ضيفت مؤسسة الحوار الانساني بلندن الدكتور كاظم حبيب في أمسية ثقافية يوم الاربعاء 10 تموز/يوليو 2019 للحديث عن اخر اصداراته، كتاب”مسيحيو العراق” وتلى الامسية حفل توقيع للكتاب. كاظم حبيب كاتب وسياسي عراقي وأحد العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. ولد في مدينة كربلاء في 16/4/1935. درس الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها. سجن وأُبعد في الفترة 1955-1958 لأسباب سياسية. درّس الاقتصاد في كلية الاقتصاد في برلين وحاز على درجة البكالوريوس ومن ثم الماجستير في العام 1964. حصل على شهادة دكتوراه فلسفة PhD من ذات الكلية في العام 1968. وحاز على درجة الدكتوراه علوم D.Sc. في عام 1973. درَّس في الجامعة المستنصرية منذ عام 1969 وعمل عضوا في المجلس الزراعي الأعلى منذ عام 1975. اُعتقل وأحيل على التقاعد لأسباب سياسية في العام 1978 وغادر العراق في نهاية العام. درس في معهد العلوم الاقتصادية ومعهد الحقوق في جامعة الجزائر العاصمة بين 1979-1981. شارك في حركة الأنصار في كردستان العراق لعدة سنوات. أصدر 20 كتاباً والكثير من الدراسات والبحوث والمقالات الاقتصادية والسياسية في مجال حقوق الإنسان باللغتين العربية والألمانية. كتاب مسيحيو العراق يتضمن كتاب ” مسحيو العراق” للدكتور كاظم حبيب الصادر عن دار نينوى – دمشق للنشر الصادر عام 2018 ثلاثة أجزاء و17 فصلاً ومجموعة من المباحث في كل فصل. كما يتضمن 30 ملحقاً، إضافة إلى مجموعة من الصور وفهرس بالأسماء، ويقع الكتاب في 1072 صفحة. يعالج الكتاب بمجمله واقع العراقيين المسيحيين منذ دخول المسيحية إلى وادي الرافدين (ميزوبوتاميا) منذ القرن الأول الميلادي حتى العام 2016/2017. تفاصيل الكتاب وتنوع الموضوعات يتوزع الجزء الأول على فصلين: يبحث الفصل الأول في البوابات التي دخلت المسيحية منها إلى العراق، ومنها الرسل الأوائل، ودورهم الريادي في نشر المسيحية في هذه المنطقة من العالم، وتبني المسيحية على نطاق واسع من سكان العراق ومعاناتهم في مواجهة الديانة الزرادشتية قبل دخول الإسلام إلى العراق. كما يشخص الدور الثقافي للكنيسة الشرقية في مدن ومدارس عديدة منها الرها ونصيبين وحدياب والحيرة في نشر التعاليم واللغة والآداب السريانية. وفي الفصل الثاني يبحث في الصراعات التي نشبت حينذاك بين الكنيستين الغربية والشرقية وعواقبها على جموع المسيحيين في المنطقة، وكذلك الانشقاقات التي حصلت حينذاك ونشوء الطوائف المتصارعة وعواقبها على المسيحيين. إن الاستعراض المكثف والسريع للدين المسيحي في هذه المدن القديمة في بلاد ما بين النهرين كان الهدف منه التحري عن الفترات الزمنية التي وصل خلالها الدين المسيحي إليها والشخصيات أو الجهات الدينية أو الأسرى الذين أمنوا بالدين المسيحي ونشروه في هذه الديار. ويتبين من الدراسة أن الدين المسيحي لم ينقل دفعة واحدة إلى كل أنحاء بلاد ما بين النهرين، بل تم على فترات متباينة وبوسائل تبشيرية عديدة. وإذا كان وصول الرسل الأوائل قد تم في القرن الأول الميلادي، فأن القرون اللاحقة، وإلى حين مجيء المسلمين إلى هذه البلاد، في الثلث الأخير من القرن السابع الميلادي، شهدت وجوداً وقبولاً واتساعاً للدين المسيحي في أغلب مدن وارياف بلاد ما بين النهرين. وأن الكثير من هذه المدن في الشمال أو الجنوب أو الوسط قد أقيمت فيها الكنائس والأديرة المسيحية، والكثير منها قد اندثر ومنها ما يزال دون تنقيب، وما نقب وعثر عليه لا توجد عناية فعلية به حتى الآن. في حين تشكل هذه الكنائس والأديرة ثروة حضارية وتراثاً عراقياً مهماً وأصيلاً يشترك فيه مسيحيو العراق بمختلف طوائفهم، كما يهم المجتمع العراقي بأسره. ويمكن أن يشكل مزاراً لمسيحيي العالم. أما الجزء الثاني فيتوزع على فصلين أيضاً، يبحث الفصل الثالث منه وبتوسع موقف القرآن والنبي محمد (ص) والخلفاء الراشدين (رض) من الدين المسيحي والمسيحيين، كما يبحث في المشاكل التي برزت ومواقف التمييز الديني إزاء المسيحيين، رغم العهود التي قطعت لهم، ومن ثم إجراء عمر بن الخطاب المخالف لتلك العهود في تهجير مسيحيي نجران إلى العراق، وعواقب ذلك وتأثيراته حينذاك وفي الفترات اللاحقة، وهي معززة بالوثائق. أما الفصل الرابع بمباحثه الأربعة فيعالج بالوقائع والتحليل موقف الدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية من المسيحية والمسيحيين والمشكلات التي واجهتهم رغم دورهم الثقافي والإنساني المميز خلال تلك العهود، والعوامل الكامنة وراء تلك المواقف والفوارق النسبية المهمة بين تلك العهود في الموقف من المسيحية والمسيحيين والعوامل الكامنة وراء ذلك. إضافة إلى العواقب السلبية لمواقف التمييز والتهميش والإقصاء على الإنسان المسيحي ودوره في المجتمع. فرغم إعتراف الإسلام بالمسيح والديانة المسيحية، إلا إن الموقف ينطلق من إعتبار الدين الإسلامي هو أخر الأديان السماوية وعلى أتباع جميع الديانات الأخرى أن يدخلوا في الدين الإسلامي، وهو ما يشكل جوهر الصراع الذي ينشب بين أتباع الديانات ويتناقض مع القول الوارد في القرآن “لكم دينكم ولي دين”! وفي هذا القسم استشهادات كثيرة على صور التمييز والإساءة ولاسيما من جانب الخلفاء والحكام، أما الجزء الثالث فيبحث في أوضاع العراقيين المسيحيين والمسيحيات في أعقاب الحرب العالمية الأولى والدولة الملكية العراقية الحديثة التي تأسست في العام 1921 والجمهوريات اللاحقة منذ العام 1958، ويتضمن هذا الجزء 13 فصلاً. الفصل الخامس يبحث في تطور الواقع السكاني للمسيحيين وأوضاعهم في أعقاب سقوط الدولة العثمانية، وفي ظل الدولة الملكية، وموقف الدولة الجديدة من المسيحيين وصور التمييز التي ظهرت ضدهم في هذه الفترة. كما يضع الكتاب القارئ أمام المجزرة التي نظمت ونفذت بالسكان الآشوريين من النساء والرجال في سهل سُمّيل وكذلك في مجزرة ديرابون وعواقبها على المجتمع المسيحي عموماً، وعلى مناطق سكناهم والعوامل الفعلية، ولاسيما غياب الديمقراطية والحكم الرشيد والشوفينية والتمييز الديني، الكامنة وراء ما حصل للمسيحيين بطوائفهم العديدة. وفي هذا الجزء إدانة صارمة وشديدة لتلك الجرائم والأسباب التي أدت إليها، والمواقف الخاطئة والسيئة للقوى والأحزاب سواء العربية او الكردية. أما الفصول 6، 7، و8 فتبحث بالتفصيل في أوضاع المسيحيين في الجمهوريات الأربعة اللاحقة وما تعرضوا له من إضطهاد ونزوح وتهجير قسري وتحت ضغط الواقع القائم حينذاك، ولاسيما في الفترة 1959 والفترات اللاحقة، إضافة إلى المجزرة البشعة التي نظمت ضد الكلدان المسيحيين في صوريا عام 1969 وأسبابها وما نجم عنها. وتتضمن أسماء الشهداء في هذه المجرة والمجازر التي سبقتها، وأسماء الجرحى على وفق ما توفرت للباحث. أما الفصل التاسع فيبحث في الجمهورية الخامسة، جمهورية النظام السياسي الطائفي، وما اقترن بوجود هذا النظام من استبداد ديني وتمييز واضطهاد وملاحقة وتشريد وقتل وحرق الكنائس وتفجيرها وقتل القساوسة والمطارنة من جانب المليشيات الطائفية المسلحة، السنية منها والشيعية، المحلية منها والعربية ومن شذاذ الآفاق، في الوسط والجنوب والشمال، وكذلك التغيير الديموغرافي لمناطق العائلات المسيحية في نينوى وإقليم كردستان العراق. ويورد الكاتب نماذج عما حصل، وشهادات نساء ورجال مسيحيين تعرضوا لتلك الجرائم البشعة. وكذلك ما حصل للإيزيديين وغيرهم، من إبادة جماعية على ايدي الدواعش المجرمين، بعد أن سُلمت الموصل دون دفاع عنها من قبل النظام الطائفي والسكوت الدولي عن ذلك طويلاً. وفي هذا يقدم الكاتب الكثير من الوقائع والأرقام والشهادات حول ما حصل للعائلات المسيحية بالعراق. الفصل العاشر يبحث بشكل خاص عن اضطهاد المسيحيين في كل الإمبراطوريات تحت لواء الإسلام والدولة العراقية خلال القرون والعقود المنصرمة وبتفاصيل مذهلة. اما الفصل الحادي عشر فيتطرق بشكل خاص إلى العراقيين المسيحيين الأرمن منذ بدء وجودهم، ولاسيما بعد الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها في العام 1914-1915 في تركيا، والكوارث الي حلت بهم، ودورهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالعراق، وموقف الأتراك الراهن من تلك المجازر البشعة التي شكل ضحاياها جبلاً يقدر عددهم بأكثر من مليون ضحية. الفصل الثاني عشر يتطرق في مباحثه الخمسة بالتفصيل وبالشواهد والتحليل إلى العوامل الكامنة وراء التمييز القومي والديني اللذين تعرض لهما مسيحيو العراق، والتغيير الديموغرافي الذي تعرضت له مناطق سكناهم التاريخية والراهنة بالعراق، وتفاصيل عن المؤتمر الذي عقد في برطلة وعنكاوة في مناهضة التغيير الديموغرافي وشجبه والمطالبة باستعادة المسيحيين لمناطق سكناهم. وكان الكاتب رئيساً لهذا المؤتمر ولجنته التحضيرية. كما يتطرق الفصل الثالث عشر إلى واقع وعواقب تلك السياسات على وجود المسيحيين بالعراق والهجرة الكبيرة التي حصلت في فترات مختلفة ولاسيما في العام 2014-2016 وآثارها السلبية على مسيحيي العراق أولاً، وعلى المجتمع العراقي بشكل عام. وتشير الأرقام المتوفرة إلى أن مسيحيي العراق قد تقلص عددهم من مليون وربع المليون نسمة إلى حدود 300 ألف نسمة حالياً، وما تزال الهجرة لم تتوقف، ولاسيما بعد النزوح العام عن الموصل وسهل نينوى في أعقاب اجتياح داعش للمنطقة. ويضع الكتاب شهادات وأرقاماً وإحصائيات مهمة تكشف عن الواقع المر للعائلات المسيحية في هذه الفترة العصيبة من تاريخ العراق ومسؤولية النظام السياسي الطائفي والقوى والأحزاب الإسلامية السياسية عن كل ذلك. اما الفصلان 14 و15 فيبحثان في دور المسحيين الريادي والطليعي في مجالات الثقافة، والفنون، واللغة، والأدب والشعر العربي والسرياني، والقصة، والمسرح، والطباعة والصحافة، والطب.. الخ، إضافة إلى دورهم الاقتصادي، الصناعي والزراعي وفي قطاع البنوك والتجارة والتأمين. كما يورد الكاتب أسماء وادوار أعلام المسيحيين الكبار والرواد في هذا المجالات، وكذلك العدد الكبير ومن الوزن الثقيل لمثقفي المسيحيين في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية العراقية. ويتحدث بتوسع عن بعض الأسماء المهمة الحديثة في دورها الثقافي والإعلام والروائي بالعراق. ويبحث الفصل السادس عشر في عواقب الحرب الأخيرة في نينوى والاحتلال والإرهاب على المجتمع العراقي، ولاسيما على مسيحيي العراق من حيث النزوح والمشكلات الناشئة عنها وسبل العيش اللاحق للمسيحيين بالعراق وسبل معالجتها. اما الفصل السابع عشر فيتطرق إلى آفاق معالجة أوضاع المسيحيين بعد تحرير الموصل وعموم نينوى، وما يفترض أن يحصل، على وفق مطالب المسيحيين، في الموقف من سهل نينوى (المطالبة باعلانه محافظة) أو غير ذلك، والمشكلات المعقدة الأخرى المرتبطة بفترة ما بعد التحرير من النواحي الفكرية والسياسية والاجتماعية والدينية. وباختصار شديد يضع الكتاب أمام القارئ العربي لوحة بانورامية مكثفة عن حياة ودور ومكانة المسيحيين الطليعي في الثقافة والاقتصاد والحياة الاجتماعية في وادي الرافدين منذ القرن الأول للميلاد حتى السنوات الأخيرة من العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين من جانب، والمآسي والكوارث التي تعرضوا لها بسبب الفكر الشوفيني والتمييز الديني من جانب آخر، وبسبب غياب الحياة الديمقراطية وهيمنة الاستبداد والقسوة والعنف والفساد في حياة المجتمع من جانب النظم السياسية الحاكمة والفئات الاجتماعية المهيمنة على الاقتصاد ودست الحكم من جانب ثالث. ويحاول ان يطرح الحلول الممكنة والضرورية في هذا الصدد. لقد وقعت مأساة كبيرة في الفترة 1949-1951 حين تم تهجير 130 ألف يهودي عراقي إلى إسرائيل، بتعاون تم بين أربع دول هي: بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل والعراق، وكان أغلبهم لا يرغب بالهجرة ويرى العراق وطنه ووطن أجداده. واليوم نحن نواجه حالة مماثلة، وأن كانت من طراز آخر وزمان آخر، ولكن الحقيقة الماثلة تؤكد إن قوى الإسلام السياسي بالعراق والمنطقة لا تريد للمسيحيين أن يبقوا بالعراق والمنطقة، واستمرار النظام الطائفي السياسي بالعراق يهدد باحتمال ذلك، في حين إن العراق وطنهم ووطن أجدادهم وفيه تراثهم الحضاري المديد. ومن هنا يفترض خوض النضال لإبقاء هذه اللوحة الملونة العراقية زاهية بالشعب المسيحي، بالكلدان والسريان والآشوريين والأرمن، وببقية اتباع الديانات. وهذا يتطلب عملاً نضالياً وتنويرياً مشتركاً وطويل الأمد، داخلياً وعربياً ودولياً، لكي نتجنب ما حصل ليهود العراق أو ما يمكن أن يحصل أيضاً للصابئة المندائيين أو حتى للإيزيديين. وتشكل الملاحق جزءاً مهماً وأساسياً من الكتاب لما فيها من وثائق تاريخية،(قسم منها حذفه الرقيب السوري، كما حذف بعض النصوص من البحث ذاته أيضاً، ولم يتأثر مضمون الكتاب بهذا الحذف التعسفي وغير المسؤول)، وبعض المقالات والإحصائيات كشواهد على ما تعرض له المسيحيون، إضافة إلى أسماء شهداء المسيحيين خلال الفترة الواقعة بين 1933 حتى العام 2016/2017 وما تيسر للكاتب جمعه عبر التعاون النبيل مع أخوة مسيحيين ومنظمات مجتمع مدني مهتمة بشؤون المسيحيين بالعراق. ويتضمن الكتاب فهرس بالأسماء الواردة في الكتاب، ونبذة عن حياة الكاتب. اعتمد الكاتب واستفاد في إنجاز الكتاب على مجموعة كبيرة من الكتب التاريخية الباحثة في الشأن المسيحي العراقي، سواء أكانت من باحثين وكتاب عرب أم أجانب، وسواء أكانوا من الآباء والكتاب المسيحيين أم من الكتاب والباحثين العلمانيين. كما استفاد من الكثير من الدراسات والمقالات القديمة والحديثة المنشورة في المجلات والصحف أو في المواقع الإلكترونية. وكذلك أجرى لقاءات مكثفة وعديدة ومفيدة جداً مع باحثين قساوسة ومطارنة من عنكاوة والموصل والقوش ودهوك ومع لغويين وباحثين مسيحيين. ويتضمن الكتاب فهرس بأهم وأبرز المصادر، إضافة إلى الهوامش.