استضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حيدر يوم الاربعاء 6 شباط/ فبراير 2019 في امسية ثقافية تحدث فيها عن مظاهر الفساد، سبل معالجته، مع تقديم نماذج لمعالجة الفساد في محاولة لفهم الفساد في العالمين العربي والاسلامي ومسبابته والظروف التي ينمو فيها. الدكتور محمد حيدر من مواليد لبنان، يعيش حاليا في بريطانيا منذ العام 1986، درس في المدرسة الجعفرية وثانوية صور وحصل على منحة دراسية ببعثة ارسلها السيد موسى الصدر للأردن لدراسة إدارة الاعمال،تخرج من جامعة اليرموك في العام ١٩٨١وحصل بعدها على منحة دراسية للحصول على درجة الماجستير في الـ BUC كلية بيروت الجامعية وحصل على منحة من المجلس الثقافي البريطاني British Council لدرجة للدكتوراه. حصل على درجة الدكتوراة في بريطانيا في Durham University Business School ،عمل استاذا مساعدا في الجامعة ثم أستاذ للعلوم المالية والإدارة في كلية الاقتصاد والإدارة بالجامعة اللبنانية ببيروت. إنتدب من قبل منظمة العمل الدولية التابعة للامم المتحدة لوضع برامج تدريبية لصالح المكتب الدولي للتدريب التابع للامم المتحدة في ايطاليا – تورينو. الدكتور محمد حيدرناشط سياسي ومستشار مالي في لندن كتب العديد من المقالات والبحوث في مختلف الجوانب المالية والااقتصادية والادارية . المقدمة ليس الفساد ظاهرة جديدة على المجتمعات البشرية بل وجد منذ خلق الانسان ومنذ ذلك اليوم والفساد منتشر وهو ظاهرة تتميز بالتنامي في عدد من المجتمعات الحديثة ويعاني ابناء هذه المجتمعات من انعكاسات سيئة نتيجة لهذا الفساد المنتشر. وينتشر الفساد في العالم العربي والاسلامي كانتشاره في باقي دول العالم اذ لا يميزه عن غيرها شي بل وهناك موءشرات تدل على اكثر الدول العربية والاسلامية هي الاكثر فسادا طبقا لموشرات الشفافية العالمية والفساد. ولعل هذه الموءشرات هي دلائل اكثر منها خصائص لتلك المجتمعات لكن من الموءكد ان ارتباط هذه المؤشرات له علاقه بالانظمة السياسية المتبعة ومقدار سيطرة السياسيين على مقدرات الحكم والبلاد. والمميز في هذه الظاهره خاصه في بلدان العالم العربي او البلدان الاسلامية او البلدان طور التقدم الاجتماعي والاقتصادي انه ظاهرة مزمنة الى حد ما ولا زال علاجها صعب للان. ولا ينطبق هذا بالطبع على جميع هذه الدول لان الفساد موجود في كل دول العالم لكن هناك مراحل متفاوته او نسبة متفاوتة من انتشاره في هذه الدول. والمميز ايضا ان اكثر الدول فسادا هي تلك التي تتمركز فيها السلطات بيد مجموعة حاكمة او من يوءازرها في الحكم من قوى سياسية او اقتصاديه. لذا من الافضل ان نعرف ما هو الفساد اولا. يعرف البعض بان الفساد هو استخدام صاحب السلطه في المواقع العامة لصلاحياته لاجل الكسب من المال العام او المال الخاص وتجييره لصالحه او لصاح المتعاونين معه . اذن هو مد يد من لديه السلطه في موقع القرار على المال العام او الخاص للاستفاده منه بوجه غير حق او تسهيل مرور المال العام للاخرين بطرق غير قانونية او شرعية. وينتشر الفساد في كافة القطاعات العامة والخاصه ويقوم به العديد من الشخصيات او الموءسسات او القيمين عليها في كلا القطاعين العام والخاص. بل واحيانا يتضامنان معا حيث تتوحد الاراده السياسية الفاسدة مع الاراده الاقتصاديه لتسهيل عملية الفساد واستفادة كلا الطرفين منها حيث يتم تبادل المنفعه من سلطه وقدرة القرار السياسية لصالح المنفعه الاقتصاديه ليتوحد الهدف والمشاركه في النتائج الا وهو سرقة المال العام. اذن هي منفعة متبادله لاجل الحصول على المال العام بصورة غير محقة وغير شرعية اوغير قانونية. فالفساد في السلطه هو فساد يطال المال العام او المالية العامة التي من المفترض ان تكون مخصصه للخدمات العامة التي تقدمها الدولة وتمتد يد الفاسدين اليها. ويكون هذا الفساد اقتصاديا عندما يطال القطاعات الاقتصادية التي تقدم الخدمات للناس مثل التحكم بالاسعار او رفع اسعار السلع او التهرب من الضريبة او تقديم رشاوي لموظفين مهمتهم تسهيل الفساد في هذه القطاعات. ويطال الفساد معظم قطاعات الدولة الخدماتية والانمائية وذلك عن طريق العقود التي تقدمها الدول للقطاع الخاص والجمهور لانجاز المشاريع العامة حيث يستفيد المقاول باشكال متعددة من خلال هذه المشاريع اما الحصول عليها بطرق غير قانونية او عدم اتمامها بنزاهة تامة مما يقلل من قيمتها ليكسب المزيد منها وذلك لقاء سكوت الموظفون الحكوميون عن طرق انجاز هذه المشاريع وغض النظر عن تطبيق المواصفات القانونية المرتبطه في انجازها. لذلك نرى هناك غموض كبير جدا في عملية تقديم العطاءات والحصول عليها من قبل المقاولين كي ينجزوا المشاريع العامة وعادة ما تكون قيمة هذه المشاريع كبيرة جدا في التقديرات والتخمينات وحتى في التطبيق الذي لا يطابق المواصفات في هذه العروض. فالنتيجة يتحول الفساد الى ثقافة وسولوكية في مجتمع الادارة وقبول من جهة اخرى من المواطن وهذا يعزز الاحباط لديه خاصة ان كان هذا السلوك قوي ومتحكم في اجهزة الادارة واجهزة الدولة. فلا يستطيع المواطن مقاومته ويوضع احيانا في خانة الاحراج او عدم انجاز معاملاته او خدماته من هذه الاجهزة. ولذا يتحول الى عادة اجتماعية وسلوك يتطور في المجتمع بشكل غير اعتيادي ليكتسب اصحاب هذه السلوكيات مهارات عالية تساهم بدرجة عالية من احترافهم في نشر الفساد والافساد. وعندما يصل الفساد الى هذه المرحلة الصعبة يتطلب الكثير من الجهود لتصحيحه او التخلص منه. ومن بين الدول الاكثر فسادا في العالم العربي طبقا لموءشر الشفافيه العالمية هي الصومال وكانت اكثر الدول فسادا او في عدم الشفافيه ثم يليها سوريا واليمن والسودان وليبيا والعراق حيث سجلت هذه الدول اكثر اكبر دول تنعدم فيها الشفافية من بين اكبر عشر دول فسادا في العالم حسب ترتيب جدول موشر الشفافية. واحتلت البحرين المرتبه 103 في الفساد وعمان 68 والسعوديه في المرتبة 45 وتونس في المرتبة 81 حسب جدول الشفافيه للعام 2018 من بين الدول الاخرى. ويبين الجدول المرفق في هذه المقالة مواضع الدول العربيه والاسلامية من عملية الشفافية وحجم الفساد المنتشر فيها وبالضرورة القيام بعمل للحد من التغطية على الفساد واتخاذ الخطوات الكفيلة بتحسين اداء القطاع العام في مكافحة الفساد والحد منه. وتشير مؤسسة الشفافيه العالمية ان الفساد ينتشر في الدول بشكل متفاوت الا ان الفساد مستشري بشكل قوي في اكثر من خمسين في المئة من دول العالم. ويلاحظ ان اكثر الدول فسادا في العالم هي تلك التي يتدني فيها مستوى الحريات العامه وحرية الصحافة وحرية الكلمة بشكل عام حيث هناك تحفظ على التقارير الصحافية وتدخل المجتمع العام في الشؤون العامة ومشاركته بها. لدرجه ان يتم معاقبة الصحافيين الذين يتطراون لمثل هكذا قضايا واحيانا تكلفهم ارواحهم ان تصدوا لها لاسكاتهم وثنيهم عن فضح الواقع الفاسد. ويلاحظ انتشار الفساد في دول العالم العربي والاسلامي بشكل غير عادي مقارنه بكثير من دول العالم المتقدم وطور التقدم الاقتصادي. ولم يلحظ تقدما ملحوظا في مكافحة الفساد او تشكيل هيئات خاصة بذلك اضافة الي ان الاوضاع الاقتصاديه والاجتماعيه والحروب التي تشملها لم تكن لتساعد على قيام هذه اجراءات يمكن ان يكون لها اثر بوضع حد للفساد او التخفيف منه او محاسبة الفاسدين قضائيا على هذه الجرائم التي بدات تؤثر سلبا على مجتمعاتها ماليا واقتصاديا. ويحصد الفساد في العالم العربي اموالا باهظة من خزينة الدول ليصل الى نسبة عالية جدا من اجمالي الدخل القومي تعد باكثر من 2 في المئة ليصل احيانا الى اكثر من ذلك اضافة الى نشر حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. ولعل من اهم نتائج الفساد او انعكاساته على الاداء المالي والاقتصادي في البلاد هو خلق حالة من عدم اليقين والاستقرار عند الكثير من المستثمرين الامر الذي يؤدي الى تجنبهم الاستثمار في تلك البلاد او المخاطرة للاستثمار فيها وبالتالي يكون المجتمع هو الضحية لتلك الظاهرة. وهذا بطبيعة الحال يضعف قدرة هذه البلدان في مسيرة التقدم الانمائي والاجتماعي ويخلق الكثير من العوائق فيها من حيث تقديم الخدمات وتطورها للجمهور الامر الذي ينعكس سلبا على خدمات المواطنين وتراجع قدرة الدولة على جمع الضرائب من هذه الخدمات او المرافق العامة التي تقدمها الدولة. لذلك من المهم جدا في الدول التي لديها الرغبة الصادقة في مكافحة الفساد ان يكون لديها برنامج واضح في هذا الاتجاه دون تردد بحيث تخلق جوا عاما يسوده هذا التحدي لمواجهة الفساد ذلك بحشد تكتلات واسعة من كافة الاطراف الاجتماعية والسياسية ليكون دعما للحكومه في هذا الاتجاه. ومن المهم ان تتبلور هذه الخطة باهداف واضحة بمشاركه الجمهور لوضع حدا له واشراك الشرائح الاجتماعية والحزبية والاقتصاديه والثقافيه كي تعطي بعدا اخر لهذه الخطوات الجادة بحيث تتشكل هيئة عامة لمكافحة الفساد بدعم من كافة الشرائح الاجتماعية من القطاع العام والخاص وهيئات اعتبارية. ومن المهم جدا ايضا تشكيل او توضيح القانون في اطار مكافحة الفساد وتجريم الفاسدين في محاكم خاصه لهذه القضايا لتعجيل متابعة هذه القضايا وتنفيذها بسرعة. يضاف الى ذلك مهمة استخدام التقنيات الحديثة والاجهزة المتطورة في مكافحة الفساد في كثير من المواقع التي يمكن ان تكون مسرحا للفساد في القطاعات العامة ومراكز تقديم الخدمات للجمهور. لذا تواجه العديد من الدول مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق تحديات عدم الاستقرار والإرهاب والحرب والنزاع ، لتظل في ادنى مستويات الشفافية. ولذا تظهر كل من اليمن وسوريا والصومال والسودان في تلك الشريحة ولعل الظروف غير العادية خلال الحرب يضفي المزيد من الضبابية على سير تنفيذ الاعمال في تلك الدول ويجعلها غامضة نوعا ما الامر الذي يبعد الرقابه عن الكثير من العمليات المالية المتعلقة بالقطاعات العامة كيف يتم انجازها. تجربة الدول العرببية في مجال مكافحة الفساد: بلدان عربية تقدمت نسبيا في ارتفاع نسبة الشفافية و مكافحة الفساد هناك عدد من البلدان استطاع ان يحرز تقدما في مجال مكافحة الفساد ولكن بنسب قليلة ومن بين هذه الدول كانت تونس والمغرب ومصر حيث تحسن ادائهم بنسبة ثلاث نقط في المؤشر العام للشفافية وهو تقدم خجول نسبيا ويبقى هناك طريق طويل لهذه الدول كي يقال عنها انها احرزت تقدم ملموس. ويقول تقرير الشفافية العالمية ” في المغرب، قامت الحكومة مؤخرا بسن قانون الحق في الحصول على المعلومات بعد سنوات من التأجيل والدعوات المتكررة من مجموعات ناشطة في المجتمع المدني لبلورة قانون أساسي في هذا الصدد. ولكن القانون المعتمد بصيغته الحالية يبقى محل انتقادات لاذعة من المجتمع المدني، بما في ذلك الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية في المغرب، ويرجع ذلك إلى النقائص التي تشوب هذا القانون والقيود الخطيرة التي يتضمنها.” و”عمل الفرع الوطني منذ سنة 2006 على المطالبة بمشروع قانون يحترم المعايير الدولية. ولكن في نهاية المطاف احتوى القانون في نسخته النهائية على توجيهات غامضة فيما يتعلق باستخدام المعلومات وإعادة استخدامها، كما يتضمن سلسلة من الاستثناءات للدفاع الوطني والمعلومات المتعلقة بالأمن الداخلي والخارجي والمعلومات الخاصة مما أضعف قُوّة هذا القانون بشكل عام. وحذر القانون استخدام المعلومات لاحداث الضرر بالمصلحة العامة. رقعها من هون وفسخها من جانب اخر الا انه اعتبرت هذه الخطوات ايجايبية نسبيا على طريق مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. وكذلك الامر في مصرحيث اشار التقرير الى مايلي: “تبقى مظاهر التحسن على أرض الواقع ضئيلة، حيث تعاني البلاد حاليا من مشاكل جسيمة على مستوى انتشار الفساد. ويستمر أيضا استهداف منظمات المجتمع المدني بحظر السفر واعتقال الناشطين بشكل ممنهج. وتشكل هيئة الرقابة الإدارية الجهة الأساسية المُكلفة بالتحقيق في قضايا الفساد، وتعمل على إرجاع بعض أملاك الدولة المسروقة واعتماد استراتيجية مكافحة الفساد لأربع سنوات.” ويلحظ تقرير الشفافيه العالمي تقدم بلد كتونس على سبيل المثال في مجال مكافحة الفساد نتيجة لعدد من الخطوات التي قامت بها الحكومه التونسية استطاعت من خلال انجاز تقدم ملحوظ بشكل عام على مستوى الحد من الفساد وتفشيه. ولعل هذا الانجاز كان لتطبيق الحكومه التونسية عددا من الاجراءات التي ساعدت في هذا التقدم منها اعتماد قانون واضح لمكافحة الفساد وشفافيه الملعومات التي تحيط بمواقع الفساد وقدرة المجتمع على تداول او الحصول على هذه المعلومات وجعلها متاحة للجميع وبتصرفهم. وانشائ هيئة عامة لمكافحة الفساد وتبني الدولة استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد المنتشر اضافة الي اقامة محكمة خاصه تنظر فقط بقضايا الفساد والفاسدين. غانا ونجاحها ايضا: في العام 1980 اتخذت دولة غانا اجراءت مهمة في مكافحة الفساد ادت في نهاية الامر الى تحقيق عائدات مهمة جدا على الدولة وتقدر هذه العائدات بنحة 12.3% من مجمل الدخل القومي للبلاد لكنها ادت ايضا على التخلص من حوالي 3.5% من موظفي الضرائب وحوالي 2.5% من موظفي الجمارك حيث تبين ان جزء من هوءلاء كان متورط في عمليات الفساد التي تخسر الدولة منها هذا الكم من العائدات. بلدان عربية شهدت تراجعا في ظل بعض التقدم النسبي الذي حققته بعض الدول الا ان دول اخرى لم تكن محظوظة في هذا الاتجاه حيث تواجه دول عربية كثيرة ظروف غير عادية كاستمرار الحروب فيها او تعاني من اثارها او استقبال حروب اخرى تواجه بلدان اخرى مثل سوريا وليبيا واليمن والعراق والبحرين تحديات بسبب عدم الاستقرار وانتشار الإرهاب والحروب والنزاعات، وذلك ما يبقيها في أدنى مراتب المؤشر. ويقول تقرير الشفافية العالمي “سجل كل من اليمن وسوريا أشد تراجع في المؤشر خلال السنوات القليلة الماضية. حيث تراجع اليمن بخمس درجات على امتداد السنوات الأربع الماضية، إذ انتقل من 19 درجة سنة 2014 إلى 14 درجة سنة 2018.” ”وتراجع المؤشر في سوريا بـ 13 درجة خلال السنوات الثماني الماضية، حيث انتقلت من 26 درجة سنة 2012 إلى 13 درجة سنة 2018.” “وحصل السودان* على 16 درجة في مؤشر مدركات الفساد للسنة الثانية على التوالي. وبسبب ما يواجهه من تحديات جراء الإرهاب والحروب والنزاعات، يبقى في أدنى مراتب المؤشر.” ويذكر تقرير الشفافية العالمية, “ان البحرين شهدت أكبر انخفاض في المؤشر منذ العام الماضي. اذ خلال العامين الماضيين ، صعدت السلطات البحرينية من هجماتها وقيودها على حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات والتجمع. في منتصف عام 2016 ، قامت الحكومة بحل مجموعة المعارضة السياسية الرئيسية وسجنت المدافعين البحرينيين عن حقوق الإنسان. كما أنه ألغى جنسية أولئك الذين انتقدوا الحكومة ، وأخضعوا المجتمع المدني ونشطاء مكافحة الفساد إلى حظر السفر والاستجواب التعسفي. هذا ، بالاقتران مع عدم وجود استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ووكالة فساد مستقلة ، أدى إلى انزلاق البلاد بسرعة إلى أسفل المؤشر.” و هناك دولا عربية واسلامية يتنشر الفساد فيها ومسببيه بصورة غير اعتيادية. ومن اهم هذه الجهات طبقا لكثير من المؤشرات والتقارير الصادره عن هيئات محلية وعالمية هو العامل السياسي الذي يعد من اهم منشطات الفساد يضاف اليه المنتفعون من تجار ومصارف وغيرها في بعض البلدان مثل لبنان والاردن ومصر. وطبقا لهذه التقارير فان ارتباط العامل السياسي مع العوامل الاخرى يبقى من ابرز هذه العوامل. ويقول تقرير الشفافية العالمية للعام الحالي: ان كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر تفتقران للمؤسسات الديمقراطية واحترام الحقوق السياسية. ويجعل ذلك من جهود مكافحة الفساد رهينة الإرادة السياسية للطبقة الحاكمة الحالية، التي يمكن أن تتغير في أي لحظة وتتجاهل أي تحسينات في جهود مكافحة الفساد. ويضيف التقرير انه على رغم “تمكن حكومة قطر من التخلي على عدة مستويات من البيروقراطية لتعزيز جهود مكافحة الفساد في البلاد، ولكن يبقى الغموض مُخيما على مستوى المناصب الرفيعة في الحكومة.” وفي العام الماضي اشارت تحقيقات أجراها مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) ومركز دراسات الدفاع المتقدِّمة (C4ADS) عن تحول دبي إلى مركز عالمي رئيسي لتبييض الأموال. ووفقا لهذا التقرير، يُمكن شراء عقارات في دبي تُقدر بملايين الجنيهات نقدا ولن تُطرح على المشتري سوى بعض الأسئلة القليلة. وهذا ما أدى إلى تحول دبي إلى جنة لتبييض الأموال، يتوجه إليها المتورطون في الفساد وغيرهم من المجرمين لشراء عقارات فخمة دون أي قيود تُذكر. وفي لبنان يشير التقرير الى “ان الانتخابات التي اُجريت مؤخرا قد اثارت مخاوف إزاء تمويل الأحزاب السياسية وسوء إدارة العملية الانتخابية. وعمل فرعنا الوطني، الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، على تسليط الضوء على هذه الجوانب السلبية أمام المسؤولين الحكوميين والرأي العام. ولكن بعد ستة أشهر من الانتخابات، لم يتمكن رئيس الوزراء من تشكيل حكومة جديدة في بلد يسود فيه الاستقطاب بدرجة عالية. ويبقى الفساد السياسي وتضارب المصالح في صدارة التحديات الكبرى التي تحول دون تحقيق أي تقدم في لبنان. ووفقا لآخر تقاريرنا، لبنان: التقدم نحو تحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامةٍ، يفتقر الإطار القانوني للبلاد واللوائح المتعلقة بتمويل الأحزاب السياسية إلى بعض العناصر الجوهرية، بما في ذلك معايير الشفافية والمساءلة.” لذا أن الفشل المتواصل لمعظم الدول في الحد من الفساد على نحو فعال يساهم في مفاقمة أزمة الديمقراطية والحريات في دول العالم العربي والاسلامي كما في كثير من الدول الاخرى. سبل القضاء على الفساد: يبقى ان القضاء على الفساد او الحد منه عملية ليست بالسهلة اطلاقا ولكن ليست بالمستحيلة ايضا ان كان هناك نية واضحه وصادقة في هذا الاتجاه. ولعل بوادر بداية الطريق هو البدء بالاعلان عنها ومتابعتها تحت حماية القانون وحماية القائمين عليه ولعل الخطوة الاولى في هذا المضمار هو القيام بهذه الخطوات كي يطمئن الجمهور على المال العام ومستوى الخدمات التي تقدمها الحكومه له. ومن طرق ووسائل مكافحة الفساد في يمكن اعطاء المزيد من القوة والصلاحيات للجمتمع بشكل عام واعطائهم المزيد من القدرة على اتخاذ المباردة في مضمار مكافحة الفساد. قطع الطريق على طرق المقاولات واعطاء العروض والمقاولات في الدوائر الحكومية بشكل اساسي. استخدام التكنولوجيا في العمليات الادارية والمالية بشكل عام خصوصا في الدوائر الحكومية والمعاملات المالية الامر الذي يخفف كثيرا من قدرة الموظف على الاحتيال ولسهولة الرقابة على العمليات المالية في هذه الدوائر مثل مكننة عملية الدفع مباشرة والرقابة عليها بشكل شفاف. الاستثمار في مؤسسات مكافحة الفساد وتكوين سياسة عامة تلقى الدعم الشعبي والمؤسساتي الامر الذي يسهل عملية مكافحة الفساد في كثير من المواضع الحكومية والخاصة. وضع قوانين واضحة من شاءنها انزال العقوبات الصارمة بحق الفاسدين والسعي لتطبيقها واعطاء قوة للقانون والمحاكم لتطبيق هذه القوانين اضافة على حماية من يقوم على مكافحة الفساد من قبل الدولة والمجتمع. المزيد من الشفافية العالية في الدوائر التي يتم فيها الفساد واعتماد بعض المعايرر التي تستخدمها موءسسة الشفافية العالمية ملاحقة المال ومصدرة والي اين ينتهي والتحقيق فيه. التحكم عن طريق المراقبة والسيطرة على مخزون الدوائر الحكومية بشكل عام والمزيد من عمليات الرقابة والتفتيش على هذه المخزونات كالادوية على سبيل المثال التي تعطي مجانا من قبل الصيدليات التابعة لدوائر الصحة في المناطق ووضع اليات تكنولوجية تحافظ على مثل هذه المخزونات ومراقبتها بشكل دقيق واجراء عمليات تفتيش بشكل دوري للحفاظ عليها. اعطاء الفرصة للتغذية العائدة من الجمهور الذي يستخدم هذه الخدمة واجراء عمليات تقييم لها واستلام التقارير عنها بشكل دوري من الجمهور وتشيجع الناس لكتابه التقارير التي تتعلق بالفساد في بعض الدوائر التي يكثر فيها الفساد. بناء قاعدة معلومات من شائنها ان تساهم في فهم اكبر لحالة الفساد ومصارده اضافة الى المزيد من الشفافية في هذه المعلومات ومصاردها او مصادر الحصول عليها. اعطاء حوافز لمن يساهم في كبح الفساد والتعويض المالي كمساهمة تشجيعية لهذه التقارير لانها تحافظ على المال العام وبالتالي تكون هذه المكافأت عملية تشجيعية لمن يساهم في كبح الفساد بشكل عام وضع برامج تربوية على مستويات متعددة ليتلقاها افراد المجتمع وجعلهم جزء من سياسة مكافحة الفساد في مجتمعاتهم نشر مواد تعليمية على كاف المستويات من شائنها ان يساهم في مكافحة الفساد السماح بحرية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في كشف عمليات الفساد ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي السماح للجمهور والمؤسسات الاجتماعيه وغير الحكومية باستخدام المعلومات المتاحة في الدوائر الحكومية للاطلاع عليها واستخدامها بحرية. الترويج من خلال حملات اجتماعية ورياضية ومستويات اخرى عن مكافحة الفساد واظهار اضراره مثلا تقديم معلومات عن الخسائر التي تمنى بها واردات الدولة نتيجة الفساد ونهب المال العام. السماح للصحافة بمزيد من الحرية في نشر مواد وتقارير وتحقيقات تتعلق بالفساد بشكل عام. بناء قاعدة شعبية ومدنية وموءسساتية لمكافة الفساد الامر الذي يشجع الجمهور في المساهمة في مكافحة الفساد بشكل عام اعتماد سياسة صفر فساد كهدف اساسي في الدوائر الحكومية او بعض القطاعات الاخرى التي تشكل جزء من الفساد بشكل عام تشجيع الناس على تقديم اعتراضات بشكل جماعي لتشكل راي عام او اداة ضغط على الدواشر الحكوميه والقضاشية للتصرف واتخاذ الاجراءات المناسبة للقضاء على الفساد ومواضعه استحداث خط ساخن لمن لديه معلومات يمكن ان تفيد في كباح الفساد والمفسدين في الدوائر الحكومية بشكل خاص. اعتماد قوانين وتعليمات هامة في عملية الانتخابات التي من شائنها التخفيف او القضاء على الفساد نتيجة لشراء الذمم اثناء عملية الانتخابات التي يمكن ان توءدي الى وصول متنفذين واصحاب المصالح للاستفادة لاحقا من الخدمات التي يمكن ان يقدمها البعض للمرشحين لمواقع سياسية او تمثيلية للجمهور اعتماد الاصلاح الموءسسي كجزء من العملية الاجرائية للقضاء على الفساد ومصادره ومسببيه (امثله على ذلك عمليات التوظيف في قطاعات الدولة). زيادة المنافسة بين الدوائر الحكومية في مساءلة الشفافية والرقابه عليها عن طريق المحاسبة والتدقيق بالحسابات والسماح للجمهور والصحافة بالاطلاع عليها. اصدار احكام وقوانين واضحة تخدم سياسة مكافحة الفساد. تشجيع الموءسسات غير الحكومية والنقابات العمالية على المشاركه في عملية مكافحة الفساد. القيام باعمال تدريبة كورش العمل لمعرفة الاليات التي من شائنها مكافحة الفساد وتكامل المعلومات لدى المتشجعين لتطبيق سياسة مكافحة الفساد يدعى اليها الكثير من الهيئات العامة والشعبية لتطبيق وفهم اجراءات ووسائل مكافحة الفساد السماح للصحافة التحقيقية نشر المعلومات بحرية دون مضايقة كجزء من استراتيجية توسيع قاعدة القضاء على الفساد. تمويل هذه الورش ودعمها ماليا لاهمية ما تمثله من ادوات لفهم اوسع لمكافحة الفساد وجعلها الية من اليات التنفيذ. السعي لايجاد الدعم الدولي لاجراءت مكافحة الفساد وتطبيق تفاصيل الورقة البيضاء المتعلقة بنشر ثقافة مكافحة الفساد والاستفادة من المشورة مع الموءسسات الدولية التي تساهم في مكافحة الفساد. تشجيع المزيد من سن القوانين والتشريعات التي تساهم في مكافحة الفساد بشكل عام بعض التحفظات والايضاحات هل يا ترى هذه المؤشرات هي دليل الفساد في العالم ما هو موقف الدول من التلوث في العالم والحروب والقتل والدمار ونشر السلاح والصراعات من مكان لاخر هل هذا فساد ام غير فساد المؤشرات يجب ان تكون اوسع واشمل لتضم ليس فقط التصنيفات التي تتعلق بالعالم الفقير مقارنه ما حققته الدول الغنية من مستويات تقدم على حساب هذه الدول لتستخدم هذه المعايير ضد بلداننا وهي كانت اكثر بطشا وفسادا من عشرات السنوات فقط. ومن المثير للجدل ايضا هو مصداقية هذه المؤشرات الامر الذي يجعلنا نتحفظ على كثير من نتائجها خصوصا في دولة مثل المملكة العربية السعوديه. كان موءشر المملكة خلال السنوات الماضية بمستوى يتراوح بين مستوى 44 للعام 2012 ليتطور الى 49 في العام 2014 ثم الى 52 في العام 2015 ثم ليصل الى متسوى 57 في العام 2017. والامر الغريب ان هذه الموشرات اشارت الى تحقيق تقدم على مستوى الشفافية لكن المستغرب كيف يمكن ان تكون هذه المعدلات في ظل فساد طال الدولة ومقوماتها على مدى السنوات الطويلة الماضية. اضافة لذلك تظهر حسابات الموازنه انفاقات باكثر من عشرة في المئة على الموازنة المنصوص عليها في سجلات الدولة ولا احد يجد تفسير لهذا الانفاقات او اسباب ارتفاع هذا الانفاق بهذا النحو. وما ادعاء استرجاع الدولة لاكثر من 130 مليار دولار من امراء وتجار فاسدين في المملكة العربية السعودية الا دليل على عدم رصد مؤشرات الفساد والشفافية لهذا الكم من الفساد الذي لم يترجم في مؤشرات الفساد المستخدمة لرصد الفساد. لذلك يمكن القول بكل ثقة ان هذه المؤشرات غير كافية للحكم على هذه الدول رغم الضرورة الملحة لها واستمرار وجودها. وهناك تساؤل محق ان قلنا اين هي مؤشرات الفساد في بقية جوانب الحياة في العالم كالفساد في البيئة اوكالبحار ومياة الانهار والبحيرات والمجاري المائية التي تدمر الطبيعة وتقتل مصارد الحياة فيها. اين هي مؤشرات الفساد التي تخبرنا عمن يدمر البيئة بشن الحروب بين الدول ويساعد في انتاج الاسلحة المدمرة ومن يحاسب هؤلا الفاسدين على اعمالهم. اين هي مؤشرات الفساد في البيئة وما تفعله المصانع والشركات العملاقة المنتجة للمواد البلاستيكية او المشتقة من النفط وكيف يمكن ايقافها للحد من الضرر بالبيئة وهل يمكن لنا ان نحاسبها في ظل غياب قوانين تسمح لنا بان نحاسبها على هذه الاضرار. لا شك ان غياب هذه القوانين والمؤشرات يترك فراغا يحتاج الى من يملاءه اما بنشر الوعي والحد من قدرة الفساد والفاسدين اضافة الى تقديم مشاريع قوانين في المجالس التشريعية لانشاؤها واعطاء كافة الصلاحيات المطلوبه معها اضافة الى الدعم المدني والمالي والسلطوي لهذه الاجراءات. فوجود مجموعة قوانين تسنها هذه الدول ما هي احيانا الا عوائق قانونية دولية لاي تطور يمكن ان تحققه بلداننا. ومع استمرار الانقسام السياسي وعدم اعطاء المجال للقوانين ان تفعل بشكل جيد سيشكل عائقا كبيرا امام مكافحة الفساد والتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي في هذه البلدان.