الانسان كائن باحث عن المعنى .. مشكلته منذ أن وجد على هذه الارض هي مشكلة معرفية، يحاول ما أوتي من قوة أن يطور معارفه ليجد المعنى والفهم لحياته ولما يدور من حوله من الوجود والمعرفة والقيم .. وهكذا هو الإنسان كلما زادت معارفه زاد شوقه لمعرفة المزيد.
الجهاز المعرفي هو مايساعد الإنسان على الفهم وإنتاج المعنى للحياة والوصول الى الأهداف. استشراف المستقبل وقراءة الماضي والحاضر متعلقة بالفهم وبعمل الجهاز المعرفي الذي ينبغي ان يكون على مستوى عالي من الدقة والمرونه والاستجابة. واعني بالمرونة القابلية على التطور والارتقاء تبعا لتطور اليات المعرفة واتساعها. مازال الإنسان في بحث دائم عن أفضل السبل للعيش الكريم وللسيطرة على الطبيعة وتنمية عقله الأداتي وكلما زاد وعيه الأداتي زادت روحه الوالهة للارتباط بالغيب.
تحولات كبرى في حياة البشر ظاهرها مادي وباطنها اكبر من ذلك بكثير .. تسارع أكبر من أن يسعه عقل إنسان بوقت قصير .. من الذكاء الاصطناعي الذي يحاول تحمل مسؤولية القرار والتفكير بدل الإنسان .. إلى برمجة الحيوانات جينيا لتتلائم اعضاءها مع اعضاء الإنسان! .. خداع للطبيعة البشرية وانتصار عليها .. الخريطة الجينية بين يدي الانسان يحاول إعادة بناء الإنسان! .. نعم انه العقل الأداتي الذي نحاربه وندينه لانه من أهم سمات الحداثة وندعو إلى مابعد الحداثة ولا ندري ما هي الا أنها تباطىء لذلك التسارع لنستوعب حجم التغيير ولكي لا نذهب الى اللامتناهي في لحظة ما ..
نحتاج الى تاهيل العقل الذي نفكر به لا يمكن فهم الواقع وتغيره بنفس طريقة تفكير كنا نفكر بها والتي اوقعتنا في بيئة التخلف. تاهيل العقل وإعماله كانت شجاعة عند إيمانويل كانت وهي اليوم تحدي ان نكسر الإطار ونعيد للعقل هيبته بعمل التغذية الراجعة التي تؤهله للتطوير واستعاب الواقع والتعايش معه.