
البسيط في اللغة ضد المركب وهو السهل الذي لا تعقيد فيه لكن فلسفيا عكس ذلك .. والحضارة في أحد تعاريفها الخروج من البسيط إلى المركب وهذا التعريف يكتنز معاني عميقة ربما يحتاج إلى تاويل وتفسير ..
البسيط هذه المعضلة التي يتوقف عندها العقل البشري ويعلن عجزه في فهمها انتهت بها الفلسفة الشرقية الإسلامية عند صدر المتألهين. والمركب هي الفلسفة التي بدأت بها الفلسفة الغربية عند ديكارت مع تزامنهما في عصر واحد. البسيط صعب فهمه وصعب تعقله لانه مرتبط بالامتناهي. البسيط سؤال بداية الأشياء الذي ابتدأت به الفلسفة اليونانية عند فيثاغورس. البسيط لا يقابل المركب تقابلا منطقيا بل المركب جزء من البسيط على سبيل المجاز دون أن يتغير البسيط. لذلك قالوا “بسيط الحقيقة كل الاشياء وليس بشيء منها”. فهو كخط الأعداد بسيط لا متناهي في أعداده وفي طرفيه لكن في مقطع منه مركب من الأعداد فلا تزيده الأعداد كبرا ولا تنقصه شيئا. هذه المعضلة أكبر من إدراكات العقل البشري وتظهر محدوديته وعجزه، وهو يصطدم بها دائما فيحتار. اصطدم بها نيوتن عندما كانت المسافة بين الأجسام صفرا فكانت الجاذبية شيئا لا يتصور ويخالف قوانينه. وأصطدم بها انشتاين في الجزيء الذي لا يتجزأ وهي معضلة النظرية النسبية ومعضلة كل النظريات العلمية الاخرى.