لندن / عدنان حسين أحمد –
نظّمت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن أمسية ثقافية للباحثة العراقية سلامات يوسف تحدثت فيها عن فن الحوار وتعريفه وتقنياته وغاياته ومعرقلاته والأنماط الشائعة فيه. فهي متخصصة بفن التواصل و المهارات الزوجية و الذكاء الإنساني، كما تعمل في مضمار الإرشاد النفسي، وفضّ النزاعات، و تعزيز العلاقات و فن الحوار في المجال الاجتماعي. وقد ساهم في تقديمها وتنشيط الأمسية كاتب هذه السطور. وقبل بدء المحاضرة عرضت السيدة سلامات شريطاً مُصوَراً يظهر فيه عدد من المتحاورين العرب من جنسيات مختلفة يضربون بعضهم بعضا بالأيدي والكراسي، ويتبادلون الشتائم، فيما اختتمت الندوة بعرض لمتحاورَين بريطانيين وهما كلينتون ريتشارد دوكنز، عالم البيولوجيا التطورية بجامعة أكسفورد وجون لينكس، عالم في الرياضيات وفلسفة العلوم بجامعة أكسفورد أيضاً يتناقشان بمنتهى الهدوء، والرصانة، والروح العلمية، والأدب الجم على الرغم من هوّة الخلاف التي تفصل بينهما فيما يتعلق بظاهرتي الإلحاد والإيمان. ثم بدأت محاضرتها بتعريف كلمة “حِوار” وقالت بأنها مصدر “حاوَرَ” وتعني راجع معه في الحديث. وأضافت بأنّ الحوار اصطلاحاً يعني “مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين، وعرّفه بعضهم بأنه نوع في الحديث بين شخصين، أو فريقين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة، فلا يستأثر أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبُعد عن الخصومة والتعصب”. وذكرت بأنه يختلف عن الجِدال، فالجِدال “من جادله مجادلة وجدالاً”: أي حادثه وخاصـمه. و الجدال اصطلاحا “هو حديث يجري بين شخصين أو أكثر، لإفحام الطرف الثاني أو إقناعه بفكرة معينة، تغلب عليه الخصومة والتربص والتعصب للرأي، ويعتبر الحوار والجدال وسيلتين للتواصل.
أهمية التواصل
توقفت المُحاضرة عند أهمية التواصل وعرّفته بأنه ” نشاط إنساني يهدف الى اتخاذ أفضل السبل والوسائل لنقل المعلومات والأفكار والأحاسيس والآراء إلى أشخاص آخرين من أجل التأثير فيهم وكسب تعاطفهم وأقناعهم بما نريد وإعطائهم الفرصة أن يفعلوا ذلك معنا”. تعتقد المُحاضرة بأن الحياة الراهنة توفر لنا أفضل طرق التواصل إذا ما اتبعناها بشكل صحيح، لكن بالمقابل فإن مهارات التواصل الضعيفة ينجم عنها “العنف، النزاعات والحروب”. الأمر الذي يفضي إلى خلق المزيد من المشاكل الاجتماعية والنفسية، وتؤدي إلى فقدان الشعور الإيجابي بالحياة. أشارت الباحثة سلامات إلى أربعة أنماط من الذهنيات التي تُحدث قطيعة في التواصل أو الحوار وهي: ” الذهنية السلطوية التي لا تستمع إلاّ لنفسها، وتُجبر الآخرين على أن يفكروا مثلها ويتماهوا بأفعالها وأقوالها التي تعتقد أنها صحيحة مئة بالمئة”. والذهنية الحاكمة أخلاقية “وهي الذهنية التي تعتمد على الثنائيات المتضادة مثل جيد سيء، حَسِن رديء، حلال حرام الخ” والذهنية المُصنِفة “وهي الذهنية التي تُعرِّف الإنسان بميزة محددة”. أما الذهنية الرابعة والأخيرة فهي الذهنية الذاتية أو الأنوية “التي تعتقد بأن أفكارها وآرائها وعقائدها هي ذاتها أو أناها الشخصية”.
أنواع الحوار
ذكرت الباحثة عشرة أنماط شائعة من الحوار وهي: ” الهجوم، الانتقاد، النصيحة، الاقتراح، الوعظ،، الإرشاد، اللوم، الاتهام، المقارنة، الاستخفاف”. ونصحت الآخرين أن يبتعدوا قدر الإمكان عن حوار الطرشان الذي لا يفضي إلى أية نتيجة تُذكر لأنه لا أحد يسمع الآخر، ونصحت بالحوار الذي يفضي إلى تواصل جيد بين الطرفين كما دّمت أمثلة بيانية مُصورة تعزّز ما تذهب إليه.
تقنيات الحوار
توفقت المُحاضِرة عند ثماني ميزات من تقنيات الإصغاء والتعبير وأوردتها بحسب التسلسل الآتي:
1- أبقِ الحوار في بيئة سلمية.
2- حافِظ على مستوىً عالٍ من لغة الجسد.
3- ابنِ جسور الثقة وأظهِر رغبتكَ في الاستماع.
4- افهم بعضكم بعضا بواسطة التكرار والتحقق مما يقول المُحاوِر أو المُحاوِرة.
5- حدِّد متطلبات المتحاوِر ومشاعره وقيمه بطريقة محترمة.
6- تأكد من أن الشخص الذي تحاوره قد أوضحَ وجهات نظره.
7- أُطلب اذناً حينما تقدِّم رأيك وأشكرهم على الاستماع.
8- أكِّد على النقاط التي وافقت عليها واحترم الاختلافات.
ختمت السيدة محاضرتها بآيات من الذكر الحكيم موضحة طرق التواصل وتقنيات الحوار بين الله جلّ في علاه وبين الملائكة من جهة، وأنبيائه الكرام من جهة أخرى، وآدم (ع) من جهة ثالثة. وغبَّ الانتهاء من الأمسية الثقافية دار نقاش موسّع بين الجمهور والباحثة سلامات يوسف وكان أبرز السائلين والمعقبين هم د. هادي حدّاد، د. عمر الصكبان، د. محمد علي زيني، د. عباس الفياض، د. سعد الشريفي، علاء كبة، أميرة العطار، بدور الدده، شذى الموسوي، أحمد الكاتب، خالد القشطيني وكريم السبع. كما أبدى بعض الحاضرين رغبته في الالتحاق بالدورات التي تنظّمها الباحثة سلامات يوسف في فن الحوار وتقنياته وطالبوها بسرعة إطلاق موقعها الأليكتروني المتخصص بفن التواصل والحوار مع الآخر.
كانت الندوة بتاريخ 08/05/2013