إستضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 5 سبتمبر 2018 الدكتور عادل شريف الحسيني في محاضرة ثقافية تناول فيها موضوع دور العلم والايمان في تطور الحضارات. البروفسورعادل شريف الحسيني إستاذ تحلية المياه والأبتكارات العملية الهندسية ومؤسس ومدير مركز بحوث الأغشيه وتطبيقاتها في جامعة سري (University of Surrey) في المملكة المتحدة .حائز على عدة جوائز منها جائزة الملكة البريطانية للمياه لعام 2011 وتم التكريم في حفل في القصر الملكي بكنغهام وبحضورالملكة والأمير فيليب والأمير مايكل وكذلك حاز على جائزة الجمعية الملكية البريطانية The Royal Society لأفضل الأبتكارات في مجال العلوم والتكنولوجيا لعام 2005 . كذالك حائزعلى جائزة العلوم الأوربية الأكاديمية للأعمال الريادية عام 2008 (European Academic Enterprise Award) والتي تمنح للمتميزين في مجال البيئه والطاقة وحديثا تم منحه لقب الرائد للطاقة المتجددة لعام 2018 من قبل الشبكة العالمية للطاقة المتجددة. كذالك هو المؤسس لمركز (Centre for Osmosis Research CORA) في جامعة Surrey في المملكة المتحده عام 2003 حيث يتخصص هذا المركز في مجال تحلية المياه بأستخدام الأغشية وتطبيقاتها والتي تكللت بمجموعة من الأبتكارات في مجالات تحلية المياه وتقنيات تصفية المياه ومعالجتها بالأضافه الى أستغلال الطاقه المتجددة وقد كان لهذه الابتكارات الاثر الكبير في احداث تغييرات ايجابية في النواحي الاقتصادية وكفاءة الإداء في هذه المجالات . بروفسور عادل شريف مؤسس شركة (Modern Water Plc) البريطانية والمتخصصة في تحلية المياه وتوليد الطاقة المتجددة. نال عدة جوائز عالمية ، منها جائزة ملكة بريطانيا للعام 2011. له أكثر من 160 بحثا منشورا وساهم في أكثر من 25 إبتكار وأشرف على أكثرمن 25 مشروعا لطلبة الدكتوراه و 50 مشروعا لطلبة الماجستير. المقدمة المحاضرة تهدف الى توضيح العلاقة بين العلم والأيمان وفيما اذا كان هناك تضاد او تصادم بين الاثنين ام يجب ان يكون هناك تكامل ومايترتب على ذلك من فوائد للبشرية. كذلك المحاضرة تهدف الى تبيان الفرق بين الدين والأيمان. الدين هو تطبيق عملي لأعتقاد ينعكس في السلوك والاخلاق والاحكام وبطبيعة الحال يخضع الى التفسيرات والاراء الشخصية والأجندات السياسية احيانا ويمكن توضيفه هكَذَا. في حين الأيمان هو التصديق المبني على الإيحاء والمعرفة الحقيقية الظاهر منها والغائب. العلم في الطرف الاخر هو معرفة منظمة مبنية على تجارب عملية او افتراضات رياضية يمكن قياسهما وتكرارهما او عدم إثبات عكسها في حين الايمان يشمل الإحساس والشعور الذي لايمكن قياسية او وصفه رياضيا. العلم والإيمان العلم هو نظام حيث تتمركز المعتقدات على منهجية موضوعية وأسباب منطقية وذلك بهدف تحليل تجربة حقيقة واقعة. الإعتقاد الديني هو مبدأ أساسي شخصي غير موضوعي لسلوك الفرد، في حين أن الحقيقة هي حالة موضوعية مستقلة عن الفرد ويخضع للتفسيرات. اللغة تتضمن المفاهيم التي تفسر التجارب البشرية؛ ولكن بعض اللغات أفضل من غيرها في تصوير تجربة الحقيقة. الدين هوطاعة الخالق وخدمة المخلوق – الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) “الدين بدون علم أعمى بينما العلم بدون دين أعرج (اينشتاين)،وهنا نضيف إن العلم مع الإيمان هو البصيرة. القران والعلم والإيمان قال الله في محكم كتابه : وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)،كما قال :هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُواْ الْأَلْبَابِ (7) ،وقال ايضا : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُواْ الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18). وفي سورة النساء: لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162). وفي سورة النحل:ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27). وفي سورة الاحقاف:قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (23). وفي سورة المجادلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) وفي سورة الملك:قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26). ما هو معنى المعرفة من وجهة النظر الدينية في المسيحية، الكاثوليكية والدعوة الانجيلية؛ المعرفة هي واحدة من السبع المنح من الروح القدس؛ ولكن ليس هناك تفصيل لتحديد هذه المنحة وأهميتها.اما الكتب المقدسة الهندوسية فتقدم نوعين من المعرفة؛ المعرفة المستعملة التي تم الحصول عليها من الكتب، والإشاعات وغيرها، والمعرفة المنقولة من الخبرة المباشرة أي المعرفة التي يكتشفها الشخص بنفسه. لكن في الإسلام، المعرفة (العلم) يعطى أهمية كبيرة، يؤكد القرآن أن المعرفة تأتي من الله “العليم”، وغالباً يُعطى علماء الدين الإسلامي والفقهاء والقضاة وكذلك العلماء في مجالات العلوم المختلفة لقب عالم، ومعناه “كثير الإطلاع والدراية”. العلم والاعتقاد الإعتقاد الديني هو مبدأ أساسي شخصي غير موضوعي لسلوك الفرد، في حين أن الحقيقة هي حالة موضوعية مستقلة عن الفرد، ومما يثير الإهتمام أن الفلسفة تقليدياً عرفت المعرفة إنها الإيمان الحقيقي المبرر. كل مفهوم الفلسفة يرتكز على الحقيقة والبحث وراء الحقيقة؛ بالتالي فإن العلاقة بين الإعتقاد والمعرفة هي أن الإعتقاد هو معلومات، إذا كانت المعلومات صحيحة وحقيقية فهي علم، أو إذا كان الإيمان يتفق مع الحقيقة فهو أيضاً معرفة وعلم كذلك. لأن العلم هو المعرفة المنظمة؛ إذن الاعتقاد الخاطئ لا يعتبر معرفة حتى وإن كان مخلصا، وبما أننا قلنا سابقاً الدين هو نظام من المعتقدات تستند على الإعتقاد وإذا كان الإعتقاد صادقا و صحيحاً فهو وإيمان معرفة ؛ وعليه فإن الإيمان الحقيقي والعلم متطابقان ومتناسقان. مستويات المعرفة أعلى مستوى من المعرفة هو “المعجزات” والتي تم تعريفها وفقا لقاموس أكسفورد بأنها حدث يظهر التدخل الإلهي في الشؤون الإنسانية وهو حدث رائع للغاية أو إنجاز غير عادي. ويمكن تعريف المعجزة أيضاً كحدث خارجي يتبع القوانين والمبادئ الطبيعية التي لم تكتشف بعد. وهناك مستوى آخر من المعرفة التي هي المعرفة الجديدة التي يمكن تفسيرها أو ملاحظتها مثل اكتشاف الجاذبية والكهرباء والبنسلين وغيرها من الاكتشافات الأخرى. الاختراع يمكن أن يكون جهازاً جديداً أو أسلوباً أو عمليةً تم تطويره من الدراسة وإجراء التجارب. انه تطور تدريجي من المعرفة المعروفة مثل السيارة والهاتف والكمبيوتر، الكرسي، وغيرها من الأبحاث العلمية وهلم جرا، وهذه كلها اختراعات وليست اكتشافات؛ الاختراع إذن هو نتاج للمعرفة والمبادئ المعروفة. لماذا التكامل بين العلم مع الإيمان هل نخلق المعرفة أم نكتشفها ؟ كيف ترتبط هذه الاستفسارات بالدين؟ الانسان لديه عقل مدرك وقلب سليم ليتصور ويستسفر ويدرس ويفهم الخالق أو المنشئ لهذا الكون حيث يمكن استخدام الأسباب البشرية لفهم ذلك. فمن المعقول أن نبحث عن وجود علاقة بين الإيمان والعلم وتحويل هذا الرابط إلى شيء مفيد؛ وذلك لأن المعرفة يتم اكتشافها والإيمان يساعد على إيجاد معارف جديدة. ولادة الحضارة في عام 3500 قبل الميلاد بنيت المدن الأولى في بلاد ما بين النهرين. (أوروك وأور على ضفاف نهر الفرات ، العراق) مذكور في الكتاب المقدس (كما أور الكلدانية) هو مسقط رأس البطريرك أبراهام (2000 قبل الميلاد). الحكومة الأولى. الكتابة الأولى. أول مركز للمعبد الديني. أول الناس مع الأخلاق والذوق. الحضارة العربية الإسلامية الإسلام ديانة توحيدية أبراهيمية نشأت مع تعاليم النبي محمد (570 – 632 م). أدى الإيمان بالإسلام إلى عواقب وخيمة كثيرة في العلوم والحياة الاجتماعية في العصر الذهبي (750-1100). تأسيس بيت الحكمة كمركزللدراسات والأبحاث : كانت بغداد في ذلك الوقت في مفترق طرق ثقافي ، وتحت رعاية الخلفاء العباسيين ،انشأ بيت الحكمة في بغداد ، أنتجت العصر الذهبي للعلوم والرياضيات العربية. في بغداد ، وقد واجه الباحثون أفكار علماء الرياضيات اليونانيين والهنود ونقلوا هذه المعارف عبر عملية الترجمة الى اللغة العربية. الإلهام والاكتشافات المستوحاة من الايمان الخوارزمي (780-850) :عالم الرياضيات المسلم الذي اعتمد الأرقام العربية- الهندية والصفر، وكلمة خوارزمية “لوغاريتمية” مشتقة من اسمه.المواريث الإسلامية كما وصفها القرآن عموماً كانت عملية معقدة للناس في ذلك الوقت، واستطاع الخوارزمي وهو عالم دين وعالم رياضيات، أن يوجد حلاً لحساب حصة كل شخص من المواريث ، وجعل قاعدة المواريث سهلةً للناس باختراعاته الشهيرة والهامة في علم الجبر والمعادلات الجبرية. كما وصف أيضاً الحاجة الدائمة للعثور على اتجاه القبلة في مكة وهكذا اوجد اكتشافات مهمة في الهندسةً؛ وطور ادوات للقياس الهندسي. جابر بن حيان (721-815) : وهو كيميائي وفلكي ومهندس وعالم جيولوجيا وفيلسوف وعالم فيزياء وصيدلي وطبيب. ويُعد من قبل الكثير “أبو الكيمياء” (الكميات أو علم الكميات) التقطير وأحماض النيتريك والبلورة، التي أصبحت الأساس للكيمياء المعاصرة والهندسة الكيميائية. وكاستجابة لرغبة الإمام جعفر الصادق (حفيد النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم)؛ اخترع جابر نوعاً من الورق المقاوم للنار، والحبر الذي يمكن أن يقرأ في الليل. اخترع مادة مضافة والتي عند استعمالها على سطح الحديد تمنع الصدأ وعندما تستعمل على النسيج، تجعله مضاداً للماء. الحسن ابن الهيثم (965 – 1040 ) :وفقا لمعظم المؤرخين، تم تطوير المنهج العلمي الحديث لأول مرة من قبل العلماء المسلمين، والذي ابتكره الحسن ابن الهيثم وكان ابن الهيثم (965- 1040) أول عالم يقوم باختبار الفرضيات بتجارب قابلة للإثبات في سبيل تطوير المنهج العلمي. في دراسته الهائلة عن الضوء والرؤية، كتاب المناظير (أو كتاب البصريات)، اخترع أول كاميرا (قمرة مظلمة) وهو ما يعني وكأنه مرآة في العربية، لاكتشاف الحقيقة حول طبيعة أو جوهر الشيء.جادل ابن الهيثم أنه على الشخص استبعاد الرأي البشري والسماح للكون ليتحدث عن نفسه من خلال التجارب المادية. ابن سينا (980 – 1037) : هو علي بن الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، عالم وطبيب،اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما. عُرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء وأبو الطب الحديث في العصور الوسطى. وقد ألّف 200 كتابا في مواضيع مختلفة، العديد منها يركّز على الفلسفة والطب. ويعد ابن سينا من أول من كتب عن الطبّ في العالم ولقد اتبع نهج أو أسلوب أبقراط وجالينوس. وأشهر أعماله كتاب القانون في الطب الذي ظل لسبعة قرون متوالية المرجع الرئيسي في علم الطب، وبقي كتابه (القانون في الطب) العمدة في تعليم هذا الفنِّ حتى أواسط القرن السابع عشر في جامعات أوروبا . ويُعد ابن سينا أوَّل من وصف التهاب السَّحايا الأوَّليِّ وصفًا صحيحًا، ووصف أسباب اليرقان، ووصف أعراض حصى المثانة، وانتبه إلى أثر المعالجة النفسانية في الشفاء . محمد بن زكريا الرازي ((865 – 925 : المعروف أنه قد اخترع طرق التقطير والاستخلاص، والتي أدت إلى اكتشافه حامض الكبريتيك، عن طريق التقطير الجاف للزاج (زيت الزاج)، والكحول (الإيثانول). باعتباره رائداً من رواد الكيمياء، كان الرازي أول من قام بتقطير / تنقية النفط وإنتاج الكيروسين (التي استخدمت لاحقاً كزيت للمصباح أو وقود للطائرات). العلم والايمان في الحضارة الغربية المسيحية ديانة توحيدية أبراهيمية مبنية على حياة وتعاليم يسوع الناصري كما وردت في العهد الجديد في الغرب وفي 27 فبراير 380 ، أصدر الإمبراطور ثيودوسيوس الأول قانونًا ينص على المسيحية كدين رسمي للإمبراطورية الرومانية. من القرن الرابع على الأقل ، لعبت المسيحية دورًا بارزًا في تشكيل الحضارة الغربية. علماء غربيون مؤمنون يقول البرت اينشتاين (1879-1955): ” نظرة الى التناسق الكوني يجعلني بقدرات عقلي المحدودة ان أدرك (بوجود خالق) ولكن هناك ناس يقولون لا يوجد خالق. ولكن الذي يغضبني إنهم ينسبون لي دعم هكذا أراء”. اسحاق نيوتن (1643-1727): كتب في الدين أكثر مما فعل في العلوم الطبيعية. وبين أن “الجاذبية تفسر حركة الكواكب، لكنها لا يمكن أن تفسر من وضع الكواكب في الحركة. الله يحكم كل شيء ويعرف كل ما هو موجود ويمكن القيام به “. القران والبيئة يقول الله في القران : “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”. ان تغير المناخ في السنوات الأخيرة يشكل التهديد الأكبر لحياة الإنسان. ويعتقد العلماء أن درجة حرارة الأرض ترتفع بشكل تدريجي بمعدل 0.85 درجة مئوية وستستمر في الارتفاع لتصل إلى 0.87 درجة مئوية بحلول سنة 2020. القران والحقائق الكونية (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يس 39) (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ والنَّهَارَ والشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يُسْبَحُونَ) (الأنبياء33). (أَلَمْ تَرَّ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ ِبمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (لقمان 29). اصل الماء علميا ذكر الله تعالى الماء في القرآن الكريم منكراً “ماء” 33 مرة، وذكره معرفاً “الماء” 16مرة، وما هذا التكرار لذكر الماء إلا لأهميته، ووصف الله الماء على أنه مبارك أي أنه كثير العطاء ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ (النحل: 10) ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ﴾ (ق: 9) ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ والنهار والفلك الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّر ِبَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لقوم يعقلون﴾ (البقرة: 164) ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ (الأنبياء: 30) ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ * الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاء يَوْمِهِمْ هَـذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ (الأعراف: 50-51) ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّل عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْز الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾ (الأنفال: 11) نظرية المنشأ الكوني: تلخص هذه النظرية بأن الماء أتى إلى الأرض من الفضاء الخارجي، وتفيد بأن هناك تيارات من الأشعة الكونية تتحرك دائماً في الفضاء الكوني مكّونة من جسيمات ذات طاقة ضخمة جداً، تحتوي على نوى ذرات الإيدروجين، أي على البروتونات، ولدى حركة كوكب الأرض أثناء دورانه حول نفسه وحول الشمس تخترق هذه البروتونات جو الأرض، وتحصل على الإلكترونات الضرورية، وتتشكل ذرة الهيدروجين، حيث تتفاعل مباشرة مع الأوكسجين مشكلة جزيئات على ارتفاعات كبيرة، وفي ظل درجات حرارة منخفضة، تتكاثف على جسيمات من الغبار الكوني مكونة سحباً فضية، حيث يعتقد العلماء أيضاً بأن الماء المتشكل بهذه الطريقة خلال التاريخ الطويل الذي مرت به الكرة الأرضية أثناء تشكلها يكفي لملء المحيطات كافة على سطح هذه الأرض. نظرية المنشأ الأرضي: تتخلص هذه النظرية بأن الصخور المكونة للطبقة الواقعة بين نواة الأرض والقشرة الأرضية (طبقة السيما) كانت تنصهر في بعض المواقع تحت تأثير الحرارة الناشئة عن التفكك الإشعاعي للنظائر المشعة، حيث تنطلق منها مكونات طيارة كالأوزون والكلور ومركبات الكربون المختلفة والكبريت، وأكثرها أبخرة الماء، وكانت هذه المكونات تقذف إلى الطبقات السطحية أو على السطح بواسطة الثورات البركانية خلال تاريخ الأرض الطويل، وتكفي هذه الكمية لملء جميع المحيطات على سطح الكرة الأرضية. آراء العلماء حول أصل الماء على سطح الأرض : لقد تضاربت آراء العلماء حول أصل الماء على سطح الأرض تضارباً كبيراً، ولم يحاول أحدهم ربط ذلك بماء المطر على الرغم من وضوح ذلك. أفلاطون (428 ـ348 ق.م.) وجود خزانات جوفية هائلة على هيئة عدد من الممرات والقنوات تحت سطح الأرض تقوم بتغذية جميع أشكال الماء على سطح الأرض من جداول وأنهار، وبحيرات وبحار ومحيطات وغيرها. أرسطو(385 ـ322 ق.م) فقد رفض هذه الفكرة على أساس أن مثل هذا الخزان لابد أن يكون أكبر من حجم الأرض لكي يتمكن من الإبقاء على جميع الأنهار متدفقة، ونادى بأن هواءاً بارداً في داخل الأرض يتحول إلى الماء كما يتحول الهواء البارد حول الأرض، واقترح أن تضاريس الأرض العالية تعمل عمل قطع الإسفنج الهائلة حيث تتشبع بهذا الماء المتكون في داخل الأرض من تكثف الهواء الجوفي البارد، وأنها تقطر هذا الماء فتغذي به الأنهار والجداول والينابيع. فيزوفيوس في القرن الأول الميلادي (وهو من مفكري الحضارة الرومانية) بأن الأودية بين الجبال أكثر حظاً من الجبال في غزارة ماء المطر، وأن الثلج يبقى فوق الأرض لفترة أطول في المناطق المكسوة بالغابات الكثيفة، وأنه عند انصهاره يتحول إلى ماء فيتخلل فتحات الأرض، ويصل في النهاية إلى أسافل الجبال التي تسيل منها الجداول وتتدفق. أثناسيوس كيرثر (1602-1680 م) مفترضاً أن البحر مرتبط بجبال جوفاء تتدفق منها الأنهار والجداول بينما القران اخبرنا : (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ) حسب هذه النظرية، فقد نشأ الكون قبل حوالي 13.8 مليار سنة. في تلك اللحظة كان الكون “نقطة تفرد” ذات كثافة عالية جدا وحرارة تفوق الخيال، وهي ظروف لا تنطبق فيها قوانين الفيزياء. ويعود ذلك إلى أن القوى الطبيعية الأساسية الأربعة المعروفة -وهي قوى: الجاذبية والكهرومغناطيسية والنووية الكبرى والنووية الصغرى- كانت كلها متحدة ضمن قوة أساسية واحدة. يعود تأسيسها للعالمين الروسي ألكسندر فريدمان والبلجيكي جورج لوماتر. فقد نجح فريدمان في حل معادلات نظرية النسبية واستنتج منها فكرة تمدد الكون سنة 1922، واستنادا إليها وضع لوماتر سنة 1927 نظريته حول تمدد الكون. لوماتر سنة 1931 فكرة هي أن الكون كان في بدايته منكمشا في نقطة واحدة، وأن انفجارا حصل في اللحظة الأولى جعل الكون يبدأ في التمدد. وقد أطلق لوماتر على نظريته الجديدة اسم “الذرة البدائية”. وكانت هذه أول مرة تطرح فيها فرضية أن للكون بداية. رغم أن نموذج الانفجار العظيم يبدو جميلا متجانسا ونجح على مدى عقود في تقديم أجوبة على جل التساؤلات لكنه في الحقيقة ما زال أمامه الكثير ليحصل حوله إجماع من العلماء. فكثير منهم ما زالوا غير مقتنعين بفكرة نشأة الكون من أصلها ويرون أن الكون قد يكون أزليا، وأن الرياضيات لم توضح لهم ما حدث قبل هذا الانفجار وأسباب حدوثه وتكتفى بشرح لحظة الانفجار وما بعده، وهذا ما أثار الشك لديهم. كما أن النظرية لم تبين لماذا اختل التوازن في اللحظات الأولى بين جسيمات المادة والمادة المضادة لفائدة الأولى؟ الجاذبية (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2 وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3)) تعبّر الجاذبيّة عن القوة التي تسبّب انجذاب جسمين نحو بعضهما البعض، وهي نفسها تلك القوة التي تتسبّب بسقوط الأجسام نحو الأرض، ودوران الكواكب حول الشّمس، وتُشكّل الجاذبية واحدة من القوى الرئيسيّة الأربعة الموجودة في الطبيعة، ومن الجدير بالذّكر أنه في عام 1680م قام العالم إسحق نيوتن بوضع قانونه للتعبير عن الجاذبيّة، ونصّ على وجود تناسب طرديّ ما بين قوة الجاذبيّة والكتلة الخاصّة بالجسمين المنجذبين نحو بعضهما، إلى جانب وجود علاقة عكسيّة بينها وما بين مربع المسافة. قدّم العالم ألبرت آينشتاين في عرض نظريته النسبيّة في أوائل التسعينات من القرن الماضي، تفسيراً للجاذبيّة مُختلفاً عمّا قدّمه العالم نيوتن، حيث اعتبر أنّ الجاذبيّة ليست قوّة، وإنّما هي تمثيل للبعُد الرّابع، والذي يُشار له باسم (الزمكان) أستنبط نيوتن قانونه في الجاذبية من خلال مشاهداته الفلكية من أجل وصف قوة التجاذب بين الأجسام التي لا تحمل شحنة، وقد استعان في ذلك بقوانين كليبر في الحركة، ووضع قوانينه في عام ألفٍ وستمئة وسبعٍ وثمانين وينصّ قانون الجاذبية العام لنيوتن على أن (قوة التجاذب بين جسمين ماديين تتناسب طردياً مع حاصل ضرب كتلتيهما، وعكسياً مع مربع المسافة بين مركزيهما). أن العالميْن البيروني والخازني أشارا إلى هذا المفهوم قبل أن يتوصل إليه نيوتن بسبعة قرون. الخلاصة الأساس لكلا المفهومين او المبدأين (العلم والايمان) هو المعرفة والتي تمثل الحقائق الكونية المادية منها والسلوكية. هل هذه المعرفة او الحقيقة سواء كانت جديدة (مكتشفة) ام مبتكرة ام منقولة هل نخلقها ام نكتشفها. التجارب البشرية اثبتت اننا نكتشف المعرفة ولا نخلقها. وعليه لابد من مصدر لهذه المعرفة ولابد ان يكون المصدر ذكي وواحد وذلك لان المعرفة جميلة و متطابقة ولو تعددت المصادر لتعددت المعرفة والحقائق. المؤمنون مصدقين بان مصدر المعرفة والحقيقة هو الخالق والذين لايؤمنون يعتبرون مصدر المعرفة مجهول او خاضع للأحتماليةً او الطبيعة. في الواقع لاتوجد طريقة لإثبات اَي من الطرفين صح ام خطأ وعليه يكون مخالف للمبدأ العلمي ان يتم الأستنتاج حول وجود الخلق او عدم وجوده او حول اَي موضوع ما قبل تقديم الدليل والحقائق حوله. المحاضرة تهدف كذلك لتقديم أدلة وإعطاء أمثلة حول دور العلم والايمان في تطور الحضارات وكيف اكثر الاكتشافات العلمية حدثت في مجتمعات تميزت بتراثها الإيماني والديني وكيف ان اكثر العلماء الذين اكتشفوا الظواهر الكونية كانوا يؤمنون بخالق سواء كانوا يهود ام مسيحين ام مسلمي.