محمد وردي (دبي)
الذات الإنسانية مدى مفتوح لكل القراءات والتأويلات، ومع ذلك تبقى عتماتها هي الأكثر غواية على السبر والنبش في كهوفها، التي تتلاطم فيها النزعات الحبيسة، ويغلب عليها الشر والضعف والقباحة؛ ذلك لأن الخير والحب أو كل ما نظنه يقع في دائرة الجمال، لانتردد في تظهيره بمناسبة أو من دونها. هذا ما تحاول أن تقوله مسرحية «رجال تحت الأرض»، العرض الأول من خارج المسابقة الرسمية في «مهرجان دبي لمسرح الشباب»، الذي جرى تقديمه مساء أمس الأول على صالة مسرح «ندوة الثقافة والعلوم» في الممزر بدبي. ينتمي العرض إلى «مسرح الجامعة»، من إنتاج «دائرة الثقافة والإعلام» في الشارقة. وهو نص مقتبس عن شخصيتي «فرانكشتاين ويوليوس قيصر» من إعداد وإخراج الفنان العراقي مهند كريم، وتمثيل الفنانين، الفلسطيني أحمد عرادة، والمصري شريف عمر، والسوداني حسن عز الدين.
يحكي العرض قصة الثري، الذي يموت مخلفاً وصية إلى طبيبه، يهبه فيها كل ثروته مناصفة مع مساعده إن أعاده إلى الحياة مرة أخرى. وبالفعل تعود الحياة للثري، وتعود معها مجدداً لهفته إلى سلطة المال، فيتآمر مع كل واحد منهما على قتل الآخر، من أجل الاحتفاظ بثروته.
يبدأ العرض بمقاطع غنائية من عيون الشعر الصوفي للحلاج وابن الفارض، قدمها الفنانان الفلسطينيان ظافر يوسف وريم البنا، بأداء شجي عذب يخطف الأنفاس.
العرض بمعنى من المعاني هو محاكاة وجودية ومساءلات عن سر الحياة والموت، من خلال مقاربات صوفية، ممزوجة بأسطورتي «سر الخلود» في ملحمة «جلجامش» السومرية، و»البعث» الفرعونية، تقوم على ثيمة الصراع بين الجمال والقباحة، التي لا تعرف الثبات بالنزعات الإنسانية.
سبق العرض جلسة في «المجلس» بعنوان «المسرح الشعري طموح أم خيال».
جريدة الاتحاد 18 نوفمبر 2014
