حسن المياح
إثنان يقومان إشتراكآ على ركيزتين أساسيتين ثابتتين هما الموضوع والتطابق ..” الحقيقة والنقد”، ويكونان من فكر (تفكير) وواقع خارجي فعلي الوجود..وتعريف الحقيقة أنها “الفكرة المطابقة للواقع”، وللتبسيط هو ما يحمله فكر الإنسان من تفكير أو صورة متخيلة في الذهن، يجب أن تكون الصورة (الفكرة، أو التفكير، أو الفكر) مطابقة للشيء الموجود في عالم الواقع، ومثال على ذلك، لما يتصور الإنسان في ذهنه فكرة أو صورة تفاحة، يجب أن يكون هناك شيء في خارج الذهن وموجود فعلآ في عالم الواقع بشكل موضوعي مستقل، يشير وجودآ أنه تفاحة نحسها ونراها ونلمسها . وحينما نجعل أو نعمل تطبيقآ ومقارنة بين ما تصورناه في ذهننا من فكرة، وبين الشيء الموضوع الموجود في الخارج (التفاحة)، فإن تطابقا وتماثلا، فإنه ” الحقيقة “، وأنها تفاحة تصورآ ذهنيآ ووجودآ واقعيآ موضوعيآ مستقلآ خارجآ (في الخارج، خارج الذهن) في عالم الوجود والواقع، لأن الحقيقة هي مطابقة الفكرة للواقع.
وهذا ما قصدناه من الركيزتين الأساسيتين الثابتتين (الموضوع الذي هو الشيء الموجود فعلآ في الواقع ونحسه ونلمسه، والتطبيق المقارن الذي يثبت التماثل والتشابه والتطابق بين ما هو صورة في الذهن، وأنه فكرة متخيلة، وبين ما هو شيء حقيقي واقعي موجود مستقل محسوس ملموس خارج الذهن البشري، وأنه واقع موضوعي، لا صورة أو فكرة متخيلة).
والتطابق بين الفكرة والموضوع معناه أن الشيء حقيقة، وهذه هي” الحقيقة ” بمفهومها العام وإن لم يكن هناك من تطابق كامل تام مشابه مماثل..فإنه لا وجود لحقيقة، فضلآ عن أن يكون أنه الحقيقة؛ وإنما هو الخطأ..و” الحقيقة والخطأ” لا يجتمعان في شيء واحد، وزمكان واحدين..فالشيء هو أما حقيقة مطابقة للفكرة..أو أنه مختلف عنها ولو ببعض أو جزئية مهما صغر الشيء، أو دقت الجزئية..فإنه خطأ محض، لا هو حقيقة متبعضة، ولا هو حقيقة متجزئة، وإنما هو خطأ لا حقيقة أبدآ ومطلقآ، لأن الحقيقة تطابق كامل تام عام شامل لا إختلاف فيه تماثلآ، ولا تباين فيه تشابهآ، وهي (الحقيقة) تطابق الوجود الذهني للفكرة عن الشيء، والشيء ذاته وجودآ واقعيآ مستقلآ محسوسآ وملموسآ..وأي إختلاف يقع أو يكون، فإنه ينفي الحقيقة وجودآ، حالآ وتطابقآ .
بمعنى أن الفكرة في الذهن ليست كما هي الشيء الموضوعي الموجود واقعآ في الخارج …لوجود آختلاف – مهما كان هذا الإختلاف – بينهما..وما دام لا تطابق كاملآ تامآ، فلا وجود لحقيقة..وإنما هو خطأ، وإشتباه .
والحقيقة لا تجتمع مع الخطأ في ذات الشيء نفسه..فالشيء أما هو تطابق وجود كامل تام فكرة وموضوعآ فهو حقيقة، وأما أن الشيء فكرته وصورته في ذهن الإنسان المفكر تختلف – ولو بعض الشيء – عن الشيء ذاته المستقل وقوعآ حقيقيآ محسوسآ وملموسآ في الواقع..فأن هذا الشيء هو خطأ؛ وليس هو حقيقة مطابقة، وإن وجد بعض التطابق أو التشابه أو التماثل في بعض الأجزاء..وهذا لا يعني أنه حقيقة، أو أنه حقيقة في البعض المتطابق المتماثل، ولا حقيقة في البعض الآخر..هذا لا يجوز، ولا يكون، لأن الحقيقة هي الحقيقة وحدة متكاملة مترابطة التماثل متكاملة التشابه، في كل الأجزاء والأبعاض، ولا يشذ منها جزء، أو يند عنها بعض، والحقيقة لا تجزأ … ولا تبعض..ولا تقسم..ولا تتعدد..وإنما هي واحدة فهي أما حقيقة وأما خطأ..كما أن الحقيقة لا تنمو ولا تتطور، ولا تتغير ولا تتبدل..
لأن الحقيقة هي الحقيقة دائمآ وأبدآ؛ وآنما الحقائق تتجدد، بمعنى أن هناك تكون حقائق جديدة لأفكار ومواضيع أخرى جديدة، حيث كل يتبع سنخ تطابق الفكرة للموضوع ويكون حقيقة قائمة بذاتها، وهي غير تلك الحقائق المتجددة، لإختلاف الموضوع الذي يتبعه إختلاف تصور الفكرة في الذهن..فالتطابق هو الحقيقة..والإختلاف هو الخطآ..والمتناقضان لا يجتمعان، وهما الحقيقة والخطأ في الشيء نفسه.
ونسأل الله تعالى التوفيق على معرفة حقائق الأمور، والتمييز بين صحيحها وسقيمها، فإنه نعم الناصر، وأنه نعم المعين …
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ….