
الدكتور رؤوف الانصاري
يعتقد كثير من العراقيين وغيرهم ان مئذنة الجامع الكبير الشهيرة بـ (ملوية سامراء) التي شيدت في عهد الخليفة العباسي المتوكل عام 238 هـ (852 م) هي الملوية الوحيدة الموجودة في سامراء، ولكن في الحقيقة هناك ملوية (مئذنة) أخرى مجهولة تعود الى مسجد أبي دُلف الجامع شيدت في عهد المتوكل أيضاً، وذلك عام 245 هـ (860 م)، وتُعد ثاني مئذنة ملوية في العراق والعالم الاسلامي، وتبعد عن ملوية سامراء بحوالي 17 كيلومتراً الى الشمال منها. وتعتبر هذه الملوية صورة مصغرة للملوية الكبيرة، فهما تتشابهان الى حدٍ كبير بالتصميم الهندسي وبالشكل العمراني، والفارق الوحيد بينهما هو ان ملوية الجامع الكبير أكبر وأضخم حجماً من ملوية مسجد أبي دُلف الجامع، إذ يبلغ ارتفاع ملوية سامراء بـ ( 52 ) متراً، أما ارتفاع مئذنة جامع أبي دُلف بـ ( 19 ) متراً.
أما تسمية الجامع بأبي دُلف فإنها أطلقت عليه لما يتمتع به صاحب هذا الاسم من المكانة والشهرة، وهو : القاسم بن عيسى بن ادريس بن معقل بن عمير عاش في زمن المأمون والمعتصم، وهو من كبار رجال الدولة العباسية وقادتها.
الطراز المعماري للملوية
استلهمت فكرة بناء الملوية من الابراج البابلية المدرجة الأثرية في وادي الرافدين التي تسمى بـ ( الزقورات )، وشكلها الحلزوني يجعل مظهرها أكثر رشاقةً من الابراج البابلية ولذلك عُرفت بالملوية.
ان هذا الطراز المعماري المبتكر الى حدٍ ما لم يصبح مثالاً يحتذى به في تشييد مآذن المساجد لاحقاً، وذلك لخطورة إرتقاء سلالمها الحلزونية ( الملتفة حولها من الخارج ) من قبل المؤذنين لرفع الآذان في أوقات الصلاة من غرفة صغيرة في قمتها، إذ كانوا يستخدمون الحيوانات لصعودها، خصوصاً البغال منها، ويذكر بأنه في احدى المرات سقط المؤذن وهو يصعد الملوية.