استضافت مؤسسة الحوار الانساني في لندن يوم الاربعاء المصادف 21/ 9/2016 الدكتور ماجد عبد الله جابر في أمسية ثقافية سلط فيها الضوء على صعود احزاب اليمين المتطرف في اوربا والانعكاسات السياسية لذلك الصعود على جاليات المهاجرين العرب والمسلمين .
الدكتور ماجد عبد الله جابر باحث وأستاذ جامعي عمل في مجال التدريس الجامعي منذ حوالي عشرين عاماً وكانت البداية عام 1994 في جامعة الفاتح في ليبيا (جامعة طرابلس حاليا ) – في كلية الآداب قسم التاريخ وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم
العلوم السياسية ، يعمل حاليا أستاذاً متخصصاً بشؤون الدول الإسكندنافية (السويد بشكل خاص) حيث أكتسب خبرة كبيرة تمتد لأكثر من عقد من الزمان في دراسة أوضاع السويد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال إقامته وعمله في السويد،وقد اصدر عددا من الكتب منها (صفحات من تاريخ وحضارة السويد في العصر الحديث) و (السويد بين يديك ) وله ترجمة لكتاب مهم هو (النازية في السويد 1924- 1978) قيد النشر .
مقدمة
ابتدأ الدكتور ماجد عبد الله محاضرته بسرد تعريفي للوضع السياسي الحالي في اوربا ،فذكر ان اوربا تشهد منذ فترة ليست بعيدة موجة من تغير المزاج العام نحو دعم أحزاب اليمين المتطرف بحيث حققت تلك الأحزاب نجاحات لافته وغير متوقعة في عدد من البلدان الاوربية ذات الديمقراطيات العريقة مثل بريطانيا وفرنسا والنمسا وهولندا وسويسرا والسويد والدنمارك والنرويج في الإنتخابات المحلية أو البرلمانية أو الرئاسية وحتى في إنتخابات البرلمان الأوربي. وبالرغم من تفاوت النتائج التي حققها أقصى اليمين إلا أنها تمكنت بالفعل من خلق نوع من الإرتباك ضمن الأنظمة الأوربية التي تميزت بالإستقرار، بحث أصبح من الصعب على الأحزاب التقليدية أن تحقق أغلبية مستقرة من دون التعاون مع أحزاب اليمين المتطرف، بعدما كان مجرد حصول حزب يميني على عدد محدود من المقاعد في البرلمان حدثاً يحرك القارةالاوربية اجمعها كما حصل مع حزب الحرية النمساوي المتطرف في عام 1999 حين تمكن من دخول البرلمان النمساوي فكان رد الفعل الأوربي هو المقاطعة الدبلوماسية للنمسا.
ويتسائل د. ماجد عبدالله ؛هل إنتفضت الأحزاب المتطرفة على ماضيها لتتحول من مجرد أحزاب مناسبات إلى أحزاب فاعلة ومؤثرةً ومنافسة في السياسة الأوربية ،وترتقي لتكون أحد البدائل السياسية الجديرة بثقة الناخب الاوربي؟ أنا لا أعتقد ذلك ،يقول الدكتور ماجد عبد الله ،ويبين ، لقد إقترن صعود اليمين المتطرف مع ظاهرة أخرى، هي تصاعد الكراهية ضد المسلمين فيما يصطلح عليه الآن (الأسلامفوبيا) وهي ظاهرة بدأت تستشري في المجتمعات الأوربية لتصبح آيديولوجية ترتبط بنظرة إختزالية وصورة نمطية للإسلام والمسلمين من المهاجرين الذين يعيشون في أوربا، كمجموعة منغلقة على نفسها تؤمن بقيم رجعية تحض على العنف والنظرة السلبية للآخر وترفض العقلانية والمنطق وحقوق الإنسان.
من هي أحزاب اليمين المتطرف؟
وفي تعريفه لاحزاب اليمين يشير د.ماجد عبد الله الى ان اليمين المتطرف يقترن بالإيديولوجية الفاشية بل يتم تصنيف المنتسبين إليه أحياناً بالفاشيين الجدد، وتتسم الفاشية عموماً بكونها تلك الآيديولوجية التي تنكر القيم الليبرالية والعقلانية والحداثية ، ومفاهيم الحرية والمساواة، كما ترفض الرأسمالية والشيوعية والديمقراطية وتعتقد بمثالية الدولة وحتمية الصراع لتقدم التاريخ ، كما تؤمن بمبدأ القيادة البطولية والألتفاف حول القائد. ويشكل العداء للأجانب، ورفض الأقليات وفكرة التنوع الثقافي، والدفاع عن هوية إثنو – وطنية وعن التقاليد القومية التاريخية، والدعوة إلى الحد من الهجرة القاعدة المشتركة لأي برنامج سياسي لحزب يميني متطرف. حيث يعتقد هؤلاء أن المهاجرين يهددون القومية الأوربية ويسيئون استغلال مزايا دولة الرفاهية. كما ترى تلك الأحزاب ان المهاجرين هم السبب الرئيس لإنتشار الجريمة وإرتفاع معدلات البطالة في أوربا.
تراث اليمين المتطرف في أوربا
ثم تناول د. ماجد عبد الله تراث اليمين المتطرف بالقول ؛وصلت تلك الأحزاب للحكم ،في حقبة مابين الحربين العالميتين ، حيث أتسم حكمها بسيطرة الدولة المطلقة وتزايد العداء بين القوميات والإثنيات في أوربا. وإن اختلفت بعض أسباب وصول الفاشية في ايطاليا عام 1922 للسلطة عن النازية في ألمانيا التي وصلت للحكم عام 1933، إلا ان السبب المشترك بينهما هو الازمة الاقتصادية الطاحنة التي تعرضت لها إيطاليا بسبب دخول الحرب العالمية الاولى، وألمانيا بسبب التعويضات الكبيرة التي فرضت عليها، وإستيلاء فرنسا على أقليم الرور الغني بالموارد، هذا بالطبع بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية بين (1929 – 1933) التي رسخت الحاجة لوجود أحزاب قوية قادرة على النهوض الاقتصادي.
أما من الناحية السياسية فقد أدى غياب الأستقرار السياسي في إيطاليا بسبب نظام التمثيل السيء وعدم وجود أحزاب قوية إلى حكومات إئتلافية ضعيفة. أما في الجانب الألماني فكان الدافع لإنتخاب الحزب النازي هو الحاجة لحزب قوي أيا كانت توجهاته ينقذ ألمانيا من معاهدتي العار فرساي وسان جرمان. إذا لقد كان التدهور الأقتصادي سبباً لصعود تلك الأحزاب.
مستويات صعود اليمين المتطرف في أوربا :
بين الدكتور ماجد عبد الله مستويات ظهور احزاب اليمين في اوربا حيث اشار الى ان احزاب اليمين المتطرف ظهرت في :
• أولاً: مستوى الممارسات السياسية: حيث نجحت قوى اليمين المتطرف في تعزيز شعبيتها بالإستحقاقات الأنتخابية في دول السويد والمملكة المتحدة وفرنسا والنمسا وهولندا وسويسرا، بينما أصبح حزب يميني متطرف شريكاً في الإئتلاف الحاكم في الدنمارك. ومن أبرز الأمثلة المعاصرة الملموسة على صعود اليمين المتطرف في أوربا هو ماحققه حزب الجبهة الوطنية في فرنسا في الإنتخابات المحلية الأخيرة حينما أحكم سيطرته على 11 مجلس محلي، وحصل على مقعدين في مجلس الشورى الفرنسي، كما حصل على 25% من الاصوات في إنتخابات البرلمان الأوربي في مايو الماضي، متفوقاً على باقي الأحزاب الفرنسية. ورغم الهجوم الشديد الذي تعرض له من اليمين واليسار الفرنسي بعد أحداث باريس، إلا أنه نجح في تحقيق المركز الثاني في الأنتخابات المحلية التي عقدت في شهر مارس 2015، حيث حصل على حوالي 25%. كذلك تعد انتخابات الرئاسة النمساوية مثالاً آخر على ذلك، إذ تصدر نوربرت هوفر مرشح حزب الحرية اليميني المتطرف الجولة الأولى للأنتخابات الرئاسية في ابريل 2016 بحصوله على 36,4% من الأصوات، وبالرغم من انه خسر في جولة الإعادة أمام مرشح حزب الخضر فان دير بيلن إلا أن خسارته كانت بفارق ضئيل جداً لم يتجاوز بضعة آلاف من الاصوات. وفي ألمانيا، برزت قوى اليمين المتطرف مع الإنتخابات التي عقدت في شهر مارس ضمن ثلاث ولايات، وتمخضت عن فوز حزب البديل من أجل المانيا وهو حزب يميني متطرف بنحو 12.5% من الأصوات في راينلان، و 15% في بادن فورتمبيرك، و 24% في ولاية سكسونيا أنهالت، وعلى الرغم من ان هذه النتيجة لاتؤهل الحزب للسيطرة على الحكومة في أي من الولايات الثلاث، لكنه بات يحضى بحضور قوي ضمن السلطة التشريعية في تلك الولايات. كما تمثل النتائج الأخيرة أفضل نتيجة يحصل عليها حزب يميني متطرف في أي أنتخابات ألمانية بعد الحرب العالمية الثانية وهو أمر لافت بشكل خاص إذا ماعلمنا أن هذا الحزب هو حزب حديث بدأ حياته السياسية عام 2013 كحزب هامشي. يضاف إلى ذلك بروز حزب ألمانيا القومي الديمقراطي الذي يطلق عليه النازية الجديدة وهو الحزب المسيطر على مدينة درسدن الذي حصل على 1.3% في الإنتخابات الأخيرة فضلا عن مقعد داخل البرلمان الأوربي من ضمن 96 مقعد مخصص لألمانيا. وفي بريطانيا حقق حزب الإستقلال أنتصارات مشابهة بتفوقه في الأنتخابات المحلية الأخيرة ودخولة مجلس العموم لاول مرة. وتقدمه في القائمة البريطانية في انتخابات البرلمان الأوربي. وفي السويد حقق ديمقراطيي السويد تفوقاً في الأنتخابات التي جرت في سبتمبر 2014 بحصوله على 13% من الأصوات ما اعطاه وجوداً موثرا في البرلمان السويدي. كما تقدم حزب الشعب في الدنمارك في إنتخابات البرلمان الأوربي.
• ثانياً: على المستوى الشعبي: حيث ظهرت عدة مؤشرات لذلك مثلما حصل في فنلندا حيث شكل متطرفون جماعة أطلقوا عليها أسم (جنود أودين) يجوبون الشوارع لحماية المواطنين الفنلنديين من خطر المهاجرين او ما أسموهم “الغزاة المسلمين”. كما شهدت ألمانيا تكوين مجموعة مشابهة تعرف إعلامياً بمجموعة “فرايتال” وتدعي هذه المجموعة أن الدولة عاجزة عن حماية الناس، وان مشكلة اللاجئين يجب أن يتولونها هم بانفسهم. كذلك تشكلت مجموعة بيجيدا المناهضة للاجانب وهو مختصر يعني (أوربيون وطنيون ضد أسلمة الغرب) التي تقوم بالعديد من المظاهرات المعادية للمهاجرين واللاجئين والتي إستطاعت أن تصل بأعداد متظاهريها إلى 18000. هذا بالإضافة إلى تصاعد العنف مؤخرا ضد اللاجئين بحوالي ثلاثة اضعاف معدلاته السابقة . ويبدو أن الأداء الاقتصادي السيء في بعض الدول الأوربية، وإرتفاع أعداد العاطلين عن العمل، والزيادة غير المتوقعة لأعداد المهاجرين ساهم في إعطاء دفعة لصالح أحزاب اليمين المتطرف التي اخذت تركز في خطابها على فساد النخب الحاكمة في اوربا وضرورة تغييرها، وعجز الحكومات والمؤسسات في أوربا عن وقف زحف المهاجرين واللاجئين بما يغير من الواقع الديمغرافي لأوربا، ويشكل ضغطا هائلاً على مواردها ويقدم منافساً أرخص للعامل الأوربي. وبالفعل شكل صعود اليمين المتطرف المتسارع تحدياً كبيراً بالنسبة للأحزاب الأوربية التي تشكل النخب الحاكمة من اليسار واليمين، ووظف هذا التيار عوامل إستمرار التردي الأقتصادي والاجتماعي والضغوط التي تمارسها مؤسسات الإتحاد الأوربي لتأكيد عدم أهلية استمرار النخبة الحزبية التقليدية في القيادة. بالمقابل إستلزم ذلك محاولة النخب تجديد خطابها ودمج بعض القضايا التي نجح المتطرفون في توضيفها للحصول على دعم الرأي العام والأمثلة كثيرة في هذا الباب. (سياسة الاحزاب الحاكمة في الدنمارك و سياسة كامرون المتشددة تجاه الإتحاد الأوربي)
اهم أحزاب اليمين المتطرف في اوربا
ثم تناول الدكتور ماجد عبد الله اهم الاحزاب اليمينية المتطرفة في اوربا بالتعريف فذكر:
1) حزب الجبة الوطنية الفرنسي: بقيادة مارين لوبان أبنة مؤسس الحزب جان ماري لوبان. تأسس الحزب عام 1972، وقد تصدر مؤخرا التمثيل الفرنسي في البرلمان الأوربي بنسبة 25% من المقاعد متفوقاً على الحزب الأشتراكي الحاكم. كما حصل على النسبة ذاتها في الإنتخابات الفرنسية المحلية. وفي إستطلاع الرأي حصلت زعيمة الحزب على نسبة 30% من معدل التصويت حول فوزها بالأنتخابات الرئاسية القادمة عام 2017.
2) حزب من أجل الحرية الهولندي: أسسه اليمني المتطرف خيرت فيلدر عام 2006، وهو احد أبرز قيادات اليمين المتطرف في اوربا، منتج فلم (فتنة) المسيء للإسلام. حصل الحزب في انتخابات عام 2010 على المركز الثالث ب 24 مقعد من اصل 150. كما حصل على خمسة مقاعد في البرلمان الأوربي.
3) الحزب الوطني الديمقراطي في ألمانيا: الذي يتمتع بنفوذ واسع في الولايات الألمانية الشرقية.
4) حزب البديل من اجل ألمانيا: تأسس عام 2013 كحزب هامشي ولكنه حصل على سبعة مقاعد في العام التالي.
5) حزب الإستقلال البريطاني (يوكب): تأسس عام 1993 كحزب مناهض للإتحاد الأوربي. عام 2014 حصل الحزب على أول مقعد في البرلمان البريطاني . كما تصدر الحزب برئاسة نايجل فاراج انتخابات البرلمان الاوربي في بريطانيا بنسبة 27،5% من الأصوات متفوقاً على الحزب الحاكم وحزب العمال المعارض.
6) حزب الحرية النمساوي: الذي نافس على الرئاسة النمساوية عام 2016مرشحه نوربرت هوفر.
7) ديمقراطيي السويد: اقوى احزاب اليمين المتطرف في السويد الذي ازدادت شعبيته مؤخرا .
واقع البرلمان الاوربي
ثم بين د. ماجد عبد الله ؛ لكي نفهم مدى نفوذ او انتشار احزاب اليمين المتطرف في اوربا لابد من ان نلقي نظرة على نسب مشاركة هذه الاحزاب في البرلمان الاوربي، حيث تشير الدراسات الى ان عدد مقاعد البرلمان الأوربي هي 756 مقعد يمثلون 505 مليون مواطن أوربي، وتوزيع المقاعد كما يلي :
1) كتلة الأحزاب المسيحية الديمقراطية حصلت على 214 مقعداً.
2) الديمقراطيين الأجتماعيين 189.
3) الليبراليين 72.
4) الخضر 52.
5) اليمين المتطرف 46.
6) اليسار والشيوعيين 42.
7) بقية المقاعد عددها 142 توزعت على أحزاب صغيرة تعمل لوحدها داخل البرلمان الأوربي.
تظهر أبحاث العلوم السياسية بأن الدعم الأوربي لاحزاب اليمين المتطرف مدفوعا أساساً بمظاهر الخوف من الهجرة، حيث حاولت اليزابيث إيفار سفلاتن أستاذة العلوم السياسية المقارنة في جامعة بيركن في النرويج، تحديد سبب صعود أحزاب اليمين المتطرف في سبع دول اوربية في بحث قدم عام 2008 في محاولة إستطلاع الأسباب التي تدفع الشعب لإحتضان احزاب اليمين المتطرف الشعبوي، هل هي عدم الرضا على الإقتصاد، عدم الثقة في المؤسسات السياسية، أو المشاعر المناهضة للمهاجرين؟
كانت النتائج تشير بشكل واضح إلى ان الناس تدعم سياسة هجرة أكثر صرامة، لذا إزدادت نسبة إحتمال زيادة التصويت لاحزاب اليمين الشعبوي بشكل كبير.
في نهاية عام 2014 سجل الإتحاد الأوربي معدلات نمو اقتصادي لم تتجاوز 1.3% في دول الإتحاد، و 0.8% بدول منطقة اليورو، فيما ظلت ازمة البطالة مزمنة بمعدل 11% قفزت إلى 26% في اليونان، و24% في أسبانيا كنماذج على الدول التي كانت اكثر تضرراً من الناحية الإقتصادية. أما ألمانيا التي تعد من الدول الأقل تاثراً بتبعات الأزمة المالية، فبلغت معدلات البطالة فيها 5.1%.
وذكر د. ماجد عبد الله ان المفوضية الأوربية قد عرضت في تقرير بعنوان إستطلاع النمو السنوي صدر في نوفمبر 2014، توقعاتها بإستمرار الأداء المتواضع للإقتصاد بدول الإتحاد خلال المستقبل القريب حيث حدد التقرير نمو الناتج القومي في دول اليورو خلال عام 2015 بنسبة ستتراوح بين 1.1 % و 1.5% لااكثر. وعكست قرارات وتوجهات الدول الأوربية خلال الشهور الأخيرة التزاماً بخفض الإنفاق على برامج الخدمات الحكومية خاصة في مجال الرعاية الصحية والتعليم، مع إستمرار تقليص الهياكل الوضيفية في القطاع العام بما يستدعيه من موجات تسريح جديدة للموظفين. ويلاحظ إعتماد قوانين وتشريعات توظيف اكثر تراخياً فيما يخص حقوق العمال سواء من حيث مستويات الرواتب أو سهولة التسريح، في محاولة لجذب الإستثمارات.
كل تلك المتغيرات السلبية متوازية مع ارتفاع معدلات الهجرة وموجات اللجوء الوافدة إلى دول الإتحاد الأوربي. وقد كشفت التقارير الصادرة من الأمم المتحدة ومظمة العفو الدولية أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا العام 2014 بلغت 200 الف شخص، أغلبهيم من المسلمين الوافدين من الشرق الأوسط والقرن الأفريق. وشهدت دول مثل ألمانيا عام 2014 زيادة في أعداد اللاجئين قدرت بنسبة 60% بالمقارنة مع العام السابق. الأمر الذي ساهم في دعم مخاوف التحول الديموغرافي في اوربا لصالح الجاليات المسلمة. ويلاحظ انه رغم عدم تجاوز نسبة المسلمين 4% من السكان إلا انهم بارزين ديموغرافيا في مدن مثل باريس 10% و ستوكهولم 20% و برمنكهام 22%.
اليمين المتطرف والموقف من الإسلام والمهاجرين
ثم انتقل د. ماجد عبد الله الى موضوع الاسلامفوبيا في اوربا فذكر ؛ منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وبداية ما سمي بالحرب على الإرهاب، أصبح العداء للإسلام واقعاً معاشاً في الغرب ليس من خلال منظومة القوانين التي تنتتهك حقوق المسلمين، مثل قانون حضر الحجاب في فرنسا وبلجيكا، وقانون حظر المآذن في سويسرا. بل تعدى ذلك نحو الخطاب السياسي والإعلامي السائد، حيث أصبح مقبولاً إنتقاد المجموعات المسلمة في الغرب والإسلام والمسلمين بشكل عام بذريعة القيم اللبرالية كحرية التعبير وحقوق المرأة، والمفارقة ان يحدث كل ذلك بتاييد واسع من الإعلام ليبدو خطاب العنصرية والعدائية ضد المسلمين عادي ومقبول مجتمعياً وسياسياً وليصبح التمييز ضد المسلمين جزءاً غير خاف في المناخ السياسي السائد في الغرب.
وهذا ماتؤكده التقارير الأوربية نفسها حيث يؤكد المكتب الاوربي حول الحقوق الأساسية ان واحد من ثلاثة مسلمين في أوربا يتعرض للتمييز العنصري. وحسب تقرير آخر لمعهد المجتمع المنفتح فإن 50% من المسلمين، من بين الذين أجريت معهم مقابلة في 11 مدينة اوربية، قد تعرضوا للتمييز العنصري مقابل 9% فقط من غير المسلمين. وبالتأكيد كانت أحزاب اليمين المتطرف في مقدمة الأصوات التي تبنت هذا الخطاب المعادي للإسلام.
وبين د. ماجد عبد الله ان مفهوم أسلمة اوربا قد حضي بنقاش واسع في ادبيات اليمين المتطرف، حيث يدعي هذا التيار ان المسلمين الذين يمثلون حضارة دونية يحصلون اليوم على مزيد من التغلغل والنفوذ بما يكفي لتشكيل تهديد حقيقي للهوية الأوربية، وهذا ما يمكن ان نتلمسه في برامج بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة أو مواقف بعض قادتها وكما يلي :
• الجبهة الوطنية الفرنسية اول حزب استخدم الإسلاموفوبيا في دعايته السياسية وحملته الانتخابية لتخويف الناس من الإسلام والمسلمين.
• الحزب النمساوي اليميني الشعبي وصف الإسلام بأنه العدوا لأول للامة النمساوية ولأوربا والعالم اجمع.
• الحزب الدنماركي التقدمي دعا إلى إيجاد منطقة حرة للمسلمين وحذر من اسلمة اوربا.
• الحزب اليميني الشعبي الدنماركي حذر الجماهير خلال حملته الإنتخابية من الإسلام كمصدر تهديد لاوربا، علاوة على أنه ضد الحضارة الغربية.
• أومبرتو بوسي زعيم حزب ليقانورد الإيطالي وصف الإسلام بأنه أكبر مصدر لتهديد الثقافة الأوربية، ودعا إلى ضرورة الدفاع عن النصرانية الأوربية.
• خيرت فالدرس زعيم حزب الشعب الهولندي قارن الإسلام بالفاشية والقرآن بكتاب هتلر كفاحي، واعتبر المسلمين متخلفين لذا يجب منع الهجرة من البلدان الإسلامي إلى هولندا.
• ثيلو سارازين الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني يرى ان المهاجرين المسلمين يجعلون ألمانيا أغبى وأفقر، لانهم جينياً أقل ذكاء، ويزاحمون الألمان في الإستفادة من مواردهم الأقتصادية.
واختتم د. ماجد عبد الله محاضرته بالاجابة على اسئلة ومداخلات الحضور بما اغنى موضوع المحاضرة.