تميّز المجتمع العراقي في تاريخه بقيم إنسانية سامية نبيلة؛ أهَّلته أنْ يتبوأ مكانة مثَّل فيها منجزه الحضاري تراث الإنسانية برمتها. ولكن هذا المجتمع الذي تعرض طوال آلاف السنوات لمتغيرات وربما انكسارات عسكرية، برهن على قوة الشكيمة يوم انتصر عليها ثقافيا بعمق روحي للتمدن والتفتح والتنوير. إلا أنّ مجتمعنا تعرض في السنوات الأخيرة بعد عقود كأداء للتخريب في ثقافته وقيمه الروحية، الأمر الذي يحتاج اليوم لمسيرة جدية فاعلة من أجل إعادة إعمار الروح والأنفس الطيبة الزكية.. ومن أجل إعلان ما فيها من روعة وإشراقة مكينتين، عبر توكيد علاقات الإخاء واحترام الآخر ومبادلته شيم العفو والصفح والتسامح بأوسع مضامينه..
وستكون مهمة إعادة إعمار الأنفس، ربما أعقد وأصعب من غيرها من محاور إعادة إعمار اابنى المادية للوطن، إلا أنها ضرورة واجبة ليعلو فضاء السلم الأهلي بالضد من نوايا شريرة أرادت لنا التمزق والاحتراب بمآرب تبتغي تمزيقنا شيعا وفرقا متعادية لذرائع مفتعلة مصطنعة أوقعت وتوقع بين بعضنا البعض..
ومن أجل سيادة الروح الوطني بعمقه الإنساني الأغنى، من أجل توكيد طبائعنا السامية وسماتنا النبيلة وقيمنا البهية بمنجزنا تاريخا وحاضرا، ندعوكم اليوم جميعا، لنحتفل معا وسويا ونحمل رايات التسامح عاليا في كرنفال نأمل له أن ينعقد في كل مدينة وقرية بالمتاح فعليا من إمكانات الاحتفال فيما تجري الترتيبات لعقد الكرنفال الرئيس بإحدى مدننا البهية بأهلها على أن يجري تجوال الكرنفال بين مدننا سنويا.. وذلكم هو هدفنا الإنساني المكين الأبهى.ممارسة ونتائج حصاد مؤملة.
إننا ندرك أنّ بذرة نزرعها اليوم؛ ستكون سنابل خير بوجود آلاف الرائعات والرائعين معا وسويا، ليقودوا ملايين العراقيات والعراقيين، كيما يعبِّروا عن تمسك أكيد و وطيد بقيمهم الإنسانية الأمثل والأروع.
وبهذه المناسبة نرحب بضيوفنا من مختلف بنات وأبناء شعوب المنطقة والعالم وهم يسجلون بكرنفالنا مؤازرين متفاعلين.. فالتسامح فلسفة ومبادئ خير تنفتح على آفاق عالمنا بلا حدود. وتبادل التجاريب وتناقلها والاستفادة من معانيها تطويرا وتمكينا تبقى ضرورة مميزة..
فإلى عقد الكرنفال العراقي للتسامح ميدانيا في بلادنا ومدنها العامرة بالأنفس الطيبة؛ وإلى عقد ممارسة كرنفالية في الفضاء الافتراضي للتسامح بكل مفردات الجهد ميدانيا وافتراضيا مما وضعناه في ندائنا ومما ننتظر اقتراحه والتوصية به تحضيرا وتنسيقا.
وإلى ذياك الموعد في الـ 16 تشرين الثاني نوفمبر، لنمضي بتخطيط دقيق كيما ننجح في نقل الكرنفال لا إلى قلوب المدن النابضة حسب بل إلى قلوب الناس الحية الضمائر.. وذلكم عهدنا بأهلنا وأفئدة غنية بمنطقها العقلي وضمائر حية بعطائها الإنساني..
لجنة تنسيق الكرنفال العراقي للتسامح
أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
جامعة ابن رشد في هولندا
ما المعاني الرئيسة لـــ (الكرنفال العراقي للتسامح)؟
ما هي الفكرة الجوهرية من توجهنا إلى كرنفال للتسامح؟
بعد الانتشار النسبي لنداء (الكرنفال العراقي للتسامح) وما ننتظره قريبا، من تفاعلات من طرف آلاف الشخصيات التي تمّ توجيه الدعوات إليها.. نرجو هذا الأسبوع التركيز على توضيح فكرة الكرنفال. حيث أنَّ تمكين المنضمات والمنضمين للعضوية من المبادئ الرئيسة، سيعني مساعدة جدية لهم من أجل تفعيل أدوارهم بشأن جذب مئات وآلاف أخرى من المشاركات والمشاركين في مرحلة تالية. وللأهمية نامل تعزيز نشر هذه القراءة بغية تفعيل مسيرة التحضير للكرنفال العراقي للتسامح ليس بوصفه حدثا يتحقق بيوم محدد حسب بل من أجل استثمار التحضير للمناسبة في بناء وعي إنساني للسلم الأهلي وللتعايش والإخاء وإعلاء قيم التسامح التي تبني مجتمعنا المدني بخطى السلام والأمان والعدل والمساواة وصواب القيم…
ما المعاني الرئيسة لـــ (الكرنفال العراقي للتسامح)؟
التسامح بأول وجه له يبقى منطلقه تربويا نفسيا يتأصل في الأنفس من المراحل التعليمية الأولى ومن داخل الأسر والعوائل.. الأمر الذي يتطلب تنشيط الفعاليات الثقافية المناسبة تفعيلا لهذه الفلسفة الإنسانية التي تعود لتحضُّر الإنسان وتمدنه.. ولابد هنا من عناية جدية بالعلاقات البشرية من أولها وأكثرها تفصيلا حتى آخرها وأكثرها تعقيدا أي من الأحوال الفردية الشخصية والعائلية مرورا بالتجمعات من مدارس وجامعات ومعاهد ومنظمات وإلى المجموعات القومية والدينية والمذهبية وكذلك من الشعوب والدول… ولعلّ من آليات إشاعة هذه الممارسة توظيف المنتديات والحركات والجمعيات والروابط الحقوقية منها والثقافية والتربوية فضلا عن المؤسسات التعليمية بمناهجها الدراسية وتدريسييها وإداراتها.. وربما أفادنا عراقيا وشرقأوسطيا، بسبب من الظروف التي سادتها التقاطعات والخلافات وأشكال الاحتراب والصراع الدموي، أنْ نعقد مؤتمرات التسامح محليا في المدارس والمنتديات والمحافظات والأقاليم ثم مؤتمرات وطنية في كل بلد من بلدان التغيير التي عانت من أزمنة الدكتاتورية والقمع وفلسفات العنف والإيقاع بين مكوناتها، لكي يتم اتخاذ الإجراءات العملية والخطوات المرسومة فعليا وببرمجة تتناسب وخصوصية المجتمعات والدول التي نعنيها هنا… وربما كانت المسابقات المدرسية والمكافآت والجوائز مخصوصة لممارسات اللاعنف والتسامح دافعا قويا لتمتين الوحدة الوطنية وتطبيع الأجواء وتفعيل مسيرة السلم الأهلي؛ مثلما هي من جهة أخرى وفي ضفة المهجر والمجتمعات المضيفة ينبغي قبول اللاجئ وإكرامه والتعامل الإنساني معه ومثله المهاجر وأي من أبناء الجاليات وكذلك بشأن المرضى بمرض بعينه وغيرها من أمثلة متعددة وما يصادفونه جميعا من أشكال تعامل يعود للتعصب والعنف والتمييز..
ولعل فهم [وإدراك واستيعاب] بعض العناصر الرئيسة التي نختار منها هنا ما يلائم توجهنا نحو إقامة كرنفالات واحتفاليات متنوعة كل بالمستوى الذي يتناسب والمتاح عنده، يبقى ضرورة لإشاعة التسامح سلوكا وفلسفة واتفاقات وقوانين دولية ومحلية، ونجمل الأمر بالآتي من المحاور المنتخبة:
أولا: المجال الإنساني الفردي:
1. تشجيع روح المبادرة في ممارسة كل ما يدخل بقيم الخير وأنسنة الحياة. وإشاعة معاني: الغفران والصفح والتراحم والعفو بدءا من البيت والمدرسة ومرورا بالجمعيات والحركات وبرامجهما وانتهاء بالدول والأمم والاتفاقات والقوانين التي تنتظر التشريع..
2. التغلب على مثيرات عوامل الشقاق والخلافات المرضية والاحتقانات والاحتراب.
3. العمل على إنهاء سلوكيات الثأر والانتقام والقيم الوحشية الغابوية.. مع العمل على ضبط النفس عن اندفاعاتها والتحكم بالسلوك تجاه الآخر مبادرا إياه بالتسامح.
4. إشاعة أسلوب (التهدئة) بوفر فضاء مناسبا لتحويل الآخر وتغييره، فنكسب في هذا الآخر صديقا وهو خير بالتأكيد من أن يبقى في محيطك من يراك عدوا ويُبقي حياتك تحت تهديد العداء إياه..
5. توكيد قيم الإخاء والمساواة والألفة في سلوك الفرد.
ثانيا: المجال الإنساني الجمعي:
1. إضفاء فضاءات العيش الإنساني المشترك بعالم الصداقة وسلامة وجود الجماعة في مدرسة أو منتدى أو جمعية أو رابطة أو بوجود مجتمعي مدني لا غابوي كما هي الحياة البدائية الأقرب للتوحش والهمجية وغياب العقل وحكمته والأفئدة الصحيحة لا السقيمة..
2. إنّ التسامحَ يمثل سلوكا إنسانيا يتجه بالفرد نحو فضائه الإنساني الجمعي المناسب؛ ويُدخِلُهُ في الفعل الإيجابي الذي يتأسس على مبدأ المساواة بين الأنا والآخر.. ونحن هنا نتحدث عن الأطراف بوجودها الجمعي لا الفردي.
3. وبسبب من العمق الجمعي لمصطلح التسامح يتعمق القبول داخليا بتقاسم مفردات الحياة والتشارك فيها، والتعاضد بين أعضاء المجموعة البشرية لقضاء ما يجابههم من مهام وحل ما يعترضها.
4. إنّ قيم التسامح تمنح حقوق الإنسان ضمانات قانونية وتوفر فضاءات التعايش السلمي بين الإنسان وأخيه…
5. كما يدفع التسامح الجماعات البشرية لتبادل الاعتراف بهوياتها: القومية أو الدينية أو الفكرية أو غيرها من أشكال التعددية والتنوع؛ وهو الأمر الذي يستجيب لهدف أممي سام نبيل هو التعايش السلمي بين الجميع…
6. وعليه فأبرز قيم التسامح تقوم على الاعتراف بالآخر؛ بدءا من احترام وجوده على أساس من المساواة والعدل، وحتى حال التفاعل إيجابا مع حقوقه وحاجاته.
7. وبناء على هذا فإن فلسفة التسامح تقوم على قبول التعددية والتنوع في الثقافات وفي الهويات التي تطبع وجودنا الإنساني: قوميا، عرقيا، دينيا، مذهبيا، اجتماعيا وفكريا سياسيا..
8. وسيعني تمكين مجتمعاتنا من هذا الركن من أركان فلسفة التسامح، تحصين الفرد والمجتمع ضد احتمالات التمييز على أيّ من تلك الأسس وضد أشكال التجاوز و\أو الظلم الذي قد يقع من طرف على آخر لأي سبب مما أسلفنا ذكره…
9. وسيعني الاحتفال بالتسامح ترسيخا لثقافة السلم الأهلي مجتمعيا، ومحو ثقافة الانغلاق والانشطار بين ضفاف متعادية محتربة. بالإشارة هنا إلى من يحاول فرض تفسيره للمجموعات المذهبية على أنها طوائف مغلقة متعارضة الوجود والمصالح!!!
ولأنَّ التسامح ليس مفهوما محدودا بـ (سمة أخلاقية سلوكية) ولأنه أبعد من ذلك يمثل (التزاما سياسيا وقانونيا)، فقد بات جوهر التسامح واجبا يفرضه القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقات الدولية الملحقة به كما في إعلان اليوم العالمي للتسامح وما تضمنه من قيم مجسدة بصيغة قانونية ملموسة… ولذلك لن يكون التسامح يوما تنازلا عن حق؛ أو خنوعا لقوة سلبية أو سلطة أو جهة أو أخرى، تمارس ضيما أو ظلما أو اعتداء على طرف ما… فمثلا يجري اليوم في البلاد كثير من التضاغطات والمخاشنات المبررة بدواع سياسية و\أو اجتماعية و\أو دينية وهي بالتأكيد تتطلب رفع الحيف والظلم بسلطة القانون ولكن بالترافق مع قوة إنفاذ التسامح وتفاصيل مفرداته الغنية بأنسنتها حياتنا العامة والخاصة…
وقد نخلص من ندائنا هذا للقول: إن التسامح يمثل اليوم مفتاح تمدننا ومنطق تحقيق السلم المجتمعي. والتسامح ممارسة في ميدان إنساني فسيح يفتح الآفاق واسعة لأسس الحوار الوطني النوعي القادر على الإنجاز وإيقاف فبركات افتعال التقاطع والخلاف بخلق منظومة علاقات صحية صحيحة. ولعلنا نوجِد بجهود مشتركة حوافز ووسائل تشجيع لتطبيقات التسامح معيشيا وفي تفاصيل يومنا العادي..على ألا تنحصر الفكرة في تحديد التسامح بكونه مجرد سمة أخلاقية سلوكية بل بالنظر إليه بوصفه التزاما سياسيا وقانونيا بات واجبا يفرضه القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقات.
ينبغي الالتفات إلى أن ((الكرنفال العراقي للتسامح)) نداء مفتوح يتطلع لمبادرات من جهات مدنية متنوعة شعبية ورسمية لتتبنى إجراءات يمكنها تنفيذ فكرة الكرنفال. ونحن بانتظار الاتصال من جميع الأطراف للتنسيق والتحول لتلبية الموضوع ميدانيا. وبجميع الأحوال فإن لقائنا هنا بهذه الصفحة الخاصة بالمناسبة هو تحشيد إيجابي فعّال لتوكيد وعينا بالموضوع وأدراكنا المكين له، فضلا عن جهد يرتقي لاعتماد المناسبة الأممية مناسبة وطنية ببلداننا وتلبية الاحتفال بها.
برجاء التفضل بوضع رابط مناسبة ((الكرنفال العراقي للتسامح)) وتثبيته في أعلى صفحة الأعضاء الذين انضموا للكرنفال مع أيّ تعليق يدعو للانتساب لكرنفال التسامح مع تقديرنا وامتناننا للجميع:
شكر لكم تفضلكم بدخول الرابط والانتساب للجهد الجمعي للكرنفال العراقي للتسامح، كما نقدم عميق الامتنان لنشر المناسبة.
فإلى العمل وليمنحنا كل صديق وصديقة دقائق من وقته الثمين ما يساعد على أعمق إدراك لمنطلقات الكرنفال، بأمل ظهور ((مبادرات أخرى)) تستعد للأسبوع التالي من العمل المركَّز على استيعاب معاني الكرنفال وآليات تنفيذه
نتطلع إليكم بأمل وطيد
خالص التحايا وسامحونا لأي تكليف فنحن معا وسويا نزرع الأمل
لجنة تنسيق الكرنفال العراقي للتسامح