د. علي رسول الربيعي
إن العلاقة بين النظرية السياسية المعيارية متمثلة في النظريات الكبرى والأيديولوجيات الحديثة علاقة معقدة. يحاول كلاهما تحقيق الإقناع – بالمعنى الدقيق للكلمة – فإذا كنا نعتقد أننا متساوون عموما، فإننا نحاول جميعًا أقناع بعضنا البعض كلا بوجهة نظره، وتحويل بعضنا البعض إلى وجهة نظره. ولكن هناك اختلافات هامة بين النظرية والأيديولوجية. تحاول النظرية السياسية إعطاء سبب ضروري أو كافي أو حتى محاولة تقديم سبب نهائي ممكن لضرورة تبني وجهة نظر معينة، وكذلك تسويغ لماذا يجب القيام بعمل ما بناءً على مجموعة من المبادئ بدلاً من مجموعة أخرى، بينما تفتقر الإيديولوجية إلى التزام بتوضيح جميع الأسباب. وغالبا ما يتم اختزال المبادئ إلى صيغ صورية أو وصفات بخطاطة عامة. ينطبق هذا التوصيف والتحليل ليس فقط على الأيديولوجيات مثل للقومية والفاشية ولكن أيضًا على الماركسية والليبرالية عندما تشتغل كأيديولوجيات.
توضح حالة الأيديولوجيات الليبرالية والماركسية أنه لا يلزم فصل الإيديولوجية تمامًا عن العقل. قد يكون لها اتصال بالعقل ولكنه أتصال استراتيجي. إن من طبيعة هذا الاتصال الاستراتيجي يتم قطعه إذا لم يعد يخدم نهاية محددة أو هدف بعينه. إن أخص سمات النظرية السياسية هي، لها التزام جوهري بالعقل، والحقيقة، والموضوعية التي لا تقوم الأيديولوجية بها. عندما تشتغل الليبرالية والماركسية كأيديولوجيات، فلديهما مجرد علاقة استراتيجية بالعقل. ولكن ليس هذا هو الحال عندما تعمل كنظريات سياسية. من الممكن إذن أن تتعارض النظرية السياسية الماركسية أو الليبرالية مع الأيديولوجية الماركسية أو الليبرالية.