تستضيف مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء الموافق 01/06/2016 الباحث العراقي الاستاذ عمر العبادي في أمسية ثقافية يتحدث فيها عن مفهوم الهوية الوطنية وآليات بناء الهوية والمعوقات التي تواجه عملية بناء الهوية الوطنية.
الاستاذ عمر العبادي متخصص في الادب الانكليزي و الفرنسي و الترجمة ، عمل في العراق مع برنامج الامم المتحدة الانمائي ، كما عمل مديرا لمكتب صحيفة اساهي اليابانية في العراق ،وعمل مراسلا لوكالة رويترز الدولية ، كما عمل مديرا للتخطيط الاستراتيجي في مؤسسة CTV – لندن ومدربا للبرامج الاعلامية. يرأس حاليا شركة ماسترز للرؤى التطويرية التي تعنى بالتدريب و اقامة الورش التخصصية في لندن.
بناء الهوية الوطنية
صادق الطائي
ضيفت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء الموافق 02 حزيران 2016 الباحث العراقي الاستاذ عمر العبادي في أمسية ثقافية تحدث فيها عن مفهوم الهوية الوطنية وآليات بناء الهوية والمعوقات التي تواجه عملية بناء الهوية الوطنية.الاستاذ عمر العبادي متخصص في الادب الانكليزي و الفرنسي و الترجمة ، عمل في العراق مع برنامج الامم المتحدة الانمائي ، كما عمل مديرا لمكتب صحيفة اساهي اليابانية في العراق ،وعمل مراسلا لوكالة رويترز الدولية ، كما عمل مديرا للتخطيط الاستراتيجي في مؤسسة CTV – لندن ومدربا للبرامج الاعلامية. يرأس حاليا شركة ماسترز للرؤى التطويرية التي تعنى بالتدريب و اقامة الورش التخصصية في لندن.
مداخل بناء الهويات
وقد بين الاستاذ عمر العبادي ان بناء الهوية الوطنية ينقسم الى قسمين ، حيث اصبح هذا التخصص في السنوات الماضية القليلة الى علم مستقل، ان بناء الهوية يبدء بالبناء وينتهي بالتسويق ،وان دول العالم اليوم بات ينظر لها كالماركات التجارية. وهنا يجب ان نسأل (ماهي الهوية في البدء) ؛ هي مجموعة مفاهيم تترسخ في فكر المتلقي عن الصورة التي تنقلها الفعاليات وماهيات الشخوص او الدول.
ثم بين الاستاذ العبادي ان الصورة تنقسم الى ثلاث اقسام وهي :
1- الشخصية
2- المؤسسات
3- الدولية
ومن المعطيات اعلاه نستطيع ربط معنى الهوية الوطنية والمواطنة .
الهوية الشخصية
اشار الاستاذ العبادي ان الصورة الشخصية هي صورة ذهنية ينقلها الشخص لمحيطه الخارجي ،تعكس مجمل الخبرات والفعاليات تقوم على كيفية تقديم الشخص نفسه الى الاخرين ،وكيف ينظر اليه المحيط. وهذه الهوية هي الاسلوب الذي يميز الشخص عن الباقين ، كما اضاف ؛عندما نسأل عن الهوية فكأننا نوجه سؤال (من انت؟) ،وعلى هذا الاساس فأن الطريقة التي يبني بها الانسان هويته هي في الواقع تقديم لمنتج او قيمة مضافة الى شخصية الشخص الذي يعمل على انجاز هدف ما ،وبذلك تنتقل الحالة من اسم الى اضافة وكان التحول من تعريف الفرد الى اضافة فاعلة.
ان قيمة الهوية الشخصية مهمة للغاية ،اكثر الشخصيات الدولية يعملون بشكل دقيق جدا لايصال رسالة شخصية تعرف العالم بهم. ثم اضاف الاستاذ عمر العبادي ؛انتم تلاحظون الاشخاص كثيري الظهور في وسائل الاعلام وطريقة تصرفهم مثل المشي ،الملابس ،الاهتمام بالمظهر الخارجي،وكل ذلك طبعا سيكون جزءا من الصورة الشخصية التي يودون ايصالها للمتلقي ،ومن شروطها طبعا التكرار والترسيخ الذهني لدى المتلقي.
ثم انتقل الاستاذ العبادي الى ما اسماه الحلقة الاكبر ،وهي بناء هوية المؤسسات ،حيث اشار الى ان ذلك امر يحتاج الى تخطيط ،والمؤسسات في العالم لديها مراكز لبناء وتطوير وتسويق الهوية ، وقد يتسائل الكثيرون ،لماذا تنفق الشركات الكبرى كل هذه الجهود والاموال في صنع الاعلانات والدعاية لمنتجاتها المعروفة اصلا بالجودة ؟والجواب هو ؛انها ترسخ الصورة التي تشكل هويتها عبر التكرار واعادة الاعلان لترسخ صورة هويتها في ذهن المتلقي . فعلى سبيل المثال ،شركة أبل عرفت في السوق العالمي برمزها (التفاحة المقضومة) ،وان هذا الرمز يحيل المتلقي مباشرة الى منتجات أبل ،ومن ذلك نستطيع القول ان الهوية كلما كانت ناجحة في ايصال رسالتها للمتلقي فانها تقود الى نجاح اكبر في تسويق نفسها.
بالتأكيد نحن نعلم ان هوية المؤسسات اوسع من الهوية الشخصية، لذلك تحتاج الى عمل اكبر وتخطيط وترميز فاعل يوصل هوية المؤسسة للمستهلك،هوية يمكن ان تعرف المستهلك بالمنتج وبالشركة او المؤسسة وما تقدمه من سلع او خدمات باقل تعقيد وايسر واسرع الطرق ،ومن ذلك فان الصورة /الرسالة لعبت دورا مهما في بلورة الهوية لانها رسالة واضحة ، سهلة،بسيطة تصل مباشرة الى عقل المتلقي وتؤدي الغرض من ارسالها، ومع تكرار ارسال الرسالة يتم ترسيخ الصورة التي ستمثل رمزا للهوية.
واكمل الاستاذ العبادي تحليله بالقول ؛ان الهوية الشخصية والهوية المؤسساتية تمثلان جزئين مهمين من عملية بناء الهوية الوطنية ،التي تعتمد بدورها على التركيبة المجتمعية وتركيبة مؤسسات الدولة، حيث يحتاج بناء الهوية الوطنية استراتيجيات داخلية وخارجية لبناء تلك الهوية ،كما يجب ان يكون هنالك تنسيق بين الاستراتيجيتين لنجاح بناء الهوية وحل المشاكل التي قد تواجه هذا الامر.
لكن لنعرف الهوية الوطنية في البدء ،وقبل ان ندخل في تفاصيل مكوناتها وبنائها وانجاحها ، فالهوية الوطنية هي الصورة العامة عن المجتمع والوطن التي يتداولها افراد المجتمع داخل بلادهم ، كما ان هنالك تعريف اخر هو ،الهوية الوطنية هي الانتماء للامة والانتماء للوطن ،وهي الطريقة التي يجب ان ننقلها للمجتمع ،لاننا يجب ان نعمل على ذلك ومن ثم ننقلها الى الخارج لنسوقها للاخر.
ان عملية تسويق الهوية الوطنية امر مهم جدا في علوم السياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية اليوم،وهي من الاجراءات الاستراتيجية التي تعمل عليها الدول ،مثال ذلك ؛ سويسرا معروفة عبر صورة هويتها المصدرة للاخر بانها مركز عالمي مهم في القطاع المصرفي الامن ،كما انها مركز مهم لصناعة اهم انواع الساعات في العالم … الخ،وهذا الامر لايأتي بصورة اعتباطية او بالمصادفة ،انما هو ناتج عمليات مؤسساتية لتسويق هذه الصورة للخارج ،وبالتأكد صناعة الهوية يبدأ من الداخل ويتم العمل عليه وبلورته ليصبح جاهزا للتقديم للاخر في الخارج.
نتائج بناء الهوية الوطنية
ثم تسائل الاستاذ عمر العبادي؛لماذا نعتقد ان تطوير الهوية الوطنية وتسويقها له اهمية كبيرة؟ واجاب ،ان تقديم صورة هوية وطنية ناجحة ،سيقدم صورة مجتمعية متقدمة ونظام اداري – سياسي وتعليمي متقدم ،وكل ذلك سيؤدي الى النتائج التالية:
- تطوير مشاريع الاستثمار،وهذا يقوم بشكل رئيس على تسويق صورة هوية وطنية مطمئنة وناجحة للاخر لجذبه للاستثمار في البلد.مثال ذلك،في العراق توجد هيئة للاستثمار ،والصورة الذهنية لدى المستثمر تختلف عن الواقع ،هنالك مشاريع ،هنالك قوانين ،لكن الصورة الذهنية لدى المستثمر لاتتطابق مع الواقع ،لان ما تقدمه هيئة الاستثمار للمستثمرين هو صورة زائفة سرعان ما ستصدمهم الصورة الحقيقية عندما يأتون للعمل في العراق فيصطدمون بالروتين والفساد وفقدان الامن مما يؤدي الى هروب الاستثمار.
- جذب الخبرات الدولية ،مثال ذلك دولة الامارات اصبحت معتمدة بشكل اساس على الخبرات الاجنبية وحققت نجاحات بل طفرات في مجال التنمية ،لان الصورة المشرقة للامارات باتت تقدمها على انها مكان جاذب للخبرات واحتضانها والاستفادة من اعمالها في تطوير البلد.
- تطوير التعليم العالي ،وهذه المسألة تقوم بشكل اساس على استقبال الطلبة للدراسة في البلد مقابل ارسال البعثات الدراسية للخارج فيما بات يعرف عالميا بالتبادل الثقافي في مجال التعليم، مثال ذلك بريطانيا وبالرغم من انها من الدول المتقدمة الا انها تسعى باستمرار الى تبادل اخر ماتوصلت لها جامعاتها مع الجامعات ومراكز الابحاث العالمية لتطوير كوادرها وتقديم الافضل لمجتمعها.
- استقبال الايدي العاملة المتخصصة، وهذه من مهمات الدولة واولوياتها ، عبر تسويق صورة عن الهوية الوطنية تكون جاذبة للعمالة عبر استقرار وموازنة سوق العمل وتحديد الخبرات التي نحتاجها للوصول للافضل ،وهذه المسألة مرتبطة بشكل وثيق بالاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي في البلد.
المشاكل والتحديات التي تواجه بناء الهوية الوطنية
ثم انتقل الاستاذ عمر العبادي الى المشاكل والتحديات التي تواجهها عملية بناء الهوية الوطنية قائلا؛ ان عملية بناء الهوية الوطنية اجراء معقد جدا ،ويحوي الكثير من المشاكل والعقبات التي تواجهه،وربما يمكننا ايجاز اهم المشاكل التي تواجه بناء الهوية الوطنية كما يلي:
- في الدول التي فيها اكثر من قطاع او حيز ،وكل قطاع يسعى الى الاستقلال عبر تقديم هويته الخاصة ،هذا الامر قد يؤدي الى التصادم بين الهويات الجزئية ويعرقل بناء الهوية الوطنية الجامعة ،وهذا ما يمكن ان نلاحظه من خلال مراقبة اداء مجالس المحافظات في العراق وعملية تقديم هوياتها المحلية والمناطقية او الدينية او المذهبية او العرقية ، وكذلك تقديم الهوية الصغرى على الهوية الكبرى الوطنية الجامعة وما سببه ويسببه ذلك من صراعات في المستقبل.
- بناء هوية وطنية مستقلة قد يعرض البلد الى صراعات اقليمية نتيجة صراع المصالح في الاقليم وانعكاس ذلك على بناء الهوية الوطنية.
- المغالات او الشطط في بناء نموذج وطني قائم على اتحاد فيدرالي او كونفيدرالي دون تحديد واضح للسياسات والاطر الادارية قد يصيب الهوية الوطنية بالتشظي او قد يدمرها كليا لصالح الكيانات المكونة للاتحاد،وذلك متأت من تمسك الاقليم المفرط بهويته المحلية وتقديمها على الهوية الوطنية.
- بناء الهوية الوطنية المستقلة يدفع باتجاه تقديم صورة واضحة وحقيقية عن طبيعة الاستقلالية التي نعنيها ونود من الاخرين التعامل معنا على اساسها، وهذا الامر يحتاج الى خبرات وطنية تفهم السياسات الدولية بشكل جيد ،والا فسوف يقودنا قصور الفهم الى تصور الاستقلالية بمعنى العزلة والتقوقع ومقاطعة الاخر ،وبذلك نكون قد قدمنا صورة هوية وطنية قوية لكنها معزولة ومكروهة ومنبوذة من الاخر وبالتالي ستكون هوية وطنية فاشلة مثال ذلك كوريا الشمالية بالمقارنة بكوريا الجنوبية والفرق واضح بين تسويق صورة الهويتين الوطنيتين.
- بناء الهوية الوطنية عمل يحتاج الى ادارة مالية ناجحة ، فمن يقدم الاموال المطلوبة لهذه العملية ؟ هل هي الدولة المركزية ام الحكومات المحلية؟ عادة ماتتخلى الحكومات المحلية او تنسحب من هذه المسألة لعدم عائديتها او جدواها المباشرة بالنسبة لها ،لذلك يجب على الحكومة المركزية ان تدير الامر وتخصص له مايحتاجه ماليا لانها مهمتها الاساسية.
آليات بناء الهوية الوطنية
ثم انتقل الاستاذ عمر العبادي الى ما يعرف بآليات بناء الهوية معرفا بالقول؛ان بناء الهوية الوطنية الذي هو بالتأكيد عمل مؤسساتي لكنه في نفس الوقت يحتاج الى او يقوم على نشاط الافراد بشكل كبير ،حيث يجب ان تتوفر صورة ذهنية ،انسانية،ثقافية،حضارية،تاريخية واقتصادية لهذه الهوية .وان الهوية الوطنية لاتأتي من العدم ولا تنوجد من الصفر وانما يجب ان تكون لها امتدادات حضارية وثقافية يقوم عليها بناء وتطوير الهوية الوطنية.
كما ان الهوية تعتمد على القيم المجتمعية الجامعة في الوطن ،ويجب العمل على منهجة هذه القيم بالاتجاه الصحيح لخلق الجو المناسب لبناء الهوية الوطنية،حيث ان ارتباط القيم الاجتماعية بالقيم الاقتصادية يجب ان يقوم على قوانين وممارسات اجتماعية واضحة المعالم ، خاضعة للمعايير الدولية والمبادلات التجارية الدولية خصوصا مع المؤسسات الدولية ، وكما اشرنا سابقا ان الدولة يجب ان تكون جاذبة للاستثمارات والخبرات وهذه الامر لايمكن ان يتم بدون تاريخ واضح من الممارسات الاقتصادية المعلنة كجزء من الهوية الوطنية.
كما يجب ان نشير الى الجانب القانوني من اليات بناء الهوية الوطنية ،وهو جزء يقوم على وضوح واستقرار وعدالة المنظومة القانونية في البلد الذي يسعى لبناء هوية وطنية ناجحة،والجزء الاخر المهم من بناء الهوية يقوم على الاهتمام والتطوير في قطاع التعليم وبشكل خاص التعليم العالي ، حيث ان هذا القطاع يشارك في عدة زوايا مهمة في بناء الهوية الوطنية كتطوير الاقتصاد ورفع الناتج المحلي والتطوير الثقافي والتبادل الثقافي مع دول العالم وما يقدمه كل ذلك كسفير للهوية الوطنية، وكل تلك الامور من الاسس التي يقوم عليها بناء هوية وطنية ناجحة.
كما تجدر الاشارة الى ضرورة اهمية تأكيد الدولة على مبادراتها ضمن سياق نشاط الدولة مثل المبادرات الانسانية ضمن الشراكة الدولية وعبر المؤسسات الدولية مثل منظمة غوث اللاجئين واليونسيف واليونسكو وغيرها ،حيث ان هذه الامور تسوق هوية وطنية ناجحة بامتياز،وان العمل على الهوية الوطنية وكما اشرنا في بداية الحديث يقوم على العمل الداخلي بالتوازي مع تسويق هذه الهوية على المستوى الخارجي ،ويجب ان يكون هنالك توازي بين التحركين ولايتم تغليب جانب على اخر في العمل.
ومن الامثلة الواضحة على تطوير وتسويق الهويات الوطنية الناجحة ما نشهده في الدول الآسيوية ،حيث عملت هذه المجتمعات على تطوير نفسها وتسويق هوية وطنية مستقرة ومنفتحة وقابلة للتطور فحققت النجاح بالتعاون مع الاخر المتقدم عليها وبمعونته مع الاحتفاظ بسمات الهويات الوطنية ودون التفريط بها او مسخها.
آليات تسويق الهوية الوطنية
هنالك مجموعة من النقاط التي تؤطر عمل تسويق الهوية الوطنية الى الأخر يمكن ان نوجزها بما يأتي :
- يجب ان تكون الاهداف واضحة ومحددة وبسيطة ومباشرة ومستمرة.
- ارتباط الدولة بالمنتج اصبح كبير جدا ويلخص او يوجز بناء الهويات الوطنية.
- ارتباط الهوية بالصورة الذهنية اصبح اكثر تماسكا ،ومن المهم ان تعتمد عليه عملية التسويق.
- الصورة الذهنية يجب ان تكون قوية ،فكلما كانت الهوية الوطنية قوية ومباشرة كان الامر اكثر نجاحا في التسويق المعتمد على الاقتصاد والثقافة والتاريخ والحضارة.
- الطرق التي نوصل بها الصورة هي عادة طرق صعبة تعتمد العمل المؤسساتي في مختلف القطاعات ،بالاضافة الى العمل الدبلوماسي غير التقليدي والناشط في عدة مناحي.
قياس الهوية الوطنية
وقد اختتم الاستاذ عمر العبادي محاضرته بتبيان آليات قياس الهوية الوطنية وتبيان مدى نجاحها عبر الاجابة على سؤال ؛كيف نقيس او ماهي اجراءات قياس الهوية الوطنية؟
وحدد الاجابة بانها تتمثل في جانبين:
1. الاجراءات الداخلية
2. الاجراءات الخارجية
وبين الاستاذ العبادي بالقول ؛ لقد اصبح هنالك اليوم ما يعرف بالمعيار الخاص للهوية الوطنية او معيار (سايمون & هولد) وهو معيار يعتمد عينة عشوائية مكونة من 25 الف شخص من كل دولة وتتم دراسة السياسات الداخلية والخارجية ،كما يدرس عدة جوانب اخرى يمكن عبر تحسسها معرفة مدى قوة ونجاح الهويات الوطنية ، مثال ذلك جانب يقيس نشاط السياحة ،هل البلد جاذب للاستثمار الخارجي ،تطوير الصادرات ،جذب الخبرات ، وجوانب اخرى حضارية وتاريخية والاستثمار في قطاع الهجرة من والى هذه الدولة ، فكل هذه المؤشرات تبين مدى نجاح الاجراءات الخارجية لنجاح الهوية الوطنية ،اما على صعيد الاجراءات الداخلية فيمكن الاشارة الى ان هنالك قياس رغبة المواطنين في العالم في زيارة هذه الدولة ،والانطباع الذي تخلفه بنى التنمية والخدمات والقيم الاجتماعية والقوانين الاقتصادية فيها .
واختتم الاستاذ عمر العبادي محاضرته بالقول يجب ان نشير في النهاية الى اصطلاحيين قريبين من بعض وقد يحدث لبس بينهما وهما (المواطنة) و(الهوية الوطنية) .. فالمواطنة هي الانتماء والاخلاص في العمل على بناء وتطوير هويتك الوطنية ،بينما الهوية الوطنية هي كل ما تضمنته هذه المحاضرة ،وبالتالي فان المواطنة هي احد الطرق او الوسائل التي يشعر بها ويتحسسها الافراد ويسعون عبرها الى بناء هويات وطنية ناجحة.