إشكالية علاقة السياسة بالأخلاق من خلال ثلاث محاور:
مقاربة فلسفية لعلاقة الأخلاق بالسياسة حيث أشار في بداية مداخلته إلى أهمية تصحيح النظر تجاه الفلسفة بصفة عامة باعتبارها تعلم المواطنين فن العيش المشترك القائم على احترام الاختلاف والتعدد، وتربطهم بالمثل العليا. لافتا النظر إلى تنامي دعوات العديد من المنظمات والهيئات التي تنادي بضرورة تخليق الحياة السياسية.مشيرا في نفس الوقت إلى أنه بقدر ما هناك حاجة إلى الأخلاق هناك تنامي التخوف من استغلال وتوظيف الأخلاق في اتجاه إقصاء الآخر واستعدائه بل وشن الحرب عليه باسم محاربة الشر وأهله كما تفعل اليوم أمريكا في العراق وغيرها من البلدان.
أن الأخلاق في الغرب جاءت تتويجا لعملية سابقة لها والتي تتمثل في ما أسماه بالتفكير في الأخلاق، وختم مداخلته بالتأكيد على ثلاث مرتكزات لعلاقة الأخلاق بالسياسة، الأولى: كون الأخلاق تستند إلى إبداع العقل البشري، حيث الأصل في الإنسان أنه طيب بطبعه، والثانية أن علاقة الأخلاق بالسياسة يجب أن تستند إلى نقاش عمومي، فيما الثالثة: تكمن في التسليم بتاريخية الأخلاق وبكونها تتطور بتطور التاريخ.
المحور الثاني المتعلق بالأخلاق في الممارسة السياسة للأحزاب السياسية و تعريف الحزب السياسي ليقف عند أسباب العزوف عن السياسة ببلادنا التي أرجعها إلى ما أسماه بالحرب الباردة التي سعت وتسعى اليوم إلى تشويه العمل السياسي والسياسيين، هذا التشوه والتنفير تدعمه رؤية مخزنية تسعى إلى جعل المخزن هو المهيمن والمسيطر، ولم يفته التذكير بكون الممارسة السياسية بالمغرب اعترتها مجموعة من الشوائب الناتجة عن أخطاء قد تكون أخطاء مؤسسات وقد تكون أخطاء فردية، كما أنها أي -الممارسة الحزبية- خضعت في كثير من الأحيان لمنطق الفكر الميكيافلي عند الكثير من أحزابنا كما أوقعها في المفارقة بين الشعار والممارسة وبين ممارسة الحزب السياسي في وضعية المعارضة وممارسته في وضعية الحكم، وختم مداخلته بالتأكيد على ضرورة دمقرطة وتخليق الممارسة الداخلية للأحزاب السياسية.
أن الحديث عن الأخلاق والسياسة مدخل للتنمية والانتقال الديمقراطي ببلادنا، معتبرا أن الإطار العام الفكري للحسم قي قضية الأخلاق والسياسة هي أولا الحسم في العلاقة الممكنة للدين بالسياسة، التي يجب أن تتجاوز آفتين خطيرتين: الأولى آفة العلمنة والثانية آفة التسييس، مشيرا إلى معنيين للعلمنة: معنى إجرائي سياسي مضمونه نزع القداسة عن الدولة وعن الحكام وهذا معنى لا خلاف حوله، والثاني معنى يجعل من الدين حالة شخصية لا قبل له بالحياة العامة، وهذا المعنى نرفضه لاعتبارات منها أنه يصادر الحق في المرجعية من خلال فرض الفصل بين الدين والسياسية، ولكون الإسلام يتميز عن غيره من التجارب الدينية ” المسيحية”، كما دعا إلى رفض احتكار الدين والتكلم باسمه، أو توظيفه في الصراع السياسي، وفي تصفية الخصوم. كما تناول بدوره علاقة الغايات بالوسائل معتبرا أن أصل البلاء في بلادنا هو كونها ابتليت بحكومات إدارية غيبت الأخلاق عن السياسة، مشيرا إلى بعض معالم الفعل السياسي عند حزب البديل الحضاري، القائمة على معارضة المنكر كيفما كان نوعه سواء كان سياسيا أو أخلاقيا أو اقتصاديا، مشيرا إلى أن الحزب في برنامجه الانتخابي من خلال طابعه النضالي يسعى للالتزام الأخلاقي في ممارسته من خلال اعتباره أن الشروط السياسية العامة بالبلاد تجعل من البرنامج ذو الطابع النضالي الذي يسعى إلى النضال من أجل الانتظارات الكبرى في المجال السياسي والاجتماعي يحافظ على هذا الالتزام الأخلاقي للحزب تجاه ناخبيه الذي لا يقدم وعودا بقدرما ما يسعى إلى النضال من أجل التمكين لهذه الانتظارات على أرض الواقع.
تجدر الإشارة إلى أن ندوة الأخلاق والسياسة خلفت انطباعا إيجابيا عند المشاركين والحاضرين في هذه الندوة بالنظر إلى تنوع المشاركين فيها وبالنظر إلى الجو الإيجابي الذي مرت فيه، وهو ما عكسته مداخلات الحاضرين.