عدنان حسين أحمد –
نظّمت مؤسسة الحوار الإنساني بلندن أمسية ثقافية للأستاذ عماد العبادي في تحدث فيها عن “أنشطة جمعية رعاية العراقيين في المملكة المتحدة”، وقد ساهم في تقديمه وإدارة الندوة الأستاذ غانم جواد. استهل المُحاضر حديثه عن انطلاقة الجمعية التي أُسست في مايو/ أيار 1991، وقد كان عضواً ضمن اللجنة التنفيذية المُنتخَبة آنذاك. توقف العبادي عند أبرز الخدمات التي تقدمها الجمعية ويمكن حصرها بخمس نقاط أساسية وهي “الهجرة، الخدمات الاجتماعية، الإسكان، الإندماج، وإيصال التبرعات الشخصية والعامة بدون عمولة”، إذ تقوم هذه الجمعية بتقديم مختلف أشكال المساعدة فيما يتعلق بقضايا الهجرة إلى كل المراجعين من أبناء الجالية العراقية ومن كل القوميات والأديان والطوائف بدون استثناء. كما تقوم الجمعية بتقديم الخدمات الاستشارية لمساعدة المراجعين الذي لديهم معاملات أو بعض الإشكالات مع دوائر الإسكان والخدمات والمساعدات الاجتماعية. وتسعى الجمعية أيضاً إلى تحقيق اندماج أفراد الجالية العراقية مع المجتمع البريطاني، وتأمين ظروف حياتيه مناسبة لهم. وفي السياق ذاته تقوم الجمعية بإيصال التبرعات الشخصية والعامة من المملكة المتحدة إلى أهلنا في العراق وبعض البلدان الأخرى من دون عمولة. تطمح الجمعية إلى توسيع خدماتها إلى غالبية أفراد الجالية العراقية في المملكة المتحدة، وتسعى في الوقت ذاته إلى زيادة أنشطتها الثقافية والفنية التي تهم عموم أفراد الجالية العراقية في لندن خاصة والمملكة المتحدة بشكل عام. استرجع العبادي بعض أنشطة الجمعية في سنواتها الأول. ففي عام 1993 أنشأوا معهداً لتدريب اللاجئين العراقيين الذين كانوا بلا عمل في لندن، وفتحوا لهم دورات في اللغة الإنكليزية والكومبيوتر والخياطة وما إلى ذلك. وذكر العبادي بأنهم حصلوا على هذا المشروع مبلغاً قدره “450.000” ألف جنيه إسترليني من الحكومة البريطانية لمدة ثلاث سنوات، وكان في حينه رئيساً للمعهد المذكور حيث وجد فرص عمل لنحو عشرين لاجئاً عراقياً بينهم ثلاثة من حملة الشهادات العليا. أشار العبادي إلى أن الجمعية قد أقامت خلال عمرها الذي ناهز الثانية والعشرين عاماً “32” مخيماً للنساء والكبار، وأحد هذه المخيمات كان مخصصاً للفتيات من سن 13 إلى 16 سنة حيث التحقت به “45” بنتاً، وكان بالمصادفة قريباً من جامعة أكسفورد ذات الحدائق الغنّاء والمناطق السياحية المشجرة. وكدأب العبادي وبقية أعضاء جمعية رعاية العراقيين فقد جثهنّ على الدراسة المتواصلة والانقطاع للتحصيل العلمي بغية الولوج إلى هذه الجامعة العريقة التي أُسست قبل “1100” سنة، وبعد مرور عامين أخبرته اثنتان من الفتيات بأنهن التحقن بهذه الجامعة التي يعتبرها الكثير من طلبة العالم حلمهم الأكبر والجميل في آنٍ معاً. لا تقتصر المخيمات على الفتيات والفتيان فقط، وإنما تشمل الصغار والكبار أيضاً، فقد أقامت الجمعية خلال عقدين من الزمان “15” ملتقىً اجتماعياً ضمن السفرات الترفيهية للشباب والعوائل وغالباً ما تتألف كل سفرة من “100” عائلة، أي نحو “500” شخص على اعتبار أن معدل العائلة العراقية نحو خمسة أشخاص في أقل تقدير. ذكر العبادي بأن جمعيتهم تبذل قصارى جهدها بغية تأمين المسابح المغلقة للنساء والفتيات اللواتي لا يحبذن السباحة في المسابح المكشوفة وأثنى على الجهات البريطانية ذات العلاقة بالموضوع التي تحترم العادات والتقاليد الإسلامية المحافظة. تقيم الجمعية بين أوانٍ وآخر ندوات وأنشطة ثقافية واجتماعية للجالية العراقية المتنوعة، كما يقوم بعض المختصين بتقديم محاضرات أو ندوات فكرية للجهات البريطانية المختصة في كيفية التعامل مع اللاجئين العراقيين الذين هربوا من جحيم النظام السابق ليجدوا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه بسبب التعامل الفوقي من قبل بعض الجهات الرسمية البريطانية التي تتصور أن اللاجئ العراقي قد جاء لأسباب اقتصادية، بينما يشير واقع الحال أن غالبيتهم قد هربوا من قمع النظام السابق، وجور الحصار الاقتصادي، والحروب العبثية المتواصلة. لا تنقطع الدورات التي ينظّمها القائمون على الجمعية للاجئين العراقيين الذي هم أحوج ما يكونون إلى الاستشارات القانونية، والخدمات الصحية، والضمان الاجتماعي، وقضايا الإقامة والهجرة، والحصول على الأوراق الرسمية التي تضمن بقاءهم في المملكة المتحدة بوصفها أحد البلدان المانحة لحق اللجوء السياسي والإنساني. ذكر العبادي بأن مصادر دخل الجمعية يأتي من بعض الوزارات البريطانية على وفق المشاريع التي يقدمونها لهم أو عن طريق التبرعات التي أسماها بـ “Gift aid donations” وقد شكا من قلة تبرع العراقيين المقيمين في المملكة المتحدة. تنظّم الجمعية بعض الندوات التثقيفية التي تحذِّر من خطر المخدرات وتأثيرها على صحة الإنسان، كما تشجع أفراد الجالية على القيام بالأنشطة الرياضية التي تديم صحة الإنسان وتنقذه من بعض أمراض العصر المعروفة. نوّه العبادي إلى أن المحاضرات والندوات الثقافية متواصلة على الدوام لأن اللاجئ العراقي يعاني من مشكلة الاندماج في المجتمع البريطاني فهو قادم من بيئة ثقافية واجتماعية مختلفة ولابد له أن يتفاعل مع المجتمع الجديد الذي احتضنه ومنحه الحرية والراحة والأمان. ومن بين الأنشطة الأخرى التي تقوم بها الجمعية هو يوم العائلة العراقية الذي يتضمن برامج ترفيهية وثقافية منوعة مثل الرسم على الوجوه، والحنة، والأكلات العراقية والسوق الخيري وما إلى ذلك، كما تقوم الجمعية بالإفطار الرمضاني السنوي لعدد كبير من العوائل التي تفضل اللقاء في هذا الشهر الكريم لكي يحتفلوا بالإفطار الجماعي الذي يعزز عرى الصداقة والمحبة بين أفراد الجالية العراقية. توقف العبدي عند نقطة حسّاسة تشغل بال الكثير من أبناء الجالية العراقية وهي القوانين الجديدة التي تتعلق بمساعدة اللاجئين والعاطلين عن العمل في المملكة المتحدة، وذكر بأن هناك العديد من التغييرات في الإعانة الشاملة “Universal credit” التي سوف تدخل حيز التنفيذ منذ أبريل / نيسان القادم 2013 على بعض مناطق المملكة المتحدة ثم تطبق على الجميع في بداية الشهر العاشر من هذا العام، إذ سيخصص مبلغ “500” جنيه إسترليني في الأسبوع لكل عائلة، بينما سيمنح الشخص الأعزب مبلغاً قدره “350” جنيه إسترليني أسبوعياً، وهناك استثناءات للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة. ونوّه العبادي إلى أن اللاجئين الذي يعملون عملاً جزئياً “بارت تايم” سوف يستفيدون كثيراً من الإعانات، ولكنهم يحتاجون إلى بعض النصائح والإرشادات القانونية من دون شك. وكإجراء أولي واحترازي ذكر العبادي بأنهم سيشرعون بدورة تدريبية مدتها عشرة أسابيع للخياطات غير المبتدئات لخياطة بدلات الأعراس أو الستائر المنزلية بغية إيجاد فرص عمل للاجئين العراقيين العاطلين عن العمل ومحاولة إخراجهم من نظام المعونات البريطاني. وقد حصلت الجمعية على منحة قدرها “4000” آلاف جنيه إسترليني وتمّ شراء مكائن خياطة حديثة لهذا الغرض. وفي نهاية المحاضرة حثّ العبادي الحاضرين في الأمسية على العمل التطوعي الذي يخدم الجالية العراقية الكبيرة لأن هذه الجمعية وسواها من المؤسسات والجمعيات العراقية الأخرى لا تكفي لسد حاجة الجالية العراقية الكبيرة في المملكة المتحدة. وفي ختام المحاضرة دار حوار بين العبادي وجمهور مؤسسة الحوار الإنساني الذي تبرع بعضهم للعمل التطوعي في جمعية رعاية العراقيين مثل الأستاذ سمير طبلة الذي قال بأنه سوف يخصص نصف يوم من كل أسبوع لتقديم خدماته وخبراته في شؤون المعونات والضمان الاجتماعي وقضايا الإقامة الهجرة وما إلى ذلك، فيما شكا البعض الآخر من قلة الخدمات التي تقدمها معظم الجمعيات العراقية للاجئين العراقيين وخصوصاً كبار السن الذين لا يتقنون اللغة الإنكليزية ولا يعرفون شيئاً عن الحاسوب وغيره من التقنيات الحديثة. بقي أن نشير إلى أن جمعية رعاية العراقيين في المملكة المتحدة تصدر مجلة شهرية اسمها “المهجر” وتتضمن موضوعات متنوعة تشمل أخبار الجالية العراقية وبعض المقالات التي تتعلق بالقوانين البريطانية، خصوصا الحديثة منها، هذا إضافة إلى مقالات منوعة في الأدب والشعر والصحة والحياة والجوانب الاجتماعية الأخرى. وفيما يتعلق بالمحاضر عماد العبادي فهو مهندس ولديه خبرة واسعة تمتد إلى ثلاثين عاماً في هذا المضمار، لكنه ترك الهندسة جانباً واتجه إلى خدمة اللاجئين العراقيين في المملكة المتحدة.