صادق الطائي –
استضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن يوم الاربعاء 5 /11/2015 الدكتور منذر حسين الكاظمي في امسية ثقافية تحدث فيها عن تجربته العلمية في التعاون مع وزارة التعليم العالي في العراق. والدكتور منذر حسين الكاظمي استاذ وباحث في المستشفى الملكي في لندن ،عمل فيها لأكثر من 20 سنة حصل على درجتي الماجستير والدكتوراة في اختصاص المناعة السريرية من جامعة برونيل في غرب لندن . نشر بحوث عديدة تزيد على 50 بحثا في مجلات علمية في امراض السكر والكبد . اشرف وبصورة رسمية كمشرف ثاني في العراق على مجموعة من طلبة الدكتوراة من 2009-2015 في جامعات عدة في العراق مثل (بغداد- الكوفة – البصرة – كربلاء ) وكممتحن خارجي لطلاب الدكتوراة في جامعة مالي في ماليزيا.
ابتدأ الدكتور منذرالكاظمي محاضرته مبينا ان التعليم العالي في العراق كان قد شهد نهضة علمية خلال العشر سنوات الأخيرة من خلال فتح باب البعثات الدراسية من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكذلك من قبل رئاسة الوزراء. فتم ايفاد أاكثر من 1000 طالب وطالبة الى خارج العراق،وفي نفس الوقت تم قبول الكثير من الطلبة داخل العراق للألتحاق بالدراسات العليا في الجامعات العراقية لدراسة الماجستير والدكتوراة . وان من المؤشرات الجيدة على ذلك انها قبلت شرائح مختلفة من كل انحاء العراق وحتى تم قبول الطلبة الخريجين ممن لم يتم تعينهم في الدوائر الحكومية. وهي مؤشرات تدل على اهتمام الحكومة ووزارة التعليم العالي بالارتفاع بالمستوى العلمي ،لان ابتعاث طلبة لأكمال دراستهم او قبولهم للدراسة داخل البلد امر مهم لاعداد كوادر النهوض بمستوى التعليم العالي في البلد ،واشار الدكتور منذر الكاظمي الى انه يتحدث كأكاديمي عراقي يعيش منذ فترة طويلة في المهجر في بريطانيا ،وانه شعر بمسؤولية الكفاءات التي تعيش في الخارج في المساهمة في بناء العراق الجديد بعد سقوط النظام ،واشار الى ان هذا الامر لاعلاقة له بالتوجهات السياسية او موقفنا من الحكومات المتتالية منذ 2003 ولحد الان ،وقال انه لاينتمي الى جهة سياسية او يبحث عن منصب او فائدة في وزارة التعليم العالي او وزارة الصحة ،الا ان احساسه بواجبه تجاه بلده هو ما دفعه الى كل مافعل.
ثم بين الدكتور الكاظمي قائلا ، لقد تشرفت بمد جسور التعاون مع وزارة التعليم العالي في العراق عن طريق التعاون مع دائرة البحث والتطوير في وزارة التعليم العالي وتحديدا مع الدكتور محمد السراج حيث بعث لي بمجموعة من بحوث طلبة الدراسات العليا الذين يرغبون بأكمال بحوثهم في الخارج ، وفعلا تمت المراسلات مع قسم منهم وتم الأستفادة من منحة البعثة البحثية وتم قبول اكثر من 15 طالب وطالبة في اكمال بحوثهم في المختبرات البحثية في مستشفى الكلية الطبية الملكية لكلا المرحلتين الماجستير والدكتوراة . وقد تم التدريب واستحصال الموافقات بأشرافي المباشر والحمد لله ، وكانت النتائج مبهرة بالنسبة لكل الطلبة المبتعثين الذين اكملوا دراستهم بنجاح والحمد لله.
واضاف د. الكاظمي ، ان المشاركة في المؤتمرات العلمية يعد امرا مهما للتطور والتعرف على احدث ما وصلت له العلوم في العالم المتقدم ،فحتى نحن هنا كنا دائما ما نتطلع للمشاركة في مؤتمرات في الولايات المتحدة الامريكية لاننا نشعر اننا نتعرف على احدث البحوث التي لم نتوصل لها بعد، وبناءا على ذلك عملت على ان تتاح للكثير من الطلبة المبتعثين المشاركة في حضور الندوات العلمية ،كما ساعدنا وسهلنا قسم منهم على تقديم بحثه في مؤتمرات علمية في بريطانيا حيث تم قبولها ومناقشتها ، وشجعنا الكثير منهم على ان يكون عضوا في جمعيات علمية بريطانية. كما تجدر الاشارة الى ان من خلال هذه البعثات قد اتيح لأساتذتهم من خلال زيارة مختبراتنا في المتسشفى الملكي (كينجز كولج ) الأطلاع على سير عمل طلابهم اثناء البعثة البحثية. وقد حضيت بثقة الأساتذة العراقيين من خلال ابتعاث مجموعة من الطلبة الينا ،وان اشرف رسميا على مجموعة من طلبة الدكتوراة ، وفعلا اشرفت على مجموعة منهم في جامعات بغداد- الكوفة – واسط – البصرة- صلاح الدين والموصل.
ثم بين الدكتور منذر الكاظمي قائلا ؛لقد تشرفت ايضا ان اكون ضمن لجنة تقييم الأساتدة لنيل درجة الأستاذية في جامعات عدة في العراق منها جامعة بغداد و جامعة الكوفة وجامعة البصرة بعد تقييم بحوثهم العلمية ،ومن خلال تجربتي في العمل مع التعليم العالي اود ان اشير الى ان التعليم العالي وبرغم الدعم من قبل الدولة لازال يعاني من الكثير من المشاكل والمعوقات ،ثم اضاف الدكتور الكاظمي ملخصا مشكلة التعليم العالي كما لمسها عمليا من خلال التعاون مع الوزارة في مجموعة من النقاط ، قائلا ان التعليم العالي والبحث العلمي بحاجة الى الألتفات الى الجوانب التالية:
1) يجب ان يتم ارساء قواعد للعمل العلمي من خلال ما يعرف بالأشراف المشترك من خلال التعاون مع الجامعات الأجنبية ذات الرصانة العلمية العالية ،وهو امر مهم جدا ،ولا توجد مؤسسة علمية او بحثية تحاول النهوض بمستواها العلمي دون اللجوء الى مثل هذا الاجراء لانه الطريق الوحيد للاحتكاك العلمي والتعلم ممن سبقونا في هذه المجالات.
2) هنالك آلية مهمة يجب ان تسعى وزارة التعليم العالي الى تفعيلها والاستفادة منها وهي التواصل مع الأساتذة العراقيين الذين يعملون في الجامعات الأجنبية ، لان هذا الامر سيحقق فوائد كثيرة كالتي تحققت معي شخصيا من خلال تدريب الكثير من العاملين في مواقع عملنا هنا في اوربا او حتى من خلال الزيارات التي قمنا بها الى العراق والاشراف والمشاركة بالبحوث التي تتم هناك سواء في الجامعات او مستشفيات وزارة الصحة.
3) لقد شخصت ان البحث العلمي في الوقت الحالي يفتقد للرصانة العلمية والشاهد على ذلك ان الكثير من البحوث ينشر في المجلات التابعة للجامعات العراقية والتي تفتقد لشروط النشر العلمي المتعارف عليها في الدوريات العلمية العالمية ، كما ان القليل من البحوث تم نشرها في مجلات عالمية. وان علاج هذه المشكلة يتم من خلال الأحتكاك والتعاون المشترك مع باحثين في مراكز علمية عالمية متقدمة.
4) غياب دعم الباحثين العراقيين في عرض بحوثهم خارج القطر في حال قبولها في مؤتمرات عالمية وهذا الامر يجب الالتفات له من قبل مؤسسات وزارة التعليم العالي.
5) يجب الاهتمام بسياسة التوأمة بين الجامعات العراقية مع الجامعات العالمية ،وبالرغم من تفعيل ذلك في جامعات عراقية الا انها ما زالت قليلة جدا في العراق ، وان هذه السياسة ما زالت تحتاج الى تعميم والزام رؤساء الجامعات في البحث وايجاد مثل هكذا تجربة مع الجامعات العالمية المعروفة برصانتها .
6) ان أكثر الأساتذة المشرفين على الدراسات العليا في العراق يكون جل وقتهم اما في التدريس او الأشراف على الطلبة ، وارى انهم بحاجة الى مختبر بحثي متخصص في مجال معين ،كما هو الحال المعمول به من قبل الأساتذة في الجامعات الأجنبية.
7) المختبرات العلمية في داخل الجامعات العراقية ما زال قسم منها يفتقر الى بعض الأجهزة لذا يضطر الطالب الى الذهاب الى اماكن اخرى ، لذا نهيب بالأستاذة والمسؤولين في وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة بمد جسور التعاون مع الأساتذة في الجامعات الأخرى خصوصا الذين لديهم امكانيات متقدمة.
8) نحن في بريطانيا دائما لدينا تعاون مشترك علمي في البحوث العلمية مع مراكز علمية متخصصة داخل وخارج بريطانيا في اوربا واميركا.
9) الكثير من طلاب الدكتوراة لايستطيع اجراء التحليلات الأحصائية ويعتمد على الأحصائي بالرغم من انه مطلع على العمليات الأحصائية لذا نهيب بالأساتذة ان يعينوا طلابهم في هذا الجانب المهم في الأطروحة
10) شراء مواد البحث كالكتات والمحاليل يكاد يتحمل تكاليفها الباحث والصعوبة هو تأخر الطلبية اذا كانت من الخارج والطالب محدد بوقت لذا نهيب بوزارة التعليم العالي مد يد المساعدة عبر فتح قنوات اتصال مع المراكز المتخصصة في توفير هذه المواد في العالم.
وقد اشترك العديد من الحضور في الاسئلة والاستفسارات والمداخلات التي اضفت جوا من التفاعل مع الضيف واغنت الامسية بالكثير من المعلومات ،خصوصا وان العديد من الحضور كانوا اكاديميين ولهم تجارب مقاربة لتجربة الدكتور منذر الكاظمي في التعاون مع وزارة التعليم العالي في العراق في مجالات واختصاصات اخرى كالهندسة والعلوم وغيرها من التخصصات.