أستضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 29 آب / اغسطس 2018 الدكتور تحسين الشيخلي في محاضرة ثقافية تحدث فيها عن موضوع الهشيم الرقمي والجريمة الالكترونية وحدود الحرية في العالم الافتراضي. د.تحسين الشيخلي من مواليد بغداد،اكمل دراسته في الجامعة التكنولوجية- بغداد،حصل على دكتوراه دولة في المعلوماتية من جامعة غرب بريتاني- فرنسا عام 1985،حصل على درجة الاستاذية عام 2001،متخصص في مجال هندسة البرامجيات،ومؤسس لأغلب اقسام هندسة البرامجيات في الجامعات العراقية. مدير مركز بحوث داراسات المستقبل في لندن،اشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة ،ألف مجموعة من الكتب باللغة العربية والأنكليزية ،نشر(37) بحثا في مجالات علمية محكمة،وحاز على التقدير الاكاديمي لبعض بحوثه من مؤسسات علمية عالمية مثل IEEE وACM . الهشيم الرقمي (الهشيم الرقمي) او كما تعرف بحرائق الغابات الرقمية ، مصطلح أطلق على أي محتوى تحريضي يتم نشره على أحدى وسائل التواصل الاجتماعي ، والذي يأخذ شكل أشاعة ، معلومات مضللة او غير صحيحة ، كلام كراهية ، أو حملة خبيثة مقصودة ضد شخص او مجموعة .. والتي عندما ينتشر بسرعة يمكن أن يلحق الضرر بسمعة أفراد أو جماعات وحتى مجتمعات بأكملها .وقد أدى انتشار حرائق الغابات الرقمية في الحياة الحديثة تساؤلات حول الكيفية التي يمكن إدارتها و تحديد ومنع ضررها .. في الواقع المجال الإلكتروني لا يختلف عن الإطارات التقليدية للسياسة. ففي السنوات الأخيرة، قفزت القضايا المتعلقة بالفضاء السيبراني واستخداماتها إلى أعلى مجال في السياسة، في السابق، كان الفضاء الإلكتروني يعتبر إلى حد كبير مسألة سياسية ذات مستوى منخفض، اليوم أصبح الأمن السيبراني نقطة محورية للمصالح المحلية والدولية المتضاربة لإسقاط قوة الدولة. من المهم فهم الفضاء السيبراني كمجال سياسي، هذا غالباً ما يتم نسيانه أو إهماله، عند النظر إلى الفضاء الإلكتروني من منظور الدولة، فإن الأسئلة السيبرانية الموضعية اليوم هي سياسية للغاية، مثل المجالات الأخرى، يجب التعامل مع المجال السيبراني في المقام الأول على أنه سياسي. مع ظهور الفضاء السيبراني واعتمادنا المتزايد عليه، تشكلت ساحة جديدة لتسيير السياسة، علاوة على ذلك، قد نشهد شكلا جديدا من أشكال السياسة والتي تشير إلى الاختراق المستمر لجميع المجالات السياسية من خلال وسائل مختلفة من المجال السيبراني، لذلك، فإن مفهوم السياسية السيبرانية مفيد. على سبيل المثال، في سياق الحرب تكون أداة الإنترنت مثل القوة البحرية والقوة الجوية وسيلة لتحقيق هدف سياسي أو زيادة القوة، بالتالي فإن الاستخدام الاستراتيجي للفضاء السيبراني لمتابعة الأهداف السياسية والحصول على ميزة جيواستراتيجية قد زادت. مع ظهور الفضاء السيبراني واعتمادنا المتزايد عليه، تشكلت ساحة جديدة لتسيير السياسة، علاوة على ذلك، قد نشهد شكلا جديدا من أشكال السياسة والتي تشير إلى الاختراق المستمر لجميع المجالات السياسية من خلال وسائل مختلفة من المجال السيبراني، لذلك، فإن مفهوم السياسية السيبرانية مفيد. توظف السياسة عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم بشكل كبير من قبل أكاديميين مهتمين بتحليل استخدام الفضاء الإلكتروني للنشاط السياسي بالإضافة إلى اتساع نطاقه، على الرغم من أن السياسة السيبرانية موجودة على المستويين الوطني والدولي، فقد خلقت كل من السياسة السيبرانية والمجال السيبراني ظروفًا جديدة ليس لها سوابق واضحة، حتى لو كانت القضايا السيبرانية هي جوهر السياسات الخارجية والأمنية للدول القومية. في السنوات القادمة، سيكون لدينا حالات فعلية تكشف المحتوى الحقيقي للسياسة الإلكترونية، عند هذه النقطة، قد نعود إلى استخدام مفهوم السياسة ( الذي يعتبر شؤون الفضاء الإلكتروني جزءا لا يتجزأ منه ) دون الحاجة إلى التأكيد على مفهوم السياسة السيبرانية. يحتاج صانعو السياسات إلى النظر في الاستراتيجيات الحالية للأمن القومي والأمن السيبراني، والتي تصف المبادئ العامة للسياسة العامة للدولة فيما يتعلق بالرغبة السياسية في العمل والاستفادة من السلطة إذا كانت الدولة عضواً في تحالفات ومنظمات دولية، كما يجب أن تؤخذ مبادئها السياسية بعين الاعتبار عند صياغة الاستجابة التناسبية، خلاف ذلك يمكن اتهام الدولة بعدم اتباع السياسات المتفق عليها والمتقاسمة . شكرا لكم . عودة الى حدود الحرية الافتراضية من الممارسات التي تعتبر شرارة تشعل حريق على صفحات التواصل الاجتماعي ، هي استخدام العبارات الاستفزازية .ومن هذه العبارات ، كلمة ( مقصودة ) !!!وهو مصطلح بات يتكرر بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويذيل بنص يحمل في سطوره الكثير من الرسائل الموجهة إلى أحد الأشخاص، وبعد نشره تبدأ الردود والتعليقات على ما كتب، وهي طريقة انتشرت مؤخرا بين أوساط الشباب في ظل الإنخراط الكبير في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، وبخاصة الفيسبوك. وعادةً ما يسبق كلمة (مقصودة)، تلميح مسيء أو رد على إساءة أو رسالة تهديد، وغيرها من المضامين التي يريد المرسل إيصالها إلى الآخرين، أو لشخص معني بحد ذاته. نقرأ منشورات فيها عبارات (استفزازية، أو دفاعية)، ويكون القصد منها إيصال رسالة لأحد الأشخاص، ولكن لا يجرأ كاتبها على الإفصاح عنها او عن الشخص المعني بشكل مباشر، لذلك يتبعها بكلمة (مقصودة). وعادةً ما تبدأ بتحليل العبارة لمعرفة المقصود، وبخاصةً في حال كان كاتب العبارة من أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربون. أصبحت (مقصودة) هي الأسلوب الاقرب والأسهل لإيصال (العتب) بدون مواجهه. وهناك من يفضل كتابتها بدل المواجهة ،علها تصل كرسالة بدون تجريح وحتى لا يتطور الأمر إلى أكثر من ذلك. والفيسبوك رغم انه مجتمع افتراضي، لكنه ذو تأثير كبير على المجتمع والرأي العام والعلاقات ما بين الأفراد، ولا يمكن إهمال ذلك أو التقليل من أهميته، كونه أتاح بناء علاقات اجتماعية وصداقات بين أشخاص قد لا يتواجدون في نفس البلد، بالإضافة إلى إنشاء شبكة علاقات ممتدة، وأتاح كذلك للمشتركين فيه فرصة الحديث والبوح والفضفضة بما يجول في خواطرهم بكل شفافية، وبخاصة أن الكثيرين يتحدثون من خلف أسماء وهمية. ولسهولة استخدامه، والانفتاح على المجتمع الافتراضي الذي فرض نفسه على واقعنا، فأن الفيسبوك سهل على الأفراد وأتاح لهم فرصة لتفريغ كل ما يدور في بالهم من أحاديث أو كلام يرغبون بإيصاله لآخرين بطريقة غير مباشرة، هذا الأسلوب أصبح (مقززا) ، لما فيه من أسلوب تجريح أحياناً وذكر مصطلحات لا يجوز الحديث بها، عدا عن أنه يفتح باب التأويل لكل من يقرأ هذه العبارات ويحلل لمن هي موجهة. هنالك الكثيرون لا يحبذون قراءة كلمة (مقصودة ) الموجهه لأي شخص، لكونها محرجة وتجعل الكثيرين يحللون الكلام بطريقة خاطئة، وهذا يزيد من الفجوة بين الأصدقاء، لعدم مواجهتهم بعضهم والعتاب فيها بينهم. هناك تجاوزات في توظيف هذه التقنية، من خلال الكتابة والنشر، وتبادل المنشورات، وهو مجتمع متكامل فيه أشخاص من مختلف الثقافات والبيئات، وقد يجد الكثيرين أنفسهم غير قادرين على الحديث بسبب الخوف من المواجهة أو التعبير بطريقة أفضل من خلال الكتابة على الفيسبوك، مما يكون أساليب جديدة وثقافات مختلفة وعلاقات معقدة، نجدها في اتخاذ البعض أسلوب التلميح والوصف في إيصال ما يرغب بتوجيهه للآخرين، وبخاصة في حال حدوث اختلاف في وجهات النظر أو مشاكل شخصية تأخذ طابع الرد والمواجهة. حافات الحرية الافتراضية ، عندما تكون الجماهير لا عقل لها… لا يختلف اثنان بأن شبكات التواصل الاجتماعي فتحت فضاء ومجالاً جديداً لنا ، غيرت وبدلت معادلات وأنماط كثيرة تعودنا عليها، وهي بمثابة مجتمع افتراضي وواقعي في ذات الوقت.اتت تلك المنصات كأداة تحول كامل للعالم، ومصدرا لتبادل معلوماتي حقيقي، ذات تأثير قوي، ووفرت سلطة لمستخدمها ووسيلة مؤثرة على عقول الناس وتغيير المجتمعات وصناع القرار وتحويل السياسات ونشر الوعي، وتلك أعظم إيجابياتها، فهي قادرة على خلق التغيير في العالم وتحقيقه. فالثورة التي أحدثتها التكنولوجيا أحدثت أيضاً ثورات أخرى في التواصل البشري، وطرح عالم الأفكار والمشاريع الفكرية والمادية، هذا المنتج الجديد يقود إلى أخلاقيات وظواهر تستجد بسببه، لا قواعد له، هو إنتاج اللحظة وثورة على الواقع .و بقدر ما اتاحت منصات التواصل الاجتماعي مساحة مقبولة من حرية التعبير الا ان تداخل حافات هذه المساحات بعضها ببعض مما يسمح ان يدخل البعض على مساحات الاخرين و يتجاوز ليعطي نفسه الحق في تآكل مساحة الاخر، و الذي يضطر الى تقليص مساحة حريته و ربما الانسحاب تلافيا لنتائج لا تحتمل عواقبها ، هذا ينبأ بأن حرية التعبير عبر الإنترنت تنزلق فى هدوء من بين أيدينا.!!! فبالنسبة إلى الشعوب التى تعانى القهر، والتى حرمت من حقها فى التعبير عن نفسها وعن حقها فى اختيار مستقبلها، فإن هذه المنصات تمكنها من أن تتجاوز حتى آمالها. حيث وفرت وسيلة مهمة للغاية للتعبير عن الرأي.لكن ماذا عن وقع هذا الرأي على الأخر و كيف يتعامل معه ، هل يأخذه من باب الاراء تعرض و لا تفرض أم من باب حق الرفض و الانتقاد . اين هي حافات الحرية في التعبير عن الرأي ؟ وماذا عن الاراء التي تحمل بين طياتها خطاب كراهية او عنصرية او أهانة للأخر ؟ أي مجتمع له سمات ثقافية تتكون بظروف التنشئة الاجتماعية والسياسية التي تؤطر هذا المجتمع وتحاول أن تشذب شكله الخارجي لسياسات وأفكار معينة، منها ما هو صالح للإنسان ومنها ما هو فاسد وفاشل وغير طبيعي أن يكون، حيث على سبيل المثال بعض الشعوب يراد لها أن تكون جلها على قلب وعقل واحد وتتبع رأياً واحداً، وهذا ينافي العقل والمنطق، فالشعوب وإن كانت تتحدث اللغة الواحدة فهي تختلف في لهجاتها، وكذلك الأفكار التي تؤمن بها يختلف شكل هذا الإيمان من عدمه، لهذه الشعوب أو الشعب من الطبيعي أن يختلف في أفكاره وقناعاته وسلوكه و مساحة حرية التعبير المتاحة له . أي تقنية جديدة تفرض نوعاً جديداً من السلوك الثقافي والأخلاقي، في شبكات التواصل الاجتماعي هناك مظاهر وأفكار منها ما هو صالح للنفس والعقل، ومنها ما هو الفساد بعينه، من الإشكاليات التي تتكرس في شبكات التواصل هو ثقافة الاحتراب والفجور في الخصومة، وأيضاً ثقافة التعامل الدوني مع الخصوم، حيث اختلاف الأفكار يقود بعض الأفراد إلى مستوى من التعصب الذي يصل إلى استدعاء الطرف الأمني أو الجماهيري للقمع، هناك أحداث وقصص تحدث كل يوم، ترى فيها المجتمع كالطوفان يأكل بعضه بعضاً، دون قضية، وتجد في ذات الوقت أن بعض الأفراد من خلال ( حساباتهم ) يتخصص في التربص على الآخرين، أي أن هناك مسألة أخلاقية هي إسقاط الأفراد وأفكارهم بطريقة لا أخلاقية. كل مجتمع بواقعه زاخر بالإشكاليات السياسية والدينية والتنمية التي لا يمل من طرحها، لكن يتحول هذا في شبكات التواصل إلى حالة من الخوف والريبة والاحتراس والترصد ولدى البعض التربص في ممارسة التنمر الإلكتروني وربما تجاوز حدود الادب و الأساءة الشخصية ، ربما صدق من قال: إن الجماهير لا عقل لها، وهذا يلاحظ عند قراءة ما يحدث في الهاشتاجات النشطة، في بعض الأحيان يقود هذا التفاعل الجماهيري القضية أو الموضوع إلى مسارات غاية في التعامل اللاأخلاقي، هناك تفاعلات محمودة وإيجابية في نصرة المظلوم وإعانة ذي الحاجة في المجتمع، والكثير من أفعال الخير التي لا تنتهي، وهي ما تجعل من شبكات التواصل في بعض الأحيان شيئاً من التوازن الذي يخفف من حدة السخافات والخصومات التي تحدث في الفضاء الإلكتروني. من الغرابة أن الخصوصية الذاتية والأسرية أصبحت تفاصيل مجدولة لدى البعض، من الطعام والشراب وحتى أدق اللحظات التي لا معنى لها، يتهافت الجمهور على المتابعة رؤية ماذا يأكل وكيف يأكل، ومن قابل وماذا قال، وتفاصيل لا تنتهي وهي في أغلب الأحيان غير مفيدة في شيء، ربما أن الحالة تحولت إلى ظاهرة يتهافت عليها البعض لكي يكون نجماً اجتماعياً حتى لو تحدث بالتفصيل الدقيق عن جل تفاصيل يومه، ربما يقول البعض: لا شيء لدي أخفيه عن الناس! ربما أن الأصل يكون هو لماذا تعلنه لكي تبرر أنه لا شيء يستحق أن يخفى؟ هناك ثمة إشكالية أخلاقية ربما لا استطيع إيجازها، لكن هي بمثابة ظاهرة تستحق أن تدرس بكافة تفاصيلها، أي أنه يمكن دراسة كيف تؤثر أخلاقيات هذه الشبكات ونؤثر فيها؟ كيف هو التفاعل الأخلاقي مع القضايا الاجتماعية والسياسية وغيرها؟ وكيف وماذا طبيعة الإشكاليات الأخلاقية؟ ربما أن الفضاء الإلكتروني واسع وكبير ومن الصعب رصده، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله. .