– صادق الطائي / لندن
امسية مختلفة شكلا ومضمونا عن اماسي مؤسسة الحوار الانساني في لندن ، امسية الاربعاء 18/2/2015 ، اذ كان الموضوع من الموضوعات الجديدة نسبيا للمتلقي العراقي والعربي ، وهو موضوع لغة الجسد ، اما شكل المكان فقد تم تغير طريقة الجلوس المعتادة في قاعة محاضرات مؤسسة الحوار الانساني في لندن بطلب من المحاضرة لتكون الجلسة اكثر تفاعلا اذ يواجه الجمهور بعضه بعضا في شكل مربع ناقص ضلع . والاستاذة افنان العلاق مدربة معتمدة من اكاديمية قادة التطوير العالميه في بريطانيا و الأكاديمية البريطانيه لتنمية الموارد البشريه ، محاضرة و كاتبه في مجال التنميه البشريه، دربت مئات الأشخاص حول العالم في مواضيع مختلفه مثل لغة الجسد، البرمجة اللغويه العصبيه، نظرية الذكاءات المتعدده .
البداية كانت مختلفة ايضا ، اذ ان الاستاذة العلاق رفضت ان تكون محاضرتها نمطية تشرح فيها مفاهيم لغة الجسد لمتلقين يجلسون امامها ، لذلك قامت بتوزيع قصاصات ورقية على جميع الحضور وطلبت منهم ان يكتبوا على الورقة اسمهم الاول وسؤال يفضل ان يكون قصير ومباشر ولا يحرج او يتدخل في الخصوصيات ، وبعد الكتابة تم خلط الاوراق وتوزيعها من جديد لتطلب المحاضرة من احد الحضور الوقوف وقراءة السؤال والاسم ومحاولة الجواب ، لتقوم هي بعد ذلك بشرح تفاصيل الاشارات التي بعثها جسد المتحدث كرسائل للمتلقين الاخرين ، هذه البداية كسرت حاجز التهيب والنمطية والتقوقع التي تصيب اجواء المحاضرات عادة ، هذا هو تفسير الاستاذة افنان العلاق لما ابتدأت به محاضرتها لتنطلق بعد ذلك معرفة بهذه المعرفة الجديدة بالنسبة لاغلب الحضور.
التعريف الاساس للغة الجسد بحسب الاستاذة العلاق هو ؛ لغة الجسد هي اللغة التي تنقل مشاعر الانسان الحقيقية من خلال حركاته ، ايماءاته،طريقة جلوسه او وقوفه او ردود افعاله على الاخرين. ولا تتطابق هذه اللغة دائما مع ماننطقه او نعبر عنه قولا امام الاخرين ، مثال ذلك اذا كان الانسان غير مرتاح في مكانه سواء كان جالسا او واقفا ، قد يقول انه مرتاح لكن حركات جسده تنقل لنا رسالة اخرى تبين عدم راحته مثل حركة القدم او طريقة الجلوس او تعابير الوجه.
وتأتي اهمية لغة الجسد من انها تعلمنا كيف نقرأ سلوك الاخر الحقيقي حتى لو حاول اخفاءه، وفي لغة الكلام ممكن ان يكذب الانسان الا ان ذلك صعب جدا في لغة الجسد ، لان لغة الجسد في اغلبها الاعم مرتبطة بحركات يحكمها لاوعي الانسان ، اي ان ليس هناك امكانية للسيطرة الواعية على الحركات الصغيرة والايماءات التي تطلقها اجسادنا . اذن اهمية معرفة لغة الجسد تكمن في ان من يعرف قراءة لغة الجسد سوف يفهم نفسه والحركات التي يؤديها كذلك يفهم الاخر ويقرأ لغة جسده وبذلك يكون اقدر على التأثير وبالتالي اقدر على النجاح.
وبما ان لغة الجسد وبحسب اكثر التعريفات شيوعا ؛ هي اللغة غير اللفظية التي يستخدمها الاشخاص في التواصل فيما بينهم وان وسيلة التعبير عن هذه اللغة هي الايماءات التي تصدرها اجزاء الجسم كالوجه ،اليد،الجذع الساق والقدم وان استخدامها مهم في العديد من تفاصيل الحياة اليومية فالمدرس يحتاج لغة الجسد للتواصل مع تلاميذه ، والمدير يحتاج لغة الجسد للتواصل مع مرؤوسيه ورؤوسائه كذلك الوالدان يحتاجان لغة الجسد لتفاهم جيد مع ابنائهم والازواج بحاجة الى لغة الجسد لانها تسهل حياتهم الزوجية والاصدقاء لتوطيد علاقتهم ببعض وباختصار نحن نحتاج لمعرفة لغة الجسد في كل مناحي الحياة وفي كل تفاعل انساني.
ان الانسان الذي يجيد قراءة تعابير الاخرين غير اللفظية والتحكم بالانطباع الذي يتركه عن نفسه امام الاخر سيحقق بالتأكيد نجاحا اكثر من الجاهل بالغة الجسد ، وتجدر الاشارة الى ان لغة الجسد لغة عالمية تعمل في كل مكان وزمان واينما وجد افراد في حالة تفاعل ، كما ان لغة الجسد هي اللغة الوحيدة التي لا تتوقف ، فحتى وانت صامت او نائم فان جسدك يبث رسائلا كلغة جسد توضح هل انت قلق او غير مرتاح اوما لها من مشاعر.
ولمن يريد ان يتعلم مباديء لغة الجسد يجب ان يكون ملاحظا جيدا للبيئة من حوله ، كما انه يجب ان يلاحظ سياقات كلام المتحدث لانها تمثل مفتاح معرفة اللغة غير اللفظية ثم وهو الامر الاهم يجب ان يتعلم تمييز والتقاط الحركات غير اللفظية والتي لها تفسيرات عالمية تشبه المعجم . وتذكر الاستاذة افنان العلاق ان على متعلم لغة الجسد ان يركز على الاخر عندما يكون في حالته الطبيعة ليمثل ذلك خط القياس الذي سيقيس عليه التغيرات التي تحدث في سلوكه او في حركاته عندما يحصل له تغيير ، ومن معرفة الرموز يستطيع ان يفكك شفرات الحركات المرسلة من الاخر.
ثم تتطرق الاستاذة العلاق الى بعض القواعد العامة في لغة الجسد فمثلا الوجه هو الجزء الاكثر من اجزاء جسم الانسان الذي يرسل اشارات فمثلا تكون التجاعيد حول العينين او في الجبهة علامة عدم الراحة او الالم بينما تظهر المشاعر الايجابية على شكل استرخاء في عضلات الوجه وحول الفم والشفاه تظهر كاملة غير مزمومة والرأس عادة يكون فيه بعض الميلان اما بؤبؤ العين فأنه يتقلص عندما يرى الشخص شيئا غير مريح كما هي الحالة عندما نتعرض الى ضوء شديد بينما يتوسع بؤبؤ العين عندما نرى شيئا مريحا او محبوبا . والحاجبان ترسل اشارات ايضا فخفض الحاجب علامة الثقة المنخفضة, الغضب .مشاعر سلبية، دليل ضعف او عدم الامان اما رفع الحواجب فهو علامة ايجابية او تحمل مشاعر ايجابية ، ثقة عالية، فرح . جميع ايماءات غلق العين دلالة على القلق ، عدم المحبة ، عدم الموافقة ، التعرض للتهديد او تذكر شيء عميق اما النظر الى الاسفل الذي قد يعتبره البعض نوعا من الهروب او عدم قول الحقيقة الا ان ذلك ليس دائما الاشارة الحقيقة للكذب.
اما الذراع واليد فان لها دورا كبيرا في لغة الجسد فمثلا وضع اليدين متكتفتين امام الصدر فان ذلك الوضع غبر المريح سيرسل اشارة عدم ارتياح الى الاخر واذا اطبق الشخص قبضتيه وهو متكتف فذلك يعني العداء ، اما اذا امسكت ذراع واحدة بالاخرى من منطقة العضد فان ذلك رسالة واضحة من عدم الثقة بالنفس اما اذا حاولنا ان نمسك كفنا بالكف الاخرى او حاولنا ذلك فان هذه الحركة تساعدنا ان على ان نهدأ قليلا خصوصا امام حشد او جمهور. وان وضع الكف على الخد دليل واضح على الملل خصوصا اذا غطت الكف كل الفك، كذلك للجذع والورك والاكتاف اشارات في قاموس لغة الجسد حيث بيتعد الجذع عن اي شيء يسبب الخطر او التهديداو الضغط مثال ذلك عند رمي شيء علينا او عندما يقف بجانبنا شخص لا نرتاح له او نشاهد صور مزعجة لذلك نحن نبتعد عما لا نرتاح له رغم الجهد المبذول في ذلك وهذا دليل على ان العاطفة عندما تنسحب يأمرك عقلك بحني الجذع بعيدا وان كان الوضع غير مريح.
وبعد الوجه واليدين والجذع والاكتاف يأتي دور الارجل والاقدام ورسائلها ومن بعض شفرات لغة الجسد التي ترسلها القدم والساق مثلا وضع الجلوس متغير من مكان لمكان فمثلا وضع ساق على ساق لدينا دليل على عدم الاحترام خصوصا اذا كانت القدم مرتفعة باتجاه الاخر بينما نجد ان هذا الامر طبيعي هنا في الغرب ،القدم والساق مصدران مهمان جدا للمعلومات عن الشخص ومعظم الخبراء يقرأون القدم اولا ، فهزة القدم غالبا ماتعبر عن التوترواذا تحولت هزة القدم الى ضربة فان هذا يعني ان الشخص قد سمع ما لايسره او انه اصبح في حالة التوتر القصوىاما اذا كانت اطراف اصابع القدم تمس الارض فقط فهذه اشارة على اننا على وشك القيام بخطوة ما وان الشخص مهتم بما يقال له . وقد بينت الاستاذة افنان العلاق بعض شفرات لغة الجسد الاخرى واكدت على ان من يريد ان يتعلم لغة الجسد فان عليه ان يبذل الكثير من الجهد والدراسة والتمرين وقد يصاب البعض بالاحباط في البداية لتداخل الشفرات والكم الكبير من المعلومات التي يحتاجها ولكن مع الاستمرار سوف يشعر بالتحسن والاستمتاع بالامر.
واخيرا اختتمت الاستاذة العلاق المحاضرة بان اعطت الحضور تعريفا بالمنهاج واماكن اعطاء دورات للراغبين بتعلم لغة الجسد ولم يكن ههناك وقت للمداخلات والاسئلة لان هذه المحاضرة كانت مختلفة لذلك فان جميع الاسئلة والمداخلات من قبل الحاضرين كانت اثناء المحاضرة ومتداخلة معها بشكل جميل ومثمر وعند الانتهاء صفق الحاضرون كثيرا لهذه المحاضرة الممتعة .