نجاة عبد الله –
أكلما لثمتِ السماءُ حيزاً من الدموع جيء بكَ الى المحبة موثوقا بالسلام عليكَ أجمعين .. كانت الشمس قد هدأت من ضجيج نهار بغدادي ترفرف على جبينه أسئلة الغياب .. حين الم بي شوق وزغرد لي وطن مبتهجا بهذا الشهاب الذي يبرق بصوت خفيض وفرحة ضامرة .. كل هذا النور كان يتقدم ببطء محمود وهو يضيء عتمة روحي على مهل .. سائلا ببريق عجيب أنتِ من نجوت من الحرب .. نعم بجسد متدل من إيقونة الدعاء .. وسرور فريد .. نعم إنها .. ونعم انكَ بوجهك الذي سبقني وقامتكَ المكتنزة بقواميس من العلم والأدب والشعر .. يا الهي فض الخجل فاه خجلا هو الآخر.. أجالس علما من أعلام العراق .. وأسدل الستار عن كل الوجوه الممتقعة بالكذب .. لتضاء روحي بوجه يشع نورا وصدقا وعينين ترى كل حنان الكون قد اجتمع في بريقهما .. هذا الرجل البغدادي الأصيل.. الكاظمي الكرخي الاعظمي الكرادي .. يطبب جروح النبتة إن داعبها هواء مرّ .. ويهب كل قلبه لك ولمرة واحدة متى ما احتجت إلى من يفض المشنقة عن رقبتك المائلة صوب الهم .. ما معنى أن اجمع كتبه قرب رأسي واغط في حلم عميق .. أرى الصورة تمثالا بكامل صحته وقد اعتلى إحدى ساحات بغداد .. رأيتك الآن صدقني وقسما بكل مقدسات الكون رأيت عينيك البرونزيتين وجبينك الحديدي وشعرك النحاسي .. رأيت مؤلفاتك جميعا وقد نحتت على ياقة قميصك الضخم .. ورأيت فمك ينطق بالحق .. ( لك الشوق والدعاء .. كوني كما انت واسلمي ) .. لكني لست كما أنا ومنذ زمن طويل .. وأنت أكثر من أنت منذ مسرات العالم جميعا وقد اقترحت الحياة زهوا بالحياة ..الحقيبة ترمقك من بعيد ولهاً بيديك اللتين تسوقهما صوب البلاد .. البلاد التي أفرحتك ودجلة التي سرت بصحبتها نهارا كاملا وعمرا طيبا من الذكريات .. البلاد التي تحبك كثيرا وتنتمي إلى رحلتك.. تناديك بمائها وسنابلها وأعشاشها التي تتمايل صوب بغداد ..
ما معنى أن نحبكَ جميعا .. ونقف صفوفا من المحبة نتقصى هذا البنفسج الذي يزخر بك ويهيم جمالا بجنة عرضها دجلة والفرات .. نحب هذا القلب الذي تسكنه عاطفة عجيبة .. وهذا الرأس الذي يجالسك العلم والورع وقد طرزته بأسئلة تتدلى كالجواب ..
أقرأ لك بشغف وأتقصى كلماتك من آخر المحراب إلى أول باب تفتحه لغتك العفيفة .. أتوهج بالوقت الذي تمنحني إياه أمنا الحياة.. وأنا أتفرس في العبارات ..صارخة الله .. سلاسة ورقة وجمال يأخذك إلى أهوار العمارة وغروبها الشفيف وتارة إلى ليل بغدادي أصيل في شارع الرشيد وأخرى بين نتواءات المياه المتدلاة من جبالنا الحسناء في شمال العراق ..
أقف لك صمتا .. أيها البليغ في المحبة والعطاء والدرس … يناديني أحدهم .. من أين تسيرين والى أي الشوارع تدلفين .. في هذا النهار البغدادي الساطع .. أنا أسير وقبائل المطر تتبعني لتعيث برأسي أسئلة وفراشات .. بالمكتبات بحثا عن شارع باسم عبد الرضا علي .. قادني احدهم إلى بساتين خضراء يشقها شارعا مزهوا بالأحاديث وينتمي إلى الصدق خارجا من الحلم والتمني .. كلي عيون معلقة في أريج شفيف تتبختران بالنظر إلى التاريخ الذي الفته ..
كنت قد قرأت لك ومنذ زمن بعيد .. دون أن اتشرف بلقائك .. وكانت صديقتي الروائية والتشكيلية أيمان محمد .. تتبختر فرحة بوجودها في سماء إبداعك والشاعرة أمل الجبوري .. كان جل حديثها عنك .. وأنا متى يحين هذا اللقاء الأدبي والإنساني بك اردد مع نفسي لاشعر بالفخر وأتحدث بدوري باني أعرفك عن قرب.
إن الدكتور عبد الرضا علي محط إعجاب كل من يعرفه .. كنت اشعر بالالم ..إني لا اعرف تلك القامة الأدبية الكبيرة عن قرب .. ومن أين لي أن أراه وقد حملتنا المنافي كلاً في بلاد ..
الآن اطمئن إلى الحياة بمودة صاخبة وأنا ادلف صوب هذا القلب المطرز بالنرجس والرازقي والدلالات العميقة .. و أشهد باني أمنت بأن الإبداع الحقيقي لا ينبع إلا من إنسان حقيقي .. وكل ما عدا ذلك هو محض أيام وكلام