احتفت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 7 فبراير/ شباط 2018 بأمسية شعرية للشاعر العراقي عواد ناصر احتفاء بصدور مجموعته الشعرية الجديدة (بيت الحلزون) واعقب الامسية حفل توقيع للكتاب. ولد عواد ناصر في العراق، اتم دراسته في بغداد وحصل على دبلوم عال في التربية وعلم النفس عام 1972.كما درس دبلوما في الأدب الانكليزي في جامعة ساوث لندن 1996. نشر بواكيره الشعرية والنثرية في صحافة الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1972. غادر العراق سنة 1979 قاصدا بيروت, لأسباب سياسية، وعمل في صحيفة (الحرية) التابعة للمقاومة الفلسطينية. ترك بيروت بعد سنة ونصف، ثم التحق بمقاتلي الحزب الشيوعي في كردستان العراق، وعمل هناك في إذاعة (صوت الشعب العراقي) وعاد بعد ثلاث سنوات إلى دمشق. ظل متنقلا بين دمشق وبيروت. عمل سكرتيرا للتحرير في مجلة (البديل) التي أسسها الشاعر سعدي يوسف ومشرفاً ثقافيا على باب (أدب وفن) في مجلة (الثقافة الجديدة) , وفي سنة 1991 انتقل للعيش في المملكة المتحدة وعمل في الصحافة العربية الصادرة في العاصمة البريطانية لندن. نشر أعمالا إبداعية منها : بيت الحلزون، مجموعة شعرية، دار سليكي اخوان، طنجة/ الرباط، 2017.أحاديث المارة، مختارات شعرية، دار المدى، دمشق، 2011.هنا الوردة فلترقص هنا، مجموعة شعرية، دار صحارى،بودابست 1991.حدث ذات وطن، نصوص نثرية/ شعرية، دار بابل، دمشق 1986. من أجل الفرح أعلن كآبتي، مجموعة شعرية، دار الفكر الجديد، بيروت 1982. عواد ناصر والمشهد الشعري العراقي لقد حاور الشاعر والكاتب العراقي هادي الحسيني ذات مرة الشاعر عواد ناصر،فكتب ؛ الشعر العراقي وخارطته المترامية الاطراف هو منجم كبير لرفد الشعرية العربية بالعديد من الشعراء ، ولعل أغلب الثورات الشعرية في التجديد والتطور اللغوي كان العراقيون من يفجرها في محاولة لتغيير الذائقة عند المتلقي وبروز مدارس شعرية من شأنها عكس التطورات الإيجابية على مستوى الشعر داخل الوطن العربي ككل . العراق بلد الشعر ومهده الاول حين كُتبت فيه أول قصيدة في التاريخ عبر ملحمة جلجامش ملك اوروك، ثم توالت عصور وحقب كثيرة تطور فيها الشعر وتطور أسلوبه حتى وقت قريب لتنقلب الذائقة الشعرية من خلال ثورة الشعر العربي الحديث وتؤسس لمبادئ جديدة وكتابة مغايرة وأسلوب مختلف بعيدا عن القصيدة الكلاسيكية التي ختم الجواهري الكبير كتابتها قبل سنوات. هذه المقدمة البسيطة ندخل من خلالها الى عوالم شاعر عراقي أخلص للشعر أيما اخلاص طوال مسيرته الشعرية التي تخللتها الكثير من المآسي والآلام والنضال والهروب والخوف والقمع والهجرة وكتابة الشعر. انه الشاعر عواد ناصر الذي غادر العراق في أواخر سبعينات القرن الماضي بعد سلسلة طويلة عريضة من القمع الذي تعرض له على يد السلطات الحاكمة آنذاك، لمجرد انه كان يحلم احلاما تريد للانسان ان يعيش بسلام، احلاما مشروعة وبسيطة لشاعر همه الاوحد الارتقاء بالجمال والحب والاخلاص، لكن الظروف السياسية وتقلباتها كانت تسير عكس الاتجاه حتى أضطر الشاعر لمغادرة وطنه مرغما ! اقام في سوريا وبيروت لسنوات وعمل في الصحافة الثقافية وكتب الكثير من القصائد الجميلة التي أهلته لان يكون اسما لامعا في سماء الشعر العربي وليس العراقي حسب. عواد ناصر لا يخاف احدا، لكن أكثر ما يخيفه هو كتابة الشعر ونشره، وهو المتمكن من أدواته الشعرية واللغوية، لكنه يعتقد أن الشعر مسؤولية كبيرة وخطيرة جدا ! وهو كذلك، فالشعر مسؤولية مهمة تقع على عاتق الشاعر في انصاف الفقراء والمظلومين في الارض واظهار الجانب الجمالي المشع للانسان بعيدا عن الحقد والقبح في هذه الارض، الشعر كائن خفيّ لا يفهمه ولا يعرف معناه سوى الشاعر وحده، الشعر علو وسمو على كل الاشياء دون مسميات، وعادة ما يكون الشاعر هو المنتصر دائما رغم ما يتعرض له من اذى وموت فلم يبق سوى صوت الشاعر وشعره. عواد ناصر شاعر عرف الحياة وخبرها بقساوتها ومراراتها وصعوباتها ومآسيها وآلامها ولوعاتها ودمارها وغربته الطويلة عن الوطن الأم إلا انه ظل يحمل في قلبه الحب والاخلاص لوطنه ولاهله وناسه ولتلك الارض التي انجبته. ان الاخلاص للشعر هو في الواقع من سمات الشاعر الحقيقي، الشاعر الذي اختار الطريق الصعب المملوء بالاشواك والطرق الموحلة، لكن في قرارة نفسه هو من يمتلك مفاتيح السعادة لوحده، كان من الممكن ان يكون عواد ناصر مهندسا او معلما اوعاملا أو اية مهنة أخرى ويحيا حياته كسائر البشر إلا ان القدر اختار له طريق الشعر وما أصعبه . بيت الحلزون الديوان الجديد «بيت الحلزون» صدر عن دار النشر المغربية “سليكي إخوان” في صنجة،ويحتوي الديوان، الذي جاء في 112 صفحة من القطع المتوسط، على 40 قصيدة تراوحت بين التفعيلة والنثر،تتقاطع في «بيت الحلزون» عدة رؤى، لكن ثيماتها الرئيسية تتلخص في الوطن والحب والمنفى والوحدة، بينما تتنقل صوره الشعرية بين الواقعي والسريالي، كأن كلا يغذي الآخر ببعده الخاص. كتب الباحث الدكتور رسول محمد رسول على غلاف الديوان الأخير: “القصيدة في هذا الديوان تضيء عتمة العالم، وتكشف أوجاع الإنسان غائرة الضياع، تتقد في تصوير اليومي، لكنها تطرق باب الأزلي لتحتفي بأبدية ممكنة، مرتجاة.تنبني قصائد هذا الديوان بلغة شعرية دافئة في بلاغتها، ثرّة في إيحاءاتها، عابقة في طاقتها الترميزية لتخلق فضاء تجربة شعرية لا تخون كينونتها ولا تتعالى على العالم المعاش”. قصائد من الديوان قرأها عواد ناصر في الامسية قرأ الشاعر عواد ناصر من قصائد الديوان الجديد ،قصيدة بعنوان :مبتهجٌ بحوارٍ خاص؛ معَ أوراقٍ سقطتْ من نصِّ خريفٍ أصفرْ، معْ حلزونٍ يكتبُ شعراً باللغة اليابانية، معَ تلك الحلزونة وهي تهيئُ ثدييها للحلزونِ الجيكولو، معَ بيضِ الحلزوناتِ المدفونِ بتربة ذاكَ الحقلِ الغافلْ، مع نفسهِ في لحظة يأسٍ مطبقْ، مع ذعرٍ من ملحٍ، كالسمِّ القاتلْ، معَ قومٍ من جنسهِ: قومِ البطنِ – القدمياتِ الزحّافاتْ مع من لا يقوونَ على السيرِ بقاماتٍ منتصباتٍ (ليس كمثلي أحملُ بيتي على ظهري)… معَ من يمضونَ إلى النومِ بلا أسئلة عمّا يحدثُ للعالم، ولهُ ولعٌ بالفجرِ تبلّلُهُ ساقية تركضُ، كالعذراءِ، على حجرٍ باردْ، وله، أيضاً، حاسة شمٍّ خطرة، مثلاً: شمّ وزيراً ما ليصيحَ بهِ: أنتَ وزير فاسدْ. كما قرأ الشاعر عواد ناصر عدة قصائد تناوبت بين قصيدة النثر والتفعيلة ومنها قصيدة بعنوان (أوشك أن ألمس): ثمة امرأة خلف ستارتها. لماذا وضعتها خلف الستارة ؟ أوشكُ أن ألمسَ امرأة خلفَ ستارتِها، قمرٌ يتكشّفُ خيطاً خيطاً، ضوءٌ يتفكّكُ خلفَ ستارةْ، زغبٌ/ بُنٌّ برّاقٌ فوقَ ذراعٍ عاجٍ، لم تفتحْ إلا بعدَ مساءِ الإثنينِ ستارتَها. شَذراتٌ زرقٌ بين هلالينِ على مفترقِ الثديينِ. أدنو حتّى.. بلغَ اللمسُ اللمسَ. ألمسُها، أوشكُ أنْ ألمسَ ما خلفَ ستارتِها المفتوحةِ منذُ مساءِ الإثنينِ الفائتْ. واليوم هو الجُمعَةْ. الأنهارُ ستفتحُ مجراها عند الضفةِ الرخوةْ وأنا الضفةُ الرخوةُ أيّتها الأنهارْ. وسأنهارْ، عند لقاءِ الموجةِ بالموجةِ. …… …… ما إنْ بلغَ الزورقُ مرفأكِ الدافئَ حتّى لم يبقَ، هنالكَ، أيُّ ستارْ. صرْنا، نحنُ الإثنينِ غبارْ. وبعد ان اجاب الشاعر عواد ناصر على اسئلة الحضور ،اعلن ان حفل التوقيع الذي سيتم الان في ختام الامسية سيكون ريع الكتاب مبلغا يتبرع به لاحدى مدارس العراق كمشاركة بسيطة يمكن ان يقدمها وهو لايملك الكثير ،لاطفال العراق.