سرى العبيدي
“صناعة الأيقونات: نماذج توظيف الإعلام فى بناء الرموز السياسية“،آليات توظيف الإعلام سياسيًا لصالح خطاب يعلى الصفات والمميزات الفردية، أن تلك الآليات لايمكن مناقشتها فى انعزال عن السياق والعوامل المؤثرة فى تلك الآليات، وفى مقدمتها التغيرات الجذرية فى المشهد الإعلامى العالمى، الذى بات يتسم بقدر هائل من تعظيم قدرات الفرد/المستقبل وقدرته على التفاعل والنفاذ لمصادر متنوعة، ما قد يحد من تأثير الخطاب الإعلامى الذى تنتجه تلك الآليات الموجهة من ناحية كما إنه يستبعد تمامًا العودة إلى نماذج الدعاية القديمة التى شهدها القرن الماضى من ناحية أخرى، الأمر الذى يستدعى التوزان فى تقييم أثر حملات التسويق السياسى وكذلك أثر الخطاب الإعلامى الموجه – بفضل قوى الإخضاع السياسى أو الاقتصادى – فى بناء الصورة الذهنية للسياسي/الفرد، والتى لازالت بحاجة لجهد بحثى منظم يؤطرها ويحللها فى ضوء معطيات الواقع السياسية والتكنولوجية والاقتصادية. وأيضاً العديد من المداخل النظرية تأثيرات الإعلام فى إدراك الجمهور للواقع عبر مفاهيم التأطير والتمثيل والغرس، والتى تعنى فى مجملها بكيفية تأثير وسائل الإعلام فى الطريقة التى يدرك بها الأفراد الواقع الفعلى وتقييماته وأحكامه تجاه تلك الشخصيات والجماعات والأحداث التى أخضعتها الوسائل الإعلامية لعمليات متسلسلة ومتراكمة من الانتقاء والتنظيم والبناء، ليظل ما نقرأ ونسمع ونشاهد لا يعبر حقيقة عن الواقع الفعلى بقدر ما يقدم واقعًا معدلاً تداخلت فيه عوامل عديدة، منها تجاذبات علاقة الإعلام بالمجال العام، وكذلك مدركات وقيم وأولويات منتجى تلك النصوص ومقدموها.
على الرغم من أن صناعة الصور كانت جزءًا من مهام الساسة حول العالم ، فقد تم التركيز خلال السنوات الأخيرة على صانع الصور المحترفة واستخدام وسائل الإعلام في صناعة الصور. هناك نوعان من النظريات الرئيسية في صنع الصور ، أحدهما يؤكد على الصفات في مشاريع المرشح ، والأخرى التي يوجهها الناخبون إلى المرشحين. كل أطروحة تعزو مهام مختلفة لصانع الصور السياسية. وﻣن وﺟﮭﺔ الدراسة فإن اﻷﮐﺛر إﻓﺎدة هي اﻟﻧظر إﻟﯽ ﺻﻧﻊ اﻟﺻور ﮐﻣؤﺳﺳﺔ ﻣﺷﺗرﮐﺔ ﻟﻟﻣرﺷﺣﯾن والمهنيين واﻟﻧﺎﺧﺑﯾن. ولما كان الناخبون يبحثون عن صفات معينة ووظائف نمطية في المرشحين المثاليين ، فإن صناع الصور المحترفين يعملون كوسيطين يستخدمون وسائل الإعلام لإبراز الصفات المناسبة للعملاء. في سعيه إلى جعل الناخبين واعين ومهتمين ومرشحين لمرشحيهم ، تبنى المحترفون مجموعة متنوعة من التقنيات المتغيرة في العقود الثلاثة الماضية ، وهي تقنيات تكيفت تدريجياً مع الطابع الأساسي للتواصل الجماعي. يعتمد النجاح النسبي لهذه التقنيات على الأهداف المحددة المطلوبة وتزايد التخصص في الحملات السياسية الرئاسية.