ضيفت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن الدكتور حميد الهاشمي يوم الأربعاء 10 آذار/ مارس 2021 على منصة زوم في امسية ثقافية تحدث فيها عن مفهوم الأمية المعرفية وربطه بمفاهيم مقاربة مثل الأمية الرقمية، والأمية المعرفية، والأمية السياسية، والأمية الثقافية.
حميد الهاشمي، يعمل استاذاً لعلم الاجتماع بالجامعة العالمية بلندن. وباحث متعاون مع جامعة كوفنتري البريطانية. سبق وعمل باحثا بجامعة ايست لندن، والمركز الوطني للبحوث الاجتماعية، وأستاذاً لعلم الاجتماع بجامعة أوربا في هولندا 2001- 2007، وعضو هيئة تدريس بقسم علم الاجتماع في كلية الآداب – زوارة – جامعة 7 ابريل (جامعة الزاوية حالياً) ليبيا 1994- 1998. صدرت له ستة كتب، بالاضافة إلى خمسة كتب أخرى مشتركة والعديد من البحوث المنشورة باللغتين العربية والانكليزية إضافة الى الترجمات من اللغة الانكليزية الى العربية. تتمحور معظم أعماله حول الأقليات والهجرة والاندماج الاجتماعي والهوية وقضايا العنف والمرأة والتعليم والفكر والسياسة في العالم العربي. شارك في العديد من المؤتمرات العلمية في العالم العربي وأوربا.
المقدمة
سلط الدكتور حميد الهاشمي الضوء على مفهوم الأمية المعرفية، الذي يعبر باختصار عن الجهل بالمعارف العامة، ولو بقدرها البسيط، وليس المعنى الموسوعي. فعدم معرفة ما يدور في بلدك والعالم، والدراية بمعلومات عامة أشبه بالمسلمات، قد تخص الجغرافيا، وشخصيات معروفة محلياً وعالمياً مثلاً، يدلل على أمية معرفية). ورغم أن هذا المفهوم قد يشوبه اللغط وسء الفهم، كونه غير متداول كثيراً وفق الفهم الذي نطرحه هنا، إلا أننا نحاول تبسيطه، وربطه بظاهرة الجهل المعرفي بالمعلومات العامة التي قدر يدركها أغلبية الأشخاص الأميين (أبجدياً). وبالتالي فالأمية المعرفية ليست مرهونة بمدى معرفة القراءة والكتابة من عدمها. كما أنها لا ترتقي إلى مصطلح نظير للمثقف، في الجانب السلبي.
المقدمة
للمزيد من التوضيح لابد ابتداء من توضيح مفهوم الأمية الذي يعني في الفهم التقليدي: الجهل بالقراءة والكتابة. كما أنها تشير في العموم إلى ” حالة أو صفة الجهل أو عدم المعرفة في موضوع أو مجال معين”. بالمقابل، فإن هناك مفاهيماً متفرعة من مفهوم الأمية، مثل: الأمية التكنولوجية (عموماً)، والأمية الرقمية، والأمية المعرفية. كذلك يمكن إضافة: الأمية السياسية، والأمية الثقافية، بل وحتى الأمية الجنسية، وربما غير ذلك.
الأمية المعرفية والجدل بين الأجيال:
يثار جدل باستمرار مع كل جيل، حول (فجوة معرفية) بين الجيل الجديد، والجيل الذي يسبقه، أي جيلي الأبناء والآباء عادة. وكل جيل يدعي أنه الأكثر كفاءة معرفية من غيره. وغالباً يكون الترجيح لجيل الآباء. ولعمري هذا صراع وجدلية مستمرة بين الأجيال. وإن كان قياسه (كمياً) واردٌ، فإنه في واقع الحال يصعب قياس هذا التفاوت كيفياً على وجه التحديد. وبذلك فالأمر يحتاج إلى تحديد معايير للقياس أولاً، ومن ثم الحكم على النتائج بعد تطبيق تلك المعايير.
نحاول في هذه الورقة، وضع عددٍ من المعايير للمقارنة بين الأجيال القريبة، وبالتالي استجلاء الفوارق وإن بصورة أولية.
العوامل المساعدة على التجهيل:
بغض النظر عن معايير تقييم الفجوة المعرفية بين الأجيال، فإن هناك حقيقة لابد من الإقرار بها، وهي أن العصر الحالي الذي يتسم باعتماد كبير على التكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وهو ما يخلق مستويات من التجهيل للأجيال الحالية واللاحقة.
في هذا المسعى أيضاً نحاول تحديد العوامل المساعدة على التجهيل بالنسبة للأجيال الحالية وربما اللاحقة.
في نفس السياق سوف نسلط الضوء ونحل بعض أمثلة الأمية المعرفية الحالية، وذلك من خلال ظاهرة الردود (العفوية) الساذجة أو المُدعية، على أسئلة بعض وسائل التواصل الاجتماعي أو الفضائيات. وهذه الردود وأصحابها يبدون أهم يمثلون عينات واسعة من المجتمع ومن الجيل الجديد أو الذي يسبقه على السواء. وختاماً نحاول الوصول إلى بلورة نتائج حول (جدلية المعرفة والاطلاع بين الأجيال).