إعداد: محمد وقيف –
هواجس حرب دينية في الشرق الأوسط.. وديمقراطية واعدة في إندونيسيا
تحذيرات من خطر اندلاع حرب طائفية في الشرق الأوسط بسبب أعمال «داعش»، ودعوة لإخضاع برنامج الاغتيالات الأميركي بواسطة الطائرات بدون طيار لمعايير وقواعد، والانتخابات الرئاسية في إندونيسيا… موضوعات نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة موجزة في الصحافة الأميركية.
ا لحرب دينية
صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» اعتبرت ضمن افتتاحية عددها ليوم الأحد أن هجمات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف اختصاراً باسم «داعش»، على الأماكن الشيعية المقدسة يمكن أن تزج بالمنطقة بكاملها في أتون حرب أوسع في الشرق الأوسط، مشددة على ضرورة أن يتدخل العالم للمساعدة على تجنب نشوب مثل هذه الحرب عبر الاستفادة من دروس وعبر حروب دينية سابقة.
الصحيفة قالت إن «داعش»، التي باتت تسيطر على مناطق في سوريا والعراق، شرعت في مهاجمة أمكنة دينية مقدسة لدى الشيعة في خطوة تروم «التحريض على رد عنيف من قبل ما ينظر إليهم على أنهم زنادقة والمساعدة في توحيد كل السنة وراء زعيم التنظيم»! ولكنها حذرت من أن تلك الهجمات يمكن أن تؤدي إلى إشعال حرب دينية خطيرة في المنطقة، مشيرة في هذا الصدد إلى أن العالم لم يشهد حرباً دينية منذ حرب الثلاثين عاماً في أوروبا القرن السابع عشر، وهي الحرب التي عرفت انخراط طوائف مسيحية مختلفة في نزاع دموي أسفر عن مقتل كثيرين.
وأكدت الصحيفة أنه إذا انزلق الشرق الأوسط الآن إلى حرب سنية- شيعية، فإن بقية العالم لا يمكنها أن تقف موقف المتفرج، وخاصة أن الحروب الدينية عنيفة ووحشية بطبعها لأن الأمر يتعلق بالعقيدة، حيث قد يكون المرء مستعداً للقتال حتى الموت في سبيل ما يعتقد أنه الحق والصواب!
وشددت على ضرورة أن يسعى زعماء العالم لإقناع من يتوقون للقتال على أساس الخلافات الطائفية بالتعلم من الحروب الدينية السابقة، مشيرة في هذا الصدد إلى أن الاتفاقيات التي أنهت حرب الثلاثين عاماً، المعروفة بـ«سلام ويستفاليا»، في أوروبا مهدت الطريق ليس فقط لأفكار حديثة حول دور الدولة الوطنية ولكن أيضاً لأفكار أخرى ازدهرت خلال عصر التنوير، وهي أفكار من قبيل التسامح بين الأديان، وتجنب استعمال قوة الدول لفرض آراء دينية معينة، وضرورة تحقيق الوحدة الوطنية القائمة على قيم مدنية.
كبح جماح «الدرونز»
ضمن افتتاحية عددها ليوم الأحد، دقت صحيفة «نيويورك تايمز» ناقوس الخطر محذرة من خطر الاستعمال المتزايد للطائرات بدون طيار «الدرونز»، بدون قيود في قتل أشخاص يُعتبرون في خانة التهديدات الإرهابية، مشيرة إلى أن استعمالها ينطوي على أسئلة أخلاقية وقانونية تظل بدون جواب.
الصحيفة قالت إن المشاكل التي تنطوي عليها عمليات القتل السرية أبرزتها لجنة تتألف من خبراء عسكريين واستخباراتيين حذروا في تقرير جديد من أنه نظراً لغياب وسائل مراقبة ومحاسبة عامة مناسبة، فإن الولايات المتحدة يمكن أن تكون على «منزلق» قد يفضي بها إلى شكل دائم من الحرب قد يشجع دولاً أخرى على أن تحذو حذوها وألا تقدم تفسيرات بشأن دواعي استعمالها أبداً.
وفي هذا الإطار، قالت اللجنة في تقرير صدر عن مركز ستيمسون، وهو مركز بحوث ودراسات مستقل متخصص في السلام والأمن الدوليين: «إنه يتعين على الولايات المتحدة ألا تنفذ برنامج اغتيالات طويل الأمد استناداً لاعتبارات استخباراتية».وترى الصحيفة أن الاغتيالات التي تنفذ بواسطة طائرات الدرونز قد تكون مبررة أحياناً ضد أشخاص يعتبرون تهديداً إرهابياً للولايات المتحدة، ولكن «رد الفعل» الناتج عن قتل غير مقصود لمدنيين أثناء العمليات في بلدان مثل باكستان واليمن أخذ يصبح «وسيلة تجنيد فعالة بالنسبة للمنظمات الإرهابية»، كما يقول التقرير الذي خلص إلى أنه لا توجد أي مؤشرات على أن الهجمات التي تنفذها طائرات الدرونز على من يشتبه في أنهم إرهابيون قد ساهمت في الدفع بـ«المصالح الأمنية للولايات المتحدة على المدى البعيد».وشددت الصحيفة على ضرورة أن تتناول إدارة أوباما هذه المواضيع من خلال تقارير دورية إلى الجمهور حول الأساس المنطقي لاستعمال هذه الطائرات وعدد المستهدفين والمدنيين الذين قُتلوا، وتجنب السرية المفرطة التي تلف هذه العمليات.
وإذا كان التقرير يشير إلى أنه قد يكون ثمة عدد أقل من الإصابات المدنية في ضربة تنفذها طائرات «الدرونز» مقارنة مع قصف تقليدي، فإن عمليات الطائرات بدون طيار ينبغي أيضاً أن تخضع لمراقبة وإشراف يحظيان بالمصداقية.
وضمن التوصيات التي أصدرتها اللجنة، أشارت الصحيفة إلى اقتراح يقضي بأن تدار طائرات «الدرونز» من قبل وزارة الدفاع الأميركية وحدها، بدون تقاسم تلك الصلاحية مع وكالة الاستخبارات المركزية، الـ«سي آي إيه». كما دعت إلى إنشاء لجنة خبراء مستقلة تناط بها مهمة مراجعة قواعد استعمال هذا النوع من الطائرات والحرص على ألا تؤدي مكاسب قصيرة المدى إلى انتكاسات استراتيجية طويلة المدى.
خيارات إندونيسيا الصعبة
اعتبرت افتتاحية لصحيفة «واشنطن بوست» أن الانتخابات الإندونيسية المقررة اليوم تمثل انتصاراً لديمقراطية ذلك البلد الفتي، ولكنها ترى أن الخيار المتاح للناخبين ينطوي أيضاً على أخطار بالنسبة للتقدم الذي حققته البلاد حتى الآن.
وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن السباق الانتخابي احتدم بين المرشحين «برابو سوبيانتو»، وهو جنرال سابق متورط في انتهاكات لحقوق الإنسان في التسعينيات على ما يفترض، وينظر إليه باعتباره زعيماً حازماً سيحافظ على حالة النظام في البلاد، ومنافسه «جوكو ويدودو»، حاكم جاكرتا الذي يلقب بـ«سياسي الشعب» نظراً لدفاعه عن الفقراء الريفيين.
وتقول الصحيفة إن «ويدودو» كان متقدماً في استطلاعات الرأي برقمين اثنين في الماضي ولكنه تقدم مؤخراً بـ4 في المئة فقط، في حين مازال عشر مجموع السكان لم يحسم أمره بعد بشأن المرشح الذي سيصوت له، وهو ما يزيد من احتمالات فوز «سوبيانتو» بالرئاسة.
الصحيفة قالت إن إندونيسيا قطعت أشواطاً طويلة ومهمة على درب الدمقرطة منذ سقوط الجنرال سوهارتو في 1998، مضيفة أن انتخابات اليوم تمثل المجموعة الرابعة من الانتخابات التي تجرى على الصعيد الوطني، كما أن المناظرات الرئاسية اتسمت بالحدة والتنافس.
وعلاوة على ذلك، فإن المؤسسات قويت، وإن كان الفساد والمجموعات الإسلامية المتشددة يطرحان مشكلات حقيقية.
غير أن ثمة بعض المؤشرات على أن «سوبيانتو» قد يعود إلى معارك القرن الماضي، حسب الصحيفة. ففي خطاب يذكّر كثيراً بسوهارتو، قال «سوبيانتو» في عطلة نهاية الأسبوع إن الانتخابات المباشرة لا تتناسب مع الثقافة الإندونيسية.
كما شبّه الديمقراطية بالتدخين باعتبارها ممارسة «يصعب الإقلاع عنها عندما يعتاد الشخص عليها». وكانت إشاعات حول ميول استبدادية للمرشح «سوبيانتو» قد راجت من قبل، ولكن حملته الانتخابية نفت ذلك بقوة. كما بدا أنه قد عبّر عن بعض الندم عن انتهاكات سابقة لحقوق الإنسان اتهم بها. ولكن التصريحات التي صدرت عنه خلال عطلة نهاية الأسبوع أكدت ميلاً معارضاً للديمقراطية من جانبه.
الصحيفة قالت إن بعض الناخبين المتعلمين والأغنياء يأملون أن يستطيع «سوبيانتو» تحويل إندونيسيا إلى قوة اقتصادية عالمية، ولكنها حذرت من أن مقاربته الحمائية تجاه الاقتصاد والمستثمرين قد تتسبب في استعداء المستثمرين، مشيرة في هذا الصدد إلى أن استطلاع رأي أجراه مصرف «دويتشه بنك» أظهر أن 56 في المئة من المستجوَبين سيبيعون ممتلكاتهم في حال انتخابه. وحذرت من أنه إذا أُضعفت المؤسسات الديمقراطية وحكم القانون، فإن إندونيسيا ستصبح معزولة بشكل أكبر.
وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إن إندونيسيا كانت نقطة مشرقة في المنطقة بالنظر إلى وجود تايلاند تحت حكم العسكر وتعطل الإصلاحات الديمقراطية في ماليزيا وبورما، معبِّرة عن أملها في أن تبقي انتخابات اليوم إندونيسيا سائرة في طريقها إلى الأمام.