خارج البساطة ليس هناك من عمق-
ثقافة المحبّة.. صعبة!
أحمد فرحات –
إذا كان القرن العشرون حافلاً بالحروب والانقلابات الإمبراطورية وتفاقم المجاعات ومعسكرات الموت وكرنفالات الدم المتنقلة (بخاصة في الغرب الأوروبي وفي المنطقة العربية التي شهدت بالقوة والبطش، والمخاتلة الاستعمارية، قيام الكيان الإسرائيلي الغاصب للحق العربي)، فإن القرن الحادي والعشرين استمر بها، وعلى نحو أكثر درامية ومأسوية وفحشاً وتوحشاً، وبدا أن البشرية «المتحضّرة» و«المتطوّرة» لم تفشل في التمهيد لتحقيق مشروع السلم العالمي الشامل، وقطع دابر الحروب بشكل نهائي فقط، وإنما تبيّن عقم الرهان على أي من السياسات الحداثوية الجدّية لهؤلاء المتحكّمين بالعالم، خصوصاً لجهة جبه الأخطار الكبرى التي تُحيق بكوكب الأرض ومن عليه. وكذلك لجهة إيلاء الجهد العلمي أولوية الأولويات المطلوبة لمزيد من تفكيك شيفرات أسرار النظام الشمسي، وما بعده من منظومات كوكبية مُغلقة علينا في هذا الفضاء الكوني الرحيب.
لست أشير هنا إلى مرحلة سياسية سلطوية غربيّة بعينها، وإنما إلى نظام سياسي غربي كلّياني بدأت مفاعيله تترى بسياسات مغايرة، بل مناقضة تماماً، لما كان تمّ الإفصاح عنه منذ القرن الثامن عشر، وُسمّي بـ»عصر الأنوار»، والذي من خصائصه تنوير العقول من الظلاميات والجهل والتبعية للآخرين، ولاحقاً احترام حريات الشعوب، واستقلالها، وحقها في سياديّة أوطانها، فضلاً عن احترام آليات تطورها التنموي والتحديثي وبلوغها، وإن بالتدريج، قمة نماذج دول القانون والعدالة الاجتماعية والدمقرطة وتداول السلطة…إلخ.
وعلى ما يبدو، فإننا نحن العرب، ودون غيرنا من سائر شعوب الأرض، بتنا ندفع الثمن الباهظ لسياسات هذا الغرب الكلّياني الخاطئة، خصوصاً في الحقبة الأخيرة من هذا الزمن، ندفعها خراباً ودماراً وبؤساً وخسفاً وضياع مستقبل وفقدان هوية، وإلا ما معنى أن تقتصر أحطّ برامج الحروب وسفك الدماء، في العالم كله تقريباً، على ناس وجغرافيا بلداننا دون غيرها؟. ما معنى أن يستغل الغرب الكلّياني «التنويري» مكامن الضعف فينا إلى هذا الحد من سياسات اللامعقول، فيتحالف، مثلاً، مع أكثر الفئات تخلفاً وظلامية وجهلاً وتطرفاً دموياً بين ظهرانينا، ويستخدمها سلاحاً فتاكاً لدكدكة مجتمعاتنا وتفكيكها وتقسيمها وتذريرها وردّها إلى مراحل ما قبل نشوء الدول والسياسات في العالم؟ (إقرأ كتاب «خيارات صعبة» لهيلاري كلينتون).
قد يقول قائل إننا بأنفسنا، عرباً ومسلمين، نتحمّل مسؤولية ما يجري لنا الآن، ونتائج كل هذا المآل الفادح الذي نتخبّط فيه، كوننا تركنا أبوابنا مشرّعة، ومنذ سنوات، للقاصي والداني كي ينفذ بسهولة إلينا، ويلعب بمقدّراتنا، ويشوه قيمنا، وتاريخنا، وديننا، وحضارتنا.. والأنكى من هذا كله، أن يستخدم دمنا سلاحاً لتنفيذ مآربه، متحكّماً هو بلعبة الاقتتال الأهلي في ما بيننا، ومنعنا من وقف آلة الموت إلا بإرادته.
هذا كله صحيح ولا شك. لكن في المقابل، من الخداع الفكري أن نزعم أيضاً أن البشرية اليوم تتقدم في مسارها الخيطي الزمني لأجل الارتقاء بالإنسان أينما كان على وجه الأرض، واعتباره رمزاً سامياً بات يعفّ عن حروب الغرائز والتوحش والعصبيات الدينية والقومية والإيديولوجية.. إلخ، وأنه بات لزاماً عليه، وقطعاً مع ماضيه الدموي الرهيب والمنفلت من أية ضوابط، أن يعيش في وسط ثقافة المحبة والتسامح والاعتراف بالآخر، واعتبار «كل إنسان هو نفسه الإنسان الآخر، من حيث الجوهر الروحي الطهراني والعقلاني المنفتح»، كما يقول توما الأكويني، فيلسوف الأخلاق والمحبة بين البشر، والذي كان يحثّ على قيام نوع من السياسة الروحانية القارّة، لأنه، في النتيجة، لا قيمة لمحبة راسخة لا تصبح أداة من أدوات صنع التاريخ.
المحبّة أقوى من نقائضها
وإنه لمثير أكثر أن نتساءل مع المفكر والفيلسوف السويسري هانس كينغ: لماذا لا تستطيع الإنسانية، وهي التي ألغت عبر تاريخها الطويل عادات بغيضة ومستهجنة، كارتكاب الكبائر، مثل الزنا بين الأشقاء، وأكل لحوم البشر، وبيع البشر في أسواق النخاسة؟ لماذا لا تستطيع الإنسانية الحاضرة أن تقلع عن الحروب نهائياً، وتحب بعضها بعضاً، من موقع أن الذات ليست سوى أثر للقوى التي تشكّلها من ذوات أخرى؟.. فليست الحروب محفورة في الطبيعة الإنسانية، كالعدوانية والجنس. الحروب لا تولد بالفطرة، إنما يتعلّمها الإنسان. هذه الحروب يمكن أيضاً إبدالها بتسويات سلمية تحل مكان الصراعات، فالحروب الذريّة بين الدول الكبرى في عصر الذرّة، هي حروب انتحارية، بل حروب إفنائية للجميع. والحروب بين الدول الصغرى بمساندة الدول الكبرى، هي أيضاً لا تؤدّي في أغلب الأحيان إلى حلول، بل إلى فناء جزئي يظل يتكرر، وعلى حساب الطرفين المتصارعين أو الأطراف المتصارعة.. فما الحل الناجع إذاً؟
الحل ينطلق هكذا من فلسفة المحبّة والتسامح، وهي فلسفة أقوى بكثير من كل نقائضها، خصوصاً في عقول وقلوب من يقرأون جيداً، ويتدبّرون الأمور جيداً. وعليه، وتمهيداً لذلك، أفليس من الممكن إذا انطلقنا جميعاً من وعي الإنسانية المشتركة، أن نصوغ مقياساً أخلاقياً أساسياً، مقياساً مسكونيّاً يرتكز على الإنسان، الإنسان الحقيقي، أي على كرامة هذا الكائن، والقيم الأساسية الناتجة عنها؟ فالسؤال الجوهري في البحث في المقاييس الأخلاقية، يُصاغ على النحو التالي: ما هو الأمر الجيد للإنسان؟ وعن هذا السؤال نجيب: كل ما يساعده على أن يكون حقا إنساناً، وهذا ليس أمراً بديهياً.
فالمقياس الأخلاقي الأساسي في ضوء ما تمت الإشارة إليه هو التالي: ينبغي للإنسان ألاّ يحيا بطريقة لا إنسانية، أي من خلال نزعة غريزية بهيمية، بل بطريقة إنسانية وعقلية، أي إنسانية حكيمة، حقا إنسانية. كل من يسهم دوماً في نجاح الحياة الإنسانية في بعديها الفردي والجماعي، أي كل من يسمح بانتعاش أمثل في كل مرافق الحياة (أي كل ما يتعلق بالنزوات والشعور) وأبعادها (حتى في علاقته بالطبيعة والمجتمع) يتصرف تصرفاً أخلاقياً.
ويتساءل المفكر السويسري هانس كينغ بعد: هل من الممكن أن تتفق الديانات كلها، على الأقل في هذا المقياس الأساسي: كل ما يساعد الإنسان على عيش إنسانيته هو صالح؟ في ضوء هذه القاعدة الأساسية في مفهوم الإنسانية الصحيحة، يمكننا أن نميز بين الخير والشر، بين الحق والضلال. وقد تسمح لنا هذه القاعدة أن نميز ما هو في الحقيقة صالح أو طالح، ما هو جيد أو خطأ في هذه الديانة أو تلك. وبوسع المرء أن يصوغ هذا المقياس في علاقة مع الدين، سواء أكان من الناحية الإيجابية أم من الناحية السلبية.
على مستوى الصياغة الإيجابية: طالما تخدم ديانة ما الإنسانية، وطالما تسهم في ترقية البشر من خلال تعليمها الإيماني والأخلاقي، من خلال طقوسها ومؤسساتها، من خلال تركيز هوية البشر ومعنى حياتهم وقيمهم الإنسانية، وطالما تسمح لهم أن يسلكوا حياة تحمل معنى مثمراً، تكون ديانة حقيقية.
وطالما أن هناك ديانة ما تنشر اللاإنسانية، سواء أكان في تعليمها الإيماني والأخلاقي أم في طقوسها ومؤسساتها، وتمنع البشر من تحقيق هويتهم ومعنى حياتهم وقيمهم الإنسانية، وطالما تشترك في إعاقة حياة تحمل معنى مثمراً، تكون ديانة مزيفة.
يمكننا أن نعبر عن ذلك بطريقة أخرى: ما هو إنساني، حقاً إنساني، أي جدير بالإنسان، يمكنه أن يستند إلى بعد إلهي. وفي المقابل، كل ما هو لا إنساني، «حيواني» و»وحشي»، لا يمكنه أن يستند إلى بُعد «إلهي». ويبرز السؤال التالي من جديد: أفلا تعطي هذه النظرية «الإنسان» حق الحكم على الديانات التي تستند إلى البعد الإلهي.
هكذا إذاً، فالإنسانية الحقيقية هي شرط إلزامي لكل ديانة حقيقية. وهذا يعني أن البعد الإنساني، أي احترام الكرامة والقيم الإنسانية، هو أقل ما يفرض على كل ديانة، إذ لا وجود لديانة صادقة من دون أبعاد إنسانية (أي مقياس أدنى)، فإذا كان الأمر كذلك، فما الفائدة من الدين أو المحبة؟
الديانة الحقيقية هي إتمام البعد الإنساني الصحيح، ما يعني أن الدين، كتعبير لمعنى شامل للقيم السامية والإلزام غير المشروط، هو شرط أفضل لتحقيق البعد الإنساني، فينبغي للدين أن يكون حاضراً، كمقياس أعلى، في الوقت الذي نريد فيه تحقيق الإنسانية وتجسيدها كبعد إلزامي عالمي حقيقي غير مشروط.
من جانب آخر، وعندما نتحدث عن الدين والإنسان، فإنما نتحدث، في الحقيقة، عن محبة الله بذاته، وفي خلقه في آن، والإنسان في الطليعة بينها. والأديان السماوية ركّزت على هذه الجدلية الإيمانية المحفزّة، والتي هي، كما المعرفة، تظل تتعمّق وتتثبّت.. وحافزها دوماً العقول الكبيرة، والقلوب الكبيرة. جاء في القرآن الكريم:«ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله». (البقرة الآية 165). «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، ويغفر لكم ذنوبكم، والله غفور رحيم». (سورة آل عمران 31). «لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألّفت بين قلوبهم، ولكن الله ألّف بينهم، إنه عزيز حكيم». (الأنفال 63، 62).
أجل، فالله جلّ ثناؤه، هو المحبّة المطلقة، والرحمة الواسعة والطريق الآمن. يؤلف بين القلوب المؤلفة والقلوب غير المؤلفة. إنه وحده الذي يؤتي مقاصد هي عصيّة على كل المدركات. ومحبة الله تجعلنا نعرف الكثير عن أنفسنا، وعن الآخر المتفاعل معنا.
ولا نودّ أن نتحدث بالتفصيل عن المحبّة في الدين المسيحي. فالمحبّة هي أسّ هذا الدين والرجاء المطلق فيه.. والمسيحية تأمر أن يُحبّ المؤمن حتى أعداءه. جاء في إنجيل متى:«أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، احسنوا إلى مبغضيكم، صلوا لأجل الذين يسيؤون إليكم». وقال عيسى عليه السلام: «كلما أحبني الآب كذلك أحببتكم أنا. اثبتوا في محبتي». أما القديس يوحنا المعمدان فيقول: «كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس».
وإذا كان في المسيحية «أن الله خلق آدم على صورته، لذلك كان آدم مملوءاً محبة، لأن الله محبّة، وكانت محبّة آدم كلها لله»، فإن هذا يوجب على المؤمنين في الدينين السماويين: الإسلام والمسيحية، اتّباع التعاليم المُفضية فيهما إلى السلم والاستقرار ومحبّة الإنسان أنّى كان دينه أو معتقده الإيماني. ألم يوص النبي العربي (ص) بالنصارى حين قال: «من آذى ذمياً فقد آذاني»؟
وإن كان لنا أن نتساءل هنا، فإننا نتساءل بإلحاح جارح: كيف لتلك الكائنات السود التي تدعي الإسلام زوراً وبهتاناً، أن تفعل ما تفعله من جرائم غير مسبوقة في التاريخ البشري كله: تقطع الرؤوس والأطراف وتأكل الأكباد، وتحرق الإنسان وهو حي.. وكل ذلك مصحوباً بنداء إسم الجلالة؟. أي فقس شيطاني هذا الذي يتحرك على الأرض العربية مبيداً كل شئ اليوم.. راعباً حتى الهواء الذي يعبره، ومقدّماً خدمات استثنائية لأعداء العرب لا يمكن البتة لهم أن يأتوا بمثلها. إنهم إذاً يشوهون صورة الإسلام من جهة، ومن جهة أخرى يقسّمون بلاد المسلمين إلى دويلات متحاربة، متنابذة متكارهة إلى ما لا نهاية. وحين تتفكك العقيدة الدينية وتتناثر، لا تعود تملك حتى وسائل بقائها الأولى.
المحبّة أصعب رواجاً من الكراهية
كثير من الفلاسفة وعلماء الاجتماع، يجزمون بأن نشر ثقافة المحبة والتسامح بين المجتمعات أصعب بكثير من نشر ثقافة الكراهية فيها. إذ يكفي لأي طرف دولي، قوي ونافذ، أن يثير في بلد معين رخو أمنياً، ومنقسم على نفسه شعبياً، أي مشكلة ذات طابع خلافي قائم، سواء أكانت إتنية أم طائفية أم مذهبية، حتى تنطلق شرارة الفتنة ناراً لا يُشقّ لها غبار في هشيم هذا المجتمع، ويصعب في ما بعد لأم الجراح المفتوحة، حتى ولو تدخل في ما بعد مثيرو الفتنة أنفسهم، وبعد استنفاد أغراضهم أو مصالحهم التي حققوها.
فيما ثقافة المحبة والتسامح، والتي هي في الأساس وعي ثقافي وفكري سياسي في المقام الأول، ينطلق مثلاً، من أن الآخر المُختلف معه في الوطن الواحد، يظل بمعنى من المعاني، ضرورة للمواطنة الواحدة، مهما استعر الصراع بين المكونات الواحدة للشعب الواحد. وعليه ليست ثقافة المحبة، كما هو سائد عموماً، شأناً يخضع لتهويمات رومانسية اعتباطية سرعان ما تفرض نفسها وتشيع.
هكذا إذن، فالمحبة هي وعي اعتراف بالآخر، يشبه اعتراف الذات بذاتها ونقائضها الواحدة. وهذا الوعي كانت قد اكتشفته الشعوب الأوروبية بعد حروبها المتمرحلة والطويلة في القارة، والتي ذهب ضحيتها ما يتجاوز الـ47 مليون ضحية، وانتهى الأمر في نهاية المطاف بالوحدة الأوروبية القائمة اليوم، على الرغم من العديد من المشكلات الاقتصادية التي تعتورها، وتهدد ربما البنيان من أساسه. ويظل، على أية حال، للقادة التاريخيين الكبار دورهم في ترسيخ عوامل الاستقرار والازدهار في العديد من البلدان المتقدمة، مثل شارل ديجول في فرنسا وتشرشل في بريطتنيا وفرانكلين روزفلت في الولايات المتحدة، وماوتسي تونغ في الصين الشعبية.
كما يظل للفلاسفة.. فلاسفة المحبة أدوارهم التي تستلهمها الشعوب ولو مضى عليها مئات القرون مثل «كونفوشيوس» و»لاوتسي» في الصين، ولاحقاً «المهاتما غاندي» و»جواهر لال نهرو» في الهند.. إلخ. ويظلّ الفيلسوف القوي، المحبّ لشعبه، وللإنسان في كل مكان، يعتقل التاريخ مفاهيمياُ. فها هو، مثلاً، الحكيم الصيني الكبير: «لاوتسي»، يحقق من خلال فلسفته في المحبّة العميقة، سلاماً وأمناً لبلاده دام قرابة الـ20 قرناً. يقول:»إن أسمى الحكام هو من لا يشعر الناس بوجوده إلا لماماً، يليه، مقاماً، من يحبه الناس ويمتدحونه، ثم يأتي بعده من يخافونه ويرهبونه، ثم من يحتقرونه. فلو ضعف إيمان المرء، زال إخلاص الغير له. والحكيم مُنكرٌ لذاته، مُقلٌ من كلماته، حتى إن الناس يقولون بعد أن يفرغ من عمله، وتكتمل كل الأشياء التي كان بصددها: «ها نحن قد حققناها بأنفسنا».
ويقول «لاوتسي» في دور الحكيم الكبير والمتجرد في حبّه ونصحه:»ليس للحكيم مصلحة تخصّه، فإن مصالح الناس مصلحته، يعطف على العطوف، كما يعطف على القاسي، ويخلص للمخلص، كما يخلص للخؤون. فالفضيلة هي الإخلاص، والفاضل خجول، منكر لذاته في عالم وقح، يحفظ نفسه في سديمية من أجل العالم، كل الناس تفتح العيون، وترهف الآذان، والحكيم فقط يبتسم كرضيع مندهش».
هكذا، وبالتحليل، يُعلمنا «لاوتسي» أن المحبة هي البساطة أيضاً، وخارج البساطة ليس هناك من عمق. وأن المحبة هي التضحية بالذات على مذبح الممارسة، والتي غالباً ما تعوّمها وتعضدها هذه الممارسة الواعية الدفينة، لأن المحبّة هي أيضاً جزء لا يتجزأ من صناعة القناعات السياسية والحضارية، وهي كذلك إدارة للتدخل في مصير الذات ومصير العالم.
اقتباس
لا قيمة لمحبة راسخة لا تصبح أداة من أدوات صنع التاريخ
توما الاكويني
الحكيم
في حبّه
يقول «لاوتسي» في دور الحكيم الكبير والمتجرد في حبّه ونصحه: «ليس للحكيم مصلحة تخصّه، فإن مصالح الناس مصلحته، يعطف على العطوف، كما يعطف على القاسي، ويخلص للمخلص، كما يخلص للخؤون. فالفضيلة هي الإخلاص، والفاضل خجول، منكر لذاته في عالم وقح، يحفظ نفسه في سديمية من أجل العالم، كل الناس تفتح العيون، وترهف الآذان، والحكيم فقط يبتسم كرضيع مندهش».
جريدة الاتحاد الاماراتية
05 مارس 2015