حسين السكافي
هذا لسان حال البعض ممن كانوا في صفوف الجيش الذي توجه لقتال سيد الشهداء الحسين عليه السلام. المؤسف ان بعضنا يقع في هذا الفخ اللعين من حيث لا يشعر، وذلك حينما يكون مع الحسين بكل عاطفته وينسى ان الحسين صاحب مشروع انساني و حضاري، ينسى ان الحسين ثار وتصدى لكل ظلم وجور وفساد، فلا يمكن ان أكون مفسداً في اي مفصل من مفاصل الحياة او ظالماً لأحد مهما كان، لا يمكن يجتمع هذا مع الولاء والحب الحقيقي للحسين. وهذا لا يعني اني أعمم قولي على الجميع، معاذ الله… فهناك من قلبه وسيفه مع الحسين.
عزيزي القارئ لقد انطلقت في كلامي من هذه الرؤية : ان الحسين (ع) أصحر في شعار نهضته، حيث قال (ع) : (ما خرجت أشراً ولا بطراً، إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي رسول الله). و جوبهت هذه النهضة الإصلاحية بهجمة همجية شرسة، تمثلت بملحمة (عاشوراء) على أرض كربلاء، وقف فيها الحسين وصحبه بكل شموخ وإباء، ولم يعطوا بأيديهم اعطاء الذليل. وكلنا يعلم ان المعركة عسكرياً حُسمت، ونصرة الحسين في زمننا هذا انحصرت في المعسكر الذي لا يزال قائما ويبقى.
انه معسكر القيم والمبادئ التي نهض الحسين من أجلها، إنها معركة الإصلاح في الأمة ، والإصلاح يقوم في مقابل الإفساد والفساد، فالحسين لم يغامر بمعركة كل عمرها سويعات. بل كان يعلم ان معركته ضد الفساد والظلم، هي معركته الحقيقية والخالدة. وحينما نكون في هذا المعسكر، يصبح للنصرة معنى، ويكون نداء ( لبيك يا حسين ) و ( يحسين بضمايرنا…. ) نداءً صادقاً، وإلّا نكون مع من قال ( قلوبنا معك و سيوفنا عليك)، ما فائدة العاطفة والحب المجرد، و نحن ندوس على قيم الحسين، فمن أطاع الله و نصر الحق و حارب الفساد ولم يعتد على العباد، يكون قلبه وسيفه مع الحسين، كما بيّن ذلك حفيده الإمام الباقر (ع) حين قال لجابر الجعفي : ( يا جابر بلغ شيعتي عنًي السلام واعلمهم انًه لا قرابة بيننا و بين الله عز وجل، ولا يُتقرب اليه إلّا بالطاعة. يا جابر من أطاع الله وأحبنا فهو وليّنا ومن عصى الله لم ينفعه حبنا. \ بحار الانوار ج 71 ص 179، الامالي الشيخ المفيد \ ص279 . وهذا قول الإمام الصادق (ع) : والله ما معنا من الله براءة، ولا بيننا و بين الله قرابة، ولا لنا على الله حجّة، ولا نتقرّب الى الله الّا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لا تغتروا، ويحكم لا تغتروا. \ وسائل الشيعة ج11 ص 185. ( ميزان الحكمة – باب المحبة ص238\239- محمد الري شهري ) المجلد الثاني. هل سمعنا و وعينا ولم نغتر… ؟
عزيزي القارئ، العاطفة مهمة ولا يُستغنى عنها، ولكن ليس بها وحدها تنتظم الحياة ونحصل على مرضاة الله.
عظّم الله اجورنا جميعاً باستشهاد الإمام الحسين (ع)