبة هذه المواقع وتنظيم زيارات لتقييم أوضاعها، وتصدر تحذيرات للجهات المسؤولة لإبعاد أي مخاطر تهددها. وفي حال عدم حصول تقدم في تصحيح الموقف يُقنع الخبراء، فمن الممكن أن يوضع الموقع في قائمة المواقع المهددة.
وصفت منظمة اليونسكو منطقة الأهوار في العراق، لدى الإعلان عن إدراجها في قائمة التراث العالمي، بأنها “ملاذ تنوع بايولوجي وموقع تاريخي لمدن حضارة ما بين النهرين”، ولا شك أن أي منطقة تتضمن هذين العنصرين: عراقة التاريخ وغنى الطبيعة لا بد أن تكون استثنائية في أهميتها لتوضع ضمن كنوز العالم التي يصبح الحفاظ عليها وإدامتها من الأولويات.ووفق قرار المنظمة، الذي أعلن في مدينة اسطنبول التركية، دخلت إلى لائحة التراث العالمي أربعة أهوار في جنوب العراق هي: الأهوار الوسطى وهور الحمّار الغربي، وهور الحمّار الشرقي وهور الحويزة التي تتوزع بين محافظات ذي قار وميسان والبصرة.وأضيفت للائحة أيضا ثلاثة مواقع لمدن سومرية هي: أور وأريدو قرب مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار وأوروك (الوركاء حاليا) في محافظة المثنى.
الاهوار في الكتابات الغربية
جذبت الأهوار بطبيعتها الساحرة الرحالة والباحثيين الغربيين، فألفوا كتبا عنها، منها كتاب “قصبة في مهب الريح” لغـافـن ماكسويل، و”العودة إلى الأهوار” لغافن يونج، و”عرب الأهوار” لويلفرد ثيسيجر، ولكن أكثر العلماء اهتماما بالاهوار وحضارتها القديمة هو عالم الآثار والمستكشف النرويجي ثور هايردال صاحب كتاب “حملة دجلة.. في البحث عن البداية” الذي باشر مشروعه في معرفة طرق وصول أبناء حضارة الرافدين القديمة إلى العالم.
الحاج ركان .. عرب الأهوار – فلانين هتشكوك
من المؤلفات التي كتبت على شرف الاهوار وسكانها والبيئة المحيطة بها، هو كتاب “الحاج ريكان .. عرب الاهوار”، الذي انجز عام 1927، من تأليف “فلانين” والمقصود بفلانين هما: السيدة هتشكوك وزوجها الميجر هتشكوك الضابط البريطاني الذي خدم في مدينة العمارة فترة الاحتلال البريطاني للعراق، وفي اغلب الظن ان “فلانين” هو تثنية المفردة العربية “فلان” الشهيرة والمتداولة بين عرب الاهوار.
في مطلع الكتاب لا يخفي المؤلفان بأن الفضل في تأليف ذلك الكتاب يعود للخاتونه “جيرترود لوثيان بيل” حيث اقترحت عليهما تلك الفكرة، وكان مقررا ان تكتب مقدمة الكتاب لكن الاجل حان دون ذلك. عن الكتب الاخرى التي تتحدث عن الاهوار فإن المختلف في ذلك الكتاب انه بالإضافة الى الإلتقاطات التي شاهدها ووثقها المؤلف بنفسه، فإنه ايضا وثّق لكثير من تفاصيل حياة الاهوار وسكانها فترة الاحتلال البريطاني، وقبل ذلك في فترة الاحتلال العثماني للعراق، من خلال القصص التي رويت على لسان من عاشوها في مرحلة زمنية يندر بل يكاد ينعدم فيها التدوين عن بيئة الاهوار، خصوصا في القرن التاسع عشر والنصف الاول للقرن العشرين، ويمثل دور القاص والسارد لتلك الوقائع هو “الحاج ريكان” التاجر المتجوّل في تلك المناطق والذي يعرف جغرافيا وبيئة الاهوار بشكل ممتاز.
المصور الأسترالي فرانك هيرلي وصوره في كتالوجات المكتبة الوطنية لأستراليا
فرانك هيرلي (15 أكتوبر 1885 – 16 يناير 1962) مصور ومغامر أسترالي،شارك في عدد من البعثات إلى القارة القطبية الجنوبية وعمل كمصور رسمي مع القوات الاسترالية خلال الحربين العالميتين.أسلوبه الفني أنتج العديد من الصور لا تنسى. كما استخدم مشاهد مسرحية ومركبات وتصوير فوتوغرافي.
صور فرانك هيرلي الحياة اليومية لعرب الأهوار في العراق، وردودهم الإيجابية المحيرة على الوجود البريطاني في العراق عام 1944، عمل هورلي في وزارة الأعلام البريطانية وذهب في رحلة عبر الأهوار في زورق (مشحوف) في نيسان / أبريل 1944. وكان يسعى الى توثسق التغيرات التي سبق وان صورها ويلفريد ثيسيجر لعرب الأهوار منذ عدة سنوات، وقد قدم هيرلي سجلا مؤثرا لطريقة حياة عرب الاهوار قبل أن تدمر هذه البيئة الفريدة عالميا. ويمكن الاطلاع على نسخ رقمية من الصور واليوميات على الموقع الالكتروني للمكتبة الوطنية الأسترالية (the National Library of Australia ).
ولـفـريـد ثـيـسـجـر بـيـن وعـرب الأهـوار
ولـد ولـفـريـد ثـيـسـجـر(Wilfred Thesiger ) في أديـس أبـابـا، اثيوبيا سـنـة 1910 مـن أبـويـن بـريـطـانـيـيـن، ودرس في إنـكـلـتـرة، في أحـسـن مـدارسـهـا وجـامـعـاتـهـا : في Eton و Oxford، قـبـل أن يـعـود إلى إثـيـوبـيـا في سـنّ الـرّابـعـة والـعـشـريـن لـلـمـشـاركـة في مـهـمـة اسـتـطـلاع مـجـرى نـهـر أواش. ثـمّ عـيّـن في الإدارة الـبـريـطـانـيـة لـلـسّـودان. وخـلال الـحـرب الـعـالـمـيـة شـارك في مـعـارك اسـتـعـادة الـحـبـشـة مـن الإيـطـالـيـيـن. ثـمّ أرسـل إلى سـوريـا. وخـدم بـعـد ذلـك في قـوة الـطـيـران الـبـريـطـانـيـة في لـيـبـيـا ضـدّ الألـمـان.ودرس ثـيـسـجـر الـلـغـة الـعـربـيـة وكـان يـتـفـاهـم مـع الـنّـاس بـعـدّة لـهـجـات.
وقـد سـافـر ثـيـسـجـر في أفـريـقـيـا والـشّـرقـيـن الأدنى والأوسـط لـمـدة سـنـوات طـويـلـة. وقـام بـيـن 1945 و 1950 بـعـدّة رحـلات إلى جـزيـرة الـعـرب وحـام حـول الـرّبـع الـخـالي. وكـان مـن أوائـل الإنـكـلـيـز الّـذيـن اخـتـرقـوه. وقـد اخـتـرقـه مـرتـيـن عـلى ظـهـور الـجـمـال. وكـتـب عـن ذلـك كـتـابـاً شـديـد الـشّـهـرة أعـيـد طـبـعـه مـرارا فوق الرمال العربية ( Arabian Sand).
وبـيـن أواخـر عـام 1951 وحـزيـران 1958، أقـام ثـيـسـجـر عـدّة مـرّات ولـمـدة أشـهـر طـويـلـة في أهـوار جـنـوب الـعـراق.وصـل ثـيـسـجـر إلى الأهـوار في أواخـر عـام 1951، وسـقـط حـالاً في دائـرة سـحـرهـا حـتّى أنّـه كـتـب عـن هـذه الـزّيـارة الأولى :“أقـمـت في أهـوار جـنـوب الـعـراق مـن أواخـر عـام 1951 إلى حـزيـران 1958، لـفـتـرات دام بـعـضـهـا أحـيـانـاً سـبـعـة أشـهـر. وكـان عـام 1957 الـعـام الـوحـيـد الّـذي لـم أذهـب إلـيـهـا فـيـه. وكـنـت في إقـامـاتي تـلـك أعـيـش مـع أهـل الأهـوار كـواحـد مـنـهـم.” ثـمّ عـاد ثـيـسـجـر إلى الأهـوار مـراراً لـيـقـيـم فـيـهـا فـتـرات طـويـلـة ،وكـانـت الأهـوار في الـفـتـرة الّـتي زارهـا ثـيـسـجـر واسـعـة الأرجـاء. وقـد وصـفـهـا بـالـتّـفـصـيـل : “تـغـطي الأهـوار حـوالي سـتّـة آلاف مـيـل مـربـع (أي حـوالي 9،656 كـلـم مـربـع) مـن الـمـنـطـقـة الّـتي تـحـيـط بـالـقـرنـة الّـتي يـلـتـقي فـيـهـا دجـلـة والـفـرات شـمـال الـبـصـرة لـيـشـكـلا شـطّ الـعـرب. وهي إمّـا مـسـتـنـقـعـات دائـمـة نـبـاتـهـا الـرّئـيـسي الـقـصـب، أو مـسـتـنـقـعـات فـصـلـيـة يـغـطـيـهـا الأسـل (أسَـل الـمـسـتـنـقـعـات) تـجـفّ في الـخـريـف والـشّـتـاء، وإمّـا مـسـتـنـقـعـات مـؤقـتـة تـمـتـلئ في أوقـات الـفـيـضـانـات وتـغـطـيـهـا بـعـد ذلـك نـبـاتـات الـسُّـعـادي (نـوع مـن الـبـردي (sedge. ويـمـكـن تـقـسـيـمـهـا إلى الأهـوار الـشّـرقـيـة في شـرق دجـلـة، والأهـوار الـوسـطـانـيـة في غـرب دجـلـة وشـمـال الـفـرات، والأهـوار الـجـنـوبـيـة في جـنـوب الـفـرات وغـرب شـطّ الـعـرب. وهـنـاك بـعـض الأهـوار الـدّائـمـة بـيـن الـشّـطـرة ونـهـر الـغـرّاف الّـذي يـنـفـصـل عـن دجـلـة في الـكـوت وتـنـحـدر مـيـاهـه في اتـجـاه جـنـوب الـغـرب نـحـو الـنّـاصـريـة. ونـجـد بـعـض الأهـوار الـفـصـلـيـة في شـمـال شـرق الـعـمـارة“.
ويـذكـر ثـيـسـجـر أنّـه كـان يـعـرف خـاصـة الأهـوار الـوسـطى، ربّـمـا لأنّـه بـدأ بـهـا : “وأنـا أعـتـبـرهـا في الـحـقـيـقـة مـثـل بـلـدي. وخـلال سـنـوات زرت كـلّ مـوقـع فـيـهـا تـقـريـبـاً، وقـد عـدت إلى أغـلـبـهـا حـيـنـاً بـعـد حـيـن. وعـنـدمـا اشـتـريـت مـشـحـوفـاً جـاء سـائـقـو مـشـحـوفي مـن هـنـا. وعـنـدمـا ارتـضـوا أن يـعـمـلـوا عـنـدي رضي عـنّي أبـنـاء عـشـائـرهـم وقـبـلـوني بـيـنـهـم. وقـد صـاحـبـوني طـيـلـة هـذه الـسّـنـوات، وأقـمـت في قـراهـم، وكـنـت أعـود إلـيـهـا بـعـد كـلّ واحـدة مـن جـولاتي. وقـد تـجـوّلـت في الأهـوار الـشّـرقـيـة ولـكـنـني لـم أتـعـرف عـلى أهـلـهـا بـنـفـس الـعـمـق. وقـد بـقـيـت بـيـنـهـم غـريـبـاً وإن كـانـوا يـرحـبـون بي لـلـمـسـاعـدات الـطّـبـيـة الّـتي يـمـكـنـني أن أغـدقـهـا عـلـيـهـم. أمّـا مـعـرفـتي بـالأهـوار الـجـنـوبـيـة فـقـد كـانـت قـلـيـلـة“.
وقـد قـضى ثـيـسـجـر كـلّ الـفـتـرات الّـتي أقـام فـيـهـا في الأهـوار في الـتّـجـول عـلى طـرادتـه بـيـن قـراهـا والـتّـعـرف عـلى الـنّـاس، بـسـطـائـهـم وأعـيـانـهـم، ومـصـاحـبـتـهـم في أعـمـالـهـم وفي صـيـدهـم، وتـسـجـيـل مـلاحـظـات والـتـقـاط صـور. وقـد سـهـلـت لـه مـهـمـتـه إمـكـانـيـاتـه الـمـاديـة ومـعـارفـه الـطّـبّـيـة ومـمـارسـاتـه الـبـسـيـطـة لـلـتّـضـمـيـد. وكـان يـجـلـب مـعـه في كـلّ مـرّة أدويـة ضـدّ الأمـراض الـمـتـفـشّـيـة في الأهـوار.وفي عام 1964 نـشـر ثـيـسـجـر في لـنـدن عـن دار نـشـر Longmans, green، كـتـابـه الـشّـديـد الـشّـهـرة والّـذي يـسـرد فـيـه أقـامـاتـه في الأهـوار : “The Marsh Arabs ” ويـضـمّ الـكـتـاب عـدداً كـبـيـراً مـن الـصّـور الـفـوتـوغـرافـيـة حيث كـان ثـيـسـجـر يلتقط صور فوتوغرافية توثق رحلاته في الأهـوار وعددها بـالـضّـبـط 110 صور اصبحت فيما بعد مرجعا للباحثين في حياة الاهوار. وقـد أعـيـد طـبـع الـكـتـاب مـراراً ومـا زال يـبـاع.
غـافـن مـاكـسـويـل “قصبة في مهب الريح”
وصـل عـالـم الـطّـبـيـعـيـات الإسـكـتـلـنـدي غـافـن مـاكـسـويـل( Gavin Maxwell ) إلى الـعـراق في 1956 مـع ولـفـريـد ثـيـسـجـر. وقـد كـتـب ثـيـسـجـر بـعـد ذلـك ““جـاء غـافـن مـاكـسـويـل مـعي إلى الـعـراق في 1956، وكـان يـريـد أن يـؤلـف كـتـابـاً عـن الأهـوار، فـتـجـولـت بـه فـيـهـا سـبـعـة أسـابـيـع عـلى طـرادتي” ،والـطّرّادة الّـتي يـذكـرهـا ثـيـسـجـر (وهي مـشـحـوف كـبـيـر) كـانـت قـد صـنـعـت لـفـالـح بـن مـجـيـد، شـيـخ ألـبـو مـحـمّـد. وأهـداهـا فـالـح لـثـيـسـجـر بـعـد وصـولـه إلى الأهـوار بـقـلـيـل.وفي 1957 نـشـر مـاكـسـويـل كـتـاب“ People of the Reeds “،كـمـا نـشـر في 1959 بـالإشـتـراك مـع ثـيـسـجـر كـتـاب بعنوان قصبة في مهب الريح .. رحلة في الاهوار غير المستكشفة في العراق (A Reed Shaken by the Wind– a journey through the Unexplored Marshlands of Iraq ).
وقد عاد مـاكـسـويـل إلى إسـكـتـلـنـدة عام 1956مـصـطـحـبـاً مـعـه Smooth-Coated Otter أي قُـنـدس أو كـلـب مـاء وقد اطلق عليه تحببا اسم احد اصدقائه من سكان الاهوار اسـمـه مِـجـبِـلMijbil .وقـد أبـقـاه مـعـه في داره وربّـاه مـع كـلـيـب مـاء آخـر. وقـد اكـتـشـف أنّ هـذا الـنّـوع الّـذي يـعـيـش في الأهـوار كـان مـجـهـولاً في كـتـب عـلـم الـحـيـوان. وبـعـد أن نـشـر دراسـة عـنـه أطـلـق عـلى الـحـيـوان اسـم“ Maxwell’s Otter ” وقـد نـشـر مـاكـسـويـل في 1960 كـتـابـاً عـن مـجـبـل والـعـلاقـات الّـتي تـوثّـقـت بـيـنـهـما بعنوان ( Ring of Bright Water)ولاقى هـذا الـكـتـاب نـجـاحـاً كـبـيـراً وأعـيـد طـبـعـه مـراراً. وبـاع مـنـه أكـثـر مـن مـلـيـون نـسـخـة.وفي 1969 أخـرج الـمـخـرج الـبـريـطـاني Jack Couffer هـذه الـقـصّـة في فـيـلـم سـيـنـمـائي لاقى نـجـاحـاً هـو الآخـر. وعـرف مِـجـبـل في الـفـيـلـم بـاسـم (Mij the Otter).
غـافـن يـونـغ “العودة الى الأهـوار“
بـعـد أن أنـهى غـافـن يـونـغ Gavin Young خـدمـتـه الـعـسـكـريـة في فـلـسـطـيـن والأردن، عـاد إلى قـاعـات الـمـحـاضـرات لـيـدرس الـتّـاريـخ الـحـديـث في جـامـعـة أكـسـفـورد. وعـنـدمـا حـصـل عـلى شـهـادتـه الـتـحـق بـشـركـةRalli Brothers لـلـشّـحـن الـبـحـري الـبـريـطـانـيـة الّـتي عـمـل فـيـهـا عـامـيـن. وقـد بـعـثـتـه الـشّـركـة إلى الـبــصـرة.وفي بـدايـة 1952، إلـتـقى غـافـن يـونـغ في الـبـصـرة بـولـفـريـد ثـيـسـجـر الّـذي تـحـدّث لـه عـن الأهـوار، فـذهـب إلـيـهـا يـونـغ مـعـه. ثـمّ رجـع إلـيـهـا عـدّة مـرّات بـعـد ذلـك وأقـام فـيـهـا فـتـرات طـويـلـة، إلى أن تـرك عـمـلـه وتـرك الـعـراق لـيـقـضي عـامـيـن في جـنـوب غـرب جـزيـرة الـعـرب.
وفي 1956، مـرّ بـالـبـصـرة في طـريـقـه مـن الـجـزيـرة الـعـربـيـة عـائـداً إلى إنـكـلـتـرة، وقـضى فـيـهـا عـدّة أسـابـيـع. وبـعـد أن رجـع يـونـغ إلى إنـكـلـتـرة لـيـقـضي فـيـهـا عـطـلـة، إنـدلـعـت حـرب الـسّـويـس، أي الـعـدوان الـثّـلاثي عـلى مـصـر ومـانـتـج عـنـه في بـلـدان الـمـنـطـقـة. ولـم يـسـتـطـع الـعـودة إلى الأهـوار، فـمـارس الـصّـحـافـة وسـافـر وألّـف كـتـبـاً كـثـيـرة.
وبـعـد سـبـع عـشـرة سـنـة، أي في 1973عـاد غـافـن يـونـغ إلى الأهـوار لـيـجـد بـعـض أصـدقـائـه الّـذيـن كـان قـد عـرفـهـم فـيـهـا في الـخـمـسـيـنـات. ثـمّ عـاد إلـيـهـا عـدّة مـرّات يـتـجـوّل فـيـهـا عـلى طـرّادة ويـحـاول أن يـعـيـش مـع نـاسـهـا كـمـا يـعـيـشـون. وقـد حـلّـق فـوق الأهـوار عـلى طـائـرة هـلـيـوكـوبـتـر يـقـودهـا ضـابـط عـراقي يــومـيـن كـامـلـيـن إلـتـقـط فـيـهـمـا عـدداً كـبـيـراً مـن الـصّـور. ولاحـظ كـيـف غـيّـرت “الـحـضـارة الـحـديـثـة“ حـيـاة الأهـوار الّـتي أحـبّـهـا في زمـنـه … وكـتـب عـن زيـاراتـه هـذه لـلأهـوار كـتـابـاً نـشـره عـام 1977(Return to Marshes, Life with the Marsh Arabs of Iraq )وصـاحـبه في هذه الرحلة مصور فوتوغرافي محترف هو من التقط صور الكتاب هو( Nik Wheeler).
وفي 1980 نـشـر يـونـغ كـتـاب : « Iraq: Land of Tow Rivers » الّـذي سـرد فـيـه أسـفـاره في الـعـراق، وصـاحـبـه بـصـور فـوتـوغـرافـيـة الـتـقـطـهـا( Nik Wheeler ) أيـضـاً ،وعـاد غـافـن يـونـغ إلى الأهـوار آخـر مـرّة في 1984، خـلال الـحـرب الـعـراقـيـة الإيـرانـيـة ولـمـس تـغـيـيـرات أخـرى أثـارت حـنـيـنـه إلى الـزّمـن الّـذي كـانـت فـيـه الأهـوار بـيـئـة طـبـيـعـيـة يـتـآلـف فـيـهـا الـنّـاس والـمـاء والـنـبـاتـات والـحـيـوانـات في تـنـاسـق وتـنـاغـم دامـا آلاف الـسّـنـيـن قـبـل أن تـخـربـهـا “الـحـضـارة الـحـديـثـة“ بـجـشـعـهـا وحـروبـهـا.ونـشـر غـافـن يـونـغ آخـر كـتـاب تـكـلّـم فـيـه عـن الـعـراق في 1998 : «Eye on the world ». ونـشـر فـيـه كـثـيـراً مـن الـصّـور الّـتي كـان قـد الـتـقـطـهـا. ويـعـتـبـر هـذا الـكـتـاب قـصـة حـيـاتـه يـرويـهـا بـالـصّـور.
ديفيد هاريسون وموسوعته “اللبائن في المنطقة العربية”
ديفيد لاكين هاريسون (1 أكتوبر 1926 – 19 مارس 2015) عالم حيوان بريطاني أسس مع عائلته، متحف هاريسون للحيوانات، والمعروف لاحقا باسم معهد هاريسون،الف ديفيد هارسون معجمه الجغرافي الذي احتوى أكثر من 1300 منطقة في الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام. وتستند البيانات الإيكولوجية والبيولوجية على الخبرة المباشرة في الميدان، فضلا عن دعمها بالصور الفوتوغرافية. كما إدرج أكثر من 600 مرجع في قائمة المراجع وهناك مسرد مصور للمصطلحات التقنيةمع أكثر من 159 صورة فوتوغرافية و 290 لوحة من الرسومات والخرائط والمخططات، كتاب (اللبائن في المنطقة العربية ) يعطي فهما مفصلا عن 150 نوعا من الثدييات الموجودة في المنطقة، مع أقسام لكل الأنواع تقوم على اساس تحديدالتباين، والتوزيع الجغرافي والبيئة. يتم تضمين مفاتيح للعائلات والأجناس والأنواع. وقد ضم وصفا ومصورات مهمة عن بيئة الاهوار وحيواناتها جنوب العراق.