المثقفون المنسيّون في العراق
ضيفت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم لاربعاء 22/3/2017 الكاتب والباحث العراقي الاستاذ وديع العبيدي في امسية ثقافية تحدث فيها عن رموز عراقية من جيل الرواد تركوا بصمتهم في الثقافة والعقل العراقي.
الاستاذ وديع العبيدي ، كاتب غزير الانتاج يكتب باللغتين العربية والالمانية ، كتب في حقول مختلفة كالشعر والرواية والنقد والفكر والانطولوجيا ،صدر له عشرة مجاميع شعرية ،وروايتين ، وسبعة كتب نقدية ،كما عمل في الصحافة والاعلام المسموع ، حيث قدم برنامجا اذاعيا اسبوعيا باللغة العربية في مدينة لنز/ النمسا 1998م ، رأس تحرير مجلة الساري- فصلية ثقافية بالعربية والالمانية 1998- 1999م ، مجلة ضفاف- فصلية ثقافية باللغتين العربية والالمانية 1999- 2005م ، كما كان له مساهمات متنوعة في عدد من الدوريات والانطلوجيات العربية والالمانية والانجليزية.
مدخل
الثقافة دالة الحضارة، والحضارة دالة الانسان.. فلا انسان بلا حضارة، ولا حضارة بلا ثقافة! والنسيان دالة الذاكرة، والذاكرة دالة الوجود.. فلا وجود بلا ذاكرة، ولا ذاكرة بلا وجود..
النسيان هو الغياب.. المحو.. العدم.. التهميش.. الاقصاء.. التبخيس.. التشويه.. التحريف.. التلبيس والتدليس.. التقويل والتاويل.. الالغاء.. التجاهل.. النفي.. نفي الوجود.. تعطيل الزمن.. اعدام الحضور.. الغاء الماضي والمستقبل..
ومن لا ماضي له، لا مستقبل له!.. ومن لا يؤمن بالمستقبل، يخسر جدارة الحضور..
الوجود روح.. ولكي توجد الروح لابد ان تتحول الى مادة ملموسة.. من خلالها يمكن ان تتجسد وتتشخصن، تتفاعل وتنفعل، وتكون سمة محركة لكل وجود حيوي.. فالحديث عن الحضارة هو حديث عن المعرفة وتأكيدها.. وتأكيد المعرفة هو باستذكارها، وتفعيل الاستذكار هو بالانتاج والمزيد من الابداع..
وقد استدل الانسان المعاصر على المعرفة من طريقين: اولهما المصنوعات والمصوغات اليدوية التي ابدعتها يد الانسان عبر الزمن تبعا لحاجاته ورغباته وتصوراته.. وثانيهما هي الكتابة والتدوين.
وكما يعرف الجميع، عرفت الكتابة لأول مرة في سومر، في الالف الرابعة قبل الميلاد، والمعروفة بالخط المسماري [Keilschrift]. وقد اعتبر العلماء اكتشاف الانسان للكتابة، بداية التاريخ. فالتاريخ بمعناه الاصطلاحي الاكاديمي، هو التاريخ المكتوب، تاريخ التدوين.
واستنادا الى زمن بدء التدوين، تم تحديد بداية التاريخ، أو احتساب عمر التاريخ. وتاريخ العالم اليوم عمره ستة الاف عام، نسبة للزمن السومري. نخلص من هذا.. الى أنه.. لا حضارة من غير معرفة.. ولا معرفة من غير تاريخ.. ولا تاريخ من غير تدوين وكتابة وتسجيل.. ولا ذاكرة من غير تدوين..
فالتدوين ضد النسيان، والنسيان ضد الحضارة والوجود!.
الكتابة هي رأسمال الوجود الاساسي، وضمانة تطوره الدائم. والانسان يمضي، وخطه يبقى للابد!.. كما يقال.
لذلك كان انقطاع الكتابة، انقطاعا عن الحضارة، وتراجعا ملحوظا في معيار المدنية والتاريخ. والانقطاع عن الحضارة، يقود الى تراجع الحضور، بمعنى الراهن. فالراهن هو سيرورة الماضي، وديمومة المستقبل.
وفي ضوء تراجع عادة التدوين التي راجت في عهود سومر وبابل واشور، يمكن فهم غيابنا عن الحضور والحضارة منذ نهاية عهدها، وانتقالنا الى التبعية والهامش الحضاري، حتى ظهور الدول المدنية الحديثة ودخول الطباعة في بلادنا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وما تبعها من ظهور الصحافة وصناعة الكتاب.
فالنسيان، بالمعنى العلمي هو الفعل المضاد للتدوين. وفي امثالنا يقال: ان كل ما لا يتم تدوينه تاخذه الريح. ولولا تدوين الاثار التاريخية ومخطوطات المعارف والملاحم والنصوص الدينية، لما امكن العالم بلوغ وتحقيق التقدم المدني والحضاري المعاصر.
فالطريق الوحيد لاستمرارنا الحضاري وتقدمنا هو اعتماد الكتابة والتدوين، وترسيخ عاداتها في حياتنا اليومية، في كل المجالات وفي ادق التفاصيل، التي تبقى ذخرا ومعينا للباحثين مستقبلا.
لكن الكتابة بحدّ ذاتها، ليست نهاية المطاف، للنفاذ من هوة النسيان، وليست كل شيء. فالمكتبات اليوم ظاهرة عامة، منتشرة في كل مكان، وهي عامرة بالكتب والمطبوعات. والسؤال هو: كم من تلك المكتبات حيوية ومتفاعلة يوميا مع الانسان والعصر.
فالمشهور ان الكتب يغطيها الغبار. وأول ما يفعله المرء عندما يمسك كتابا، هو أن ينفض عنه غبار- النسيان-. المكتبات العامة يزورها الطلبة لحاجات الدراسة فقط، في وقت معين، وغرض معين، وكتب معينة.
ويمكن تلخيص التطور السوسيوثقافي في ثلاثة مراحل متدرجة هي: الشفاهية – التدوين- الاستذكار الدائم. والمعروف –اصطلاحا- ان مجتمعاتنا وثقافاتنا شفاهية بالدرجة الاولى. ويترتب على الشفاهية خصائص اجتماعية ونفسية كالمزاجية والانتقائية والعاطفية. فيما يستحث التدوين دور العقل والتفكير والملاحظة اليومية، كما في الغرب. ان تغيير عادتنا الاجتماعية والقرائية، هو بداية خروجنا من حالة الخمول الحضاري.
من هذا المنظور، يمكن قراءة موضوعة (المثقفين المنسيين في العراق) ، استنادا الى زمن ظهور الطباعة الحديثة والنشر في عام 1869م على يد مدحت باشا. وقد ارتبط توزيع المطابع والصحافة بمراكز الولايات العراقية الثلاثة قبل تأسيس الدولة الحديثة. فكان ظهور الطباعة في بغداد عام (1869م)، وفي الموصل عام (1885م) وفي البصرة عام (1895م).
وطيلة الحقبة الاولى، كانت الطباعة والصحافة تابعة للحكومة، تحتل النشريات والاخبار الحكومية مركز الصدارة فيها. وهذا يعني تصدر الجهاز الحكومي لها وضعف الاسهام الثقافي خلال تلك المرحلة.
ونظرا لطول المدة، لزم تحقيبها وتقسيمها الى مراحل زمنية، بحسب المتغيرات البلدانية الرئيسة..
الحقبة الاولى: [1869- 1908م] من ظهور المطبعة والصحافة في العراق، حتى الانقلاب العثماني.
الحقبة الثانية: [1908م- 1920م] من الانقلاب العثماني حتى انشاء الدولة الحديثة في العراق.
الحقبة الثالثة: [1920- 1941م] من تأسيس الدولة العراقية حتى حركة رشيد عالي الكيلاني.
الحقبة الرابعة: [1942- 1952م] مرحلة حكم الوضي عبد الاله ونوري السعيد.
الحقبة الخامسة: [1953- 1958م] مرحلة تتويج فيصل الثاني حتى قيام الجمهورية.
الحقبة السادسة: [1958- 1964م] حقبة الجمهورية الاولى او عهد عبد الكريم قاسم.
الحقبة السابعة: [1964- 1968] حقبة حكم الاخوين عبد السلام وعبد الرحمن عارف.
الحقبة الثامنة: [1968- 1978م] حقبة الجمهورية الثالثة، عهد احمد حسن البكر.
الحقبة التاسعة: [1979- 1991م] الحقبة الاولى من حكم صدام حسين: مرحلة الحروب.
الحقبة العاشرة: [1991- 2003] الحقبة الثانية من حكم صدام حسين: مرحلة الحصار، حتى سقوط النظام.
والحقبة المعنية هنا، هي الاولى والثانية، بوصفها مرحلة التأسيس السياسي والثقافي، وظهور الرواد الاوائل في الثقافة والعقل العراقي.في هذه المرحلة.. الى جانب استئثار الاغراض الحكومية وموظفيها بسوق النشر، وغلبة الانتاج الصحفي على مجالات التأليف، يمكن ان نضيف ظهور وانتشار المدارس الحكومية والاهلية والاجنبية حتى تأسيس النظام التعليم الانجليزي مع سلطات الاحتلال البريطاني وانشاء الدولة العراقية. وقد بلغ مجموع ما انتجه العراق من كتب مطبوعة في الفترة [1869- 1911م] (أثنين وعشرين) كتابا فقط، بغض النظر عن مضامينها.
ولم تظهر الصحافة والطباعة الاهلية في العراق، الا بعد عام (1908م)، حيث بوادر نقلة نوعية في الوعي والانتاج وتقنيات التاليف وصناعة الكتاب. وكانت حصيلة أول خمس سنوات من الحقبة الثانية [1909- 1914م] صدور (59) صحيفة في العراق، موزعة بحسب الولايات الرئيسة: بغداد/ 44، البصرة/ 12، الموصل/ 3.
وكان عدد المجلات ستة عشرة، بحسب توزيعها: بغداد/ 14، النجف/ 1، كركوك: 1.
أما تصنيف المجلات، فهي: أدبية: عشرة، تاريخية: 2، علمية/ 2.
ظهور الصحافة والطباعة، مؤشر ظهور الاجيال الاولى للثقافة الحديثة التي تمثل الطاقم المهني لماكنة الصحافة، وتشكل كتاباتهم من افكار وتعليقات وتغطيات صحفية، المادة الصحفية الرئيسة. وللوقوف على الاقلام والافكار والظواهر المييزة، لا بد من وجود مسح صحفي شامل للاسماء والمواد من بدايات الصحافة العراقية. وهو الامر الذي ما زال مفتقدا في العراق، رغم مرور حوالي قرن ونصف على ظهور الصحافة المطبوعة في العراق.
ان عدم وجود مسح صحفي وثقافي في العراق، يعني – بكلمة واحدة- ان قوافل من الكتاب والمثقفين العراقيين، هم في ذمة النسيان. صحيح ان ثمة اسماء معدودة نالت الشهرة والصيت المحدود، لأسباب معينة، لا تتعلق بالثقافة والجهد الثقافي بالتاكيد، لكن ذلك ليس كافيا.
والكتابات التي تناولت جوانب وظواهر من تلك الفترة – الاساسية، ليست محايدة او اكادمية تماما، ناهيك عن انعدام الكشاف الوطني الشامل للمؤلفين والكتاب العراقيين منذ البدايات.
وهذا يقود الى ظاهرة سلبية في بنيوية الثقافة، وهي..
اولا: ارتباط الثقافة بالصحافة.
ثانيا: ارتباط الثقافة والصحافة بالحكومة.
ففي الصعيد الاول، لم تنشأ مؤسسات وهيئات هيكلية تكون اطر لنشاطات ثقافية، وهذا يشمل افقا واسعا من الهيئات والانشطة، بضمنها المدارس والجامعات والاتحادات والنقابات والجمعيات الاهلية والشخصية، حتى دور النشر الحيوية والفاعلة ثقافيا واكادميا.
وفي الصعيد الثاني، ضعف النشاط الاهلي المستقل ماليا واداريا وفكريا. وفي العموم كانت تتشكل في العراق هيئات وجمعيات ودور نشر واصدارات، تقليدا بما يحدث في بلدان مجاورة، وبشكل عشوائي شخصي، غير خاضع لنظام/ منظومة ثقافية هيكلية فكرية – تشكل مرجعية واطار عاما- للنشاطات الثقافية، بوصفها معيار (عقل الامة) و(الهوية القومية) و(الذاكرة التاريخية)، فضلا عن سيادة الحزازات والنزعات القبلية والطائفية والاحن الشخصية الفاعلة تحت السطح الخارجي او تحت الجلد كما يقال. وقد لعبت النزعات والكراهات الشخصية داخل المؤسسة الثقافية والصحفية دورا رئيسا في اعدام وتدمير اسماء وامكانات ومساهمات فكرية، هي بالتأكيد افضل من الموجود والمتصدر.
ويمكن الاشارة – للتاريخ والمنفعة- الى ان اول بادرة مشروع ثقافي متكامل في العراق، كان في بدايات سبعينيات القرن الماضي، وهو مشروع (افاق)* للشاعر شفيق الكمالي اول وزير ثقافة في عهد البعث الاول، والذي تضمن هيكلية متكاملة للتخصصات الثقافية بحسب الكتب والمجلات، مصنفة علميا وقطاعيا، تتضمن متنوع الاهتمامات والمستويات. مع الية متخصصة لشبكة الطبع والتسويق والتوزيع ، التي تحولت الى [الدار الوطنية للنشر والتوزيع والاعلان]. ولكن المشروع لم يستكمل، ولم تتوفر له الاجهزة الادارية والمرجعيات الثقافية المناسبة، وانتهى –عمليا- باعدام الكمالي وتشتت المشروع، وانتهائه مجالا للبيروقراطية المريضة والمحسوبيات والمنافسات الوجاهية التي شكلت الاقطاع الثقافي في العراق حتى سقوط النظام.
ذلك الى جانب مساهمة الجامعات العراقية باقسامها المختلفة، في اصدار دوريات اكادمية متخصصة، ومنها الجمعيات المهنية وبعض دواوين الوزارات مثل مجلات المجمع العلمي وكليات الاداب واقسام التاريخ والاعلام وغيرها، وصولا الى اصدارات الوزارات المتخصصة مثل مجلات النفط والمواصلات ووعي العمال ودوريات وزارة الدفاع التي بدأت بمجلة الجندي -التي أصدرها نوري السعيد-، وصولا الى صحف القادسية وحراس الوطن وملحق القلم والبندقية ، من منشورات دائرة التوجيه السياسي لوزارة الدفاع خلال الثمانينيات.
خطورة الملاحظة الاخيرة، ان سياسة الدولة هي التي تتحكم، ليس بالمؤسسة الاعلامية والثقافية، وانما بالعقل واتجاهاته ومنتجاته من جهة؛ ومن جهة اخرى، ان المشهد الثقافي المعروف برموزه وانتاجه، هو المشهد الرسمي المنسجم مع خطاب الحكومة.
اما الكتاب والنتاج الذي لا يخضع للمؤسسة الحكومية ولا ينسجم معها فكريا، فيسجل في رصيد النسيان. وهذا هو المصدر والمسبب الثاني لقوافل المثقفين المنسيين والمنفيين.
وفي احسن الاحوال، يمكن القول ان اكثر من 50% من الانتلجنسيا العراقية تعيش في وادي النسيان منذ قرن ونصف. وهذا يعني ان المجتمع العراقي خسر ثقافيا بنسبة مثقفيه المنسيين.
واذا علمنا ان الاوضاع السياسية متغيرة باستمرار ، وكل عهد ينفي ما سبقه، فان نسبة المنسيين والمهمشين تزداد باضطراد.
في الصيرورة السوسيوتاريخية، كل خطأ، ينتج شبكة من الاخطاء، والتقصير في جانب محدد ومحدود، ينتج سلسلة غير محدودة من اخطاء وتقصيرات.
ان النتيجة المباشرة لمشروع النسيان الفكري، هو التراجع المستمر في النوع ومستوى الاداء الثقافي. ونلحظ جميعا تراجع المستوى الاكاديمي والفارق النوعي في العراق، بين اجيال الرواد في العهد الملكي، واجيال التلاميذ في عهود الجمهورية.
في كافة مجالات الفكر والادب، ما زلنا نتغنى بالادباء الرواد من النصف الاول للقرن الماضي، دون ظهور من يضاهيهم وينافسهم. ويمكن القول ان خريجي كل عقد من السنين، هو ادنى مستوى من مستوى العقد السابق عليه. وهذا يعني من منظور اخر، ان التوسع الافقي يختزل العمق، والعلاقة العكسية تتضاعف بين الكم والتوع، باضطراد الكم.
لقد تضاعفت أعداد الخريجين والكتاب والصحفيين والادباء مع الزمن، وانعدم التمايز والتجديد والابداع. وهو ما يبرر ايضا، اتساع مساحة التخلف والتردي الثقافي النوعي في العراق في العقود الاخيرة.
امتاز العهد الجمهوري بازدياد سلطة الايديولوجيا في الاعلام والتعليم والثقافة، ما انعكس سلبا على الاداء والانتاج، وزاد من نسبة الانزياح خارج العملية الثقافية، سواء نحو الخارج، حيث اتسع عدد المثقفين والادباء والاكادميين في المهاجر، من جهة، او قرار الصمت الادبي والاعتزال الثقافي الذي تتسع مساحته عقدا تلو عقد، وعاما تلو عام.
حتى الان.. كان التركيز على جانب الازاحات الكمية واسبابها البنيوية والسياسية، أي عدد المثقفين المنسيين في العراق.
هذا القياس لا ينفي الجانب النوعي واسبابه الاجتماعية الثقافية العامة. وهذا يتعلق بتعريف النسيان ومفهومه، بتعريف المثقف ومفهومه، على صعد اكادمية، ثقافية، اجتماعية.
ونظرا لقصور ثقافة المصطلح عربيا، فان ما يعرفه المرء عن ظاهرة او شخصية، لا يتعدى الاطار الاعلامي والنظرة السطحية للاشياء.
ان العقلية الشفاهية تقابلها ثقافة سمعية.
اما ثقافة الكتاب، أي العقلية التدوينية، فهي تستحث قراءة نوعية.
والقراءة النوعية هي الحد الادنى، او المستوى الاول في ثقافة العقل. الى جانب القراءة التحليلية والقراءة النقدية. ويقابلها على الجانب الاخر، القراءة الانطباعية والقراءة الانتقائية.
واذا كانت السلطة والتشوهات الهيكلية تتحمل جانبا، من مسؤولية القصور والاهمال الثقافي، للابداع واشخاص المبدعين؛ فان المجتمع وعادات القراءة تتحمل الجانب الثاني في ترسيخ الاهمال، وبشكل يمكن التعبير عنه، بمبدأ التأكد على قراءة المقروء ونسيان المنسيّ.
ما نحن بحاجته، هو التأكيد على المبادرة الذاتية، وعدم الاتكال على شخص او جهة أولا، وتغيير عاداتنا القرائية ثانيا.
ان كم الافكار والابداع ونوعية المثقفين في مراحل التاسيس الاولى، من الاهمية بمكان، ان كثيرا منها ما يزال لم يبحث ويدرس ثقافيا واكادميا. وفي المقدمة منها، لابد من اكمال المسح الصحفي الثقافي الشامل. وقد انجز الاساتذة عبدالاله احمد وعمر الطالب، مسحا ثقافيا يقتصر على القصة والرواية العراقية فقط، صدر في جزءين. وثمة مسح بالاصدارات الصحفية، ولكن مقابله في مجالات الشعر والمقالة والتخصصات الاكادمية لم يتم.
ولا توجد ببلوغرافيا شاملة للكتاب العراقي، بغض النظر عن تخصصه وحجمه ونوعه ومؤلفه. كل هاته المعطيات السلبية، الى جانب توفر اقسام متخصصة في الاعلام والمكتبات في الكليات العراقية، تحولت الى كليات لاحقا، ينماز بها العراق دون سواه في الشرق الاوسط، ولكن من غير مردود عملي لمنفعة الوطن والمجتمع.
مسح تجريبي لرواد الثقافة العراقية منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر
عبد الغني ال جميل [1780- 1863م] عالم وفقيه، مفتي العراق والشام، وهو قائد الثورة الشعبية العراقية عام 1832م –(29 يونيو)- ضد الوالي داود باشا، سميت ثورة المفتي، والتي وضعت نهاية لعهد المماليك في العراق [1749- 1832م]. وكان مجلسه في محلة قنبر علي، يضم وجهاء زمانه وأبرز الادباء والمثقفين.
عبد الباقي العمري [1788- 1861م] عالم وشاعر، ومن الموظفين الكبار في العراق في عهد المماليك والحكم العثماني، شغل منصب كتخدا – وكيل الوالي- في بغداد والبصرة. قاد حملة الموصل العسكرية لاسقاط الوالي داود باشا ولعب دورا كبيرا في الحياة السياسية والادارية في القرن التاسع عشر. وهو نقيب العائلة العمرية التي قدمت كثيرا من الرموز السياسية والادارية والثقافية خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وقد ارحل اثنان من ولده الى مصر وشغلوا مراكز ادارية في عهد الخديوية، ومنهم سفير مصر لدى الفاتيكان في خمسينيات القرن العشرين –(محمد طاهر العمري)-. له دواوين شعرية: [الترياق الفاروقي، الباقيات الصالحات].
ومن عائلته كذلك ياسين خبرالله العمري [1744- 1822م] شاعر وأديب ومؤرخ ولاية الموصل في العهد الجليلي. ومنهم احمد عزت باشا العمري، شاعر وناقد ادبي وصحفي، رئيس تحرير جريدة الزوراء في عهد مدحت باشا [1869- 1872م]. وله كتاب: (الطراز الأنفس في شعر الاخرس).
عبد الغفار الأخرس [1804- 1873م]- شاعر فصحى مجدد، اول من تناول القضايا الاجتماعية والحياة اليومية في شعره، ويعتبر من مشاهير عصره ورموز الحركة الادبية والاجتماعية. كما يعبر من ظرفاء بغداد. ومن شعره قصيدة يصف فيها معاناة الايجار وتعرض داره للسرقة ..
يا ليلة في اخر الشهر قد جئت بعد الصوم بالفطر
كشف الصباح لنا حوادثها وتكشفت عن مضمر الغدر
اصبحت منها غير مفتقر ابدا الى حرس على وكر
هجمت عليّ بحادث جلل وهمومها من حيث لا ادري
في ليلة ليلاء تحسبها يوم الفراق وليلة القبر
ما حنّ حتى حن طارقه طرق المبيت بطارق الشرّ
وأظنان الشمس ما كسفت الا لتكشف بعدها ضرّي
ولقد أقمت مقام ذي سفه ضعب المقام به على الحرّ
في منزل اخذوا مساحته يوما فما أوفى على شبر
يا مؤجري دارا سُرِقتُ بها لا فزت بعد اليوم بالاجر
لولا الضرورة كنت مرتحلا عنها وكنت نزلت في قفر!
عبد الوهاب النائب [1852- 1926م] عالم وفقيه، محدث وواعظ. أسبغ عليه السلطان عبد الحميد لقب قاضي قضاة. أنشا ثلاث مدارس ابتدائية على نفقته، اختار لها المعلمين ودفع رواتبهم، ومنهم الشاعر معروف الرصافي. كما أنشأ مدرسة التفيض الثانوية عام 1920م. وقد تبرع بها جميعا للدولة. وعظ في جامع مرجان وجامع الفضل. عمل مدرسا في مدرسة جامع منوره خاتون، مدرس لمادة تفسير القرآن في جامعة ال البيت حتى اغلاقها. وهو رئيس اول محكمة في العراق عقب قيام الدولة -محكمة صلح بغداد-، رئس محكمة التمييز الشرعي.
ملا زاير الدويج [1860- 1919م] شاعر عراقي من رواد الشعر العامي العراقي، عني بتناوله القضايا الاجتماعية والسياسية في شعره. اسمه زاير بن عسكورة بن علي بن جبر من قبيلة بني مسلم العبادي القيسي التي تستوطن ضفاف نهر الهندية في منطقة الكفل. ولد في منطقة بورسيبا بين بابل والنجف. عمل جنديا في الجيش العثماني وخدم في الحامية العثمانية في قطر، حيث كان يعالج غربته وحنينه بنظم الشعر. وفي عام (1914م) عاد للعراق والتحق بثورة العشائر ضد الاحتلال الانجليزي، وتنقل بين البصرة والكوفة وبغداد، والقى قصائده الحماسية في جامع الحيدرخانه الى جانب غيره من الشعراء والسياسيين مثل محمد مهدي البصير لحث الجماهير على دعم الثورة والمقاومة. كان مؤيدا للحكم العثماني ومعارضا للاحتلال الانجليزي للعراق. له شعر وطني كثير، وتعرض للظواهر الاجتماعية بلغة نقدية ساخرة، وقد نظم في مختلف صنوف الشعر العامي كالقصيد والموال والابوذيه والزهيري والمربع والميمر والحسجه. وكثير من شعره استخدم في الاغاني العراقية التي عرفت بالفلكلور، وكثير من شعره سائر في كلام العراقيين والثقافة العامة كالامثال والحسجة. ويعكس شعره وأفكاره ومواقفه الشخصية توفره على ثقافة واسعة ووعي عميق بالوجود والحياة والوطن. وهو من أوائل من نظم في رثاء الذات في الشعر العامي، معارضا لابيات مالك بن الريب بحسب رأي الدكتور عبد الاله الصائغ في قوله: وحك التين والزيتون والمن… جروحي الطابن من سنين ولمن
السدر والجفن والكافور والمن… كَبل طرة الفجر ِيسْرون بيّه!
وله معارضات كثيرة لعيون الشعر القديم وفحول الشعراء. ومن شعره:
– ما تعلم بحالي شلون…… شبيّب واصفر اللون
والناس كَالت مجنون…. بعكَلي اقنعت بس انه!
– من هالبله جاني المرض….. بطول حجيك والعرض
لا تنشد الخالي الغرض…… انشد الْ بالشوكَـ ابتله!
– اهل هالوكت بالك تمن بيهم…. ادنان وعيب يحصل تمن بيهم
ثلاث من الخصايل تمن بيهم… الجذف والفتن والشوفه الرديّه!
ملا عبود الكرخي [1861- 1946م] شاعر شعبي عراقي صاحب أول ملحمة شعرية معاصرة بالشعر العامي (74 رباعية) باسم (المجرشة) المشهور مطلعها..
ذبيت روحي عالجرش….. وأدري الجرش ياذيها
ساعة واكسر المجرشه…. والعن ابو راعيها
ساعة واكسر المجرسه…. والعن ابو ركتي الجرش
كعدت يم داده ام بخت…….. خلخالهه يدوي ويدش
وانه استادي لو زعل……. يمعش شعر راسي معش
هم هاي دنيه وتنكضي…. وحساب اكو تاليهه!
وفي القصيدة افكار حديثة وثورية جريئة تسبق زمانها وعصرها على صعيد اجتماعي وسياسي وفكري. سارت أشعاره مسرى الامثال والحسجات الشعبية في الثقافة العامة، وكثير من شعره مغنى في بدايات الغناء العراقي قبل تاسيس الاذاعة في عام (1936م). ومن الامثال المأخوذة منه (قيّم الركَاع من ديرة عفج)، واغنية (خدري الجاي خدري)!.
أنستاس ماري الكرملي [1866- 1947م] اسمه الاصلي: بطرس جبرائيل يوسف عواد. في عام (1850م) قدم والده من لبنان الى العراق وتزوج من فتاة عراقية اسمها (مريم) وكان بطرس الولد الرابع للعائلة. وهو رجل دين مسيحي له اهتمامات ثقافية مبكرة وعناية خاصة باللغة العربية. في عام (1911م) أنشأ مجلة (لغة العرب)- أول مجلة متخصصة باللغة والتراث العربي- ساهم فيها كبار المفكرين والمثقفين لتلك الفترة. وكان له الى جانب ذلك مجلس ثقافي ينعقد يوم الجمعة في دير الاباء الكرمليين في محلة سوق الغزل من بغداد، يحضره كبار وجوه بغداد وادباؤها. ويعتبر الأب الكرملي واضع اول معجم عراقي لغوي عربي معاصر، باسم (المساعد في اللغة) صدر الجزء الاول منه بعد وفاته في عام (1972م). ومن مؤلفاته: اغلاط اللغويين الاقدمين/ 1932م، نشوء اللغة العربية وموها واكتهالها/ 1938م، تحقيق معجم العين للفراهيدي، تحـ/ كتاب (نخب الذخائر في أحوال الجواهر) لابن الاكفاني، تحـ/ الاليل للهمذاني، وله مخطوطات لم تنشر بينها اكثر من (1300) مقالة في مجلته (لغة العرب).
عبد المحسن الكاظمي [1871– 1935م] شاعر مرتجل وسياسي عراقي، هاجر الى مصرعام 1911م واستقر فيها. له ديوان الكاظمي، نظم في مجالات السيرة الدينية والوطنية والرحلات. اتصل بجمال الدين الافغاني [1838- 1897م] لدى مروره بالعراق، وطورد بسبب من ذلك، وقبره بمصر الجديدة، من ضواحي القاهرة.
فهمي المدرس [1873- 1944م] كتب في جريدة البلاد لروفائيل بطي. استاذ في دارة الفنون في الاستانة لمدة خمسة عشر عاما، مدير دار العلوم الدينية والعربية في بغداد/ الاعظمية/(1937م).
رشيد القندرجي [1886- 1945م] مطرب مقام عراقي قبل تأسيس الاذاعة، تتلمذ على يده جيل المطربين الرواد.
عبد المسيح وزير [1889- 1943م] مترجم عراقي رائد، من مواليد ماردين في تركيا في عائلة أرمنية، اكمل دراسته الاولية فيها، ثم التحق بكلية عينتاب الامريكية قرب حلب. وفيها التقى ماري جرجس التي كانت طالبة معه، وبعد الزواج والتخرج عملا مدرسين في لبنان. [1914- 1918م] عمل مترجما في المكتب العربي في القاهرة. ومنذ (1921م) عين مترجما في وزارة الدفاع العراقية لمدة (22)عاما. قام خلالها بترجمة المصطلحات العسكرية الفرنجية للعربية، اضافة الى ترجمة التقارير والابحاث والمقالات. ومن ترجماته المبكرى مذكرات الجنرال البريطاني تاوزند الذي استسلم م قواته في حصار الكوت خلال عمليات الحرب العالمية الاولى، وقد طبع الكتاب عام (1923م). وله كذلك (القاموس العسكري) في جزئين. ويلقب بـ(شيخ المترجمين).
علي الشرقي [1890- 1964م] شاعر وسياسي، نائب وقاض شرعي ووزير عراقي. نزح جده موسى الشرقي من بلدة (خيقان) على نهر الغراف/ قضاء الشطرة الى النجف لغرض الدراسة واستقر فيها. وقد تزوج ابنه جعفر الشرقي من شقيقة الشيخ عبد الحسين الجواهري – والد الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري-، وكان جعفر شاعرا وفقيها من اعلام العراق في القرن التاسع عشر. وفي هذه العائلة الادبية ولد وترعرع الشاعر علي الشرقي، ونبغ في شعر الوطنية والتصوف. وكان كثير القراءة والبحث في بطون الكتب، حتى وصف نفسه قائلا: [لهفي على الخمسين من عمري قد اندرست، في الكتب بحثا كأني دودةُ الكتبٍ]. في (1927م) انتخب عضوا في مجلس التمييز الجعفري، (1933م) قاضي شرعي في البصرة، [1934- 1947م] عضو ثم رئيس مجلس التمييز الشرعي، (1954م) وزير دولة.
ابراهيم صالح شكر [1892- 1944م] انسان عصامي، كاتب سياسي وصحفي جريء ويعتبر اول ناقد سياسي. كان معارضا لجماعة الاتحاد والترقي، مناوئا للاحتلال الانجليزي ومؤيدا لحركة رشيد عالي/ (1941م). اصدر صحيفة (شمس المعارف)/ 1913م، رأس مجلة (الرياحين)/ 1914م لصاحبها منيب الباجه جي. أصدر: مجلة (الناشئة)/ 1921م، (الناشئة الجديدة)/ [1922- 1925م]. جريدة (الربيع)/ [2 مايو 1924م] بالاشتراك مع روفائيل بطي، جريدة (الزمان)/ 1928م جريا على طريق علي يوسف [1863- ]صاحب جريدة (المؤيد) المصرية، التي تنازل عن امتيازها لاحقا لروفائيل بطي، جراء تعطيلها من قبل الحكومة اكثر من مرة. كما اصدر جريدة (المستقبل) /[1929- 1930م] بالاشتراك مع عبد القادر اسماعيل، رأس تحرير جريدة (اليقظة) لسلمان الصفواني، ثم جريدة (الاماني القومية) لعبد الوهاب محمود.
ومن قوله: [هذا بلد موبوء، لا يستقيم العمل فيه، لمن تمكنت في نفسه تقوى الوطن، واعتصم باسباب الشرف وواجب الاباء. وهذا شعب ساذج، غلبت عليه الشقوة، فهو ضعيف الذاكرة، كثير النسيان، لا يتفهم الواجب، ولا يتذكر الاساءة.]
عبد الكريم العلاف [1894- 1969م]- شاعر فصحى وعامية، كتب مئات الاغاني للمطربين الاوائل في العراق. غنى له محمد القبانجي، يوسف عمر، زكية جورج، منيرة الهوزوز، عفيفة اسكندر، سليمة مراد (باشا). ومن أغنياته: كلبك صخر جلمود، خدري الجاي، يا نبعة الريحان، يا يمه ثاري اهواي، يالمنحدر وياك اخذني، على شواطي دجلة مُرْ. كما اصدر مجلة (فنون)/ (18 فبراير 1934م) التي كانت تنشر اخبار الفن والفنانين. وله عدة مؤلفات تاريخية وتوثيقية في مجال الفن.
محمد مهدي البصير [1895/ 1937- 1974م] شاعر واكاديمي ومن قادة ثورة العشرين العراقية. اكمل دراسته العليا في فرنسا، وعمل استاذا في جامعة بغداد. اشتهر بشعره الوطني وحماسياته في ثورة العشرين التي اشتهر منها قصيدة الخلخال التي القاها في جامع الحيدرخانه. وبعد تأسيس الدولة له شعر سياسي واجتماعي تمتزج السخرية فيه بالنقد، للتنديد بمظاهر البيروقراطية والمحسوبيات والفساد الاداري.
منعم فرات [1900- 1972م]، نحات فطري عراقي، اسمه الاصلي (منعم بربوت وادي الجنابي) . مواليد عائلة فلاحية في محلة باب الشيخ من رصافة بغداد. لم يذهب للمدرسة. تعلم النحت ومارسه بجهود شخصية، كان يصنع منحوتات صغيرة في المحلة ويبيعها باسعار زهيدة. اهتمت به وزارة الارشاد في حينه، واشاد به نقاد الفن ومؤرخوه، منح شهادة تقديرية دبلوم فني. في عام (1966م) شارك في مهرجان الفطري العالمي في ايطاليا، بعشرة من نماذج أعماله، شملت رؤوس طيور وحيوانات وكائنات خرافية ومواضيع انسانية.
أحمد سوسه [1900/ 1930- 1982م] مهندس ري وباحث اثاري خريج الجامعات الامريكية. له عدة مؤلفات عن شبكات الري ونواظم السقي في ايام سومر وبابل. أوفدته الحكومةالعراقية ضمن بعثة اثارية الى العربية السعودية خلال الثلاثينيات للتنقيب عن الاثار والاهار القديمة في صحراء نجد. ومن اعماله المشهورة ايضا: العرب واليهود في التاريخ.
روفائيل بطي [1901- 1956م] صحفي رائد ووزير ونائب، رأس صحيفة العراق [1921- 1924م]، مجلة الحرية [1923- 1929م] ثم صحيفة البلاد/(1929م) التي استمر صدورها ربع قرن.
صدّيقه المُلايه [1901- 1969م] مطربة عراقية من مواليد بغداد من جيل التأسيس الذي احترف الغناء قبل تأسيس الاذاعة العراقية عام (1936م). اسمها الاصلي (فرجة عباس)، كانت بدايتها قارئة في المناسبات الدينية ومناسبات العزاء، عرفت بصوتها المميز واتجهت للغناء في الملاهي قبل بلوغها العشرين، وكان (ملهى الشورجه) مسرحها شبه الدائم . من اشهر أغانيها: الافندي، جواد جواد، يا صياد السّمج.. وكثير غيرها.
محمد القبانجي [1901- 1988م] مطرب عراقي كبير، يعتبر رائد المقام العراقي. رسخ غناء المقام العراقي على اصول حديثة وأضاف لها مقاما جديدا باسم مقام (لامي). من مؤسسي معهد الفنون الجميلة في بغداد الى جانب جواد سليم واخرين. ادخل غناء القصائد العروضية في مقدمات الاغنية، ويعتبر من المجددين في الغناء العراقي واعطائه خصائص المدينة العصرية. في عام (1937م) شارك في مؤتمر الموسيقى العربية والغناء في القاهرة ومنح لقب (مطرب العراق الاول). اجاد أداء كل المقامات وتفريعاتها. وهو ابو المقام العراقي الحديث. ومن تلاميذه ناظم الغزالي وعنهم اخذ كل مطربي ومطربات المقامات العراقية اليوم.
مصطفى جواد [1904/ 1939- 1969م] أديب ولغوي وأكاديمي عراقي، اكمل دراسته في فرنسا، وعمل في جامعة بغداد/ كلية الاداب. اشتهر ببرنامجه الاذاعي الأثير: قل ولا تقل. وكان أحد أربعة من علماء العراق يقدمون ندوة تلفزيونية – بث مباشر- تتناول موضوعات ثقافية اجتماعية عامة. وللأسف، لا يوجد تسجيل او توثيق لتلك البرامج النادرة.
جعفر الخليلي [1904- 1985م] صحفي ومؤرخ وقاص عراقي، يعتبر رائد القصة القصيرة في العراق، من مواليد النجف، توفي في دبي. في عام (1932م) اصدر جريدة الراعي في النجف، وفي عام (1935- 1954م) اصدر مجلة الهاتف الثقافية التي ساهمت فيها مجموعة بارزة من الكتاب والادباء على مدى عقدين تقريبا من تاريخ العراق الثقافي. من مؤلفاته: موسوعة العتبات المقدسة في العراق، هؤلاء عرفتهم – في سبعة أجزاء-، اضافة الى كتاباته القصصية المهمة ومنها: كنت معهم في السجن، تسواهن، وغيرها. وقد تخذت قصصه مواد في الدراسات الاجتماعية للمجتمع العراقي.
سليمة مراد (باشا) [1905- 1974م] مطربة عراقية من جيل التأسيس، ولدت في محلة طاطران في وسط بغداد، في عائلة يهودية، ولم تترك العراق. مثلها في ذلك زميلتها المطربة العراقية سلطانة يوسف [1910- 1995م]. أتقنت الغناء من خلال فرقة الجالغي البغدادي ومشاهير المطربين، وبدأت الغناء لكبار الملحنين كالأخوين داود وصالح الكويتي وشعراء الاغنية المعروفين مثل عبد الكريم العلاف والملا عبود الكرخي وغيرهم. في عام (1935م) التقت كوكب الشرق ام كلثوم في بغداد على مسرح الهلال التي اخذت عنها اغنية (كلبك صخر جلمود). وصفها الاديب المصري الكبير زكي مبارك بلقب (ورقاء العراق). ومنحها رئيس الوزراء العراقي المخضرم في العهد الملكي نوري السعيد لقب (باشا) وكان من المعجبين بأغانيها. وهي من جيل المؤسسين التي مارست فن الغناء قبل تأسيس الاذاعة العراقية عام (1936م) وكانت من روادها الاوائل. في [8 يناير 1952م] اشتركت مع الفنان ناظم الغزالي [1921- 1963م] في حفلة غنائية، كانت تمهيدا لزواجهما في العام التالي بحضور رائد المقام العراقي الكبير محمد القبانجي [1901- 1988م]. وهي أول امرأة عراقية تسافر بالطائرة، وكانت السفرة الى باريس. كتب عنها الاديب والمؤرخ الفني عبد الكريم العلاف: اشتهرت بلقب سليمة باشا وظلت محافظة عليه لا تعرف الا به، الى ان اصدرت الحكومة العراقية قانونا بالغاء الرتب العثمانية، فصارت تدعى سليمة مراد. وهي مغنية قديرة أخذت من الفن حظا وافرا وصيتا بعيدا، فكانت فيه البلبلة الصداحة المؤنسة!. ومن اشهر اغانيها التي تعتبر اليوم من الفلكلور العراقي الاصيل: كلبك صخر جلمود، يا نبعة الريحان، ايها الساقي اليك المشتكى، الهجر.
جواد علي [1907/ 1939- 1987م] مؤرخ وأكاديمي عراقي، تخرج في المانيا، من أعماله: المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، في أثني عشر جزء. ومن القلائل والاوائل الذين درسوا علم السومريات في جامعة بغداد، وشكى في لقاء متلفز خلال السبعينيات، نفور الطلبة العراقيين من دراسة علوم السومريات والبابليات القديمة، وكان له أربعة طلبة من اليابان، في آخر عهده.
ذوالنون أيوب [1908- 1988م] قاص وسياسي ومفكر رائد، ولد في الموصل، وتعلم في المدرسة الاسلامية وثانوية الموصل، ثم تخرج في دارة المعلمين العالية عام (1929م) مدرسا للرياضيات وعلوم طبيعية. عمل مدرس ريايات في التعليم الثانوي، ومن تلامذته كان الشاعر عبد الوهاب البياتي [1926- 1997م] في المتوسطة الشرقية. عمل عميد معهد الفنون الجميلة، وفي عهده ساهم المعهد في احتفالية تتويج الملك فيصل الثاني عام 1953م، بموكب فني جال شوارع بغداد، قال عنه ذوالنون أنه اراد من خلاله تمثيل تاريخ العرب وحضارة وادي الرافدين.
بدأ الكتابة عام (1933م)، ونشر اول قصة له بعنوان (صديقي) في صحيفة (الطريق) في [25 يونيو 1935م]. ساهم في تحرير مجلات: العصر الحديث، والمجلة وأصبح رئيس تحرير المجلة لاحقا. عرف الاديب ذز النون ايوب بأنه شخص صريح جدا وانتقادي لاذع، يؤمن بالحرية الفردية وحقوق المرأة، ولا يطيق الخضوع للاجراءات الادارية او الالتزامات الاجتماعية الشكلية. وقد كانت احدى قصصه المنشورة في مجموعته الخامسة (برج بابل) سبب عقوبة ادارية وتوبيخ نقل على اثرها الى منطقة كويسنجق، وذلك لتعرضها الى شخص رئيس الوزراء يومها. تلك العقوبة الادارية ولدا لديه فكرة الهجرة معتبرا ان بلدا يعاقب الانسان على كلمة او فكرة أو تاويلها، لا يصلح وطنا للحر، وهو معنى سبق ان اشار اليه الشاعر عبد الغفار الاخرس: دع الزوراء ان رمت المعالي.. وسر مكنها تجدِ عنها بديلا
فأن الحرّ لا يرضى بأرض… يُرى فيها مهانا أو ذليلا
فهاجر الى النمسا واستقر في فيننا، وبعد يوليو 1958م تم تعيينه مستشارا ثقافيا في السفارة العراقية في النمسا، وبقي فيها حتى تقاعده ووفاته. له اربعة عشرة مجموعة قصصية وأربعة روايات اجتماعية مهمة جدا هي [الدكتور ابراهيم، الرسائل المنسية، اليد والأرض والماء، على الدنيا السلام]. وله كتاب سيري سردي بعنوان (أبو هريرة وكوجكا)، وقبل وفاته أصدر مذكراته تحت عنوان (الردّ). في عام (1977م) اصدرت وزارة الاعلام العراقية اعماله الكاملة بمبادرة واشراف من الدكتور اكرم فاضل تحت عنوان: [الاثار الكاملة لأدب ذي النون أيوب].
الاخوان ميخائيل وكوركيس عواد: المؤسسين الاوائل للمكتبة الوطنية وفهرسة مخطوطات المجمع العراقي. كان والدهما (حنا العواد) موصليا يعمل في صناعة الة العود الموسيقية. درس الاخوان كوركيس عواد [1908- 1992م] وميخائيل عواد [1912- 1991م] على يد الاب انستاس ماري الكرملي وفي دير الاباء اللاتين ومكتبتها العريقة، حيث يتخصص الاخوان وتنمو اهتماماتهما المكتبية. ثم عملا في مجال التعليم. وكان ميخائيل عواد سكرتير في ديوان وزارة المعارف لمدة ستة وعشرين عاما. وقد كان الاخوان، وخصوصا كوركيس يجمعان الكتب والاصدارات الجديدة من المؤلفين بجهود شخصية، ويشتريان الكتب من الاسواق لتأسيس مكتبة وطنية حديثة، تبرعا بها بعد ذلك لدار الكتب والوثائق العراقية أو المكتبة الوطنية كما تعرف. وقد قام ميخائيل عواد بوضع دراسة وفهرسة لمخطوطات المجمع العلمي العراقي عام (1972م). اشترك الاخوان في وضع وتحقيق جملة من الكتب التراثية، كما كانت لكل منهما مؤلفاتهما الخاصة. ابتدآ الكتابة في مجلة (النجم) الموصلية عام (1933م) لصاحبها سليمان صايغ. من مؤلفات كوركيس عواد: العراق في القرن السابع، خزائن الكتب القديمة في العراق منذ أقدم العصور حتى الالف الهجرية، مكتبة الاسكندرية، مكتبة المتحف العراقي في ماضيها وحاضرها، كتاب الكاغد وصناعته في العصور الاسلامية، معجم المؤلفين العراقيين في القرنين التاسع والعشرين. ومن مؤلفات ميخائيل عواد: دير فنى موطن الوزراء والكتاب/ 1939م، المآصر في بلاد الروم والاسلام/ 1948م، اقسام ضائعة من تحفة الامراء في تاريخ الوزراء لهلال بن المحسن الصابي- تحـ/ 1948م، صناعة الزجاج والبلور في العراق القديم/ 1962م، مقدمة في قواعد بغداد العباسية لظهير الدين الكازروني- تحـ/ 1962م، رسوم دار الخلافة لهلال بن المحسن الصابي- تحـ/1964م، ابو تمام الطائي.. حياته وشعره/ 1971م، الخليل الفراهيدي.. حياته وآثاره في المصادر العربية والأجنبية/ 1972م، رائد الدراسة عن المتنبي/ 1979م، مخطوطات المجمع العراقي.. دراسة وفهرسة/ 1979م.
جعفر خياط [1910/ 1928- 1973م] مترجم عراقي رائد، من مواليد محلة صبابيغ الآل من رصافة بغداد. درس في المدرسة الجعفرية ببغداد ثم الجامعة الامركية ببيروت. وفي عام (1928م) ارسلته الحكومة في بعثة دراسية الى جامعة كاليفورنيا في بيركيلي للتخصص في العلوم الزراعية. قدم ترجمات مهمة في المكتبة العراقية منها: اربعة قرون من تاريخ العراق للونكريك، رحلة فريزر الى بغداد عام (1834م)، العراق.. دراسة في تطوره السياسي لفيليب ايرلند، فصول من تاريخ العراق القريب للمس جرترود بيل، مذكرات جون فيلبي في العراق- بقلمه، احداث عام 1941م في العراق كما وردت في وثائق الخارجية البريطانية ومذكرات تشرشل، الشرق الاوسط في الاحداث العالمية لجورج لنشوفسكي، كما ترجم لمجلة المعلم الجديد تقريرين لمنظمة اليونسكو عن التعليم المهني والتعليم الصناعي لعام (1954م). وله دراسة عن: القرية العراقية- دراسة في احوالها وطرق اصلاحها من منشورات المجمع العلمي العراقي عام (1949م). ذلك اضافة الى وضعه ومساهمته وترجمته كثير من المناهج المدرسية الخاصة بعلم النبات.
ناجي معروف [1910/ 1939- 1977م] مؤرخ وباحث اثاري رائد وعضو عامل في المجمع العلمي العراقي. اسمه الكامل ناجي معروف عبد الرزاق العبيدي الأعظمي. تخرج في دار المعلمين العالية، وعمل مدرسا في الاعدادية المركزية ببغداد. في (1935م) سافر في بعثة دراسية الى فرنسا لتاريخ التاريخ في السوربون باشراف الاستاذ (ديموبين). وكانت رسالته للجكتوراه عن (الجامعة المستنصرية). ولكنه عاد دون مناقشة الرسالة بسبب احتلال المانيا لباريس، وكان ضمن مجموعته مصطفى جواد وسليم النعيمي. كان من المؤيدين والمساهمين في الثورة العراقية عام (1941م) وسجن لثلاث سنوات في العمارة عقب فشلها. عمل في مديرية الاثار العامة في الاربعينيات، (1946م) مدير أوقاف بغداد، ثم عميد كلية الامام الأعظم. (1952م) عميد كلية الشريعة، (1963م عميد كلية الآداب/ بغداد، (1965م) عضو مجلس الخدمة المدنية، (1971م) نال شهادة دكتوراه من جامعة القاهرة، (1972م) عضو عامل في المجمع العلمي العراقي، عضو في أمانة بغداد، وعضو في مجمع اللغة العربية بدمشق. ساهم في تأسيس منتدى الامام الاعظم وترأسه لمدة تسع سنوات حتى وفاته. من مؤلفاته: المطالعة العربية الحديثة – كتاب مدرسي بالمشاركة/ 1934م، عروبة الامام ابي حنيفة النعمان/ 1935، المنتخبات الأدبية/ 1935م، المدرسة المستنصرية/ 1935م، مقدمة في تاريخ المدرسة المستنصرية وعلمائها/1958م، علماء المدرسة المستنصرية/ 1959م، مدخل في تاريخ الحضارة العربية/ 1960م، المدرسة الشرابية/ 1961م، خطط بغداد/ 1962م، تثنية الأسماء التاريخية/ 1963م، التوقيعات التدريسية/ 1963م، عروبة المدن الاسلامية/ 1964م، تامدارس الشرابية في بغداد وواسط ومكة/ 1964م، عروبة العلماء المنسوبين الى بلاد أعجمية/ 1977م. كما قام بنشر مؤلفات شقيقه احمد معروف.
حسن خيوكه [1912- 1962م] مطرب مقام عراقي، تتلمذ على مطربو المقامات الرواد في العراق.
طه باقر [1912/ 1938- 1984م] باحث ومؤرخ عراقي في التاريخ القديم. أول عراقي ترجم ملحمة جلجامش عن لغتها الاصلية بجهد شخصي عصامي.
مكي عزيز [1912- 1992م] شاعر وصحفي عراقي من اعلام العهد الملكي في العراق. تعود اصوله الى منطقة برزنجه في شمال العراق، واسمه مكي عزيز علي البرزنجي. ورد تقدير مواليده هكذا والارجح انه أكبر سنا بحوالي العقد عن التدوين. عمل في الصحافة السياسية واصدر صحيفتين يوميتين: [الأمة، النذير] توقفتا جراء الظروف السياسية في الاربعينيات والخمسينيات. كان من الموالين للبيت الهاشمي والمقربين من نوري السعيد. وبعد يوليو 1958م غادر العراق الى الاردن وعاش في رعاية البلاط الاردني وكاتبا في جريدة الدستور الاردنية حوالي ربع القرن. عاد خلال للثمانينيات بعد وعود غير صادقة، حيث أوقف في مديرية الامن لستة اشهر، تعرض خلالها لانواع مهينة ولئيمة من التعذيب بضمنها قلع الاظافر وهو في سن الشيخوخة. واطلق سراحه بشرط التزام الصمت والامتناع عن الكتابة والنشر أو الاتصال بالصحافة. وقد عاش حياته أعزبا لم يتزوج، فنزل في بيت شقيقه (علي) في منطقة المنصور، يخرج خلال النهار لبضعة ساعات يقضيها في مقهى الزهاوي. كان معتدا بشخصيته وبقي محتفظا بوسامته، يرتدي البدلة الفرنجية النظيفة، وقد تعرفت اليه شخصيا وأسرني ببعض المعلومات وقصاصات شعره التي أذكر منها قوله جراء عودته المخيبة.. كرهت بغداد وأمجادَها.. كما كرهتُ اليوم عبّادَها
لو كان للمنصور علمٌ بأن.. يحكمَها الانذالُ ما شادَها
وله عدة مجاميع شعرية من نوع القريض التي تتوزع بين المديح النبوي والاشادة ببني هاشم ورموز الحكم الملكي.
علي الوردي [1913/ 1950- 1995م] باحث وعالم اجتماع عراقي، من مواليد الكاظمية، حصل على الدكتوراه من جامعة ميشيغان الامريكية عام 1950م. يعتبر أول من درس الشخصية الاجتماعية ومنظومة العادات والقيم السائدة في المجتمع العراقي، وقد تميز بدراسة المجتمع من خلال النص الادبي التراثي والمعاصر. كما يعتبر الى جانب المفكر الفلسطيني الامريكي هشام شرابي من أول من شخص (عقدة الازدواجية) ودرسها في الاجتماع العربي. له مؤلفات عدة ومهمة، منها: لمحات من المجتمع العراقي، وعاظ السلاطين، الخارقية.
هذا المسح/ الكشاف بحاجة لاستكماله، لتعريف ناشئة العراق بالمثقفين العراقيين الرواد وكتاباتهم والظواهر والاحداث الثقافية المميزة في القرنين التاسع عشر والعشرين. وتضم هاته القائمة اصحاب الصحف والدوريات الثقافية ومحرريها والكتاب المساهمين في الحركة الثقافية، اضافة الى الكوادر التعليمية والتدريسية والجامعية لدورها في انتاج الثقافة والمثقفين.
ولا شك ان المغيب والمنسي والمجهول والغاطس في تاريخ الثقافة العراقية، أكثر باضعاف ما هو معروف ومعلن ومتداول. وهذه هي وظيفة المواطن والمجتمع لاستذكار ابنائه قبل أي جهة اخرى.
خلاصة..
وأرى هنا حاجة ملحة لانجاز عدة أمور للخروج مما نحن فيه..
1- تحفيز وتنمية الروح الوطنية العراقية العريقة غير المؤدلجة لفكرة او عقيدة او تيار.
2- تشجيع وتحسين النوع الانساني والعقلية العراقية والبيئة الاخلاقية منذ ولادة الطفل.
3- اهتمام علمي ثقافي مركز بالكوادر الابتدائية والوسطية الفاعلة في مجال بناء الانسان.
4- تفعيل حياة المكتبة – منزلية او عامة- عبر المطالعة اليومية وتقليب الكتب باستمرار.
5- تنويع الكتب بحسب التخصصات والكتب واختلاف وجهات النظر، بما فيه تحديثها.
6- تحويل المطالعة الى مادة للحديث اليومي والمناقشة وتشجيع الاخرين على المطالعة.
7- نقل عادات المطالعة م جيل الاباء للابناء والاحفاد، والحث على التفكير والمناقشة.
8- القراءة النوعية والنقدية، وتعددية المصادر والمناهج والاهتمام بالاختلاف والنقد.
9- انعكاس القراءة على المثاقفة والحياة الشخصية والسلوك اليومي.
10- اعادة انتاج النص عبر مناقشته وترجمته وتطويره بالرد والنقد والتطوير.
11- تشجيع ودعم الشخصيات العصامية ذات المبادرات والمشاريع الذاتية، دون محاربتها او سرقة جهدها او ادلجتها لجهة سياسية او تيار او حزب او طائفة.
12- وضع المصلحة الوطنية العامة والرسالة الاخلاقية الانسانية في مقدمة عمل كل شخص او هيئة تحمل اسم الوطن، وتتصرف بتراثه ومستقبله.
ـــــــــــــــــــــ
* كان مشروع المنشأة الثقافية العامة –افاق-، على غرار مشروع الهيئة المصرية العامة للكتاب، الذي يمثل الاطار العام لكل ما يتعلق بالنشاط الثقافي والتأليفي واليات النشر والطبع والتسويق والتوزيع، الحكومية والاهلية، وما يدخل من الخارج ويوزع خارجا.
* علي يوسف [1863- 1913م]، شاعر وصحفي مجدد. له ديوان شعر (نسمة السحر). اصدر مجلة (الاداب) اسبوعية ادبية عام (1885م) بالاشتراك مع الشيخ احمد ماضي، ثم جريدة (المؤيد)/ (1889م) الداعية الى استقلال مصر من الاحتلال الانجليزي، بدعم مالي من احمد ماضي، وتمثيل لخط الزعيم مصطفى كامل[1874- 1908م]، وذلك ردا على خط جريدة (المقطم)/(1888م) المؤيدة للاحتلال الانجليزي. ومن بعد احمد ماضي تكفل سعد زغلول [1859- 1927م] بدعم المؤيد وكانت منبرا لأهم السياسيين والكتاب والمفكرين المصريين. وفي عام 1899م نشرت كتاب (تحرير المرأة) لقاسم امين[1863- 1908م] مسلسلا في ستين يوما. كما عارضت (المؤيد) الاتحاديين في (1908م) ومالت الى حزب الائتلاف والحرية. تواصل صدورها اكثر من ثلاثة وعشرين عاما، قربته من الباب العالي ومن جناب الخديوية، ومنح لقب باشا. انشأ حزب (الاصلاح) واصبح عضوا في مجلس الامة، وموضع تقدير وزيارة كبار السياسيين والمسؤولين في مصر.