صادق الطائي –
استضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 2 ايلول 2015 المخرج والاعلامي العراقي د. عبد الرحمن ذياب والاستاذة افنان العلاق في امسية سينمائية ، عرض ويناقش فيها الفيلم الوثائقي (الحضارة المستهدفة) الذي يرصد جرائم تدمير الاثار العراقية على يد عصابات داعش الارهابية وردود الفعل على هذه الجرائم .
د.عبد الرحمن ذياب حاصل على شهادة البكلوريوس و الماجستير من كلية الاعلام في جامعة بغداد ، نال شهادة الدكتوراة من جامعة ستي لندن ٢٠١٢ – عمل مع العديد من الوكالات العالمية في لندن كرويترز و الاسوشيتد برس وقناة الجزيرة وقناة الشرقية – حصل على الجائزة الملكية للافلام في لندن في عام ٢٠٠٦ ، و كذلك جائزة الاعلام العالمي ٢٠٠٩ ، متخصص في الاعلام التلفزيوني، و عمل في عدد من الافلام الوثائقية البريطانية حول العراق منها فيلم ( ما بين النهرين ) من انتاج الـ (BBC). اما الاستاذة افنان العلاق فهي مدربة معتمدة من اكاديمية قادة التطوير العالميه في بريطانيا و الأكاديمية البريطانيه لتنمية الموارد البشريه ، محاضرة و كاتبه في مجال التنميه البشريه.
تم عرض الفيلم الوثائقي وبعد مشاهدته من الضيوف تم مناقشة النقاط التي اثارها الفيلم ومنها ،بعد تهديم الاثار في الموصل على يد اعداء الانسانية و السلام (داعش)، كان يجب ان تعلوا الاصوات لتوصل صورة اجرامهم للعالم و تكشف كذب ادعاءاتهم بالانتماء الى الاسلام. وقد ذكر د.عبد الرحمن ذياب ؛باتت كنوز العراق الأثرية في حاجة أكيدة للإنقاذ من الدمار وأصبحت الآثار البابلية والآشورية والمواقع الأثرية الإسلامية عُرضة للخطر والتدمير جراء ما تلحقه بها التنظيمات الجهادية التكفيرية من دمار أكمل ما خلّفته الحرب الأميركية على العراق والتي فقد بسببها الكثير من آثاره.
صيحة فزع أطلقتها اليونسكو وخبراء الآثار والتاريخ والحضارات الإنسانية، على إثر الصور التي نشرها تنظيم داعش، ويظهر فيها تفجير وتدمير لعديد المعالم الأثرية في عدّة مدن عراقية. وبدا من الصور أن المعالم المستهدفة هي مزارات ومراقد شيعية وأديرة مسيحية. لكن التقارير العلمية والاستخباراتية تؤكّد أن تنظيم داعش ينشط أيضا في تهريب الآثار وبيعها، وكثير من التفجيرات التي يقوم بها تأتي للتغطية على هذه الجريمة، وقد تم تعرضت أغلب الأماكن الأثرية إلى سلب ونهب وعمليات بيع تعود على بائعيها بكثير من الأموال.
وأكّد أن تجارة الآثار تعتبر من أهم مصادر التنظيمات المسلحة. فقد نشرت صحيفة غارديان البريطانية تقريرا جاء فيه أن تنظيم داعش حصل على حوالي 36 مليون دولار أميركي من مبيعات الكنوز الأثرية التي سرقها مقاتلوها في منطقة جبل القلمون السورية.وفي الموصل، حذر أثاريون من إمكانية تعرض المتحف العراقي بالمدينة للتدمير سواء على يد مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية”، أو جراء العمليات العسكرية التي تعتزم القوات الحكومية شنها ضد مسلحي التنظيم المتمركزين في المدينة ما سيؤثر بشكل أو بآخر على مستقبل الكنوز الاثرية في هذه المدينة.
وقد استشهدت الاستاذة افنان العلاق بما قاله خبراء اثاريون التقت بهم اثناء الاعداد لعمل الفيلم حيث ذكروا (ان الآثار العراقية في نينوى إرث حضاري عالمي، يجب على الجهات الدولية والحكومة العراقية توفير الحماية له وعدم اعتماد القصف العشوائي على مدينة الموصل خلال العمليات العسكرية المرتقبة).
واعتبروا أن تعرض أي من تلك الآثار للتدمير سيشكل خسارة لا تقدر بثمن للإنسانية جمعاء ناهيك عن أن تقييم تلك الآثار من الناحية المادية صعب للغاية وتحتل محافظة نينوى المرتبة الثالثة بين محافظات العراق بعدد المواقع الأثرية بعد محافظتي ذي قار وبابل، وتعتبر نينوى على الصعيد التاريخي، عاصمة الإمبراطورية الآشورية التي حكمت العراق لقرون عديدة، كما أنها تضم مواقع أثرية ساسانية وكلدانية وغيرها فضلا عن آثار الفتح العربي الإسلامي.
حماية آثار العراق
كما اثار د. ذياب نقطة اخرى على خلفية هذا الخطر المحدق بالآثار العراقية،حيث ذكر ان وزارة السياحة والآثار قد أصدرت بيانا دعت من خلاله منظمة اليونسكو والمنظمات الدولية إلى التدخل الفوري لحماية الآثار العراقية من النهب والسرقة من قبل التنظيمات الإرهابية واتخاذ كل ما يلزم من أجل حماية آثار العراق ومراقبة مواقعه الأثرية والتراثية كي لا تتكرر التجاوزات التي طالت حضارة العراق الإنسانية عام 2003. كما دعا مدير المتاحف بوزارة السياحة والآثار العراقية، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) إلى (تشكيل لجنة لحماية الآثار العراقية في مدينة الموصل إسوة بما فعلته المنظمة مع آثار سوريا). وأشار إلى أن (الوزارة تلقت رسائل إيجابية من المنظمة بهذا الشأن، ولا تزال تراقب الموقف في المدينة) وتضم مدينة الموصل أكثر من 1600 موقع أثري، أهمها آثار مدينتي “الحضر” الأثرية التي تبعد حوالي 70 كلم جنوب غربي الموصل، و”نمرود” التي تقع وسط الموصل، التي اتخذها الملك الآشوري شلمنصر الأول عاصمة ثانية للإمبراطورية الآشورية عام 1273 قبل الميلاد بعد العاصمة الأولى (آشور).
ويحتضن العراق مئات الآلاف من المواقع الأثرية التي تعود إلى عصور بعيدة، سرقت منها أغلب القطع الثمينة إبان غزو العراق عام 2003. وتضم مدينة سامراء القريبة من موقع الخطر أهم تلك الآثار، وأبرزها مئذنة “الملوية” وقصر “الخلافة العباسية” وقصر “المعشوق” ومئذنة “أبو دلف”، و”تل الصوان”، وآثار أخرى تعود إلى عصر الخلافة العباسية، إلى جانب آثار تعود لما قبل الإسلام لديانات مسيحية وأخرى يهودية.وتعبر أحد أهم المدن الإسلامية، لاسيما أنها تضم مرقد الإمامين العسكريين علي الهادي والحسن العسكري وهما من بين أهم أئمة الشيعة الإثني عشرية، وهو ما يزيد المخاوف من استهداف تلك الآثار.
مافيا الآثار
وقد ذكر الضيفان ان وزارة الآثار والسياحة العراقية قد قدرت عدد المواقع الأثرية التي تعرّضت للتهريب بحوالي 4370 موقعا في محافظات الموصل وديالى وكركوك والأنبار وصلاح الدين. وما يسلم من التدمير يتعرّض إلى عمليات تخريب وتهريب منظم من قبل عصابات الآثار. وقد أفادت منظمة اليونسكو وجود دوافع أخرى خلف ما يقوم به تنظيم داعش من خلال التدمير، كما اتضح ذلك في سوريا، حيث أن التنظيم استفاد مما نهبه هناك عبر بيع التحف المسروقة. فبعد الاستيلاء على مدينة الرقة مثلا قام مقاتلو التنظيم بسرقة التحف المعروضة في متحف المدينة. ورغم ظهور بعض هذه التحف الثمينة في الأسواق السوداء، فلازالت أكثر القطع الأثرية مختفية.وكانت هيئة الآثار والسياحة العراقية قد أعربت عن مخاوفها من محاولات تهريب مخطوطات نادرة من الموصل إلى تركيا. كما أدان الخبراء والمختصّون عمليات التدمير التي وصفوها بالإرهاب الفكري الذي يتعمّد طمس وتدمير الرموز التاريخية والتراثية لمختلف المدن العراقية على غرار تفجير تمثال الشاعر العباسي أبي تمام الطائي ونبش قبر المؤرّخ الموصلي ابن الأثير.وذات المصير لقيه تمثال الموسيقي العربي عثمان الموصلي والمزار المعروف بقبر البنت في الساحل الأيمن من مدينة في الموصل، مركز محافظة نينوى، أيضا دخل مسلحو داعش كنيسة كلدانية في الموصل، وقاموا بهدم تمثال «مريمانة»، إضافة إلى ساعة الكنيسة.هذا التخريب المتعمّد، الذي يقوم به تنظيم داعش للآثار والتماثيل العراقية، بحجة أنها “أوثان”، هو امتداد لأكبر عملية تدمير ونهب وتخريب للآثار في التاريخ، وقد تعرّض لها العراق إبان الغزو الأميركي في 2003.
مسح الهوية الثقافية
وذكرت الاستاذة العلاق ان عالمة الآثار الألمانية سيمون ميوهل، التي عملت في العراق لسنوات عدة، نشرت قائمة بـ 18 موقعا أعلنت أنها مستهدفة من قبل تنظيم داعش أو أنها معرضة لمخاطر المعارك”. وترى الباحثة في علم الآثار أن أعمال التدمير هذه تشكل جزءا من استراتيجية شاملة، حيث أن تنظيم داعش “لا يريد مسح آثار أديان أخرى فقط بل أيضا القضاء على الهوية الثقافية للناس″.كما ان الخوف الكبير الذي يعتري الآثاريين من أن تنظيم داعش سيكرر ما فعله في سوريا”. وأشارت الأثرية الألمانية إلى أن “التنظيم ولأغراض إعلامية قام بتدمير بعض الأطلال النادرة للحكم الأشوري القديم في المنطقة. وهم عندما يقومون بتدمير شيء ما من الآثار فإنهم ينشرونه على مواقعهم لأغراض إعلامية”.
كما حذّرت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، من استهداف المتطرفين لمواقع التراث الإنساني، مشددة على أن “استهداف التراث هو استهداف للهوية والثقافة الإنسانية”، داعية في الوقت ذاته إلى حماية هذه المواقع من مثل هذه التهديدات.وقالت بوكوفا إن العراق سوف يشهد موجة تدمير ونهب وسرقة للآثار مثل ما حدث قبل عدة سنوات، ودعت بوكوفا جميع الأطراف الفاعلة إلى الامتناع عن أي شكل من أشكال تدمير التراث الثقافي، بما في ذلك المواقع الدينية.
وذكر د. عبد الرحمن ذياب ؛لقد مرّت بالعراق حروب كثيرة لم تؤثر في آثاره مثلما أثرت فيه تداعيات الحرب الأميركية وما أعقبها، وما يجري اليوم على أرضه جزء من تلك التداعيات. وتشير إحصائية أعدتها وزارة السياحة والآثار إلى تعرض أكثر من 15 ألف قطعة أثرية إلى النهب والسلب خلال الأحداث التي رافقت غزو القوات الأميركية بغداد في أبريل عام 2003.واليوم، ليست الموصل ونينوى وسامراء وحدها من يرزح تحت وطأة تهديد داعش وأمثالها، مواقع أثرية عديدة في بلاد الرافدين، التي تحمل بين طياتها أولى الحضارات الإنسانية، مهدّدة بالتدمير والاندثار. والعراق اليوم في حاجة ماسة إلى الدعم الدولي لحماية هذا التاريخ لكن الأمر يبقى معلقا مثلما يبقى الوضع العراقي إجمالا، إلى حين توضح الرؤية بشأن مستقبل البلد الذي سماه الإغريق “ميزوبوتاميا” أي بين النهرين، مهد الحضارة الإنسانية.
كما تحدثت الاستاذة افنان العلاق عن صناعة فيلم (الحضارة المستهدفة ) قائلة ؛ كانت مشاهد الفيدوات التي نشرت مؤلمه كثيراً، تركت في القلب صرخة مدويه، فكان صداها فيلم ‘الحضاره المستهدفه’ ، اما عن كيفية تجسيد العمل، فقد قررت ان نقوم بانتاج تقرير قصير يروي ما حصل و كنتيجة عمليه لهذا القرار شاركت الموضوع مع الدكتور عبد الرحمن ذياب، مدير المركز الثقافي العراقي سابقاً، فلاقت الفكره ترحيباً واسعاً و وعدني ان يقدم لي كل التسهيلات من اجل سير هذا العمل بأفضل صوره ممكنه بالرغم من قلة الامكانيات المتوفره و عدم وجود اي دعم مادي قررنا ان ننجز ما نوينا عليه مهما واجهنا من تحديات.و بالفعل هذا ما حصل، قمنا بترتيب لقاءات مع شخصيات متخصصه في مجال الاثار و ايضا مع وكيل وزير الاثار العراقي الاستاذ قيس حسين رشيد.
استطلعنا اراء الشارع البريطاني في المتحف الوطني البريطاني حيث يجتذب هواة الاثار و غيره من الاماكن و كذلك الشارع العراقي لأشخاص من مختلف الاعمار و الاختصاصات ممن زاروا الاثار التي تم تهديمها او بعضهم كان قد سمع عنها، فتفاوتوا في تعبيرهم عن غضبهم، حزنهم و استنكارهم، و لكن نتيجة ما قالوه كان بلون واحد، (ما حصل هو عمل شنيع لا يجب ان يرضى به اي انسان ) ،لم نتمكن من ادراج جميع المقاطع المصوره في التقرير نظراً لما تحتويه من بعض العيوب الفنيه.
كما اشارت ؛ لقد شاركنا في انتاج هذا العمل الاستاذ ياسر الزهاوي الذي بذل جهداً كبيراً من اجل انجاحه ،فعملنا جميعاً كفريق لمدة قاربت الستة اشهر لنكون قد ساهمنا في نشر خبث عصابات داعش الاجرامية وقد انتج التقرير باللغه الانكليزيه ليصل الصوت الى الجانب الاخر من العالم دون حواجز.
و في الختام، قالت الاستاذة العلاق وشاركها الرأي د. عبد الرحمن ذياب ؛جميعنا نتحمل مسؤولية الحفاظ او الدفاع عما هو لنا و محاولة استرجاعه ممن اغتصبوه منا، هذه المحاوله قد تكون بسلاح او بدعاء او عمل صالح يرفع عنا هذا البلاء.