علي إسماعيل حمة الجاف
تبنى البلدان بالاعتماد على مواردها البشرية كطاقات فعالة تسعى لخدمة البلد والانسان الذي يعيش على ارضه من حيث السعي لتقديم ما لديه من خبرات، كفاءة، امكانيات ومؤهلات. لكن لا نجد ذلك واضحا” عند اغلب البلدان العربية التي تبذل قصارى جهدها ومواردها لبناء الانسان وفق الطرق والاساليب والامكانيات المتاحة لها من اجل، كما هي تعتقد، ان تقدم ما حصلت عليه من محصلات نهائية وتسخيرها للبلد. فعندما كان الفرد في المراحل الدراسية الاولية والثانوية والمتقدمة شعر بأن المنهج والطريقة والاسلوب والمفردات التي تعلمها كانت غير مجدية على الصعيد العملي او الغالب منها لا يتناسب مع ما وظف فيه حديثا” لأنها في الغالب من الموارد العلمية والانسانية تعتمد على القضايا السردية والنظرية والمثالية والتنظيرية والاسهاب المفرط الذي لامعنى له ولا فائدة فيه بعد التخرج! ومن هنا نشأة فكرة اولية بسيطة لدى الانسان ان ما قضاه في مراحل الدراسة كان جهدا” لا يثمن لم يكسب خلاله ثماره بصورة حقيقية. وتذكر انه في المراحل المنتهية كان يلجأ الى المعلم او المدرس او الاستاذ الخصوصي هربا” من المعرفة وليس لتعلمها وفهمها (هربا” من المدرسة او الكلية) لان من يدرس فيها يعتمد على ملزمة (س) واسلوب (ص) وطريقة (ع) ومنهج (و) مما حفز التلميذ والطالب وعائلتهما على السعي الجاد والبحث المتواصل لا يجاد معلم او مدرس او استاذ خصوصي لإدخال ابنهم او ابنتهم في دورة خصوصية في مادة (أ، ب، ج، ت، …الخ) وهذا يزيد من العبء على العائلة والاسرة ماديا”، فكريا”، بدنيا” وحرصهم المتواصل على صرف مبالغ اضافية في حين ان الدولة تصرف مبالغ طائلة على المناهج، المدارس، التوظيف، البناء والترميم، … الخ وترك المعلم والمدرس والاستاذ دون تطوير ورفع قدراته الذاتية ويجب ان تكون هناك وقفة جدية لهذا الموضوع.
فنرى في البلدان المتقدمة والمتطورة وجود مدارس عامة وخاصة يلجأ الكثيرون الى الخاصة لأيمانهم وادراكهم على ان المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة افضل كمخرجات تعليمية، والبعض الاخر يلجأ الى جلب موارد بشرية اجنبية كما هو الحال في دول الخليج العربي الذين نجد في بلدانهم مدارس وجامعات بريطانية، المانية، فرنسية، استرالية، … الخ لان تلك الدول تدرك جيدأ تطوير الاجيال يعني بناء الوطن ومواكبة العلم والمعرفة.
بالإضافة الى، ان الدولة ربما لا تستطيع جلب مدارس وجامعات اجنبية تربوية واكاديمية متطورة لعدة اسباب … فنقول هناك امكانية فتح دراسات عليا تابعة الى وزارة التربية هدفها تخريج منتسبي من حملة الدراسات العليا، خصوصا” في معاهد المعلمين، وكذلك تحفيز المعلمين على اكمال الكليات لمواكبة العلم والمعرفة لان من الصعب ان يتعين المعلم او المدرس بهذا العنوان كتوصيف وظيفي ويتقاعد بهذه التسمية!!! ان التطوير سيقضي على ظاهرة التدريس الخصوصي رغم كون التعليم مجانا”. كذلك، ستحفز الدراسات العليا على فتح المكتبات وتأليف البحوث والدراسات والكتب وأدامتها وديموميتها من حيث البحث الحديث والكتاب الجديد والمصدر المعتمد الحديث الذي سيشجع مواردنا على مواكبة عجلة التقدم والتطور والقضاء على ظاهرة اخذ التلميذ او الطالب وادخاله في دورات خصوصية على حساب المصلحة العامة والفقراء والمستضعفين.
اخيرا”، ضرورة تفعيل دور هيئة الانضباط التربوي او الاكاديمي وربطها بجهات مستقلة لتتابع المناهج والنتائج والتلميذ والطالب والمباني والجهات التربوية والتدريسية لان جهات الاشراف الاكاديمي والتربوي باتت لا تشكل تأثيرا” واضحا” يلمسه الفقير والبسيط على ارض الواقع في الحد من ظواهر تدني المستويات، تدني النتائج، تدني التدريس والتعليم، وندرة البحوث والدراسات في التربية. تذكر الدراسات الحديثة حول التطور الاجباري الذي حدث في اليابان الاتي: “… بعد خروج اليابان من الحرب، قررت ارسال طاقاتها من الموارد البشرية (رأس المال الدائم) الى امريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا، وطلبت منهم العودة بشهادات عليا وبخلافه من يعود راسبا” سيتم اعدامه!!!”