منذ فترة غير وجيزة والحوار بين الاديان يسلك مسارا عالميا تسعى فيه الجماعات الدينية التعرف الى بعضها البعض؛ عبر إبراز حسن نية كل جماعة تجاه الجماعة الأخرى… وفي أفضل الأحوال تهيئة بعض المفردات والموضوعات ذات الطابع اللاهوتي من اجل إنشاء حوار ديني فكري… بحيث أن جماعة لاهوتية اعتبرت أن على اللاهوتيين في أوروبا وبمشاركة رجال دين من كافة الاتجاهات الدينية التحضير لمقدمات الحوار الديني… اعتقادا منهم ان هذا الحوار لم يحن موعده بعد، وان هناك مقدمات منهجية وموضوعات ومسائل وظروفاً نفسية ودينية ينبغي ان تتجهز لتكوين ظروف مؤاتية لحوار الاديان…
إلا ان اللافت في حركة هذا الحوار انه يستجيب لمناخ ثقافي غربي قوامه التعددية العقيدية… وان الاديان غير المسيحية هي اقليات في الغرب… فالموضوعات الحوارية لا بد ان تلبي البحث في تكييف تلك الجماعات مع البيئة الغربية… هذا فضلا عن ان المقصود بالحوار بين الاديان هو حوار المسيحية مع بقية الاديان، التي من ضمنها الاسلام…
هذا ورغم اهمية اصل الحوار… ورغم ان مثل هذا الحوار يوفر للمسيحية في الغرب حضورا ايجابيا مع بقية الاديان فيه، الا ان نقل مثل هذا الحوار بروحيته وبيئته ومنهجياته وموضوعاته فضلا عن مقاصده وغاياته الى العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط اثبت ترهلا وضعف فاعلية في حركة الحوار الاسلامي – المسيحي، لاسباب عدة نذكر منها:
اولا: ان الحوار الديني في الشرق الاوسط هو بالاصل والاساس يكاد ان يكون محصورا بين الاسلام والمسيحية. فلا حاجة عملية لترتيب مقدمات ادخال بقية الاديان. حتى ان اليهودية ودخولها في مثل هذا الحوار يحتاج الى نقاش في إمكانه وجدواه… الامر الذي يجعل من حوار الاديان هنا خارج اطار المنهجيات الغربية التي تطل على الموضوع من زاوية الاديان العالمية. واعتبارها ظاهرة اجتماعية، اذ لا بد من دراسة منهجيات مشتركة للديانتين المتحاورتين تعبر عن نظامهما وطبيعتهما، وموقعهما في حياة شعوب المنطقة
.
ثانيا: ان الجماعتين الدينيتين (الاسلام والمسيحية) لا يعانيان من قلة السبل لتحصيل مقدمات حوار بناء بينهما؛ ونقصد به حوار الحياة على وفق القيم الدينية؛ وان كانا يعانيان من مشكلة العصبية التي هي عماد البيئة الثقافية لمنطقتنا، والتي انتجت على المستوى الديني العصبيات الطائفية…مما يعني ان لدينا خصوصيتنا الاشكالية في ما يتعلق بالموضوع الديني…
ثالثا: ان هناك مساحات مجتمعية وسياسية واسعة تحتاج الى موقف ديني موحد تجاهها سواء على مستوى انظمة وادارة الحكم والسلطة، ام على مستوى مشكلات السياسة والاجتماع من مثل مشاكل الهجرة، والفقر والجهل والاستبداد وغير ذلك كثير مما تحتاج اليه مجتمعاتنا لتنتقل من مرحلة الانحطاط الى مراحل من النهوض الانساني والوطني…
لهذه الاسباب وغيرها كانت فكرة عقد لقاء تشاوري للتداول في شؤون اسلامية ومسيحية ومجتمعية تحضيرا لاقامة مؤتمر خاص بالشرق الاوسط وحوار الاديان فيه…
وذلك ابتغاء رفض اي توظيف سياسي للدين، لان منطق الامور يقول: ان على الاديان ان تستفيد من الحيثيات السياسية لرفع شأن القيم الانسانية في عالم بات المستقبل فيه رهن ارادة ظلم الاقوياء… وهم الفئة التي انما جاءت رسل الاديان وانبيائها لمنافحتهم ونصرة قضية الانسان في ارض الله سبحانه…
(•) مدير معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية.
ثقافة الطفل ضرورة ابداعية واجتماعية
أطفال في نشاط فني
ضرورة ثقافة الطفل
الاهتمام بالثقافة الفنية للاطفال طريقة لتمهيد مواهبهم المستقبلية. الاطفال العراقيون عاشوا ويعيشون حالة من قلة الاهتمام بمواهبهم وتربيتهم الثقافية، فدروس التربية الفنية كانت ولا تزال دروسا ثانوية بالنسبة لسواها، والبرامج التلفزيونية التي تعنى بتشجيع وتطوير القابليات الفنية محدودة جدا. فباستثناء برنامج او اثنين لتعليم الرسم استمرا في العقود الماضية، تكاد تخلو البرامج العراقية من تشجيع للصغار – وللكبار ايضا- في مجالات مثل التثقيف الموسيقي او الفنون الادائية والبصرية او في مجال الادب. البرامج الثقافية الحالية بصورة عامة برامج تستعرض حركة النشاط الثقافي القائم، وهي غير مخصصة للاطفال اصلا. وهذا عنصر ملحوظ في القنوات العربية ايضا. فالبرامج التي تعرض للاطفال هي عموما للهو والتسلية مثل افلام الكارتون او المسابقات بانواعها، اما البرامج التي تعنى بتعزيز الذائقة فشبه مختفية. اهمية تربية الذوق الفني للاطفال لا تكمن فقط في تكوين ادباء او فنانين للمستقبل من الجيل الجديد، بل ان هذا الامر له تاثير حتى على المجتمع نفسه. فالمجتمعات التي تهتم بهذا الجانب تكون انسانا اكثر تهذيبا وانتظاما وجمالا في سلوكه، وهو ما يحتاجه المجتمع العراقي بصورة خاصة، لاسيما بعد ان تع
نحو حوار إسلامي – مسيحي مشرقي
منذ فترة غير وجيزة والحوار بين الاديان يسلك مسارا عالميا تسعى فيه الجماعات الدينية التعرف الى بعضها البعض؛ عبر إبراز حسن نية كل جماعة تجاه الجماعة الأخرى… وفي أفضل الأحوال تهيئة بعض المفردات والموضوعات ذات الطابع اللاهوتي من اجل إنشاء حوار ديني فكري… بحيث أن جماعة لاهوتية اعتبرت أن على اللاهوتيين في أوروبا وبمشاركة رجال دين من كافة الاتجاهات الدينية التحضير لمقدمات الحوار الديني… اعتقادا منهم ان هذا الحوار لم يحن موعده بعد، وان هناك مقدمات منهجية وموضوعات ومسائل وظروفاً نفسية ودينية ينبغي ان تتجهز لتكوين ظروف مؤاتية لحوار الاديان…
إلا ان اللافت في حركة هذا الحوار انه يستجيب لمناخ ثقافي غربي قوامه التعددية العقيدية… وان الاديان غير المسيحية هي اقليات في الغرب… فالموضوعات الحوارية لا بد ان تلبي البحث في تكييف تلك الجماعات مع البيئة الغربية… هذا فضلا عن ان المقصود بالحوار بين الاديان هو حوار المسيحية مع بقية الاديان، التي من ضمنها الاسلام…
هذا ورغم اهمية اصل الحوار… ورغم ان مثل هذا الحوار يوفر للمسيحية في الغرب حضورا ايجابيا مع بقية الاديان فيه، الا ان نقل مثل هذا الحوار بروحيته وبيئته ومنهجياته وموضوعاته فضلا عن مقاصده وغاياته الى العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط اثبت ترهلا وضعف فاعلية في حركة الحوار الاسلامي – المسيحي، لاسباب عدة نذكر منها:
اولا: ان الحوار الديني في الشرق الاوسط هو بالاصل والاساس يكاد ان يكون محصورا بين الاسلام والمسيحية. فلا حاجة عملية لترتيب مقدمات ادخال بقية الاديان. حتى ان اليهودية ودخولها في مثل هذا الحوار يحتاج الى نقاش في إمكانه وجدواه… الامر الذي يجعل من حوار الاديان هنا خارج اطار المنهجيات الغربية التي تطل على الموضوع من زاوية الاديان العالمية. واعتبارها ظاهرة اجتماعية، اذ لا بد من دراسة منهجيات مشتركة للديانتين المتحاورتين تعبر عن نظامهما وطبيعتهما، وموقعهما في حياة شعوب المنطقة
.
ثانيا: ان الجماعتين الدينيتين (الاسلام والمسيحية) لا يعانيان من قلة السبل لتحصيل مقدمات حوار بناء بينهما؛ ونقصد به حوار الحياة على وفق القيم الدينية؛ وان كانا يعانيان من مشكلة العصبية التي هي عماد البيئة الثقافية لمنطقتنا، والتي انتجت على المستوى الديني العصبيات الطائفية…مما يعني ان لدينا خصوصيتنا الاشكالية في ما يتعلق بالموضوع الديني…
ثالثا: ان هناك مساحات مجتمعية وسياسية واسعة تحتاج الى موقف ديني موحد تجاهها سواء على مستوى انظمة وادارة الحكم والسلطة، ام على مستوى مشكلات السياسة والاجتماع من مثل مشاكل الهجرة، والفقر والجهل والاستبداد وغير ذلك كثير مما تحتاج اليه مجتمعاتنا لتنتقل من مرحلة الانحطاط الى مراحل من النهوض الانساني والوطني…
لهذه الاسباب وغيرها كانت فكرة عقد لقاء تشاوري للتداول في شؤون اسلامية ومسيحية ومجتمعية تحضيرا لاقامة مؤتمر خاص بالشرق الاوسط وحوار الاديان فيه…
وذلك ابتغاء رفض اي توظيف سياسي للدين، لان منطق الامور يقول: ان على الاديان ان تستفيد من الحيثيات السياسية لرفع شأن القيم الانسانية في عالم بات المستقبل فيه رهن ارادة ظلم الاقوياء… وهم الفئة التي انما جاءت رسل الاديان وانبيائها لمنافحتهم ونصرة قضية الانسان في ارض الله سبحانه…
(•) مدير معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية.
لم على التصرفات العنفية والعشوائية لعقود من هيمنة العنف ومنطق القوة، وغياب مفهوم الجمال ودوره في الحياة الفردية والعائلية والاجتماعية والمؤسساتية بصورة عامة