ربما من باب توارد الخواطر ، وأنا في صيدلية بلندن ، حين رأيت تلك الرفوف التي تحمل أدوية للحيوانات الأليفة (Pet Medicines) بجنب أدية البشر ، تذكرت ذلك الكلب المسكين ، الذي رجمه الأطفال بالحجارة حتى دخل الزقاق الذي يقع فيه بيتنا أيام زمان … ترددت في دخول الزقاق حينها كنت طفلاً ، خوفاً من ذلك الكلب المُنهَك ، والحجارة من حوله … ما أن رآني حتى بادرني بعواء ضعيف وهو كل ما يملك لرد العدوان . لازلت اتذكر عينيه الجاحظتين اللماعتين وفيهما من التوسل الشئ الكثير … بعد أن دخلت البيت ، أخذت قطعة خبز ، رميتها من بعيد عليه ، خاف منها ، ولما عرفها حاول أن يأكلها بصعوبة ، حيث كان فمه مصاباً … مرّت الأيام وهذا المسكين يصارع الموت . الغريب حتى الكبار من الناس لم يفكروا في خلاصه ، كيف وهو المخلوق (النجس) كما تعلّموا ذلك .
إنها لمفارقة كبيرة ، أن تجد أدوية ( الكلاب و القطط و الأرانب و السلاحف وحتى السحالي ) بجانب أدويتنا نحن البشر .
التربية هي الأساس الذي تقف عليه هذه المظاهر الإنسانية والحضارية . من البيت الى المدرسة ، ودروس الرحمة بكل المخلوقات ، تلاحق الطفل حتى يتلبسها سلوكاً في العناية بهذه المخلوقات . … في عالمنا ، وبعد أن تتخشب (شخصيتنا) وتترسخ الأخطاء في أعماقنا ، بعد كل هذا قد نسمع من خطيب وهو يسرد علينا قصة المرأة التي دخلت ( النار) في قطةٍ حبستها …
حسين السكافي