(الطوفان) معرض تشكيلي وقراءات شعرية وحفل توقيع كتاب
ضيفت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 19 ابريل 2017 الشاعرة الانكليزية جني لويس، والفنانة التشكيلية الانكليزية فرانسيس كيران، والشاعر العراقي عدنان الصائغ، في فعالية ثقافية تضمنت معرضاً تشكيلياً وقراءات شعرية عربية وانكليزية أعقبها توقيع كتاب بعنوان (الطوفان) الصادر عن دار نشر مولفران .. الترجمة العربية: عدنان الصائغ وربى أبو غيدا ، الترجمة الانكليزية: جني لويس وربى أبو غيدا.
الشاعرةجني لويس شاعرة، كاتبة مسرح وأغاني. كتبت سبع مسرحيات، وألقت شعراً في مسارح المملكة المتحدة ومن ضمنها قاعة المهرجان الملكية، ومسرح بيغاسوس في أوكسفورد. عملت لسنوات عدة مدرّسة محترفة لأصول الكتابة. نشرت ثلاثة دواوين شعرية منها: “سبر الغور” و”احتلال بلاد ما بين النهرين”، (شعراء أوكسفورد/ كاركنيت 2007 – 2014) وكتابين بالانجليزية والعربية مع الشاعر العراقي عدنان الصائغ: ‘الان؛ كما قبلُ: ميزوبوتاميا – العراق”، و”غناء لـ اينانا’ (دار ميلفران بريس 2013 – 2014). منذ عام 2013، تعمل جني مع عدنان على مشروع فني كبير مدعوم من مجلس الفنون تحت عنوان “كتابة ميزوبوتاميا”، حيث فازت جني بـ “جائزة كولدسميث الافتتاحية” مع عقد عمومي في البحث لنيل الدكتوراه، ومنذ 2016 وهي تشتغل على اعادة كتابة جديدة لـ “ملحمة كلكامش”. وتعمل حاليا استاذة الشعر في جامعة أوكسفورد.
الشاعر عدنان الصائغ ولد في الكوفة، العراق، عام 1955. يُعد واحداً من أكثر الأصوات المبدعة من أبناء جيله الشعري. شعره يدين دمار الحروب وأهوال الدكتاتورية. صدر له إحدى عشرة مجموعة شعرية، بما في ذلك “نشيد أوروك” بـ 550 صفحة (بيروت 1996). غادر وطنه عام 1993، وعاش في عمان، وبيروت ثم لجأ إلى السويد عام 1996. ومنذ عام 2004 وهو يعيش في منفاه اللندني. حصل على العديد من الجوائز الدولية؛ من بينها: جائزة هيلمان – هاميت الدولية للشعر (نيويورك 1996)، وجائزة مهرجان الشعر العالمي (روتردام1997)، وجائزة اتحاد كتاب جنوب السويد (2005). تلقى دعوات لقراءة قصائده في العديد من المهرجانات في أنحاء العالم. ديوانه الأخير باللغتين الإنكليزية والعربية صدر عن دار آرك، 2016 تحت عنوان “أوراق من سيرة تأبط منفى”.وقراءات شعرية بمناسبة صدور كتاب ”10 Poems”، رسوم للفنانة البريطانية كيت هيزل Kate Hazell، وقصائد للشاعر العراقي عدنان الصائغAdnan al-Sayegh، ترجمة الشاعرة البريطانية جني لويس Jenny Lewis، والمترجم والفنان العراقي علاء جمعة Alaa Jimaa، صدر الكتاب عن دار نشر مولفران برس Mulfran Press .
فرانسيس كيرنان؛ فنانة النقش، تدربت أولاً باعتبارها طبّاعة حروف ومصممة في مدرسة إيلينغ للفن، قبل حصولها على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة لندن للفنون. عملت معارض كثيرة، آخرها بعنوان “البحث عن الوقت المفقود”، وقد ترك اثراً في مكتبة باربيكان وجمعية النقش في معرض “50” في بانك سايد بلندن. وضعت بعض أعمالها في متحف فكتوريا والبرت، وقصر كنسينغتون، ومطبوعات من أجل السلام في مونتيري NL في المكسيك، ومؤسسة Sanskriti في نيودلهي. وهي تُدرِّس حالياً الطباعة وتجليد الكتب المعاصرة في أماكن مختلفة.
مع حضور ممثلة دار نشر موفران ليونا كاربنتر ؛التي تحدثت بأختصار للتعريف بدار النشر وبمشروع كتاب الطوفان الذي تولت دار النشر طباعته وحضرت الامسية لاتمام حفل توقيع الكتاب.
بداية الامسية وعرض فيلمين
أبتدأت الامسية بعرض فيلمين قصيرين حيث كان الفيلم الاول:
الفيلم الاول ؛ نشيدٌ لگلگامش (Anthem for Gilgamesh) وقد اهداه صانعوا الفيلم الى الشعب العراقي ، الفيلم قصيدة للشاعرة: جني لويس؛ تغنيها مع الكورس. تتخللها مقطع من قصيدة للشاعر عدنان الصائغ “أغنيةٌ ثانيةٌ إلى اينانا – عشتار”؛ يقرأها بصوته. الأداء: أليسون بنتلي، جون بيري، دفاين جيبانكا، إد هوكسورث، توم هوكسورث، جيل فيرغسون، إيزابيل هاريس، ماندا جويس، رولاند بريثرش، تاريساي هوكسورث. والطفلة أبيكيل هوكسورث. الإنتاج الموسيقي: رولاند بريثرش .عزف على العود: طارق بشير. وضع الترجمة العربية: مثنى الصائغ .إنتاج الفيلم: كريس أودونيل.(صور من الحرب العالمية الأولى بإذن من متحف الحرب الملكي في بريطانيا).
ثم عرض الفيلم الثاني ، وهو فيلم (الإبريق المشروخ The Cracked Jug) ؛ للطالبة الشاعرة Shakira Morar شاكيرا مورار، وهي القصيدة الفائزة في مسابقة اكسفورد الشعرية لطلبة المدارس، والتي أشرف عليها وحكّم لها الشاعران جني لويس Jenny Lewis، وعدنان الصائغ Adnan al-Sayegh ،الفيلم من اخراج الفنانة سوزان كوهين Suzanne Cohen، وانتج من قبل جوديث بالمر Judith Palmer مدير جمعية الشعر Poetry Society.
القراءات الشعرية:
ابتدأت القراءات الشعرية بقصائد للشاعرة الانكليزية جني لويس وصاحبها في قراءة الترجمة العربية الشاعر عدنان الصائغ ،وقد قرأت :
الآن؛ كما قبلُ
ترجمة: د. تاج السر كندورة
مراجعة: ع. الصائغ
إقرأْ آثارَ أقدامِنا، على الطريقِ الطويلِ، خارجَ بابل
فهي ستُخبرُكَ
كيف توقّفَ النهرُ، كيف غدتِ الأسماكُ في عُلَبٍ
وكيف كان للهواءِ مذاقُ الرخامِ، وكيف قاتلتْ رئاتُنا كي تتنفسَ
كأنّها تحولتْ إلى حَجَرٍ..
وكيف اختفتْ عنّا أنفسُنا
في ظلالِ أشجارِ النخيلِ مسبوكة بالبرونز
على جدران قصرِ سنحاريب.
وما نزالُ في رحيلٍ؛ مثلَ أشباحٍ غيرِ مرئيةٍ،
تُحلّقُ عبر القاراتِ، بين المطاراتِ. كلُّ مدينةٍ جديدةٍ تابوتٌ حجريٌّ
فرَّ منها الجنيُّ المجنّحُ الذي كان يحمينا.
ودائماً هناك شذا الأرز والسرو والبقس والعرعر.
ودائماً هناك ذبابةُ مايو وهي تحوّمُ فوق الماءِ
ودائماً هناك الأمُ والطفلُ يفارقان بلادَهما إلى الأبد.
**
الطُوفان (مقتطف من جلجامش )
أعادت كتابته: جني لويس
مع طباعة أصلية (ليثكراف): فرانسيس كيرنان
الترجمة العربية: عدنان الصائغ وربى أبو غيدا
كلكامش؛ ملكُ أوروك، اضطهدَ شعبَهُ حتى أرسلتِ الآلهةُ له صديقاً (رجل البرية؛ أنكيدو) لتضعَهُ في تماسٍ مع إنسانيتهِ الخاصةِ، وليعلّمَهُ الحبَّ والتواضعَ ومسؤولياتِهِ الملكيةَ. عندما يموتُ إنكيدو، يجوبُ كلكامشُ العالمَ، كئيباً ومرعوباً بأنَّ الموتَ سيكون مصيرَهُ في نهايةِ المطافِ أيضاً. في هذه السطورِ، من الفصل الثالث عشر، يطلبُ كلكامشُ من اوتنابشتم؛ الناجي من الطُوفان، أن يمنحَهُ سرَّ الحياةِ الأبديةِ.
يردُّ اوتنابشتم…
قال: “عندما بعثَ انليلُ الطُوفانَ الهائلَ
جاء لي أيَا؛ في ليلةٍ، ليُنبِّهَني أولاً
أنْ أبني سفينةً ضخمةً من خشبِ الأَرزِ
وبعدَ هذا أجمعُ كلَّ ما جيءَ به من بذورِ الأرضِ.
كلُّ شتلةٍ،كلُّ دغلٍ، كلُّ طيرٍ يحلِّقُ،
كلُّ مخلوقٍ في العالمِ يمكنْ أن يمنحَ حياةً
وأَجلِبَهم لسفينةِ الخلاصِ.
جهدتُ لأنتهي منها تماماً قبلَ الزوبعةِ
لذا عندما نَبَحَتِ العاصفةُ عبرَ السماءِ
وصرخَ الناسُ لأنهم بدأوا بالغرقِ
تمدَّدَ النهرُ ليبتلعَ كلَّ مَنْ حولِهِ
إلّا زورقي الذي طَفا خفيفاً كريشةٍ.
حتى الآلهةُ والآلهاتُ أصيبوا بالذعرِ
ولفّوا أنفسهم على الأرضِ أثناءَ المطرِ الغزيرِ
كالكلابِ المنبوذةِ من قبلِ أصحابِها
الذين ينتظرون سماعَ أسمائِهم، لا زالوا ينتظرون بلا أملٍ.
البحرُ أصبحَ مدينةً للموتِ
والأسماكُ جعلتِ الغاباتِ بقعتَها
كلُّ غصنِ أَرزٍ معَ قشرةِ حجرٍ لؤلؤيٍّ مُرَّصعٍ
كلُّ أيكةٍ لنخلةٍ، سريرٌ ضخمٌ للحيتانِ
كلُّ قمةِ جبلٍ، صخرةٌ تحتَ الأمواجِ.
ستةُ أيامٍ وليالٍ، عصفَ الإعصارُ الشديدُ
ثم في اليومِ السابعِ أصبحَ كلُّ شيءٍ بلا حركةٍ
انقبضتْ رياحُ المحاربِ شماش
كما نورُ أيَا الوديع غمرَ السماواتِ
أمسكنا بسياجِ ظهرِ المركبِ، كاتمين أنفاسَنا وقد أطلنا النظرَ
مبهورين رهبةً من مرآةِ الجنةِ.
بالقربِ من جبلِ نمرود الآنَ نحن المنبوذينَ
انتظرنا المياهَ المغرِقةَ حتى تَكشفَ
منحدراتِ الجبالِ أو بعضَ الأمكنةِ الصلدةِ
أين يمكنُ أن يترجّل طاقمُ أرواحِنا.
يمامةٌ طارتْ بعيداً وعادتْ مرةً أخرى
طائرُ السنونو عائدٌ إلى موطنِهِ أيضاً:
لكنْ حين أطلقتُ سراحَ الغرابِ ذهبَ
متمايلاً، منحنياً على بقعةٍ من أرضِهِ
مكتشفاً مرةً اخرى مصدرَ قوتِهِ.
هكذا انقطعتِ المياهُ، وفي النهايةِ
هلكَ البشرُ كلُّهم، ما عَدانا نحنُ
(هذا ما لمْ يكنْ قدْ خطَّطَ لَهُ الإلهُ أنليل!)
هكذا أعطانا ارورو هذا الوضعَ الجديدَ –
وحدَنا من الجنسِ البشريِّ، لنكونَ خالدَين –
وكمْ نحنُ نتوقُ إلى العكسِ من هذا:
للسماحِ أنْ نمرَّ من خلالِ البوّابةِ نفسِها
حيثُ تبدو جَزِعاً يا صديقي، حيث تبدو جَزِعاً
مَنْ يريدُ الحياةَ الأبديةَ عندما يهزلُ الجسدُ؟
**
مُلاحظاتٌ من المَنفى
Notes from Exile
ترجمة: غسـان نامق
مراجعة: ع. الصائغ
إلى رامز غزول
1. قِثَّاء
في جَنّةِ عَدن هذه حيث جنكيز
والإسكندر تركا أَثَرَهما، وحيث قابيل
قتل هابيل: في تلك الجنة، تلك
الجنة ذاتها، إعتنيتُ بتربةِ أرضي الصغيرةِ
فزرعتُها بالشمّامِ ذي الأزهارِ الصفراء المبهرةِ
بوقيّةِ الشكلِ، وبالقِثَّاءِ الذي يَحتجزُ الماءَ،
أنابيبُ بُرودةٍ تلتمعُ في الصحراء
قَبلَ الطوفان وقَبلَ قائمة الملوكِ:
عرفه الأكراد والعرب والتركمان
والمسلمون والمسيحيون واليهود والكلدانيون
والأرمن والإيزيديون والملحدون: أبناءُ
بلادِ ما بين النهرين الذين ربما انطلقوا
مع الضياء الأول لقَطْفِ أفضَلِه وهم يقولون،
مثلما كنتُ أقولُ: أبتاه؛ زَرَعتُ هذا، لك
*
2. أمُّ الرَّبيعَين
في المـَوصِل، حيث أكثرُ الساعاتِ سُخونة
تَجعلُ العملَ والدراسةَ لا يُحتملان،
كنا نَرقُدُ على بطانياتٍ خفيفةٍ في القاعة
الكبيرة، أرضيّتُها الرخاميةُ المساميةُ مرشوشةٌ
بالماء، بينما في الخارج، في حديقتنا
المكتظّةِ، تفرُّ الطيورُ إلى الظلِّ الـمُعَرَّقِ
لأشجار الفُستُق هَرَباً من شمسٍ
تَسْفَعُ الأعشابَ التي نلهو عليها
وتُسَخِّنُ الصنابيرَ التي
تتدلّى منها رَقائقُ الثلجِ في الشتاء؛ ولا يعتدلُ الطقسُ
إلّا في فصلي الربيعِ والخريفِ
حين تتنزهُ أسرتي في الحقول
خارجَ مدينتنا التي تُدعى غالباً
أمّ الربيعَيْن.
**
گلگامش ينوحُ على إنكيدو
ترجمة: غسـان نامق
مراجعة: ع. الصائغ
“لأولئك الذين يبقون، لينالَهم الأسى من الآلهة”..
ملحمة گلگامش – اللوح السابع
حين وضعتُ يدي على كتفِكَ، إلتفتَّ إليّ،
وحين التفتَّ إليَّ، رأيتُك غيرَ مُبتسِم،
وحين رأيتُك غيرَ مُبتسِم، علمتُ أن الآلهة ستُعاقِبُكَ،
وحين علمتُ أن الآلهة ستُعاقِبُكَ، حاولتُ استرضاءَها،
وحين حاولتُ استرضاءَها، صَمَّتْ آذانَها عَنّي،
وحين صَمَّتْ آذانَها عَنّي، علمتُ أن الأملَ مفقودٌ،
وحين علمتُ أن الأملَ مفقودٌ، طعنتُ صدري بالسكين،
وحين طعنتُ صدري بالسكين، تدفَّقَ الدمُ،
وحين تدفَّقَ الدمُ، سقطتْ دودةٌ من مِنخرِكَ،
وحين سقطتْ دودةٌ من مِنخرِكَ، إضطُرِرتُ لتَركِ جَسَدِكَ،
وحين اضطُرِرتُ لتَركِ جَسَدِكَ، هِمْتُ في البرية،
وحين هِمْتُ في البرية، حلمتُ بكَ،
وحين حلمتُ بكَ، وضعتُ يدي على كتفِكَ،
وحين وضعتُ يدي على كتفِكَ، إلتفتَّ إليّ،
وحين التفتَّ إليّ، رأيتُك غيرَ مُبتسِم.
**
الرجلُ الحكيمُ، أوتونابشتم؛ ينصحُ گلگامش
ترجمة: ربى أبو غيدا
مراجعة: ع. الصائغ
“لقد ألبستَ نفسَكَ كلَّ هذا الجهد”.
– ملحمة جلجامش، اللوح الخامس –
يا گلگامش، أنكَ تتجهُ لقبرِكَ مبكراً،
أنتَ مدجّجٌ بالسخطِ
حتى أن حياتَكَ قد تنتهي في أيةٍ لحظةٍ –
مقطوعةً كَقَصَبَةٍ في سريرِ القَصَبِ
الشابُ البهيُّ، الصبيةُ المحبّبةُ –
قد يقطعُهما الموتُ في ومضةٍ، إِرْباً إِرْباً:
لكننا نستمرُ – ما استطعنا – في انتزاعِ ريشِ
أعشاشِنا، متنازعين على النقودِ، بادئين حروباً:
بينما طوالَ الوقتِ،
يطفو النهرُ ويفيضُ، ذبابةُ مايو تنزلقُ فوق الماءِ،
الشمسُ تتوهجُ فينا كلَّ يومٍ، وفجأةً –
ينتهي كلُّ شيءٍ!
* * *
ثم جاء دور الشاعر عدنان الصائغ في القراءة الشعرية مع ترجمة انكليزية تقدمها الشاعرة جني لويس ، وكانت قصائد الشاعر العراقي عدنان الصائغ كما يلي :
مقطع من “أغنية ثانية؛ إلى إينانا / عشتار”
طفونا، لا الدفّةُ تدري أين؟ ولا أوتنابشتم، والمركبُ سكرانْ
يا إينانا.. كيف نعودُ لأوروكَ، وقد دمّرها الطـــــــــــــــــوفانْ
تتهادى فينا اللجةُ تلو اللجة، شـــــطآنٌ تطوي شـــطآنْ
ما كنا نحسبُ أن المنفى سيطولُ، ورحلَنا لمْ تجنِ غيرَ الخســرانْ
فتعالي؛ يكنِ الشعرُ لنا وطناً، والحبُ، الناي، الكأسُ..
وما أجملها من أوطانْ
بلْ ما أبدعها، ما أوسعها من أوطانْ
**
مقطع من “نشيد أوروك”
وكنا سنبقى نعمّرُ هذي البلادَ
كما شاءها الربُّ في حلمهِ البابليِّ
جناناً معلقةً، يترقرق فوق مدارجها الماءُ والصلواتُ
ولكنهم هدمونا
أشادوا على دمنا المتيبّسِ، زنزانةً
وادعوا أنها وطنٌ
ثم قالوا: هنيئاً بما يخصبُ البلدُ
………..
لا بحرَ نثلمهُ بالمراكبِ
يا أيها النائمون على حجرِ الثورةِ المستحيلةِ
لا رمل أو زبدُ
رأيتُ دمي في الطوابعِ يلصقها المبعدونَ..
إلى أين تسعى بنفسكَ؟
إن الحياةَ – البلادَ التي تبتغي ….
……………………..
*
هل كانَ هذا الفراتُ
سوى دمنا المترقرقِ من عهدِ سومر
حتى مصبِّ الحكوماتِ
تكشط عن جلدنا الملحَ والانقلاباتِ..
نأتي ونمضي كما موجةٌ في فمِ البحرِ يزفرها…
لا نخلّفُ فوق السواحلِ غيرَ الزبدْ
كلُّ شيءٍ بددْ
وما نحن إلّا خيولُ سباقِ الأبدْ
فلماذا ولِدنا، وفي عنقِنا حبلُ مشنقةٍ
تؤرجحنا الريحُ ذاتَ المنافي…..
وذاتَ البلدْ
………….
……………..
………………..
أريدكِ..
وكما الأرضُ؛ مُقْفِرَةٌ، تتضرّعُ للغيمِ أن يهطلا
وكما الغيمُ؛ يحتاجُ حقلَ السماواتِ، يركضُ والهيولى جَذِلا
كما والسماواتُ؛ مثقلةٌ بالنجوم، وتحتاجُ ربّاً ليرفعَها للعُلا
وكما الربُّ؛ يحتاجُ أخطاءَنا، ليضربَ في وسْعِ غُفْرَانِهِ مَثَلا
وكما خطأي لا يكون؛ إذا لَمْ أكنْ شاعراً حالماً حائراً ثَمِلا
وكما الشعرُ والخمرُ؛ منكِ وفيكِ وعنكِ إليكِ:
بهاءً وورداً ومكتحلا
أريدكِ…
كيما أُؤكِّدُ معنى الحياةِ، ومعناي؛
كيما يُؤكِّدُ حُسنُكِ لامنتهاهُ، وصلتُ إليكِ..
ولنْ أَصِلا….
**
عشر قصائد
العصفورُ يصدحُ
داخل قفصه
أنا أرنو إليه
وكذلك قطةُ البيت
كلانا يفترسُ أيامه
*
كرشُهُ المتدلي
عربة يدفعها أمامه
مثقلةً بأطعمةِ الآخرين
*
بين أصابعنا المتشابكةِ
على الطاولةِ
كثيراً ما ينسجُ العنكبوتُ
خيوطَ وحدتي
*
كثرةُ الطعناتِ
وراءَ ظهري
دفعتني كثيراً
.. إلى الأمام
*
الشعراءُ الأقصرُ قامةً
كثيراً ما يضعون لقصائدهم
كعوباً عالية
*
حينَ طردوهُ من الحانة
بعد منتصفِ الليل
عادَ إلى بيتهِ
أغلقَ البابَ
لكنه نسي نفسَهَ في الخارج
*
قبل أن يكملَّ رسمَ القفصِ
فرَّ العصفورُ
من اللوحة
*
منطرحاً
على السفحِ
يسألُ:
هل من شاغرٍ
في القمة؟
*
عندما لمْ يرني البحرُ
تركَ لي عنوانَهُ:
زرقةَ عينيكِ
.. وغادرني
* * *
ثم تحدثت الفنانة فرانسيس كيران عن مشروعها الفني وعن تعاونها مع جني لويس وعدنان الصائغ في عمل مشترك هو (الطوفان) واجابت عن بع ضالاسئلة من الحضور ،لتختتم الجلسة بحفل توقيع الكتب التي عرضتها دار نشر مولفران في نهاية الامسية.