سماح عادل
ولد “طه باقر” في 1912 في مدينة الحلة، العراق، أكمل دراسته المتوسطة هناك، وعائلته كانت معروفة بسعة علمها، لذا حرصت على تدريسه اللغة العربية، فدرس النحو والصرف على يد عمه ووالده، اجتاز دراسته الثانوية عام 1933 بتفوق حيث كان من الأربعة الأوائل، واختير كأحد طلاب البعثة، وتقرر دراسته علم الآثار على نفقة وزارة المعارف في المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو بأمريكا، وبعد أربع سنوات حصل على شهادة البكالوريوس والماجستير، والعلوم التي درسها هناك هي: علم الانثربولوجي، ومواد الآثار والتنقيب، والتاريخ القديم، واللغات التي كتبت بالخط المسماري كالسومرية والأكدية وفروعها البابلية والأشورية، وأيضا العبرية، وكان لدية علم باللغة الفرنسية والألمانية وقد مارس أعمال الحفر والتنقيب عن الآثار وهو لا يزال في أمريكا.
العودة إلى العراق..
عاد من أمريكا 1938 وبعد فترة قصيرة تعين بدرجة خبير فني في مديرية الآثار القديمة العامة، واستمر بها حتى 1941، حيث تقلد منصب أمين المتحف العراقي، وبعد قضاءه بوظيفة أمين متحف إحدى عشرة سنة تقلد في عام 1951 منصب معاون مدير الآثار العام واستمر فيه حتى 1958، حيث تعين بمنصب مفتش الآثار العام ولكنه لم يستمر في المنصب الجديد سوى شهور معدودة حتى عين مدير الآثار العام واستمر في المنصب حتى1963، ولقد كان يعاني من عدم تفهم المسئولين لأهمية الآثار، أيضا كان “طه باقر” عضوا في هيئة تحرير مجلة “سومر” ورأس تحريرها في 1958حتى 1963.
في مجال التدريس قام بتدريس مادة التاريخ القديم والحضارة في كلية المعلمين العالية حتى 1960، وذلك لبث الوعي الآثاري في العراق، كما يرجع له الفضل في تأسيس قسم الآثار في كلية الآداب وقد درس به مادة التاريخ القديم واللغات القديمة.
في عام 1951 حصل “طه باقر” على درجة أستاذ في كلية الآداب واستمر بها حتى 1959، حيث حصل على درجة الأستاذية، وكان بالإضافة إلى ذلك عضوا في المجلس التأسيسي لجامعة بغداد في الفترة ما بين 1957:1958، وقد شغل في هذه الفترة أيضا منصب نائب رئيس جامعة بغداد، وقد أشرف على عدة تنقيبات آثارية، وترأس الهيئات الآثارية التي نقبت أكثر من منطقة في الأربعينات وحتى الستينات.
وبعد تقاعده ذهب إلى ليبيا حيث عين 1965 بمنصب خبير فني في مصلحة الآثار بليبيا، وفي 1966 أصبح مستشارا في نفس المصلحة حتى 1970، وفي 1970 طلب منه رسميا العودة إلى العراق بعد قضاء خدمة خمس سنوات في ليبيا، وقد خيره مجلس قيادة الثورة في نوعية العمل الذي يرغب في القيام به وفضل التعيين كأستاذ قسم الآثار في جامعة بغداد، وفي 1971 عين عضوا عاملا في المجمع العلمي العراقي، واستمر بمرتبة أستاذ في جامعة بغداد كلية الآداب من 1970 : 1978 حتى تقاعده.
منذ عام 1980 ساءت حالته الصحية وسافر على أثرها إلى بريطانيا للعلاج إلا أنه توفي بعد عودتهِ، في سوريا بمنطقة معلولا، ودفن في العراق وكان ذلك يوم 28 شباط 1984.
ترميم الذاكرة العراقية..
يعد “طه باقر” من أبرز العاملين في مجال ترميم الذاكرة العراقية وصلتها بتاريخها الحيوي المتحرك الحي والمنتج، فقد عمل في مجال التاريخ القديم وعلى الأخص تاريخ العراق، لقد ركز على إعادة صورة الجماعة العراقية المنتجة والجدية في تفاعلها القديم مع بيئتها الطبيعية والاجتماعية، لقد كانت الدولة العراقية الحديثة والتي عاش بداياتها وفتوتها “طه باقر” مدعاة للنظر في تاريخ هذا الإنسان العراقي وكيف أبدع ألمع حضارات العالم القديم قبل وقوعه في براثن الانحطاط العثماني، لقد ربط “باقر” بين التاريخ وعلم الآثار ربطا وظيفيا، فالآثار لديه ليست حجرا أصم يؤرخ لأزمان جامدة ومعزولة، إنه تعبير متحرك عن واقع بحاجة دائما إلى إغناء مضامينه الإنسانية بالكشف والتنقيب عن إمكانات الإنسان العراقي وقدراته الإبداعية.
ومثلما أسس الفرنسيون علوم التاريخ والآثار في مصر كذلك فعل الإنكليز والفرنسيون أيضا في مجال الآثار العراقية، ولقد كانت جهود العاملين بالآثار من الأجانب هامة فقد حفزوا ونبهوا بلداننا على الاهتمام بتاريخها القديم، إلا أن ذلك لا ينفي جملة من السلبيات التي فطن إليها “باقر” في عمل هؤلاء، فبالإضافة إلى أعمال القرصنة والتهريب التي قام بها بعض من العاملين في هذا المجال فإن نظرتهم إلى التاريخ العراقي وقراءته بآثاره كانت لا تلاءم المعنى الذي يبغيه المؤسسون العراقيون للتواصل مع حضاراتهم الأولى، وفي أول انطلاقته صرح “باقر” بقوله الشهير “نحن العراقيين علينا أن نكتشف تاريخنا بجهدنا ودماغنا والمنطق الذي نحمله”.
أهمية مؤلفاته..
تعد موسوعة “تاريخ الحضارات القديمة” بجزئيه من أهم المحطات العلمية في تاريخ ” طه باقر”، فقد صدر الكتاب بمجلدين عام 1951 وقد اختص الجزء الأول منه بتاريخ العراق وحضارته منذ أقدم العصور الحجرية حتى أواخر أيام الدولة البابلية الحديثة عام 536 ق.م، فيما يتعلق الجزء الثاني بحضارة وتاريخ وادي النيل وجزيرة العرب والشام، ويعد الكتاب بمجلديه من أهم المصادر العالمية التي كتبت في الموضوع ولم ينافسه أي كتاب آخر في هذا المجال حتى الآن، وقد أعيد طبعه أكثر من عشر مرات وما يزال مطلوبا من القراء والمختصين حتى الآن، ومقررا في أغلب الجامعات العربية وبعض العالمية، كما يشكل مرجعا لا غنى عنه للقارئ العام والمختص وطلبة الدراسات العليا وأساتذة التاريخ والآثار.
ملحمة كلكامش..
في عام 1962 أصدر “باقر” كتابا شكل هاجسا معرفيا ونفسيا له، هذا الكتاب هو “ملحمة كلكامش” الذي طبع أكثر من ست طبعات وما يزال حتى اليوم يحظى بالقراءة والإقبال والترجمة، لقد أتحف المكتبة العربية في ترجمته وتحقيقه لهذه الملحمة الفريدة في تاريخ الحضارات القديمة، لقد قدم “كلكامش” إلى الثقافة العالمية وفرضه بقوة منذ صدور هذا الكتاب حتى غدا بعد ذلك شخصية حاضرة في الآداب والفنون والخيال الشعبي.
فضل مجلة سومر..
أثمرت جهود “باقر” والمنسجمة مع التنظيمات الإدارية الباحثة عن الكفاءة والموهبة في ذلك الوقت عن صدور أرفع مجلة في التاريخ والآثار هي مجلة “سومر”، لقد حظيت هذه المجلة باهتمام كل المختصين بالآثار على رقعة الوطن العربي والعالم، وقد صدرت فصلية بانتظام رصينة في موادها عميقة في تناولها عراقية في همومها ومشاغلها، وبقي “باقر” ينشر في هذه المجلة حتى وفاته، وفي كل دراسة من دراساته جهد علمي يتلقفه المختصون وعامة القراء بشكل يشيع أجواء المعرفة الحقيقية وكيفية تحقيقها للذات والمجتمع.
أدب العراق القديم..
وكان كتابه “مقدمة في أدب العراق القديم” موجز في تاريخ العلوم والمعارف في الحضارات القديمة والحضارات الإسلامية، من تراثنا اللغوي القديم؛ وما يسمى بالعربية بالدخيل، ولهذا الكتاب قصة طريفة إذ يرد فيه “طه باقر” على عجز المعجمين العرب عندما تعوزهم الحيلة في إثبات أصل أو جذر بعض الكلمات والمصطلحات فيردوها نتيجة لهذا العجز إلى الدخالة أو العجمة، لقد أثبت “باقر” أصول هذه الكلمات والمصطلحات السومرية والأكدية، وبعضها شائع في اللغة العامية العراقية لا سيما في الجنوب العراقي.
كما ساهم في ترجمة الكتب التي تؤهل طلبة الدراسات العليا للبحث والتنقيب ومنها؛ “بحث في التاريخ” للمؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي، وكتاب “ألواح سومر” الشهير لنوح كريمر، وكتاب”الرافدان”، وكتاب “الإنسان في فجر حياته”، إضافة إلى ترجمتهِ فصول من كتاب “تاريخ العلم” لجورج سارتون.
عمله في التنقيب..
أكتشف “طه باقر” بعض المواقع الأثرية القديمة في بغداد، ومنها موقع “تل حرمل” وهي التسمية الحديثة لهُ إذ كان يسمى “شادوبوم”، وكان في الماضي مركزا إداريا تابعا إلى مملكة “إشنونة” والتي كان مركزها “تل أسمر” الواقع شرق بغداد في محافظة ديالى، ويقع قريبا منها “تل محمد” الذي كان يسمى “بنايا”، وكلا التلين الأثريين يقعان في منطقة بغداد الجديدة، وعثر على رقم طينية منها لوحين طينيين في حفريات آثار “تل حرمل” وسجلت فيهما مواد وأحكام قانونية، وتحتوي هذه المواد القانونية التي عثر عليها على أحكام مختلفة في السرقات والاعتداء والديون والأحوال الشخصية والأجور والأسعار والبيع والشراء إلى غير ذلك من الشؤون القانونية، ومما ذكره “طه باقر” في بحث لهُ في قانون “أشنونا “المكشوف عنه في “تل حرمل”: “أن قانون مملكة أشنونا المعثور عليه في تل حرمل أقدم القوانين المدونة والتي جاءتنا من العراق القديم، وكان قانون حمورابي إلى زمن قريب أقدم شريعة في تاريخ البشر، ثم بدل هذا الرأي بعد استكشاف أجزاء من قانون سومري يعود إلى الملك لبث عشتار وبما أن القانون المستكشف في تل حرمل أقدم زمناً من حمورابي بنحو من قرنين فيكون بذلك أقدم شريعة كشف عنها البحث حتى الآن”.
ومن أعماله “باقر” الطويلة في الرقم الطينية المسمارية تجمعت لديه مجموعة كبيرة من المفردات اللغوية الواردة في تلك النصوص في اللغة السومرية والأكدية مما نجده الآن متداولا في لغتنا العربية وفي معاجمها التي تؤصلها على أنها أعجمية أو دخيلة وهي تخص مختلف شؤون الحياة، كالمعاملات التجارية وأسماء الآلات وأدوات الزراعة وأسماء مجموعة مهمة من الأشجار والنباتات والأعشاب الطبية وبعضها كلمات يقتصر استعمالها على اللهجة العامية العراقية، ولهذا فإن تلك المفردات استحقت أن تكون واحدة من أهم مؤلفات “باقر” المعنون “من تراثنا اللغوي القديم ما يسمى في العربية بالدخيل” الذي يعد واحدا من المؤلفات الطريفة والنادرة في حقل الدراسات اللغوية المقارنة.
يقول عنه الباحث والمؤرخ حميد المطبعي في أحد البرامج التليفزيونية التي خصصت عنه في قناة الاتحاد” في عام 1941 عين طه باقر أمينا للمتحف العراقي، فهو أول من أنقذه من العبثية والإهمال، إذ وضع له منهجا علميا في عرض الآثار بحسب تسلسل أدوارها التاريخية والحضارية، وكان يستند في ذلك علي خبرته في التنقيب ودراسته للغات القديمة ووعيه الجدلي لأدوار حضارة العراق مدعوما بقراءته المتعمقة لإثبات الملوك ألواح سومر وبابل وحله ألغاز اللغة السومرية، وكان من نتائج منهجه هذا أن أخذ طلبة قسم الآثار منذ تأسيسه 1951 يطبقون علومهم في المتحف العراقي علي ما سَنَّهُ لهم طه باقر”.
مبادئ مدرسته..
يضيف حميد المطبعي”من مبادئ مدرسته الآثارية أن الحضارات التي قامت علي أرض العراق هي من جذر عراقي أقدم فأقدم، وأن الغزاة الذين غزوه لم يتركوا أية بصمة من بصماتهم عليه وإن أطالوا السفر في ربوعه، مما يدل علي أن الأصالة العراقية ترفض الدخالة أو (النغولة) مهما عظم شأنها وقوتها الزمنية، وأراد طه باقر من تأصيله للحضارة العراقية أن ينبه الأجيال الآثارية الجديدة بأن وطنية الآثار مزكاة في أي باطن عراقي، فهي الوطنية بعد ذلك لا تباع ولا تشتري، وكان رأيه أنه علي الآثاري العراقي أن يمارس التنقيب أي الحفر في أعماق الأرض، فبالصراع مع التربة والتقليب ومعاناة الاكتشاف يستطيع أن يتأمل ثم يستقريء ثم يستنبط، فإذا مر بهذه الأدوار استطاع أن يكتب بحثا ثم دراسة ثم يؤلف نظرية أو اجتهادا خاصا به، فعن طريق جهد الوعي بالأرض تنبثق المعرفة الآثارية، وعن طريق الاستدلال نتوصل إلي معرفة ما هو الصحيح وما هو الخطأ في آثارنا”.
ويضيف” لقد نقب طه باقر كثيرا في جميع مراحله، ليس هواية بل أراد أن يبرهن لزملائه وطلاب الآثار في الجامعة بأن التنقيب هو عين التاريخ الفاحصة الأمينة، وبأن التاريخ لا يكتب إلا بين طبقات الأرض المملوءة بفرح الأجداد أو منجزاتهم الأولي، وقد نشر نتائج تنقيباته في مجلة سومر ودوريات عربية أخري، كما ترأس بعثات تنقيبية عديدة وعاش في الجبال والصحاري والسهول في خيم تحت رحمة الرياح والعواصف، مازلنا نتذكر نتائج تنقيباته وهيئاته في تلال اليوسفية وبطائح الكوت ورمال عقرقروف وتل حرمل وفي مناطق شهرزور ودوكان، وكان يرافقه في أثناء ذلك قلم ملون وخريطة وأزميل وفأس ورزمة من الشمع ورزمة من كتب الحضارات، وأحيانا كان يرافقه جوع وخوف من الضواري والثعابين”.
زمن الوثيقة..
وعن كيفيه معرفته بزمن الوثيقة يقول حميد المطبعي”كان يذهب إلي ذلك بطريقة تعيين الحدين الأدنى والأعلى في زمن الوثيقة بالنظر في الحوادث المذكورة فيها، وله في ذلك أبحاث عديدة، فالحد الأعلى عنده هو الزمن الذي لا يمكن أن تكون الوثيقة قد كتبت قبله، والحد الثاني أي الزمن الذي لا يمكن أن تكون الوثيقة قد كتبت بعده، ومن ذلك يقول طه باقر “أننا سنحصل بين هذين الحدين علي تاريخ تقريبي للوثيقة المجهول زمن تأليفها”.
عن رأي طه باقر في مصادر التاريخ القديم يقول المطبعي”حدد طه باقر هذه المصادر:
1- الكتب المقدسة ولاسيما (التوراة) اليهودية وهي أول من تحدث عن العراق القديم وطه باقر أخذ الحذر من نقل أخبارها لأنها مشوبة بالخيال والأساطير، وفيها عصبية وعداء للعراق التاريخي.
2- المؤرخون الكلاسيكيون أمثال هيرودوتس وزنيفون ومن جاء بعدهم بقليل وهؤلاء هم أيضا يخلطون الواقع بالأسطورة وتشم من كتاباتهم رائحة الكراهية لحضارة العراق وخاصة ما جاء في تاريخ هيرودتس (تاريخ العالم) بعشرة أجزاء خصص الأول منها لتاريخ بابل.
3- كتب الرحالة الأجانب ولاسيما رحالة أوربا الذين وصفوا العراق منذ القرن الثاني عشر الميلادي ومنهم (بنيامين التطيلي) 1160م، وغالبية شروحاتهم مدسوسة ومختلقة.
4- التنقيبات والتحريات الآثارية وبدأت علي أيدي قناصل الدول الأجنبية وأشهرهم: (بوتا ) و(لايرد) و(رولنصن) منذ عام 1842م. وكانوا قد وقعوا في أخطاء قاتلة ثم سرقوا آثارنا”.
كيف كان يؤرخ؟
وعن طريقة “طه باقر” في التأريخ يقول المطبعي” تمر الكتابة التاريخية في ذهن طه باقر بعدة مراحل تركيبية، وهي:
1- تخيل الحقائق وتصورها في العقل. إذ يجعل الآثار القديمة صورة مصغرة لحاضره ويبدأ بها من الافتراض إلي التحليل.
2- تنسيق الحقائق ونجمع فيما بينها أولا ثم تقسيم الحقائق إلي مجاميع وأجزاء متشابهة بحسب مواضيعها.
3- القدرة الاجتهادية ويسميها الاستنتاج التاريخي ويحدث ذلك عندما يكتشف أن هناك فجوات بين حلقات التاريخ أو الماضي وهذا الاجتهاد إما عقلي وإما منطقي.
4- مرحلة استخراج القواعد العامة للوصول إلي (التدوين) أي تأليف المادة وعرضها عرضا فنيا ومنهجيا.
وكانت طريقته الخاصة قائمة علي العرض والتحليل وخيال الذاكرة وتحوير النص الأجنبي وتكيفيه مع الذهنية العربية، ولأبحاثه سحر الأداء ومتانة النص، ويكفيه فخرا أنه أنجز لنا موسوعة (في تاريخ الحضارات القديمة) بأجزاء عدة ابتداء من عام 1945 وطبعت له بمجلدات في 1986، وأنه أول باحث عراقي رائد قدم للمكتبة العالمية (تاريخ العلوم والمعارف في الحضارات القديمة والحضارة العربية) وابتدأ بتأليفه منذ سنة 1951 وطبع له سنة 1980، وأول عراقي ترجم لنا (ملحمة كلكامش) 1945 وطبعت بطبعات عدة 1962 و1971 و1975، وقدم الكتاب بمقدمة عرفتنا علي لغة ومفهوم لماذا العراقي شجاع وبطل ومفسر ظواهر.. وكان القارئ العراقي يحب أن يتشبه بكلكامش بعد نهايته من قراءة الملحمة بل كان طه باقر هو الذي صاغ وكتب الملحمة وليس الرواية كلكامش لبراعته في الترجمة وتقريب التاريخ، وقدم لنا رائعته الفاخرة بعنوان (المرشد إلي مواطن الآثار والحضارة) بستة أجزاء 1962- 1966 وكان يفترض أن تصدر بـ (14 رحلة) لولا حصاره من قبل الأنظمة والتحاقه بالجامعة الليبية للاستشارة والتدريس، وكان في رائعته هذه يطوف علي مدن وقري شمالي العراق ويتحدث عن بواطنها الحضارية مرة بأسلوب الرحالة الجميل ومرة كعالم آثاري يستنطق الحجر الأصم ومرة كمؤرخ يدون أيامه علي الطبيعة ثم يهتف (أتذكرون أنني العراقي وعالمي هو الكون)
ويواصل المطبعي”وعدا كتبه (العشرين) في التاريخ والآثار ترجم ونقد واستنبط وحبر وصحح التواريخ. وشارك في عشرين مؤتمرا عالميا وعربيا كان هو المبرز بين علماء المتاحف العالمية، وفي كل مؤتمر كان يحكي ملحمة العراق أو ألق القدامى”.