زاهرة محمد
لم تكن أمسية أحلام مستغانمي كأي أمسية. ولم يكن جمهور قرائها كأي جمهور لحظة لقائها في معرض الكتاب الدولي في الشارقة. أكثر من ألفي شخص، في انتظار مبدعة «ذاكرة الجسد»، أكثر حتى من عدد نسخها المتوفرة في المعرض؛ أشخاص حضروا منذ ساعات باكرة لانتظارها والاحتفاء بها، وبينهم كنت واقفة هناك ضمن الحضور الهائل، متأملةً إنسانية هذه الكاتبة حين استقبلت محبيها بقلب واسع من دون ملل منها أو تكبر وفي كثير من الأحيان محتضنتهم ليفرطوا في البكاء. هل أصبح البعض متعطشاً للحب لهذا الحد في مجتمعنا، بدأت أسأل نفسي؛ أم أن أحلام استطاعت أن تصل بكلماتها مساحات لا يستطيع حتى الحبيب أن يراها في شريكه؟!. حاولت قراءة الوجوه الكثيرة الموجودة في القاعة لامحةً بريقا هنا وحزنا هناك وأملا في عيون أخرى كأنها أسطر روايات أحلام تجسدت انتظارا في عيون محبيها وكأنهم يبحثون عن شيء كل حسب ظروفه وتجربته الحياتية وكأن البعض جاء يلتمس مشاهد من روايتها متأملين أن يحدث لهم شيء يشبه الحب بعد اللقاء.
الكثير من النساء العربيات في القاعة أمهات مع اطفالهن، شابات في مقتبل العمر ونساء جاوزن السبعين كانت منهن امرأة على كرسي متحرك تجلس على بعد مقعدين مني تعلو وجهها فرحة فتاة في مقتبل العمر، وكأن الحاضرين يحملون نسيان دوت كوم بطاقة لدخول عالم النسيان عل جرعة النسيان ممزوجة بحضور أحلام تهبهم نفسا طويلا في زحام الحياة وكأس ماء يتجاوزون به محنهم المختلفة في هذا العالم، وآخرون بفوضى حواسهم يقفون انتظاراً طويلا في ذلك الطابور الذي امتد مسافة طويلة حتى خارج باب القاعة.
لماذا أحلام؟ هل لأنها تكلمت ببساطة المرأة العربية وبشموخها وصبرها وقلبها المحب الكبير؟!، لماذا حضّرت بيع الكتاب عن الرجال هل كانت دعوة غير معلنة للرجل أن يلتفت بعيدا عن ظلال الوهم ليقرأ وجه حبيبته وفيه اختصرت العديد من النسيانات والعطاءات والانتظارات والتضحيات. أخذني الفضول لأسال النساء لماذا أحلام؟ فأجابت امرأة عشرينية: «لأن أحلام تضمد جروحنا لأني بكل رواية أجد شيئاً مني فأشفى وأشقى أحيانا أو حتى أعيش لحظة مسروقة من صخب العالم إلى سكينة حروف الحب الجميلة وتعلمنا أن الإنسان الصحيح يأتي بالوقت الصحيح تلك الخلطة السحرية من الصبر والشوق والإحساس جسر لنا كالجسور التي كتبت عنها أحلام لتأخذنا نحو سماء من أحرفها ومخيلتنا».
قالت أحلام في كلمتها التي ألقتها على مسامع الحضور إنها لا تعرف أن تقول أحبك إلا بلغة الضاد وكأنها دعوة معلنة منها لنا نحن العرب حين يتأخر الحب أو ما نسعى للوصول إليه أن نحتضن لغتنا ونعتز بعروبتنا، أن ننام بين أحضان كتاب يكون سفينتنا نحو العالم نحو السمو الفكري والعاطفي والروح.
ما لم تقله أحلام كان أكثر مما قالته وما لم تكتبه كان أعمق، باختصار هي دعوة معلنة أن نحب لغتنا.
جريدة الاتحاد الامارتية