استضافت مؤسسة الحوار الانساني بلندن الكاتب والصحفي عباس بو صفوان يوم الاربعاء 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 في أمسية ثقافية تحدث فيها عن التيارات الفكرية والسياسية في دول الخليج العربي والحراك الشعبي ومستقبله في هذه الدول.
عباس بوصفوان صحفي بحريني. ترأس مركز البحرين للدراسات في لندن (BCSL)، عمل في جريدة الأخبار اللبنانية. في مجال الاعلام عمل منتجا ومقدما للعديد من البرامج السياسية في قناة الأخبار الفضائية. كما عمل مديرا للأخبار والبرامج في قناة الؤلوة ، ومحررا للأسواق الاقتصادية، ونائب مدير التحرير في جريدة الأيام، ورئيس قسم الأخبار المحلية في جريدة الوسط. صدر له كتاب ”بنية الاستبداد في البحرين
المقدمة
تحاول هذه المقالة أن تقرأ باقتضاب بعض “الاستثناء” وعدم الاستثناء لحالة البحرين، في الذكرى السابعة لاعتصامات دوار اللؤلؤة الحاشدة، التي قال تقرير تقصي الحقائق البحريني (تقرير بسيوني) بأنها جزء من تظاهرات ما عرف بـ “الربيع العربي، وقد “تفجرت نتاج مظالم داخلية عميقة وقديمة.[1[
أولا، الاستثناء
يُفضل استخدام تعبير “صور مغايرة”، عوضا عن الاستثناء، الذي قد يشي بالتعالي، ذلك أن العديد من الثورات العربية خاضت أو حاولت أن تطبق استراتيجيات أو تكتيكات مشابهة لحراك البحرين.
لكن إحدى مشاكل الثورات الشعبية العربية عدم تضامنها مع بعضها، بل تناقضها وعملها ضد بعضها في العديد من الحالات، وهذا ما يجعل قسما منها يشوه الجزء الآخر، وهو ما تحاول هذه المقاربة تفاديه، انطلاقا من الإيمان بأن الحريات مطلب شعبي في عموم دول العرب.
فما هي الصور المغايرة التي أعنيها في البحرين:
١. تمسكت قوى المعارضة جمعيها، دون استثناء، بمبدئين عظيمين: الوحدة الوطنية، والحل الداخلي. ورغم المثالية التي يتسم بها بعض الخطاب المعارض في اغماض عينه عن التأثيرات الإقليمية والدولية في الحدث المحلي، فإنه من الصواب القول بأن أي صيغة تتجاوز ذينك المرتكزين لا يمكن أن تصنع استقرارا في البحرين.
بيد أن الدعوة للمعارضة وجمهورها أن تفطن على نحو أكبر أن المسارات البحرينية – كما يعلمنا التاريخ – لا يمكن أن تُقرر بعيدا عن تأثيرات القوى الكبرى الدولية والإقليمية.
2.المواطنة والتوافق، مستندان رئيسان في خطاب المعارضة. فلم يتبنَ المعارضون، بألوانهم: “الثورية” أو “الإصلاحية”، “المسايرة” أو “الممانعة”، الداعية للمشاركة في الانتخابات الشكلية أو تلك المؤمنة بحل دائم، القابعون في الداخل أو الذين يتخذون من المنفى مقرا لهم.. لم يتبن أي فصيل من أولئك مقولات تحتكر المواطنة وتخرج الآخر الموالي من تحت سقف الوطن.
وفي ظني، فإن العديد من الخطابات الرسمية أو المعارضة في بعض الدول العربية قد تجاوزت وجارت على الشريك.
3.الحوار، إحدى مقولات المعارضة الراسخة. وقد تكرر في بيان “الوفاق” الصادر بمناسبة “الذكرى السابعة لحراك 14 فبراير 2011 في دوار اللؤلؤة”[2].
لكن هذ المصطلح استبيح من قبل السلطات، فخسر كنهه ومعناه، وفقد جمهور المعارضة ولعه من تكرار نداءات الحوار.
حسنا، لا يمكن لوم المعارضة على الالحاح في طلب الحوار والتفاوض، فلا سبيل لحل المشاكل إلا بكلام مباشر بين أطراف الصراع، أي صراع، كما لا يصحُّ لوم الرأي العام المعارض على السأم من ترداد هذه المفردة، دون استجابة رسمية.
وفي الواقع، فإنه مقارنة مع دول أخرى حظيت برعاية دولية للحوار، كما هو سوريا وليبيا واليمن، حيث تخصص الأمم المتحدة ممثلا دائما يرعى طاولة الحوار، فإن البحرين تعد بالفعل استثناء على هذا الصعيد. مع ذلك لم تصل الحوارات في جميع تلك الدول إلى مبتغاها.
4.بينما أنجرفت بعض المعارضات العربية إلى حمل السلاح، والدعوة للتدخل الخارجي، تمسكت الجمعيات السياسية المعارضة بالخيار السلمي.
هل يشكل ما ذلك النهج استثناء؟ نعم، لأنه يمكن تصور حجم الآلام في البحرين في حال توافقت قوى المعارضة الشعبية – واسعة التأثير والنفوذ – على عسكرة الحراك الشعبي، وتبنت خيار تعميم العنف، وردت على البطش الحكومي بمثله.
وربما نسي كثيرون وثيقة اللاعنف التي أصدرتها ست جمعيات معارضة، في ٢٠١٢، لقد أرسى هذا الإطار فلسفة ونهجها للشارع المعارض.
وراهنا، وعلى الرغم من إن أغلب تلك الجمعيات قد تم حلها، والاستيلاء على مبانيها وأموالها، واعتقال قادتها، وعلى الرغم من عدم قدرتها على العمل السياسي العلني، فإنها مازالت تقاوم بطريقة مدنية.
كما لم تشكل الجماعات البحرينية التي قيل أنها رفعت السلاح ظاهرة ممتدة، وظلت عملياتها محصورة، والتزمت إلى جانب ذلك بفعل سياسي وتثقيفي إلى جانب فعلها شبه العسكري.
وسأظل أدعوها إلى الجنوح للسلم وتوسيع فعلها السياسي. (أحيلكم أيضا إلى مقالي: المعارضة البحرينية بين دعوات المسايرة وحمل السلاح)[3].
ثانيا: عدم الاستثناء
يقصد بعدم الاستثناء هنا: السائد، والشائع. ومن دون شك، فإن الألم في البحرين كبير. بل كبير جدا. السجون تغص بالمعتقلين (نحو ٤ آلاف سجين)، والدموع في كل البيوت، جراء الانتهاكات التي لا يبدو أنها بلغت حدها الأقصى.
ولإيضاح حجم المأساة، أشير إلى ما تم خلال ثلاثة أيام فقط، أي بين ٣١ يناير/كانون الثاني و٢ فبراير/ شباط الجاري، فقد أصدر القضاء الحكومي أحكاما عبرت عن لغة “الحرب الشاملة” التي يقودها النظام ضد المعارضين، فقد قررت المحاكم الرسمية التالي:
1.١. الحكم بإعدام ثلاثة مواطنين، وهم: علي حكيم العرب، أحمد الملالي (٣١ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٨)[4] ، وموسى عبدالله موسى جعفر (١ فبراير/ شباط ٢٠١٨) [5]، كما أيدت محكمة التمييز (أعلى محكمة رسمية) الحكم بإعدام ماهر الخباز (٢٩ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٨)[6].
2.
ومنذ ٢٠١١، أصدر القضاء الحكومي ٢٥ حكما بالإعدام، وتم تطبيق العقوبة ضد ثلاثة مواطنين، فيما قضى العشرات في أقبية السجون أو بالرصاص الحي والمطاطي. (تجد قائمة بأسماء الصادرة بحقهم أحكام بالإعدام في الهامش) [7]
2.رحّلت الحكومة ثمانية مواطنين، بينهم امرأة، إلى العراق، (في ٣١ يناير و١ فبراير ٢٠١٨)، كان تم تجريدهم من جنسياتهم في ٢٠١٢، ضمن أكثر من ٥٠٠ مواطن اسقطت جنسياتهم بدوافع سياسية. [8] وتقدر منظمة “سلام للدمقراطية وحقوق الإنسان عدد المرحلين منذ ٢٠١١ بـ ١٩ مواطنا. (تجد أسماء المرحلين في الهامش[9])
3.خلال هذه الأيام المحدودة، صدرت عشرات الأحكام بالحبس لمدد طويلة ومؤبدة، ضد المئات من المعتقلين، من بينهم أربع نساء. وبلغت عدد سنوات السجن أكثر ١٠٠٠ سنة، بدون أية مبالغة، فهذا ليس تقديرا بل رصدا.
إذاً، لا يحتاج المراقب إلى مؤشرات إضافية للقول بأن الوضع قاتم في البحرين، مادام القادة السياسيون، الذين كانوا شركاء الملك في اخراج في البلد من مأزقه، في ٢٠٠١، في المعتقلات، أو تحت الإقامة الجبرية.
لكن الجزيرة الصغيرة ليست استثناء، فها هو الحريق يلف الإقليم: الحروب، الشقاق الداخلي، الاستبدادات، قوى الثورة المضادة (بقيادة السعودية والإمارات)، والتدخل الخارجي يحطم اليمن وسوريا وليبيا ومصر، وكل بلد تطلع يوما ما إلى الحرية والشراكة والسياسية… وفي ذلك فإن البحرين ليست استثناء.
المراجع:
[1] http://www.bici.org.bh/BICIreportAR.pdf
[2] http://www.lualuatv.com/?p=68812
[3] http://www.bcsl.org.uk/arabic/?p=2157
[4] http://www.bahrainmirror.com/news/44491.html
[5]https://ara.reuters.com/article/ME_TOPNEWS_MORE/idARAKBN1FK1MC
[6]https://www.amnesty.org/en/documents/mde11/7803/2018/en/
[7]أسماء المحكومين بالإعدام في البحرين، وفقا لمنظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان:
*٢٠١٦
١- محمد رمضان – الدير (بانتظار مصادقة الملك لتنفيذ الحكم)
٢- حسين موسى – الدير (بانتظار مصادقة الملك لتنفيذ الحكم)
٣- ماهر الخباز – السهلة (بانتظار مصادقة الملك لتنفيذ الحكم)
٤- سلمان عيسى – العكر.
*٢٠١٧
٥- محمد رضي – سترة.
٦- محمد الطوق- سترة.
٧- حسين مرزوق – سترة.
٨- سيد احمد العبار – المنامة.
٩- حسين مهدي- كرباباد.
١٠-سيد رضا خليل – القريّة.
١١-مبارك عادل – مدينة حمد (المحكمة العسكرية)
١٢-سيد فاضل عباس – مدينة حمد (المحكمة العسكرية)
١٣-سيد علوي حسين – الدراز (المحكمة العسكرية)
١٤-محمد المتغوي – الدراز (المحكمة العسكرية)
١٥-السيد مرتضى السندي- سند (المحكمة العسكرية)
١٦-الشيخ حبيب الجمري – بني جمرة (المحكمة العسكرية)
١٧-الشيخ ميثم الجمري – بني جمرة.
١٨-عبدالمحسن صباح – بني جمرة.
١٩-حسين عبدالله الراشد – دمستان.
*٢٠١٨
٢٠-احمد الملالي – بني جمرة.
٢١-علي العرب – بني جمرة.
٢٢-موسى عبدالله موسى – كرانة.
في 15 يناير 201، تم إعدام كل من:
–علي السنكيس- السنابس.
–سامي مشيمع – السنابس.
–عباس السميع – السنابس.
[8] https://www.swissinfo.ch/ara/reuters/منظمة–البحرين-ترحل-8-للعراق-بعد-تجريدهم-من-الجنسية/43875458
[9]المواطنون البحرينيون المرحّلون قسرياً:
1. 1. الشيخ حسين نجاتي.
2. 2. الشيخ محمد خجسته.
3. 3. فرهات خورشيد.
4. 4. علي اسفنديار.
5. 5. د. مسعود جهرمي.
6. 6. زينب الخواجه.
7. 7. تقي الميدان.
8. 8. حسين خيرالله.
9. 9. مديحة حبيل.
10. 10. ابراهيم كريمي.
11. 11. تيمور كريمي.
12. 12. ابراهيم درويش.
13. 13. اسماعيل درويش.
14. 14. حبيب درويش.
15. 15. عدنان كمال.
16. 16. سيد محمد علي الموسوي.
17. 17. سيد محمد الموسوي.
18. 18. سيد عبدالنبي الموسوي.
19. 19. مريم رضا.